Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاقتراض البنكي للسفر... رفاهية موقتة

تنتهي الرحلة بثمن باهظ واستقطاع شهري من الدخل مدة سنة كاملة أو أكثر

القطاعات التمويلية استغلت شغف الكثيرين للسفر واكتشاف مناطق وبلدان وثقافات جديدة في موازاة التكاليف الباهظة (اندبندنت عربية)

ملخص

تنوعت الآراء بين التأييد والرفض والاستغراب، والنصيحة الأكثر تكراراً هي بالدعوة إلى الصبر وعدم التسرع، أو أخذ سلفة من الأهل كونها من دون فوائد، بينما اقترح آخرون السفر إلى منطقة قريبة لتقليل التكاليف 

بدءاً من التذاكر وحتى الإقامة والمواصلات ووسائل الترفيه، موازنة كبيرة تقع على غالبية الأسر، وتشغل تفكيرهم في كيفية السفر للخارج، ليكون الاقتراض من شركات التمويل والبنوك الطريقة الأسهل لتلبية رغباتها التي باتت للأسف أولوية، وجعل السفر متاحاً للجميع من دون القلق من التكاليف المالية الكبيرة.

إغراءات البنوك التي تتفنن في جذب أكبر عدد من العملاء للاقتراض، وإغراءات المؤثرين وترويجهم للسفر عبر وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في جعل السفر للترفيه ذات أهمية، ووقوع أرباب الأسر في مشكلات اقتصادية وأسرية كبيرة.

استشارات وإعلانات افتراضية

وتتنافس البنوك وشركات التمويل في منشوراتها الإعلانية عبر منصة "إكس"، إذ كتب أحد البنوك التمويلية "سافر واكتشف العالم معنا. من دون تحويل راتب، ومن دون كفيل، وفترة سداد تصل إلى 60 شهراً. قدّم طلبك الآن".

وكتبت شركة تمويلية أخرى "سافر لوجهة أحلامك مع تمويل نقدي لا يصفّر حسابك".

وعلى منصة "إكس" أيضاً، كتبت إحدى السيدات من دون ذكر اسمها تطلب استشارة من متابعيها قائلة "الله يسعدكم، أحتاج نصيحتكم. أرغب في السفر، وأنا متزوجة منذ سنة. ويتبقى على سداد قرض زوجي سنة ونصف السنة. اقترحت عليه أخذ قرض إضافي، لكنه قال إن الفوائد ستزيد ومدة القرض ستطول. ما رأيكم؟ هل آخذ القرض لأستمتع بالسفر أم أنتظر حتى ينهي قروضه ويأخذني في رحلة؟".

وتنوعت الآراء بين التأييد والرفض والاستغراب، والنصيحة الأكثر تكراراً هي بالدعوة إلى الصبر وعدم التسرع، أو أخذ سلفة من الأهل كونها من دون فوائد، بينما اقترح آخرون السفر إلى منطقة قريبة لتقليل التكاليف. ومن القلة التي أيدت الاقتراض للسفر قالت إحداهنّ إن الأمر عادي، والسفر ممتع ويمنح طاقة إيجابية، ولا مانع من الاستعانة بقرض بهدف السفر.

متاهة لا تستحق

ورأى الأستاذ في جامعة "القصيم" (جامعة سعودية حكومية) والمستشار الأمني يوسف أحمد الرميح أن فكرة تسهيل القروض والأموال والبطاقات الائتمانية مثل "الفيزا" و"مستر كارد" وغيرهما، وأخذ قروض طويلة الأمد، والتسهيلات الائتمانية للسفر خارج البلد، تُدخل كثيراً من الأسر، بخاصة الأسر المتوسطة وقليلة الدخل في متاهات ومشكلات اجتماعية واقتصادية وأسرية كبيرة جداً. وقال إن "وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، بالتعاون أو بدفع من عدد من البنوك، مررت أجندة عريضة لفكرة تسهيل القروض والأموال والبطاقات الائتمانية، حتى يسافر الناس خارج البلد، ويصرفوا أموالاً كبيرة جداً وهائلة على رحلاتهم، وفي النهاية تعاد هذه الأموال للبنوك أضعافاً مضاعفة بنسب فوائد ونسب استدانة وأتعاب تصل إلى 50 و60 في المئة من قيمة القرض". وتابع "تنتهي الرحلة التي استمرت مدة أسبوع أو أسبوعين أو شهراً بدفع الأسرة الثمن باستقطاع شهري من الدخل مدة سنة كاملة، كان من الأولى دفعها في أمور تهم الأسرة، كتأثيث المنزل أو كسوة أو علاج". وشدد على ضرورة التخطيط والتفكير قبل السفر، وعدم الوقوع في مصيدة التسهيلات البنكية، وضرورة التوعية على أن السفر ليس بالضرورة أولوية، واستبدال الرحلات الخارجية بالرحلات الداخلية، والترتيب لرحلة تتوافق مع إمكانيات ودخل الأسرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تأثير "السوشيال ميديا"

من جهتها، رأت الأخصائية المستشارة النفسية والاجتماعية دعاء زهران أن القطاعات التمويلية استغلت شغف الكثيرين للسفر واكتشاف مناطق وبلدان وثقافات جديدة في موازاة التكاليف الباهظة، "وأصدرت قروضاً للسفر وبطاقات ائتمانية وأيضاً السفر بالتقسيط، وأوقعت كثيرين في مصيدة الديون طويلة الأجل وتراكمات وضغوط والتزامات مالية تؤثر في نفسية الفرد واستقراره". وقالت زهران إن "اهتمامات أفراد المجتمع تغيرت عن الماضي، على رغم سهولتها وبساطتها في مختلف الجوانب العائلية والعملية والتعليمية والاقتصادية سابقاً، حيث كانت الأسر تعدّ موازنة سنوية لقضاء إجازة الصيف التي تتوافق مع إجازة كامل أفراد الأسرة، وغالبية الأسر كانت تقضي إجازتها خارج المدينة حتى أصبحت عرفاً لبعض طبقات المجتمع، واليوم مع عجلة الحياة السريعة اختلف الأمر، وأصبحت تكاليف السفر باهظة، من طيران وسكن ومستلزمات وترفيه وغيرها". وأكدت على مدى تأثير مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي على حياة الكثيرين، فجعلوا للسفر أولوية حتى ظنّ المتابع أن السفر باستمرار أمر طبيعي، وأن البذخ والإسراف والمظاهر المترفة حياة يحتاجها الجميع، وهذا ما سبب وقوع خلافات كبيرة وعميقة داخل الأسر.

وزادت "الطبيعي في الحياة هي الوسطية والاعتدال، وعلى كل شخص أن يعيش بحسب مستواه الاجتماعي ودخله الشهري، وليس على الهداية والإعلانات والمظاهر الكذابة، التي جعلتنا نحاكي أنفسنا: هل ما نعيشه نحن كمجتمع متوسط الدخل أمر طبيعي أم لا؟، أو لا بدّ من قلب المفاهيم والتنازل عن المبادئ لأكون مؤثراً، وأتمتع بترف المعيشة؟".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات