ملخص
كلف مصطفى مدبولي وزير الكهرباء بحكومته تحريك الأسعار على مدار 4 أعوام مقبلة بحيث تكون الفئات الأقل مدعومة وتتحمل بعض الفئات الأخرى الأسعار مثل المحال التجارية.
بعد أيام من رفع أسعار جميع المحروقات والمنتجات البترولية بنسب وصلت إلى 15 في المئة، يترقب المصريون زيادة جديدة بأسعار الكهرباء، في إطار هيكلة منظومة الدعم وتخفيف الأعباء المالية التي تتحملها الموازنة العامة التي تتحول إلى عجوزات ضخمة تضع الحكومة المصرية أمام فجوات تمويل كبيرة.
وقالت مصادر مطلعة بوزارة الكهرباء والطاقة الجديدة والمتجددة المصرية، إن هناك تنسيقاً بين مجلس الوزراء والوزارة، ومرفق الكهرباء وحماية المستهلك، للإعلان عن تحريك أسعار شرائح استهلاك الكهرباء خلال الأيام المقبلة، بخاصة مع ارتفاع كلفة إنتاج الكيلو وات/ ساعة مما ترتب عليه زيادة الأعباء المالية على الحكومة المصرية.
أوضحت المصادر، أنه كان من المقرر زيادة أسعار شرائح استهلاك الكهرباء بدءاً من يوليو (تموز) الجاري، ولكن نظراً للأوضاع الحالية وعدم انتهاء خطة تخفيف الأحمال تأجلت الخطوة، ولفتت إلى أن السيناريوهات تتضمن زيادة عادلة لكل الشرائح مع مراعاة البعد الاجتماعي للشرائح الثلاث الأولى التي تمثل محدودي ومتوسطي الدخل وفقاً لتوجيهات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
كم تبلغ الزيادة المتوقعة بأسعار الكهرباء؟
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي أعلنت الحكومة المصرية، زيادة بأسعار الكهرباء بنسب راوحت ما بين 10 و22 في المئة، على أن تطبق اﻷسعار الجديدة حتى يونيو (حزيران) الماضي، استعداداً لزيادتها مجدداً بحسب خطة رفع دعم الكهرباء بالكامل، التي تأجل تنفيذها ثلاث مرات، منذ يوليو (تموز) 2022 حتى نهاية العام الماضي، بسبب الأوضاع الاقتصادية.
وعلى رغم المخاوف المتعلقة بتجدد أزمة التضخم واستمرار ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات، مع استمرار العجز واتجاه الحكومة إلى تحقيق الاستدامة المالية والتخلص من العجوزات وسد فجوات التمويل، أعلن قبل أيام رفع أسعار جميع أنواع المحروقات ومنتجات البترول بنسب وصلت إلى 15 في المئة.
وفي ما يتعلق بالزيادة المرتقبة في أسعار الكهرباء، كشفت مصادر مطلعة أنها ستكون في حدود الـ20 في المئة، وفي الوقت الحالي، يبلغ متوسط بيع الكيلووات من الكهرباء 126 قرشاً (0.026 دولار)، بينما يكلف الدولة حالياً 223 قرشاً (0.046 دولار) بسبب ارتفاع أسعار الوقود عالمياً. وقالت المصادر إن الأسعار القديمة التي أعلن عنها خلال يناير الماضي كان سعر صرف الدولار آنذاك عند مستوى 30.90 جنيه، بينما وصل سعره في الموازنة الجديدة إلى 45 جنيهاً، وتتحمل الدولة هذا الفارق.
المصادر أشارت إلى أن السبب الرئيس لزيادة كلفة إنتاج الكهرباء يرجع إلى ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه، لافتة إلى أن الوزارة تعاني أزمة مالية طاحنة، الأمر الذي دفعها إلى الاقتراض 51 مليار جنيه (1.055 مليار دولار) لسداد جزء من مستحقات وزارة البترول لديها حالياً، تزامناً مع زيادة نسب الفقد في شبكات الكهرباء بسبب ارتفاع حالات سرقة التيار الكهربائي.
ومع تفاقم أزمة تخفيف الأحمال كشف رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أن حكومته وضعت خطة للتعامل مع موجات ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوقة في فصل الصيف الحالي، مؤكداً التزام الحكومة العمل وفق خطة مواجهة أزمة انقطاع الكهرباء بنهاية عام 2024. وشدد على الحاجة إلى مليار دولار وذلك من أجل تجاوز أزمة انقطاع الكهرباء خلال فصل الصيف.
وأرجع الأزمة التي شهدها قطاع الكهرباء في مصر أخيراً إلى عدم توفر الغاز الطبيعي بالكميات الاعتيادية لتشغيل محطات توليد الكهرباء، نتيجة نقص توريد الغاز 12 ساعة متصلة، مما أثر في المعدل الطبيعي لتوليد الكهرباء، وهو ما اضطر الحكومة إلى زيادة فترة انقطاع التيار، تخفيفاً للأحمال على الشبكة الوطنية، لا سيما في ضوء تعرض مصر لموجة حارة غير مسبوقة.
الدعم ينتهي بصورة كاملة خلال 4 أعوام
وأشار مدبولي إلى أنه كلف وزير الكهرباء على مدار أربعة أعوام مقبلة تحريك الأسعار بحيث تكون الفئات الأقل مدعومة وتتحمل بعض الفئات الأخرى الأسعار مثل المحال التجارية، مؤكداً أن الدولة لا يمكن أن تتحمل إلى الأبد الفاتورة المتزايدة من أسعار الدعم. وكشف عن أن فاتورة الدعم التي تقدمها الدولة في موازنة العام المقبل 2024-2025 بلغت 636 مليار جنيه (13.560 مليار دولار)، مؤكداً أن منظومة الدعم ستظل موجودة ولكن ليس برقم ثابت.
أضاف رئيس الحكومة، "كان لا بد من استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ونعمل على هذا الموضوع، وهناك خطط كبيرة في هذا الأمر، ولكننا كنا لا نستطيع التوسع في ذلك بدرجة كبيرة خلال الأعوام الخمسة الماضية لأن أسعار الإنتاج كانت عالية جداً، وتلك المشروعات يقوم بها القطاع الخاص وفي الغالب كانت استثمارات خارجية"، مشيراً إلى أن الكهرباء تحتاج إلى مازوت وكميات أخرى من الغاز لمجابهة الحاجات الكبيرة التي تزيد كل عام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أن فاتورة حاجات وزارة الكهرباء من المواد البترولية ترتفع كل عام، وأن الدولة تعمل بخطوات سريعة لإدخال الطاقة الجديدة والمتجددة لتقليل الاعتماد على الوقود التقليدي. ولفت إلى أن وزارة الكهرباء وضعت خطة خلال عام 2018 تنفذ على مدار خمسة أعوام للوصول إلى "صفر" دعم، ولكن مع الصدمات العالمية التي يعانيها العالم، أدى ذلك لاختلال المنظومة التي وضعها، إذ إنه مع بدء الأزمة الاقتصادية كان من الطبيعي تعديل الخطة الموضوعة وزيادة الأسعار، ولكن الدولة اتخذت قرارها وعملت خلال عام ونصف العام على تثبيت الأسعار وتحمل فاتورة بأرقام كبيرة.
رئيس الحكومة المصرية قال، إن "تكلفة إنتاج الكيلو وات/ساعة من الكهرباء يكلف الدولة 223 قرشاً (0.047 دولار)، إذ إن كلفة الكيلو وات في الشريحة الأولى 58 قرشاً (0.012 دولار) مقابل 223 قرشاً (0.047 دولار) وهي الكلفة الفعلية"، مشدداً على أن الدولة ستظل تعمل على دعم الشرائح الثلاث الأولى.
وأوضح أن الفكرة تقوم على الدعم المتبادل من خلال تحميل الشرائح الأكثر استهلاكاً أرقاماً أعلى تغطي الفارق، وأيضاً في الأنشطة الأخرى غير السكنية "التجارية وبعض الأنشطة الاستثمارية" مع الأخذ في الاعتبار عدم الإضرار بالصناعة. ولفت إلى أن فاتورة وزارة الكهرباء الشهرية لوزارة البترول تبلغ نحو 15 مليار جنيه (0.319 مليار دولار) وتسدد الوزارة فقط أربعة مليارات جنيه (0.085 مليار دولار)، ومع زيادة معدلات الاستهلاك كان الخيار المتاح هو رفع الأسعار، لتحقيق موارد تستطيع من خلالها الوزارة سداد التزاماتها، ولكن الدولة اتخذت حلاً بديلاً عن رفع الأسعار وهو التوجه لتخفيف الأحمال.
وفي تصريحات سابقة كشف المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري محمد الحمصاني أنه "لن يرفع الدعم نهائياً على السلع الأساسية مثل الخبز، ولكن في حالة رفع الدعم على بعض القطاعات سيكون جزئياً وتدريجاً". أوضح أن "كلفة رغيف الخبز ارتفعت، والإنتاج يتجاوز 100 مليار رغيف سنوياً، ومن الممكن أن نشهد تحريكاً بعض أنواع الدعم خلال الفترة المقبلة لتخفيف العبء على موازنة الدولة".
وأشار إلى أنه سيرفع الدعم عن المواد البترولية بعد وضع خطة متكاملة حتى 2025، وفق دراسة لأسعار المواد البترولية قبل اتخاذ أي إجراء، وبشكل تدرجي.