Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تعد ميشيغان ثاني أهم ولاية في السباق الرئاسي الأميركي؟

معركة فاصلة للمرشحين لاستمالة المواطنين العرب والأفارقة والشباب والعمال البيض 

 من خطاب لدونالد ترمب في ميشيغان (أ ف ب)

ملخص

منذ شاركت ميشيغان في 31 انتخاباً رئاسياً بدءاً من عام 1900 صوتت لصالح المرشح الرئاسي الفائز بنسبة 74.2 في المئة من الوقت، وخلال الانتخابات الـ12 الأخيرة صوتت 9 مرات للرئيس الفائز

على رغم أن جميع المرشحين الديمقراطيين فازوا بميشيغان منذ عام 1992 باستثناء هيلاري كلينتون التي اقتنص دونالد ترمب منها الولاية عام 2016، وأن من صوتت له ميشيغان فاز بالبيت الأبيض في تسع مرات خلال آخر 12 انتخاباً رئاسياً، إلا أن سباق 2024 قد يشكل مفاجأة ثانية.

وتقدم ترمب على بايدن فترة طويلة، لكن انسحاب الأخير جعل كامالا هاريس تتعادل مع الرئيس السابق بنسبة 49 في المئة بحسب "فوكس نيوز"، مما يجعل الرهانات غير واضحة ويزيد من الصراع وزيارات المرشحين لها، فما الذي يجعل هذه الولاية الصناعية الكبرى حاسمة للغاية؟ ولماذا يراها المراقبون ثاني أهم ولاية بعد بنسلفانيا قبل أقل من 100 يوم على موعد الانتخابات؟ 

ولاية محورية حاسمة

لم يكن السيناتور الديمقراطي غاري بيترز مبالغاً حين قال إنه لا يمكن أن تكون رئيساً للولايات المتحدة إذا لم تفز بولاية ميشيغان، فهذا ما تشير إليه الأرقام التاريخية وتؤكده النتائج الأخيرة للسباقات الرئاسية الأميركية.

ومنذ شاركت ميشيغان في 31 انتخاباً رئاسياً بدءاً من عام 1900، صوتت لصالح المرشح الرئاسي الفائز بنسبة 74.2 في المئة من الوقت، وخلال الانتخابات الـ12 الأخيرة صوتت تسع مرات للرئيس الفائز، وطوال الثلث قرن الأخير صوتت ولاية البحيرات العظمى للديمقراطيين باستثناء مرة وحيدة كسر فيها القاعدة دونالد ترمب عام 2016 عندما أطاح هيلاري كلينتون بهامش ضئيل، قبل أن يستردها جو بايدن عام 2020 بفارق 154 ألف صوت. 

لكن ما يجعل ميشيغان تحتل الولاية الثانية من حيث الأهمية بعد بنسلفانيا، أن أي مرشح ديمقراطي يحتاج للفوز بما يسمى ولايات الجدار الأزرق وهي بنسلفانيا وميشيغان ووسكنسن، التي تضمن له الفوز (مع الولايات الديمقراطية الزرقاء الأخرى) بالحد الأدنى المطلوب للفوز من أصوات المجمع الانتخابي وهو 270 صوتاً من إجمالي 538.

أما المرشح الجمهوري فيحتاج للفوز بواحدة في الأقل من ولايات الجدار الأزرق كي يكسر حاجز 270 صوتاً ويفوز بالانتخابات، بعد تأمين فوزه بالولايات الجمهورية الحمراء وكذلك الولايات المتأرجحة في حزام الشمس (جورجيا وأريزونا ونيفادا) التي فاز بها بايدن في انتخابات 2020.  

 

 

ولأن بنسلفانيا تمتلك 19 صوتاً من أصوات المجمع الانتخابي، فهي تستحوذ على الأهمية الأولى بينما تحتل ميشيغان على الأهمية الثانية كونها تمتلك 15 صوتاً في حين تأتي وسكنسن في المرتبة الثالثة من حيث الأهمية كونها تمتلك 10 أصوات في المجمع الانتخابي، ولذلك هناك قدر هائل من الإثارة في ولايات ساحة المعركة الرئيسة الثلاث، ومن المرجح أن يحدد الأشخاص الذين يخرجون للتصويت فيها الرئيس القادم للولايات المتحدة.

صراع مستمر

خلال الأشهر الماضية وقبل أن ينسحب بايدن من السباق، ظل التنافس محموماً مع ترمب لكسب أصوات الولاية حيث خططت حملة إعادة انتخاب بايدن لفتح أكثر من 15 مكتباً ميدانياً، وسط مؤشرات إلى تقلص دعمه بين الأميركيين العرب والأميركيين الأفارقة وكذلك الناخبون الشباب في ميشيغان الذين كانوا أقل تأييداً لبايدن وأكثر دعماً لكل من الرئيس السابق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وسافر أيضاً دونالد ترمب إلى ميشيغان مرات عدة في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك توقف في سبتمبر (أيلول) الماضي، إذ انتقد دعم بايدن للسيارات الكهربائية خلال تصريحات لعمال السيارات قرب ديترويت.

وبعد رحلته إلى مدينة غراند رابيدز في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي، عاد ترمب إلى ميشيغان بزيارة إلى مدينة فريلاند في الأول من مايو (أيار) 2024، قبل أن يعود بعد المؤتمر الوطني الجمهوري إلى غراند رابيدز لحضور تجمع جماهيري مع نائبه السيناتور جي دي فانس متشجعاً بفارق تأييد جيد على بايدن تجاوز أربعة في المئة لفترة طويلة من الزمن.

لكن بعد أيام قليلة من انسحاب الرئيس بايدن من محاولته إعادة انتخابه وتأييده نائبته لترشيح الحزب الديمقراطي، تحركت كامالا هاريس بسرعة نحو مهمة إقناع الناخبين في ميشيغان بأنها زعيمة يمكنهم الاتحاد خلفها، وهو ما بدا أنه يأتي ثماراً من خلال إطلاق حماسة الشباب والأميركيين من أصل أفريقي الذين بدأت مواقفهم تتغير نسبياً وتنعكس على استطلاعات الرأي الأخيرة.

ورقة الأميركيين العرب

على رغم فوز بايدن بالانتخابات التمهيدية في ميشيغان، فإنه واجه تحدياً تمثل في تصويت أكثر من 10 آلاف ناخب يمثلون 13 في المئة من إجمالي الناخبين لخيار (غير ملتزمين) الذي جاء من الشباب والأميركيين العرب الغاضبين من تعامل إدارته مع الحرب بين إسرائيل وبخاصة في ديربورن وهي إحدى ضواحي ديترويت التي تضم أعلى كثافة سكانية للأميركيين العرب في الولايات المتحدة.

وبينما يتواصل فريق هاريس مع القيادات المسلمة من الأميركيين العرب مثل رئيس بلدية ديربورن عبدالله حمود وناشر صحيفة "عرب أميركان نيوز" أسامة السبلاني، يشعر البعض بأن الباب انفتح لتوحيد التحالف الديمقراطي، لكنهم ينتظرون ما قد يشير إلى أن هاريس ستكون أكثر صراحة في الضغط من أجل وقف إطلاق النار في غزة، وهم متحمسون لترشيحها لكنهم يريدون التأكد من أنها ستكون مدافعة عن السلام وليست مؤيدة تماماً لإسرائيل بعد أن شعروا أن أشهراً من التواصل مع بايدن لم تسفر عن نتائج مفيدة. 

وفي حين فسر بعض قادة العرب الأميركيين غيابها عن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي بوصفها علامة على حسن النية معهم، إلا هاريس ستحتاج إلى السير على خط رفيع حتى لا تنفصل علناً عن موقف بايدن في شأن الحرب في غزة.

وسيأتي أول اختبار لها عندما تختار نائبها على البطاقة الانتخابية، ذلك أن أحد الأسماء في قائمتها القصيرة هو حاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو، وهو يهودي كان يجاهر بانتقاده للمحتجين المؤيدين للفلسطينيين الأمر الذي يزيد من قلق الأميركيين العرب في شأن مستوى الدعم الذي يمكن أن يتوقعوه من إدارة هاريس. 

ترمب على الخط

وفي الوقت نفسه، يدرك ترمب وحملته تمام الإدراك، الاضطرابات داخل القاعدة الديمقراطية ويسعون بنشاط للحصول على دعم الناخبين من العرب الأميركيين، إذ عقد اجتماع بين أكثر من 12 زعيماً عربياً أميركياً من مختلف أنحاء البلاد وعديد من ممثلي ترمب في ديربورن الأسبوع الماضي وكان من بينهم مسعد بولس، رجل الأعمال المولود في لبنان الذي تزوج ابنه من تيفاني ترمب، الابنة الصغرى للرئيس السابق، قبل سنتين، ويستغل بولس علاقاته لحشد الدعم لترمب من خلال التأكيد أن ترمب أظهر انفتاحاً على حل الدولتين.

 

 

ويريد الأميركيون العرب ثلاث نقاط رئيسة من ترمب وهي التصريح بشكل أكثر وضوحاً بأنه يريد وقف إطلاق النار الفوري في غزة وأنه يدعم حل الدولتين، وأنه لا يوجد حظر للمسلمين من دخول الولايات المتحدة، لكن أي فرصة سياسية واضحة لترمب قد تكون محدودة بسبب الانتقادات من الأميركيين العرب في شأن حظر الرئيس السابق للهجرة من عديد من الدول ذات الغالبية المسلمة والتصريحات التي شعروا أنها مهينة. 

وبحسب نورا صديق الأستاذة المساعدة في قسم العلوم السياسية بجامعة ولاية ميشيغان فإن عدد الناخبين المسلمين المسجلين في الولاية يقدر بنحو 242 ألفاً ولهذا فإن أحد أكبر الأسئلة التي تلوح في الأفق هو ما إذا كان هؤلاء سيخرجون للتصويت في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وإذا فعلوا فإلى أي مدى يمكن أن يتحول الدعم نحو ترمب، إذ تكشف هذه التغييرات أهمية الكتل التصويتية في ميشيغان.

وعلى رغم أن الأميركيين العرب والمسلمين لا يشكلون أكثر من ثلث المليون شخص في ولاية يزيد عدد سكانها عن 10 ملايين، وفقاً لمكتب الإحصاء الأميركي، فإن ميشيغان كانت متقاربة في نتائج التصويت، إذ فاز بها ترمب بنحو 11 ألف صوت عام 2016 وحصل عليها بايدن بـ154 ألف صوت في عام 2020، ولهذا فإن التحولات الصغيرة يمكن أن تعني كثيراً في النتيجة النهائية. 

استقطاب الطبقة العاملة البيضاء

لكن هذا ليس العامل الأكثر أهمية لتحديد خيارات الناخبين، فهناك عديد من العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر في نتيجة الانتخابات، ومنها المجموعات الانتخابية الرئيسة في ميشيغان، إذ إن ثلاثة أرباع سكان الولاية من البيض (74 في المئة)، ولكنها هي أيضاً موطن لعدد كبير من السكان السود (14.1 في المئة) بينما اللاتين وهم من أصول تنتمي لدول أميركا اللاتينية فيشكلون (5.7 في المئة) من السكان.

ولأن المجموعة الرئيسة التي يتنافس على استرضائها كل من المرشحين في ميشيغان هي الناخبون من الطبقة العاملة البيضاء كون تصنيع السيارات يعد لاعباً رئيساً في اقتصاد الولاية التي تعد موطناً لشركتي "جنرال موتورز" و"فورد"، فإن تصويت النقابات سيكون من الأمور المهمة.

ففي عام 2023، شكل أعضاء النقابات 12.8 في المئة من العمال وفقاً لمكتب إحصاءات العمل، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي حصل بايدن على تأييد من نقابة عمال السيارات المتحدة وأصبح أول رئيس في السلطة يسير في اعتصام عمالي العام الماضي في ميشيغان، ومع انسحاب بايدن من السباق، يأمل ترمب في تقليص دعم النقابات للمرشحين الديمقراطيين، ونجح بالفعل في استقطاب الدعم من رئيس نقابة سائقي الشاحنات. 

وحتى الآن يمكن رؤية الحماس لترمب الذي بدأ مع نتائج عام 2016 لمقاطعات الضواحي من ذوي الياقات الزرقاء حول ديترويت مثل ماكومب ومونرو وهي موطن لعديد من عمال السيارات في المصانع الكبيرة وورش السيارات الأصغر، فقد انقلبت هاتان المقاطعتان لصالح ترمب عام 2016 بعدما صوتتا لصالح باراك أوباما عام 2012، وهي علامة على زيادة تأييد الرئيس السابق في الضواحي.

 

 

ومن المؤكد بحسب مدير مشروع المجتمعات الأميركية، دانتي تشيني أن سكان الضواحي ذوي الياقات الزرقاء في أماكن مثل مقاطعتي ماكومب ومونرو سيصوتون لترمب مرة أخرى هذا الخريف، لكن هوامش الفوز ستكون أساسية. 

وبينما يحمل بعض عمال النقابات إدارة بايدن - هاريس المسؤولية عن قضايا التضخم، ويستجيب عمال آخرون لدعوات ترمب لتشديد سياسات الهجرة والحدود، لكن من الناحية التاريخية، يميل أعضاء النقابات إلى دعم المرشحين الرئاسيين الديمقراطيين وقد يشكلون كتلة تصويت رئيسة في هذه الانتخابات بحسب ميشيل كامينسكي أستاذة علاقات العمل والعلوم الاجتماعية في جامعة ولاية ميشيغان. 

في الوقت نفسه، يبدو أن النقابات العمالية تقود حملة هادئة لحث هاريس على التفكير في السيناتور الديمقراطي عن ولاية ميشيغان غاري بيترز، وثيق الصلة بنقابات العمال كمرشح لمنصب نائب الرئيس مما يجعله خياراً استراتيجيا جذاباً لمرشحة الحزب الديمقراطي الساعية لتأمين أصوات الطبقة العاملة البيضاء الكبيرة بالولاية. 

الشباب والسود والمستقلون

كما أن الناخبين السود من الأميركيين الأفارقة مهمون أيضاً خصوصاً بالنسبة إلى هاريس التي تنتمي إليهم فضلاً عن كون أمها تنتمي لأصول هندية ما قد يساعدها في حشد الدعم منهم في الولاية، كما شهدت ميشيغان إقبالاً قوياً في انتخابات التجديد النصفي لعام 2022 من قبل الناخبين الشباب، الذين يأمل الديمقراطيون أن يستمروا في تحويل طريقهم في يوم الانتخابات نحو هاريس على رغم استيائهم من موقف إدارة بايدن - هاريس في شأن الحرب في غزة والحظر المحتمل لتطبيق تيك توك الشهير. 

وعادة ما يكون الشباب الذي يتلقى التعليم الجامعي من بين أصعب الناخبين الذين يشاركون في الانتخابات، لكنهم في الغالب يميلون لانتخاب الديمقراطيين، وعلى رغم عدم مشاركتهم بكثافة في مقاطعات ما يسمى المدن الجامعية مثل واشتيناو وإنغهام خلال عام 2016، لكنهم فعلوا ذلك عام 2020، مدفوعين بعدم تأييد ترمب الذي كان في السلطة آنذاك، وفي عام 2022 خرجوا بأعداد كبيرة لإعادة انتخاب حاكمة ميشيغان الديمقراطية غريتشن ويتمر. 

ومن غير الواضح الآن حجم إقبال الشباب الذين كانوا غير متحمسين لبايدن، وهل يمكن أن يصوتوا لصالح هاريس أم ترمب أم لمرشحي خيار حزب ثالث.

سيكون تصويت المستقلين مهماً في ميشيغان كما هو في جميع أنحاء البلاد، إذ ساعد المستقلون ترمب على الفوز بالولاية في عام 2016، وساعدوا بايدن على استعادتها في عام 2020.

قضايا ناخبي ميشيغان

أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز إيمرسون كوليدج وموقع "ذا هيل" أن الاقتصاد يمثل القضية الأولى لنحو ثلث (31 في المئة) من ناخبي ميشيغان، ويتبع ذلك قضية الهجرة (13 في المئة)، وتهديد الديمقراطية (12 في المئة)، والرعاية الصحية (10 في المئة)، ويلي ذلك قضايا كلف الإسكان والتعليم والجريمة والإجهاض. 

وأكدت نتائج استطلاع آخر أصدرته غرفة ديترويت الإقليمية المخاوف في شأن الاقتصاد، إذ كان التضخم وتكلفة السلع يثيران مخاوف في أذهان الناخبين بولاية ميشيغان.

التحولات الصغيرة تعني الكثير

وما يعمل لصالح ترمب أن هناك كثيراً من المقاطعات الريفية في الأجزاء الشمالية من الولاية التي تميل إلى تفضيله، لكن على رغم أن هذه المناطق لا تصوت بكثافة، فإنها مجتمعة يمكن أن تتراكم، وقد يكون ارتفاع نسبة الإقبال على التصويت هناك مؤشراً مهماً.

وهناك أيضاً سكان الضواحي من ذوي الدخل المرتفع والمتعلمين تعليماً عالياً حول ديترويت وغراند رابيدز الذين يصوتون تقليدياً للديمقراطيين. 

لكن في النهاية لا توجد إجابات بسيطة أو مختصرة عمن يمكن أن يفوز بالولاية نظراً لأن الانتخابات ستكون متقاربة للغاية، ولكن متابعة شرائح الناخبين ومناطق التصويت ستوفر فكرة عن الاتجاه الذي تتجه إليه الأمور في اللغز المعقد الذي تمثله ولاية ميشيغان هذا الخريف.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير