Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ارتفاع مخزون العملات في تونس بين التعافي والانكماش الاقتصادي

محللون يرون أن المؤشرات الحالية إيجابية شكلاً لكنها تخفي أخطار تعثر الاستثمار

 انخفاض إجمال الواردات من المواد الأولية ونصف المصنعة 6.6 في المئة (أ ف ب)

 

ملخص

 تعد احتياطات البنك المركزي التونسي من العملات الأجنبية مؤشراً حاسماً على وضع الدينار والأداء الاقتصادي

تعد احتياطات النقد الأجنبي أحد أبرز المؤشرات الاقتصادية الرئيسة التي تعكس قدرة البلاد على دفع كلف تعاملاتها الدولية، علاوة على أنها أحد الركائز الأولى التي تحقق الاستقرار للعملة المحلية وتجذب ثقة المستثمرين الأجانب.

وتعد احتياطات البنك المركزي التونسي من العملات الأجنبية مؤشراً حاسماً على وضع الدينار والأداء الاقتصادي، ووفقاً لأحدث بيانات البنك التونسي فقد ارتفعت احتياطات العملات الأجنبية، وسجل صافي أصول تونس من العملات الأجنبية نمواً قدره 1.792 مليار دينار (579 مليون دولار) بحسب الانزلاق السنوي، وهو ما يعادل زيادة 13 يوماً للتوريد، بعدما بلغ رصيد الاحتياط 24.78 مليار دينار (8 مليار دولار)، مما يساوي113 يوم توريد حتى الـ 23 من يوليو (تموز) الجاري، مقارنة بـ 22.9 مليار دينار (7.4 مليار دولار)، مما يعادل 100 يوم توريد في التاريخ نفسه من عام 2023.

تحويلات المغتربين

إلى ذلك يأتي هذا النمو في رصيد الاحتياط بعد تراجع حاد في فبراير (شباط) الماضي، إذ قدر بـ 14 يوماً لتوريد السلع فقط، بعدما انخفض من 119 يوماً بما يوازي 25.9 مليار دينار (8.3 مليار دولار) إلى 105 أيام توريد، أي 23 مليار دينار (7.4 مليار دولار) حتى الـ 19 من فبراير 2024، بعد أن سددت تونس  في الـ17 فبراير الماضي دين سندات أوروبية بقيمة 850 مليون يورو(926.5 مليون دولار)، بينما يحل موعد الاستحقاق الرئيس التالي للدين العام الخارجي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ويمثل قرضاً بضمان من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي وُقع في 2014.

أما الزيادة الحالية التي صعدت بالاحتياط النقدي ليغطي ثمانية أيام توريد فتعود لعاملين، أولاهما تحويلات المغتربين التونسيين في الخارج، بينما العامل الثاني عائدات القطاع السياحية.

ويأتي ذلك في وقت حذر محللون في تصريحات إلى "اندبندنت عربية" من القراءة السطحية لمؤشرات رصيد الاحتياطي من العملات، إذ يخفي من وراء ارتفاعه انكماشاً في بعض القطاعات الحيوية.

في الأثناء زادت تحويلات المغتربين 4.2 مليار دينار (1.35 مليار دولار) حتى الـ 20 من يوليو الجاري، في مقابل 4.07 مليار دينار (1.31 مليار دولار) في الفترة نفسها من العام الماضي بزيادة 128.4 مليون دينار (41.4مليون دولار).

وفي الوقت نفسه انتعشت العائدات السياحية وسجلت 3.39 مليار دينار (1.09مليار دولار) حتى الـ 10 من يوليو الجاري، مقارنة بـ 3.18 مليار دينار (1.02 مليار دولار) حتى يوليو 2023، بارتفاع 205.3 مليون دينار (66.44 مليون دولار).

 أخطار تراجع الواردات

من جانبه قال المحلل المالي مهدي البحوري إن "نمو عائدات السياحة سبعة في المئة، وكذلك تحويلات المغتربين التونسيين بـ 3.2 في المئة، لعبت دوراً رئيساً في صعود المخزون الصافي من العملات"، مؤكداً أن "هذا مستوى جيد".

واستدرك، "أما عدد أيام التوريد فهي تعود بالأساس لاحتساب قيمة واردات لليوم الواحد، وهي غير مستقرة، نظراً إلى عوامل عدة أهمها أسعار السلع في السوق العالمية"، مشيراً إلى أنها تحتكم أيضاً إلى جانب القيمة المالية للواردات إلى كميتها، وقائلاً إنه "بحكم تراجع نسق التوريد في تونس خلال الفترة الأخيرة فقد تقلصت كمية الواردات، ولذلك يصبح تراجع قيمة الواردات في اليوم الواحد أمراً بديهياً مما يعبر عنه بيوم التوريد، الأمر الذي سيزيد من عدد أيام التوريد التي يسمح بها المخزون بسبب انخفاض كلفة اليوم الواحد كنتيجة طبيعية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشار إلى أن الواردات سجلت خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي تراجعاً بـ 2.5 في المئة عند 33.1 مليار دينار (10.7 مليار دولار) في مقابل 34 مليار دينار (11 مليار دولار) سجلت خلال الفترة نفسها من عام 2023، وفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء (حكومي).

ورصد المعهد أيضاً انخفاض في واردات المواد الأولية ونصف المصنعة بـ 6.6 في المئة، والتي تمثل 34 في المئة من إجمال الواردات.

غير مزعجة

"يظل تنامي عدد أيام التوريد إلى مستوى 113 يوماً مريحاً"، وفق لما ذكره البحوري، إذ أكد أن المعدل العالمي هو 90 يوماً، معتبراً زيادة عدد أيام التوريد جيداً ودليلاً على الرفاهية بالمفهوم الاقتصادي، موضحاً أن المعدل يمثل الاحتياط المتخذ من كافة بلدان العالم لمواجهة الأخطار المحتملة.

أما وزير المالية الأسبق والاقتصادي حسين الديماسي فاعتبر أن مؤشرات مخزون صافي العملات لا ترقى إلى الممتازة، مستدركاً "لكنها غير مزعجة"، قبل أن يحذر من خلفيات هذا الارتفاع في المخزون، قائلاً إنه "يخفي أخطاراً اقتصادية جمة".

وأوضح الديماسي أنه "نظراً إلى أن الموارد الأساس المغذية لنمو الاقتصاد غائبة تماماً، فإن الاقتصاد لن يجني غير التعثر"، مشيراً إلى أن هذه الموارد تتمثل في القروض الخارجية، وهي لا تتدفق بالمستوى المطلوب، ما عدا بعض التمويلات المحدودة، تليها تحويلات المغتربين وعائدات القطاع السياحي التي شهدت تطوراً.

ولفت إلى أن الاحتياط زاد على رغم غياب التمويلات الخارجية اللازمة، مرجعاً ذلك إلى تراخي الواردات، ومعتبراً ذلك من أسوأ المؤشرات الاقتصادية، إذ إن النشاط الاقتصادي يرتبط باستيراد المواد الأولية بالنظر إلى التبعية الصناعية التي تعانيها الحركة الاستثمارية في تونس.

وتابع الديماسي أنه يستدل من تراجع مستوى الواردات غياب الاستثمارات الجديدة وانعدام أنشطة توسيع المشاريع، قائلاً "هي مؤشرات سيئة للغاية"، مما يجعل المؤشرات الحالية للمخزون إيجابية شكلاً، لكنها تخفي انكماش الاستثمار وأخطار تعثر النمو.