ملخص
قبل أسابيع رفعت الحكومة المصرية أسعار الخبز المدعم بنسبة وصلت إلى 300 في المئة، وأسعار جميع المحروقات والوقود بنسب وصلت إلى 15 في المئة، فيما يترقب المصريون زيادة جديدة بأسعار الكهرباء بنسب ربما تصل إلى 20 في المئة.
بعد أيام من الشد والجذب وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على المراجعة الثالثة لبرنامج التمويل الخاص بمصر الذي من المقرر أن تصرف الحكومة المصرية بموجبها شريحة بقيمة 820 مليون دولار.
تأتي الشريحة التي تحصل عليها القاهرة وفق المراجعة الثالثة، في إطار تعزيز الثقة في سير الإصلاحات المصرية على طريقها الصحيح، خصوصاً بعد التدخل بصورة مباشرة ولأكثر من مرة خلال الفترة الماضية في إعادة هيكلة منظومة الدعم.
وقبل أسابيع، رفعت الحكومة المصرية أسعار الخبز المدعم بنسبة وصلت إلى 300 في المئة، وأسعار المواد البترولية بنسب وصلت إلى 15 في المئة، فيما يترقب المصريون زيادة جديدة بأسعار الكهرباء بنسب ربما تصل إلى 20 في المئة وفق مصادر مصرية مطلعة.
وشهدت الفترة الماضية تغيرات كثيرة في موقف صندوق النقد الدولي من المراجعة الثالثة لبرنامج التمويل الخاص بمصر، فبعد إزالة اسم مصر من اجتماعات الصندوق في الـ29 من يوليو (تموز) الجاري، أعادتها المؤسسة الدولية سريعاً، بعد تواصل مباشر بين الحكومة ومجلس إدارة الصندوق جددت خلاله الأولى التزامها تنفيذ اشتراطات الصندوق والمضي قدماً في الإصلاحات الهيكلية.
تحركات للسيطرة على ارتفاعات الأسعار
في تعليقه، قال المتخصص الاقتصادي نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشؤون التنمية الاقتصادية أشرف غراب، إن غالب متطلبات صندوق النقد الدولي استكملتها مصر من أجل الحصول على الشريحة الثالثة من قرض الصندوق والبالغة نحو 820 مليون دولار، مضيفاً أن الفترة الماضية اتخذت الحكومة عدداً من الإجراءات منها رفع سعر الوقود وتغيير أسعار الصرف، والتحرك بجدية في اتجاه خفض معدلات التضخم للوصول للرقم المستهدف، الذي انخفض خلال الأشهر الماضية.
وأوضح في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن حصول مصر على الشريحة الثالثة من القرض له دور مهم في تمويل الاقتصاد المصري ودعم قيمة الجنيه مقابل الدولار، إضافة إلى دوره في تنشيط القطاعات الإنتاجية بالاقتصاد الوطني منها الصناعية والزراعية نتيجة دخول تدفقات نقدية من العملة الصعبة للبلاد، مضيفاً أن حصول مصر على الشريحة الثالثة يؤكد قوة الاقتصاد المصري وقدرته على السداد والوفاء بالالتزامات الخارجية، إضافة إلى أنه يسهم في دعم الموازنة العامة مما يعمل على تحسين وضع الاقتصاد ويترتب عليه إنعاش القطاع المصرفي في البلاد.
وأشار إلى أن أي تدفقات نقدية من العملة الأجنبية تدخل البلاد تزيد من رصيد الاحتياطات الأجنبية، وهذا يساعد في تمويل العجز في الموازنة العامة للدولة، وتوجه في توفير الحاجات الضرورية للوصول لتحقيق التوازن في مستوى الأسعار، كما أنها تسهم في تلبية حاجات الصناع والمنتجين والمستوردين، إضافة لتوفير التمويل للمصانع للتوسع في الأنشطة الإنتاجية وزيادة معدلات التشغيل مما يؤدي لزيادة الإنتاج المحلي وتعظيم الصناعة الوطنية مما يسهم في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وهذا بدوره يزيد من حجم الصادرات المصرية وتقليل فاتورة الواردات مما يسهم في تقليل ميزان العجز التجاري.
مخاوف من معاودة صعود معدلات التضخم
وفي بيان، قال صندوق النقد الدولي إن التضخم لا يزال مرتفعاً في مصر لكنه في طريقه إلى الانخفاض، وذكر أن الضغوط التضخمية تتراجع تدريجاً، وأفاد بالقضاء على العجز في النقد الأجنبي، وتحقيق الأهداف المالية بما في ذلك الأهداف المتعلقة بالإنفاق من خلال مشاريع البنية التحتية الكبيرة.
وأشار الصندوق إلى أن الجهود التي بذلتها السلطات المصرية لاستعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي بدأت تؤتي ثمارها الإيجابية، ولفت إلى أن نظام سعر الصرف المرن لا يزال يشكل حجر الزاوية في برنامج السلطات المصرية.
ومن ناحيتها قالت نائبة المديرة العامة لصندوق النقد الدولي أنطوانيت ساييه، إن "استعادة أسعار الطاقة إلى مستويات استرداد الكلفة بما في ذلك أسعار الوقود بالتجزئة بحلول ديسمبر (كانون الأول) 2025، أمر ضروري لدعم تزويد السكان بالطاقة بشكل سلس والحد من الاختلالات في القطاع".
وانخفض معدل التضخم في المدن مصر في يونيو (حزيران) الماضي إلى 27.5 في المئة مقابل 28.1 في المئة خلال مايو (أيار) السابق له، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، لكن تشير التوقعات إلى احتمال عودة التضخم إلى الصعود بعد قرارات رفع أسعار الخبز والمنتجات البترولية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الصندوق، إن مجلسه التنفيذي استكمل مراجعة تتعلق بمصر، مما يسمح للسلطات بسحب نحو 820 مليون دولار على الفور. وبحسب بيان صندوق النقد، استكمل المجلس المراجعة الثالثة بموجب الاتفاق الموسع في إطار تسهيل الصندوق المدد للقاهرة. وقبل أيام، رفعت الحكومة المصرية أسعار مجموعة واسعة من منتجات الوقود، بنسب تصل إلى 15 في المئة، خصوصاً أسعار السولار والبنزين، في خطوة رآها البعض بمثابة استعداد لمراجعة صندوق النقد.
مصر تستهدف إنجاز المراجعات بنجاح
وفي تصريحات حديثة، كشف وزير المالية المصرية أحمد كجوك، أن بلاده تتعامل بتوازن شديد مع تداعيات جيوسياسية مركبة، في إطار برنامج شامل لتحسين الأداء الاقتصادي، وتستهدف استمرار المراجعات المقبلة بنجاح، والعمل على مسار الحصول على تمويل من صندوق "المرونة والاستدامة".
وأوضح خلال لقائه مدير عام صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا على هامش اجتماعات مجموعة الـ20 بالبرازيل، أن حكومة بلاده ملتزمة تحقيق الانضباط المالي من أجل وضع مسار دين أجهزة الموازنة للناتج المحلي في مسار نزولي، وخلق مساحة مالية كافية تتيح زيادة الإنفاق على التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، وخفض معدلات التضخم لضمان استقرار الأسعار لتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، ومساندة تنافسية الشركات.
وقال، إن أولوية الحكومة المصرية خلال الفترة المقبلة تتمثل في زيادة حجم استثمارات القطاع الخاص ودفع الأنشطة الإنتاجية والتصديرية، وكذلك تطوير بيئة الأعمال لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، مع العمل على تبسيط الإجراءات الخاصة بمنظومتي الضرائب والجمارك لإعادة بناء الثقة بين مجتمع الأعمال والإدارة الضريبية وتحسين الخدمات للممولين.