Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ندرة المياه تغير وجه الحياة في تونس

الجفاف دفع آلافاً من التونسيين إلى تغيير مقر سكنهم

ملخص

حث 72 في المئة من التونسيين حكومتهم على اتخاذ خطوات عاجلة للحد من ظاهرة التغير المناخي، وتحسين البنية التحتية لمواجهة آثارها مثل السدود إضافة إلى حثهم دولتهم للضغط على الدول الغنية لتمويل التعامل مع الأخطار الناجمة عنه.

اضطر أكثر من نصف التونسيين إلى تغيير سلوك استهلاكهم المياه بسبب النقص المسجل، وطالبوا الحكومة بإيجاد الحلول المناسبة لإشكالية انخفاض الموارد المائية والحفاظ عليها بعيداً من سياسة ترشيد عمليات توزيع المياه التي تنتهجها. وحث 72 في المئة من التونسيين حكومتهم على اتخاذ خطوات عاجلة للحد من ظاهرة التغير المناخي، وتحسين البنية التحتية لمواجهة آثارها مثل السدود، إضافة إلى حثهم دولتهم للضغط على الدول الغنية لتمويل التعامل مع الأخطار الناجمة عنه.

كشفت نسبة من المواطنين عن أن الأمر استلزم تغيير أسلوب حياتهم تحت طائلة نقص المياه والتغيرات المناخية، وزاد عدد التونسيين الذين لاحظوا حدة الجفاف بمنطقتهم من 45 في المئة عام 2018 إلى 69 في المئة عام 2022 إلى 77 في المئة العام الحالي.

واتجهت الشركة التونسية لتوزيع المياه إلى القطع الدوري للمياه ليلاً منذ الصائفة المنقضية للضغط على انخفاض مستوى الموارد المائية.

ويعتقد الغالبية وبالتحديد 77 في المئة أن ظاهرة الجفاف تجعل حياتهم أسوأ وأنها استفحلت في السنوات الـ10 الأخيرة، وفق ما ورد في استطلاع معهد "وان تو وان" للأبحاث والاستطلاعات، الشريك التونسي لـ"الأفروبارومتر" وهي شبكة بحوث أفريقية مستقلة غير ربحية، تعتمد على استطلاعات الرأي وجرى تنفيذ تسع جولات من الاستطلاعات فيما يصل إلى 42 دولة وإطلاق استبيانات الجولة الـ10 في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وقال 55 في المئة من التونسيين في هذا الاستطلاع إنهم اضطروا إلى تخفيض كمية المياه التي يستهلكونها أو تغيير مصادر إمداداتهم من المياه في الـ10 سنوات الأخيرة، وذكر 72 في المئة من سكان المدن أنهم عاشوا الجفاف في مناطقهم، بينما صرح 88 في المئة من سكان الوسط الريفي أنهم مروا بوضعيات جفاف وتكبد 64 في المئة منهم فساد المحاصيل مقابل 49 في المئة من سكان المدن، وزادت نسبة الذين لحقتهم انعكاسات الجفاف في مناطق الوسط الغربي التونسي إلى 92 في المئة بارتفاع طفيف عن سكان الشمال الغربي.

الأسر التونسية في مواجهة نقص المياه

وصرح أكثر من نصف الأسر في تونس أنهم اتخذوا إجراءات لمواجهة التغير المناخي، وكشف في هذا الصدد 45 في المئة منهم عن أن المصدر الرئيس للمياه المخصصة للاستعمال المنزلي لديهم هو المياه المعدنية مقابل اعتماد 31 في المئة منهم على مياه الحنفية وأربعة في المئة على مياه الآبار وتسعة في المئة على مياه الأمطار المخزنة.

يشار إلى أن 57 في المئة من المعتمدين على المياه المعدنية هم من سكان المدن، إذ يواصل 24 في المئة فحسب من سكان المناطق الحضرية استعمالهم مياه الحنفيات، بينما لا يزيد عدد سكان الأرياف المستهلكين للمياه المعلبة المعدنية 20 في المئة، ويواصل 46 في المئة منهم استهلاك مياه الحنفية و12 في المئة مياه الأمطار المخزنة.

ويأتي سكان العاصمة على رأس قائمة المعتمدين على المياه المعدنية المعلبة بنسبة 66 في المئة يليهم سكان الشمال الغربي بنسبة 49 في المئة والوسط الشرقي بنسبة 48 في المئة، ومناطق الجنوب 47 في المئة ولا يزيد المعتمدون على مياه الحنفية من بين قاطني العاصمة تونس على 18 في المئة و26 في المئة من سكان الشمال الشرقي، بينما يرتفع عدد مستعملي مياه الحنفية بالشمال الغربي ليصل إلى 70 في المئة والوسط الغربي بنسبة 60 في المئة، في إشارة واضحة إلى تدني جودة المياه الموفرة من قبل الشركة التونسية لتوزيع المياه وخصوصاً في المناطق الحضرية.

الفقراء والمزارعون الأكثر هشاشة

وأظهر الاستطلاع أن الشرائح الاجتماعية الهشة هي الأكثر تأثراً بصورية جودة المياه، إذ ذكر 40 في المئة من المصنفين فقراء أن مياه الحنفية هو مصدرهم الرئيس للمياه المنزلية، وترتفع النسبة إلى 45 في المئة لدى الشريحة التي ترزح تحت خط الفقر المدقع.

بدا تأثير الجفاف مباشراً في ممتهني النشاط الزراعي، إذ ذكر 35 في المئة منهم أن الجفاف أرغمهم على تغيير أساليب تربية المواشي ورعيها بتخفيض عددها أو تغيير نوعها، كما كشف 24 في المئة من الفلاحين أنهم لجأوا إلى تحويرات في أنواع الزراعات والمحاصيل بفعل الجفاف وتحدثوا من جهة أخرى عن تغييرات طرأت على أساليب أكلهم وأطباقهم.

وذكر ثمانية في المئة ممن شملهم الاستطلاع أنهم اضطروا إلى تغيير مقر سكنهم بدافع الجفاف ونقص المياه، مما اعتبره رئيس مدير عام مؤسسة "وان تو وان للأبحاث والإحصاء" يوسف المدب لافتاً للانتباه على رغم ضآلة النسبة، وعبر عن أسفه لانخفاض مستوى الوعي بالتغير المناخي، إذ لا يعلم سوى 37 في المئة من التونسيين بمصطلح التغير المناخي، كما يلقي 91 في المئة منهم اللوم على البلدان المتقدمة باعتبارها المسؤولة الرئيسة عنه، ويدعون هذه البلدان إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من حدتها، في حين يعتقد 92 في المئة أن الدول الغنية يجب أن توفر لتونس موارد مالية لمواجهة آثار هذه الظاهرة.

ويعتقد غالب التونسيين أنهم في حل من ذلك، وعبر اثنان في المئة فقط منهم عن تحمل المواطنين جزءاً من المسؤولية على رغم أهمية دورهم في التغيير والإصلاح، وفق المدب، الذي دعا إلى التوعية في هذا الصدد، علاوة على تضافر الجهود بين جميع الأطراف انطلاقاً من الدولة مروراً بالمجتمع المدني وصولاً إلى المحيط الإقليمي والدولي.

مديرة دراسات معهد "وان تو وان" للبحوث والاستطلاعات إيمان المزليني بدورها لاحظت ارتفاع ظاهرة الجفاف بالوسط الريفي والمناطق الفلاحية وتأثيرها في الحياة اليومية للمواطنين فيها بتقنينهم كميات المياه وتنويع مصادرها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي ظل هذه المعطيات الخطرة لا يزيد الواعون بالتغير المناخي على أربعة أشخاص من بين 10 تونسيين فقط، وبالعودة إلى التقاطعات الاجتماعية والديموغرافية والاجتماعية لوحظ أن 59 في المئة من هذه الأقلية متحصلون على تعليم جامعي. وقالت المزليني إن هذه النسبة لا تقل خطورة فهي تعد ضئيلة لدى هذا الصنف، وما يزيد من خطورة قلة الوعي هو تحميل التونسيين كامل المسؤولية للدول الغنية والشركات المصنعة خارج تونس والتنصل من دورهم الحيوي، والحال أن مسؤولية الدول الغنية في الغازات الدفيئة لا تغيب دور المواطنين الذين تحتم الوضعية الحالية ارتقاءهم إلى مرتبة الشريك الفاعل في الإصلاح وتجاوز مرحلة انتظار مجابهة ظاهرة التغير المناخي من دول متسببة في الاحتباس الحراري.

في المقابل أشارت المديرة العامة لصندوق الودائع والأمانات (حكومي) ناجية الغربي إلى أن دور المؤسسة يتمثل في توجيه التمويلات نحو المشاريع المستدامة، وهي التي تنفذ استراتيجية عامة لتخفيض انعكاسات التغير المناخي، سعياً إلى ضمان جودة الحياة لأجيال المستقبل وتحسين ظروف العيش في الوقت الراهن. وقالت "نحن كمستثمر عمومي نتجه إلى تمويل مشاريع الطاقات البديلة بحكم المصلحة الجماعية للاستثمار فيها مثل الهيدروجين الأخضر، ومن أهم المشاريع كذلك المركب الصحي بالقيروان الذي يجسد الانخراط في هذه الثوابت الخاصة بتخفيض انبعاثات الكربون من طريق مكوناته الوفية لهذه الالتزامات المناخية مثل الطاقة البديلة وتدوير النفايات، وهو مشروع ضخم سيتحول إلى مشروع نموذجي يتبع في المستقبل".

بخصوص النقل الكهربائي، قالت الغربي إنه يتوقف على الرفع من مستوى الطاقات المتجددة في المزيج الطاقي بحكم اعتماده على الطاقة الكهربائية النظيفة وتنصب الجهود في هذا الإطار للتحول إلى الاقتصاد المنخفض الكربون، وتندرج في إطار الالتزامات المناخية مشاريع لتحلية المياه وأهمها الخاصة بالمجمع الكيماوي التونسي (حكومي) ومشاريع لتحلية المياه بالجنوب لمواجهة النقص وتوفير موارد مائية بديلة.

اقرأ المزيد