Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"تساف 9" تعبئة استيطانية لتجويع سكان غزة

تستهدف منع نشاط "الأونروا" في الأراضي الفلسطينية وتقارير عن دعم جنود إسرائيليين لها

لا يجد أعضاء "تساف 9" حرجاً في إعدام صناديق المساعدات الموجهة إلى الفلسطينيين (حساب تساف 9 على إكس)

ملخص

تمكنت منظمة "تساف 9" من ضم نحو 5 آلاف مستوطن معظمهم من اليهود المتطرفين خريجي المدارس الدينية، والمنتمين للأحزاب اليمينية، إضافة إلى ممثلين عن عائلات المحتجزين الإسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية في غزة.

مع عودة شبح المجاعة الذي يهدد شمال قطاع غزة نتيجة منع دخول المواد الأساسية وشح المساعدات، تقف سناء العبد (60 سنة) تحت أشعة الشمس الحارقة ساعات طويلة في طوابير لا نهاية لها، علها تحصل على مغرفة من حساء العدس تعود به لأحفادها الخمسة، الذين باتوا ليلتهم ببطون خاوية، وهي تقف عاجزة أمامهم لا يمكنها أن تقدم شيئاً يسد الرمق، فندرة الغذاء وكثرة الجياع يجعلان مهمة توفير الطعام صعبة جداً إن لم تكن مستحيلة، كيف لا ويتربص آلاف المستوطنين ضمن منظمة تطلق على نفسها اسم "تساف 9" بشكل شبه دائم بشاحنات المساعدات الإنسانية عند المعابر والحدود، ليس فقط لاعتراض طريقها ومنعها من الوصول لسكان القطاع، بل للانقضاض على صناديق الطعام وإلقائها على الأرض والدوس عليها وإحراقها.

ليس هذا فحسب بل أقدم بعض أفراد هذه المجموعة على ضرب سائقي شاحنات وتهديدهم بالقتل، الأمر الذي دفع منظمات إغاثية وأممية لدق ناقوس الخطر مما قد تحدثه هجمات هذه المنظمة، من مفاقمة الحصار المفروض على سكان القطاع، وحرمانهم من أبسط الإمدادات الحياتية.

وفقاً لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" يجري استخدام ثلاثة معابر لنقل المساعدات الإنسانية من إسرائيل إلى الفلسطينيين في شمال قطاع غزة، وإلى جانب إيرز غرب وشرق، اللذين تم افتتاحهما في وقت سابق من مايو (أيار) الماضي، هناك البوابة "96" التي وضعت كمدخل للجيش إلى محور "نتساريم" بوسط غزة، والتي استخدمت للمرة الأولى للمساعدات الإنسانية في مارس (آذار) الماضي، وفي الجنوب، يجري الاعتماد على معبر كيرم شالوم (كرم أبو سالم) للمساعدات الإنسانية، ومعبر نيتسانا (العوجة) مع مصر لتفتيش بعض الشاحنات، في حين أن معبر رفح بين مصر وغزة، وهو المدخل الرئيس للمساعدات الإنسانية للقطاع منذ بدء الحرب، مغلق منذ السابع من مايو بعد أن سيطر الجيش الإسرائيلي على الجانب الغزي من المعبر. من جانبها، أعلنت مصر رفضها السماح بمرور المساعدات طالما أن الفلسطينيين ليسوا مسؤولين عنه.

 

 

وإضافة إلى المعابر البرية، يتم أيضاً تسليم المساعدات الإنسانية من قبل دول مختلفة من طريق الإنزال الجوي، فيما بدأت الولايات المتحدة بإدخال الإمدادات عبر رصيف عائم على ساحل وسط غزة، إلا أن هذا الرصيف شهد عدة انتكاسات حالت دون استمراره، وسط تأكيد أوروبي وأميركي وعربي على أنه "لا بديل" من الطرق البرية لإيصال الإمدادات إلى القطاع، وتؤكد 13 منظمة دولية وإنسانية من بينها "أطباء بلا حدود" و"أوكسفام" و"كير" و"سايف ذي تشيلدرن" و"أطباء العالم" من أن المعابر في الجنوب مغلقة تماماً أو لا يمكن الوصول إليها من الناحية اللوجيستية بسبب تدهور الأوضاع الأمنية، محذرة قبل أيام قليلة، من أن العرقلة المنهجية للمساعدات من قبل إسرائيل والمستوطنين وهجماتهم على عمليات الإغاثة، أدت لتعليق 1500 شاحنة مساعدات إنسانية تحتوي على الأدوية ومستلزمات للإسعافات الأولية ومواد أساسية في مدينة العريش المصرية.

مبادرة استيطانية

المنظمة الإسرائيلية الجديدة المثيرة للجدل والتي بدأ نشاطها مطلع العام الحالي بمبادرة من الزوجين رعوت ويوسف بن حاييم، من مستوطنة "نتيفوت" في النقب، تمكنت تحت شعار "لا مساعدات حتى يعود آخر المختطفين"، من ضم نحو 5 آلاف مستوطن معظمهم من اليهود المتطرفين خريجي المدارس الدينية، والمنتمين للأحزاب اليمينية إضافة إلى ممثلين عن عائلات الأسرى والمختطفين الإسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية في غزة. ووفقاً لصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية فإن حركة "تساف 9" المستوحاة من "تساف 8"، وهو أمر أصدره الجيش الإسرائيلي لتعبئة جنود الاحتياط أثناء حالات الطوارئ، تحث أعضاءها على تكثيف أنشطتهم الاحتجاجية عند معبري "كرم أبو سالم"، و"العوجة" لمنع وعرقلة وصول المساعدات إلى قطاع غزة، إذ يفترشون الشوارع ويرفضون التحرك من أماكنهم إلى أن تتراجع شاحنات الإغاثة عن التقدم، بحجة أن ذلك يشجع "حماس" على معارضة صفقة إطلاق سراح الرهائن، وأن الحركة تستولي على كثير من المساعدات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبدأت أنشطة "تساف 9" التي تتصدر عناوين الأخبار الإسرائيلية، بأخذ منحنيات خطرة، خصوصاً بعد الدعوة إلى معسكر دام ثلاثة أيام عند معبر "كرم أبو سالم" الحدودي، في وقت سابق من العام الحالي، نهبوا وأحرقوا خلاله شاحنات وضرب سائقين فلسطينيين، نقل اثنان منهم في الأقل إلى المستشفى، إلا أن تلك الأحداث التي تصاعدت في مايو الماضي وما تلاها من القبض على 30 مستوطناً بتهمة التسبب في أعمال شغب وإهانة الشرطة عند المعبر، لم تحل دون تلقيهم المزيد من الدعم من الجماعات اليمينية المتطرفة الأخرى وناشطين إسرائيليين، ووزراء في الحكومة وشخصيات سياسية مرموقة.

وقالت مجلة "نيوزويك" الأميركية إن منظمة "تساف 9" تمكنت عبر مواقع أميركية وإسرائيلية للتبرعات من جمع أكثر من 85000 دولار من قرابة 1500 متبرع في الولايات المتحدة وإسرائيل. وكشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية، في وقت سابق أن بعض أفراد قوات الأمن الإسرائيلية يبلغون أعضاء من المنظمة بمواقع شاحنات المساعدات التي تنقل الإمدادات الحيوية إلى غزة، وهو ما يمكنهم من منع وتخريب القوافل وإتلافها، خصوصاً أنهم يستخدمون شبكة من مجموعات "واتساب" التي يمكن الوصول إليها بشكل عام لتتبع الشاحنات وتنسيق الهجمات. وبحسب الموقع الرسمي للتنظيم، فإن الهدف التالي إلى جانب منع المساعدات عن قطاع غزة، هو منع نشاط وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في إسرائيل، بزعم أن العديد من موظفيها شاركوا في فظائع السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأن المئات من موظفيها ينتمون إلى فصائل فلسطينية مسلحة.

عقوبات دولية

نجاح منظمة "تساف 9" في إغلاق معبري "العوجة" و"كرم أبو سالم" في عدة مناسبات منذ بداية الحرب، وإتلاف ونهب آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية ومنع وصولها إلى من يحتاجون إليها داخل القطاع دفع الولايات المتحدة في منتصف يونيو (حزيران) الماضي، لفرض عقوبات على المنظمة ومؤسسيه وإدراجه على القائمة السوداء. وأكدت الخارجية الأميركية في بيان أن إدارة الرئيس جو بايدن "لن تتسامح مع أعمال التخريب والعنف التي تستهدف هذه المساعدات الإنسانية"، مشددة على أن "توفير المساعدات أمر حيوي لمنع تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة ولتخفيف خطر المجاعة".

 

 

وانضم الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي لفرض مزيد من العقوبات على المنظمة، إلى جانب فرضه عقوبات على خمسة إسرائيليين ومنظمتين أخريين، بسبب انتهاكات ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وشرق القدس ومنع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وهي الرزمة الثانية من العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي وتستهدف المستوطنين الإسرائيليين الذين يمارسون العنف، ليرتفع إجمالي عدد المشمولين بها إلى 14. وأشارت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إلى مخاوف من زيادة التوجه نحو فرض عقوبات على أفراد ومنظمات مرتبطة بالمشروع الاستيطاني خلال الأسابيع المقبلة، وذلك على خلفية قرارات محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي أكدت أن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية يتناقض مع القانون الدولي.

في المقابل دافعت منظمة "تساف 9" عن أفعالها باعتبارها "في إطار القانون، في احتجاج ديمقراطي". ووصفت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة بأنها "تدخل غير ديمقراطي".

تداعيات عميقة

عقوبات الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وفرنسا، وكذلك الاتحاد الأوروبي أخيراً التي تستهدف أفراداً ومنظمات يمينية متطرفة في إسرائيل متورطة في أعمال عنف ضد الفلسطينيين، والتي نصت على تجميد الأصول وحظر منح التأشيرات لهم، دفعت الحزب الإسرائيلي اليميني المتطرف "عسوتما يهوديت" إلى المسارعة لسن مشروع قانون جديد، بموجبه سيتم منع بنوك إسرائيل من تجميد حسابات العملاء الذين يخضعون للعقوبات الدولية، وهو ما قد يجعل تلك البنوك نفسها منتهكة للعقوبات. وسيطلب من المؤسسات المالية الأخرى التوقف عن التعاون معها، الأمر الذي سيخلق عزلة اقتصادية لإسرائيل، وذلك وفقاً لما أورده موقع "كالكاليست" العبري.

 

 

وبحسب مشروع القانون، فإن "مجرد إدراج العميل في قائمة العقوبات السياسية لدولة أجنبية لا يسمح للبنك بحظر نشاطه المصرفي بشكل تلقائي وشامل عندما لا يشكل الإجراء المطلوب تنفيذه في الحساب البنكي للعميل انتهاكاً مباشراً لفرض العقوبات الخارجية". وأشار مسؤولون إسرائيليون إلى أنهم يوازنون بين الحاجات المعيشية الأساسية للعملاء والامتثال لأوامر الأميركيين بما يتعلق بالعقوبات. ولفت الموقع، إلى أن مطالب الأميركيين من الجهات المالية الإسرائيلية في ما يتعلق بالامتثال للعقوبات "صارمة للغاية"، لافتاً إلى أن الهيئة المالية التي ستستمر في العمل وتمويل عميل مدرج في قائمة العقوبات تخاطر بالخضوع لغرامات باهظة من الولايات المتحدة، وعقوبات تحظر المعاملات بالدولار، وهي عملية أساسية لأي بنك.

قيود مشددة

استجابة بنوك إسرائيل على الفور لفرض العقوبات الأميركية وفرض قيود مشددة على نشاط حسابات مستوطنين وصلت إلى حد التجميد الكامل في بعض الحالات، أثار سخطاً ورد فعل حاداً بشكل رئيس من السياسيين من الأحزاب اليمينية، بل وأدى إلى مناقشة خاصة في الكنيست. وعلى خلفية مناشدة إسرائيل في هذا الشأن، أصدرت الولايات المتحدة رسالة توضيح في مارس الماضي، ذكرت من بين أمور أخرى، أنه يمكن للبنوك السماح باستخدام الحساب المحظورة لتلبية الحاجات الإنسانية الأساسية فقط مثل الغذاء والخدمات الصحية والأطفال والرعاية وخدمات النقل الأساسية ودفع الضرائب، على ألا تكون هناك نفقات باهظة تتجاوز حاجات المعيشة الأساسية.

 

 

ووفقاً للقانون الأميركي، فإن أي كيان مالي يعمل مع كيان ينتهك العقوبات الأميركية يعتبر في حد ذاته منتهكاً للعقوبة، بالتالي يجوز للمؤسسات المالية التوقف عن العمل مع البنوك الإسرائيلية إذا لم تلتزم بشكل صارم بنظام العقوبات، ويمكن أن يصل الأمر حتى الانفصال عن نظام سويفت، وهو نظام عالمي لتحويل المدفوعات، والنشاط مع البورصات في العالم وما شابه.

المزيد من متابعات