Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تؤثر نتائج الانتخابات الأوروبية الأخيرة في الدين العام؟

استمرار الاختلال المالي في الدول الغنية ينذر بتفاقم المشكلة وعجز الموازنة

هناك سبعة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تتجاوز نسبة العجز في موازنتها السقف المحدد أوروبياً (أ ف ب)

ملخص

تخلص الدراسة إلى أن هناك تراجعاً مستمراً في الجودة الائتمانية لديون الدول الغنية والمتقدمة، وأن هذا الوضع ربما يستمر في العام المقبل والذي يليه. 

يواجه العالم مشكلة زيادة الدين العام للحكومات نتيجة تراكم الاقتراض الهائل في السنوات الماضية حين كانت معدلات الفائدة منخفضة قرب الصفر، ومع بدء البنوك المركزية رفع أسعار الفائدة قبل أكثر من عامين لمكافحة الارتفاع الكبير في معدلات التضخم، بدأت فجوة العجز تزيد مع ارتفاع كلفة خدمة الدين. ولا يقتصر الوضع على الدول النامية والصاعدة، بل إن المشكلة تبدو أعمق في الدول الغنية والاقتصادات الكبرى مثل مجموعة الدول السبع والاتحاد الأوروبي.

في تحليل مؤسسة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني عن آفاق تصنيف الدين السيادي للدول الأوروبية، يخلص الباحثون إلى أن تدهور التصنيف الائتماني للدين السيادي لتلك الدول مستمر على رغم توقعات بدء البنوك المركزية مسار التيسير النقدي بخفض أسعار الفائدة، وتخلص الدراسة إلى أن أوضاع المالية العامة بما في ذلك الدين العام وعجز الموازنة، ستظل تحدياً يهدد التصنيف الائتماني لغالب دول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي في العامين المقبلين.

يشير المحللون إلى أن نتائج الانتخابات التي جرت في عدد من دول أوروبا هذا العام لن يكون تأثيرها إيجاباً على تفاقم مشكلة الدين العام وعجز الموازنة، ويتوقعون أن تكون الحال مماثلة في أكبر اقتصاد في العالم بعد الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

تفاقم مشكلة الديون

على رغم حدة أزمة الدين العام وعجز الموازنة إلا أن أغلب الدول الغنية والمتقدمة لا تتعامل مع المشكلة بالجدية التي تستحقها، بل إن هناك ما تسميه الدراسة "استسهالاً" في إجراءات الانضباط المالي تفاقم مشكلة الديون، وعلى سبيل المثال يرى المحللون أن ست دول نصفها من مجموعة السبع هي فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة إضافة إلى بلجيكا وفنلندا ونيوزيلاندا، وتشكل معاً نسبة 60 في المئة من الناتج الاقتصادي للدول المتقدمة تعاني مشكلة دين حكومي مرتفع جداً، ومع ذلك لا تتخذ تلك الدول إجراءات كافية للحد من الاقتراض، بالتالي سترتفع أكثر نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لديها في الأعوام المقبلة.

يستند التحليل إلى تراخي التزام الدول في الاتحاد الأوروبي، بألا تزيد نسبة العجز إلى الناتج المحلي على ثلاثة في المئة، ومع أن هناك إجراءات تطبقها المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي على الدول التي يزيد فيها الاقتراض بمعدلات تجعل نسبة العجز تتجاوز هذا السقف، إلا أن تطبيقها ليس صارماً دائماً، وأهم تلك الإجراءات أن تلك الدول ربما لا تستطيع الاستفادة من شراء البنك المركزي الأوروبي لسندات الدين السيادية التي تصدرها، إلا أن قرار "المركزي الأوروبي" يخضع للبنك وليس بالضرورة أن يلتزم بإجراءات عقابية من المفوضية والمجلس الأوروبي.

هناك سبعة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تتجاوز نسبة العجز في موازنتها السقف المحدد أوروبياً، وهي بلجيكا وفرنسا والمجر وإيطاليا ومالطا وبولندا وسلوفاكيا، ومع أن هذا الوضع يجعلها عرضة لبند العقوبات الأوروبية بما يزيد كلفة خدمة ديونها إلا أنها مستمرة في الاقتراض بقوة مع زيادة نسبة العجز أكثر.

ربما لا تمثل مشكلة حجم الدين العام وعجز الموازنة كارثة ملحة للدول الكبرى الغنية التي يمكنها إعادة تمويل ديونها، لأنها ديون بعملاتها وليست متأثرة بتقلبات أسعار العملة الصعبة وأسعار الفائدة عليها، إلا أن هذا الوضع برأي محللي "ستاندرد أند بورز" ليس مضموناً، ويمكن أن يتفاقم بسرعة إلى أزمة حادة مع تدهور الوضع المالي لتلك الدول.

الانتخابات والديون

قبل نهاية هذا العام ستقدم دول الاتحاد الأوروبي موازنات العام المقبل 2025 للمفوضية الأوروبية لإقرارها، ولا يتوقع أن تتضمن إجراءات انضباط مالي تخفض نسبة العجز وتقلل حجم الدين، إذ إن سياسات الإنفاق العام في تلك الدول ما بعد أزمة وباء كورونا تعني مزيداً من الاقتراض، بالتالي زيادة فجوة العجز، وتضيف التطورات السياسية إلى تعقيد مشكلة الديون والعجز، خصوصاً في ضوء الانتخابات الكثيرة هذا العام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا ينطبق ذلك على أوروبا فقط بل إنه في الولايات المتحدة، إذ وصلت نسبة عجز الموازنة إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى تسعة في المئة العام الماضي، ونتائج انتخابات هذا العام ستعني مزيداً من الاقتراض الحكومي أياً كانت النتيجة، لأن سياسات الإنفاق مستمرة. ويبلغ حجم الدين العام بالفعل في أكبر اقتصاد في العالم مستوى مثيراً للقلق بتجاوزه 34 تريليون دولار، وهناك شكوك في قدرة "الاحتياط الفيدرالي" (البنك المركزي) على أي تدخل لضبط السوق إذا انفجرت أزمة ديون.

في بريطانيا مثلاً وعلى رغم أن الانتخابات الأخيرة وفرت غالبية مريحة لحزب العمال الحاكم إلا أن الحكومة تواجه تحديات مالية هائلة في ظل الوضع المالي والاقتصادي المتدهور، ولن تتمكن الحكومة من ضبط الدين العام وعجز الموازنة ما لم يحقق الاقتصاد معدلات نمو كبيرة جداً. وتزيد نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي على 100 في المئة، وبلغت نسبة عجز الموازنة العام الأخير ستة في المئة، وهناك شكوك في قدرة الحكومة على دفع الاقتصاد نحو النمو بمعدلات كبيرة في ظل التباطؤ المحيط بها وفي الاقتصاد العالمي ككل.

أما في فرنسا فإن الانتخابات الأخيرة أسفرت عن برلمان منقسم لا يملك فيه أي حزب غالبية تمكنه من تشكيل الحكومة بشكل مريح، وبانتظار إعلان موازنة 2025 في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لا يتوقع محللو التصنيف في "ستاندرد أند بورز" أن تشمل الموازنة إجراءات كافية لضبط ارتفاع الدين الحكومي وعجز الموازنة.

تخلص الدراسة إلى أن هناك تراجعاً مستمراً في الجودة الائتمانية لديون الدول الغنية والمتقدمة، وأن هذا الوضع ربما يستمر في العام المقبل والذي يليه.  

اقرأ المزيد