Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا تخفي "قهقهة" هاريس؟

الحياة الشخصية للمرشحة المحتملة للرئاسة تمثل إحدى قصص الحلم الأميركي.. والسياسية محل اختبار

طالما أثارت ضحكات هاريس الجدل (رويترز)

ملخص

 لا يمكن اختزال هاريس في مقاطع الفيديو الساخرة أو في ضحكتها وتعليقاتها، فتلك السيدة السمراء التي لم تكمل عقدها السادس، تمثل قصة نجاح أميركية كلاسيكية. 

خلال الأيام القليلة الماضية انتشرت منشورات على منصات التواصل الاجتماعي لمقاطع فيديو تسخر من كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي جو بايدن؛ حملت المقاطع أمرين اشتهرت بهما هاريس وهما ضحكتها "الغريبة" وكلامها الذي أحياناً ما يأتي خارج السياق حتى أن الأميركيين اعتادوا خلال الأعوام الأربعة الماضية البحث في ما كانت تعنيه بكلامها ووصفه بـ"الهراء". 

تعلقت المنشورات والمقاطع الساخرة بتصريحات تعود لمايو (أيار) 2023، أدلت بها هاريس أثناء فعالية للجنة الاستشارية للرئيس المعنية بتعزيز المساواة التعليمية والتميز والفرص الاقتصادية لذوي الأصول الإسبانية. تحدثت هاريس عن أهمية المساواة في التعليم، مشيرة إلى أنه لا يتم منح جميع الطلاب الفرص نفسها للنجاح، اعتماداً على الموارد المالية والبيئات التي نشأوا فيها. وقالت "لا أحد منا يعيش في صومعة" و" كل شيء في سياقه"، مضيفة أن تحقيق العدالة التعليمية يعتمد أيضاً على توافر حاجات الآباء والأجداد والمجتمعات، قبل أن تروي حكاية شخصية مع نهاية كلمتها، قائلة "اعتادت والدتي، كانت تسبب لنا أوقاتاً عصيبة في بعض الأحيان، وكانت تقول لنا: لا أعرف ما خطبكم أيها الشباب.. هل تعتقدون أنكم سقطتم للتو من شجرة جوز الهند؟ أنتم موجودون في سياق كل ما تعيشون فيه وما سبقكم." ثم تبعت قصتها بقهقهتها الشهيرة. 

لم يفهم أحد ما علاقة تلك القصة التي روتها هاريس بسياق الحدث الذي كان يستضيفه البيت الأبيض، لكن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي ذهبوا إلى السخرية من تلك القصة التي عُرفت بـ"شجرة جوز الهند"، ونشر آلاف المستخدمين مقاطع فيديو ساخرة مستخدمين صوت هاريس. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

طالما كانت هاريس موضع سخرية بسبب ضحكتها أو بالأحرى قهقهتها التي لا تتناسب في كثير من الأحيان مع ما يقال، كما أنها اضطرت أخيراً إلى الدفاع عن ضحكتها عالية الصوت في مقابلة تلفزيونية مع برنامج "ذا دور باريمور شو"، قائلة إنها تربت وسط مجموعة من النساء اللواتي يضحكن من القلب وأنها ليست ذلك الشخص الذي يرغب في تقييد الضحكة. 

الحلم الأميركي 

ووسط هذه السخرية الواسعة من هاريس التي بلغت مزاعم مؤيدي الحزب الجمهوري بأنها تدخن المخدرات لذا لا تكون في حال متزنة أحياناً عند التحدث علانية، فيما أطلق المرشح الجمهوري دونالد ترمب عليها لقب "كامالا الضحوكة" (لافين كامالا) في إشارة إلى ضحكتها الصاخبة، أصبحت ابنة المهاجر الجامايكي والمهاجرة الهندية تحلم بأن تكون أول امرأة تُنتخب لرئاسة الولايات المتحدة بعد انسحاب الرئيس بايدن من سباق الانتخابات الرئاسية وإعلان دعمه لهاريس، فمن تكون صاحبة الضحكة المثيرة للجدل؟ 

لا يمكن اختزال هاريس في مقاطع الفيديو الساخرة أو في ضحكتها وتعليقاتها، فتلك السيدة السمراء التي لم تكمل عقدها السادس، تمثل قصة نجاح أميركية كلاسيكية فهي ابنة لمهاجرين، التحقت بجامعة هوارد إحدى أفضل الجامعات في البلاد تأسست في واشنطن لاستقبال الطلاب السود في خضم الفصل العنصري، وكثيراً ما تفتخر بمسيرتها التي تجسد الحلم الأميركي.

انتُخبت للمرة الأولى لمنصب المدعي العام لمنطقة سان فرانسيسكو عام 2003، وبعد نجاحها في الانتخابات، انتخبت لمنصب على مستوى الولاية بصفتها مدعية عامة لولاية كاليفورنيا عام 2010. انتخبت مرتين مدعية عامة لولاية كاليفورنيا بين العامين 2011 و2017، قبل أن تصبح أول امرأة وأول شخص أسود يدير الأجهزة القضائية في أكثر ولايات البلاد تعداداً للسكان. 

وفي عام 2016، انتخبت عضواً في مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية كاليفورنيا، ثم عام 2020 وبعد محاولة فاشلة في الترشح للرئاسة، انضمت لفريق بايدن بصفتها مرشحة لمنصب نائب الرئيس، ليتحقق الأمر بالفعل في نوفمبر (تشرين الثاني) وتصبح أول امرأة والأولى من أصل أفريقي أو هندي تتقلد منصب نائب الرئيس الأميركي.  وقال عنها بايدن في مارس (آذار) 2023 "لقد حطمت السقف الزجاجي مرة تلو الأخرى"، في إشارة إلى تحقيقها أموراً لم يحققها شخص قبلها.

وروت نائبة الرئيس البالغة 59 سنة أنها غالباً ما شاركت وهي طفلة في تظاهرات تنادي بالحقوق المدنية إلى جانب والدها الجامايكي أستاذ الاقتصاد الجامعي، ووالدتها الهندية الباحثة المتخصصة بسرطان الثدي.

نقاط ضعف

بينما تحمل مسيرة هاريس قصة نجاح، لكن ثمة نقاط ضعف تتعلق بإرثها بصفتها نائبة للرئيس. فإضافة إلى فشلها في الترشح للرئاسة عام 2020 الذي يلقى ظلالاً طويلة ويؤثر في تصورات آفاقها بالرئاسة، فإن إدارتها بصفتها نائبة رئيس يشوبها كثير من الإخفاق، لا سيما على صعيد ملف الحدود والمهاجرين الذي يعد أحد الملفات الشائكة والمحورية في تحديد توجهات الناخبين، وكان مثار انتقادات لإدارة بايدن خلال الأعوام الأربعة الماضية مع تضاعف عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يتدفقون عبر الحدود مع المكسيك. وخلال المؤتمر الوطني الجمهوري، شن المتحدثون الرئيسيون هجوماً على هاريس ووصفت بأنها "قيصر الحدود". 

كان على هاريس معالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية من بلدان أميركا الوسطى إلى الولايات المتحدة ومعالجة أمن الحدود، لذا يرى المدافعون أنه من الظلم الحكم على هاريس من خلال ملف الهجرة الذي طالما شكل معضلة للإدارات الأميركية المتعاقبة. فقلة من القضايا تربك الديمقراطيين والجمهوريين بقدر ما تربكهم الهجرة واللجوء عند هذه الحدود التي تمتد على 3 آلاف كيلومتر بين الولايات المتحدة والمكسيك. لكن في حين كانت المهمة شاقة لم تكن مستحيلة، فقد أدى بايدن دوراً مماثلاً عندما كان نائباً للرئيس في عهد أوباما.

وعلى رغم تأييدها من قبل الرئيس بايدن، فلا يبدو أن هاريس تحظى بإجماع داخل الحزب الديمقراطي. فقبل إعلان الرئيس الأميركي انسحابه من السباق الرئاسي لانتخابات 2024، كانت تتردد تقارير عدة في شأن ترشح هاريس بديلاً منه نظراً إلى ظروفه الصحية، خرجت النائبة الديمقراطية ألكسندرا أوكاسيو، التي تنتمي إلى جناح أقصى اليسار في الحزب الديمقراطي، في بث مباشر عبر حسابها على موقع "إنستغرام" تقول "إذا كنتم تعتقدون أن ثمة إجماعاً بين الناس التي ترغب لجو بايدن أن ينسحب، أنهم سوف يؤيدون هاريس، فأنتم مخطئون" وأضافت "أنا هنا في هذه الغرف، أرى ما يقولونه في المحادثات وكثير منهم غير مهتمين بإقالة الرئيس إنهم مهتمون بإقالة المجموعة بأكملها." 

وشهد العام الأول لهاريس في البيت الأبيض عاصفة استقالات داخل فريقها إذ شكا الموظفون من بيئة مكتبية مختلة، ووفق مجلة بوليتكو الأميركية، فإنه مع ظهور المشكلات داخل مكتب هاريس إلى الرأي العام، أصبحت علاقتها مع البيت الأبيض أكثر توتراً، ورأى كبار مساعدي بايدن أن المكتب غير منظم، والأهم من ذلك، أنه مصدر إلهاء في وقت لا تستطيع فيه الإدارة تحمل كلف أي شيء.
ويشير موظفون عملوا لدى هاريس قبل أن تكون نائبة للرئيس، إلى أن إحدى أبرز مشكلاتها هي أنها ترفض الاطلاع على المواد الإعلامية التي تُعد، ثم توبخ الموظفين عندما تبدو غير مستعدة. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن أحد الموظفين السابقين في تقرير عام 2021: "من الواضح أنك لا تعمل مع شخص مستعد للقيام بالتجهيز والعمل. مع كامالا عليك أن تتحمل قدراً ثابتاً من النقد الذي يدمر الروح وأيضاً افتقارها إلى الثقة."

غير أن المدافعين عنها أشاروا آنذاك إلى أن الانتقادات الموجهة إليها غالباً ما تكون مشوبة بالعنصرية والتمييز الجنسي كونها أول سيدة تتولى منصب نائب الرئيس. ويرون أن اختيارها نائبة للرئيس بايدن جعلها هدفاً أكبر لأن كثيراً يرونها الوريثة الأبرز لأكبر رئيس في تاريخ الولايات المتحدة عمراً، وتواجه وطأة الكيل بمكيالين بالنسبة إلى النساء ذوات الطموح.

المزيد من تقارير