ملخص
الخلاف حول هوية مزارع شبعا بدأ مع ترسيم "الخط الأزرق" في 24 مايو عام 2000 عندما انسحبت إسرائيل من جنوب لبنان الذي رأى، عندها، أن انسحابها غير كامل وأن مزارع شبعا جزء من الأراضي اللبنانية، لكن إسرائيل رفضت وبررت عدم انسحابها من المزارع بأنها سورية، فتحفظ لبنان على هذه النقطة وقدم 50 وثيقة جديدة تثبت لبنانيتها.
لم تمض ساعات قليلة على الانقلاب السياسي في سوريا وإطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد حتى توغلت قوات إسرائيلية إلى المنطقة العازلة بين الجولان المحتل والأراضي السورية جنوب دمشق، وذهبت تحليلات أمنية وعسكرية كثيرة تتهم إسرائيل بأنها كانت متحضرة لإجراءاتها العسكرية من أراض متنازع عليها أصلاً إلى أراض جديدة اعتبرتها الأمم المتحدة ودول عربية، في بيانات استنكارها، خرقاً لاتفاق الهدنة الموقع بين إسرائيل وسوريا عام 1974، كما اعتبرتها دول أخرى احتلالاً جديداً لأراض عربية وسورية تحديداً.
ولم تنف البيانات السياسية والعسكرية الصادرة عن الجانب الإسرائيلي إجراءاتها الطارئة، بل أكدتها تحت عناوين شتى، منها بحسب بيان الجيش الإسرائيلي "لضمان سلامة أمن سكان بلدات هضبة الجولان ومواطني إسرائيل". وسارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى زيارة الجولان صبيحة الإعلان عن سقوط النظام وسيطرة قوى المعارضة السورية على دمشق، الأحد الماضي، وإعلانه من هناك عن انهيار اتفاق "فض الاشتباك" لعام 1974 مع سوريا في شأن الجولان، وأمر الجيش بـ"السيطرة" على المنطقة العازلة حيث تنتشر قوات الأمم المتحدة.
وقال نتنياهو الإثنين الماضي "إن هضبة الجولان ستبقى إلى الأبد جزءاً لا يتجزأ من إسرائيل"، مؤكداً أن "الجميع يدرك اليوم الأهمية البالغة لسيطرتنا عليها".
انتهاك اتفاق 1974
وأعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، "أن تقدم القوات الإسرائيلية داخل المنطقة العازلة في الجولان السوري الذي تحتله الدولة العبرية، يشكل انتهاكاً لاتفاق فض الاشتباك بين إسرائيل وسوريا الذي وقع عام 1974". وقال دوجاريك إن "قوة الأمم المتحدة المكلفة مراقبة فض الاشتباك (يوندوف) أبلغت نظراءها الإسرائيليين بأن هذه الأفعال تشكل انتهاكاً لاتفاق 1974 حول فض الاشتباك"، موضحاً أن "القوات الإسرائيلية التي دخلت المنطقة العازلة لا تزال تنتشر في ثلاثة أماكن"، وشدد أيضاً على أنه "يجب ألا تكون هناك قوات أو أنشطة عسكرية في منطقة الفصل، وعلى إسرائيل وسوريا الاستمرار في تنفيذ بنود اتفاق 1974 والحفاظ على استقرار الجولان".
"منطقة عسكرية مغلقة"
من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي في بيان "في ضوء الأحداث في سوريا وبناء على تقييم الوضع وإمكان دخول مسلحين إلى المنطقة الفاصلة العازلة، نشر جيش الدفاع قوات في المنطقة الفاصلة العازلة وفي نقاط دفاعية ضرورية عدة". وأضاف أن "هذه الخطوة جاءت لضمان سلامة أمن سكان بلدات هضبة الجولان ومواطني إسرائيل".
وأفاد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الإثنين الماضي، بأن وجود قوات إسرائيلية في الأراضي السورية هو خطوة "محدودة وموقتة" تهدف إلى ضمان أمن إسرائيل خلال حال الارتباك عقب سقوط الأسد، وقال إن "المصلحة الوحيدة لدينا هي أمن إسرائيل".
إدانة عربية ولبنانية
وسارعت دول عربية عدة إلى إدانة هذا التوغل الإسرائيلي الجديد واعتبرته "احتلالاً جديداً لأراض سورية". ودان لبنان الأربعاء الماضي "إقدام الاحتلال الإسرائيلي على الاستيلاء على المنطقة العازلة في الجولان السوري والأراضي المجاورة لها". وعدت وزارة الخارجية اللبنانية في بيان أن "هذا الاحتلال يشكل اعتداءً إضافياً على وحدة سوريا وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وسط الظرف الدقيق الذي تمر به سوريا اليوم"، ودعت "المجتمع الدولي لإدانة هذا العمل ووضع حد للانتهاكات الإسرائيلية المستمرة والمتمادية في مختلف الأراضي العربية المحتلة وإلزامها الامتثال للقرارات الدولية".
وقال "حزب الله" اللبناني في بيان "إن احتلال الكيان الإسرائيلي مزيداً من الأراضي السورية وضرب القدرات العسكرية فيها هو عدوان خطر ومدان بشدة، يتحمل مجلس الأمن والمجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية المسؤولية في رفضه وإنهائه وحماية الشعب السوري في مرحلة حساسة ومفصلية من تاريخه". وأضاف "كثيراً ما حذرنا من الأطماع الإسرائيلية في كل المنطقة وقاومناها لمنع الاحتلال من تحقيق أهدافها، وكررنا أن العدوان على غزة هو حرب إبادة ومنطلق لتغيير وجه المنطقة وإنهاء القضية الفلسطينية"، ورأى الحزب أنه "يجب اتخاذ كل الخطوات التي تمنع الكيان الإسرائيلي من تحقيق أهدافه، وعدم السكوت أو التفرج على هذا العدوان الغاشم ضد سوريا وشعبها".
"مزارع شبعا لبنانية"
ورأى وزير خارجية لبنان الأسبق (وزير الخارجية والمغتربين بين 2011 و2014) عدنان منصور في حديث إلى "اندبندنت عربية" أنه لا يمكن للبنان "أن يتحرك أو يعترض إلا إذا دخلت إسرائيل إلى أراضيه، والتحرك الإسرائيلي الحالي هو ضمن نطاق الجغرافيا السورية، ولكن أي تقدم نحو الداخل اللبناني يشكل عدواناً كاملاً، ويمكن لبنان أن يأخذ حذره ويدين هذا التقدم على اعتبار أنه اعتداء على دولة شقيقة، لكن لا يستطيع أن يتقدم بشكوى ضد إسرائيل في هذا الإطار كون العدوان يقع على أرض الغير".
أضاف منصور "يعمل لبنان منذ سنوات طويلة لاسترداد مزارع شبعا من الاحتلال الإسرائيلي كونها أراضي لبنانية، لكن الحكومة السورية المقبلة التي ستتولى إدارة البلاد إذا ادعت أنها أراض سورية، في هذه الحال يستطيع لبنان أن يتوجه إلى محكمة العدل الدولية لفض الخلاف وكي تحكم إلى من هي المزارع، وعندها يصدر القرار لمن الحق في هذه المزارع، تماماً مثلما حصل في الخلاف حول الجزر اليمنية (جزر حنيش في البحر الأحمر) بين إريتريا واليمن بين عامي 1995 و1998، وكان هناك احتلال للجزر اليمنية هذه فذهب الطرفان إلى محكمة العدل الدولية وحكمت أن هذه الجزر تتبع لليمن. وكل دولة تتقدم بما عندها من وثائق والمحكمة تنظر في الأمر".
وأكد الوزير السابق منصور أن "المزارع لبنانية بالوثائق التي يملكها لبنان، وعندما تقول سوريا إن هذه المزارع تتبع لها، فهي تخلق مشكلة بينها وبين لبنان، وهي أصلاً اليوم في وضع مأزوم، فهناك احتلال إسرائيلي مكشوف للجولان، وليس فقط للمنطقة بعد الجولان، ففي الأيام الأخيرة تجاوزت المنطقة العازلة التي رسمت باتفاق الهدنة عام 1974 بين إسرائيل وسوريا وتجاوزتها بكثير، وصارت على مسافة 20 كيلومتراً من دمشق. الأولوية عند النظام السوري الجديد أن يتطلع إلى كيفية التخلص من الاحتلال الإسرائيلي الجديد".
تهديد أمن لبنان القومي
ورداً على سؤال ماذا يمكن أن يفعل لبنان إذا ادعت سوريا أن المزارع سورية؟ رد منصور "طبعاً يحق للبنان أن يشتكي سوريا في ما لو اعترضت على لبنانية المزارع، نحن نقول إنها أراض لبنانية وما دام إسرائيل تحتل هذه الأرض فعلاقتنا مع إسرائيل الند بالند".
وعما إذا كان هناك تخوف من هذا التمدد الإسرائيلي لو استمر أن يشكل خطراً على لبنان؟ أجاب منصور "طبعاً لأن التمدد الحالي يحصل على طول الحدود السورية - اللبنانية، وهذا يعني أنه يشكل على المدى المتوسط والبعيد تهديداً مباشراً للأمن القومي للبنان والسيادة اللبنانية، أصلاً هذا العدو لا يعرف هدنة، ولا يعرف وقفاً لإطلاق النار ولا يعرف حدوده ويهمه أن يربط المنطقة حوله برمتها".
توغل لأهداف إستراتيجية
وأوضح المتخصص العسكري العميد الركن المتقاعد في الجيش اللبناني سعيد القزح أنه "من المعروف أن إسرائيل أقدمت على الدخول إلى منطقة جبل الشيخ واحتلال تلال حرمون التي تشرف على منطقة راشيا (الوادي) والبقاع الغربي وعلى الأراضي السورية، وأن لإسرائيل هدفاً كبيراً جداً ومهماً كثيراً وإستراتيجياً كذلك، لأنها من تلة جبل الشيخ تستطيع من خلال أجهزة الرادارات الحديثة وشبكات الكاميرات الدقيقة أن تراقب غالبية مناطق الشرق الأوسط، من الأردن إلى سوريا إلى لبنان وحتى الحدود التركية". وأشار إلى أن دخول القوات الإسرائيلية إلى القنيطرة وجبل الشيخ ربما يكون لتأمين حدودها أو لأنها تتخوف من أن يأتي إلى سوريا نظام جديد متشدد أو نظام معاد لها، ويستخدم هذه الأراضي والمنطقة العازلة للقيام بعمليات مضادة في أراضي الجولان وإسرائيل، "ربما من خلال دخول الجيش الإسرائيلي إلى منطقة القنيطرة ومنطقة جبل الشيخ المحاذية للحدود اللبنانية، وهذا ما سيمدد الحدود المشتركة بين لبنان والعدو الإسرائيلي، صار بإمكان الإسرائيليين أن يدخلوا بسهولة إلى الأراضي اللبنانية من جبل الشيخ ومناطق الجولان المحتلة وراشيا الوادي وكل المنطقة في البقاع الغربي".
أضاف القزح "يستطيع الجيش الإسرائيلي الدخول من هذه المناطق الجديدة وقطع منطقة البقاع عن الجنوب والالتفاف على جنوب لبنان، إذا ما فكر في أن يقوم بأي عمل عدواني تجاه لبنان مستقبلاً أو ضد ’حزب الله‘. كل العمليات العسكرية التي قامت بها إسرائيل منذ الـ23 من سبتمبر (أيلول) الماضي ولغاية اليوم زادت من ضعف ’حزب الله‘ في لبنان ومن قوة إسرائيل العسكرية والإستراتيجية لناحية التموضع في المناطق التي احتلتها أخيراً في جبل الشيخ وفي جنوب لبنان وصارت قدرتها أكبر. يضاف إلى ذلك تفكيكها الألغام في مناطق الجولان وإمكانية دخولها من مناطق مزارع شبعا على كفرشوبا وعلى منطقة العرقوب. إن دخول إسرائيل إلى جنوب دمشق يزيد من قدرتها على القيام بعمل عسكري كبير في لبنان في حال سعت إلى ذلك".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"لبننة" المزارع بالقانون الدولي
ورأى العميد القزح أن "مزارع شبعا وتلال كفرشوبا يجب أن تكونا موضوع نقاش مع السلطة السورية المقبلة من أجل لبننتها بالقانون، إذ إنه لغاية تاريخه تعد هذه المناطق بالقانون الدولي والأمم المتحدة مناطق سورية احتلت في عام 1967 وتتبع القرار الدولي رقم 242، مما يعني أنه في القانون الدولي لا وجود لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا لبنانية، إنما سورية". وتمنى "أن يتفاوض لبنان في المستقبل مع الدولة السورية الجديدة من أجل اعترافها بلبنانية المزارع والتلال، وتقديم الأوراق اللازمة والخرائط مع الاعتراف السوري المفترض إلى الأمم المتحدة حتى تصبح هذه المناطق تابعة للقرار الدولي 425 (أصدر مجلس الأمن الدولي في الـ19 من مارس ’آذار‘ 1978 القرار 425 القاضي بالانسحاب الفوري للقوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية، واحترام سلامة لبنان الإقليمية وسيادته داخل حدوده المعترف بها دولياً) ويجري التفاوض من خلال الأمم المتحدة لانسحاب إسرائيل منها".
حل النقاط الخلافية
وحول النقاط الخلافية المتعددة بين لبنان وإسرائيل في شأن الحدود التي تترك باب النزاع مفتوحاً قال العميد القزح "حتى الآن هناك 13 نقطة متنازع عليها بين لبنان وإسرائيل بعد انسحاب عام 2000، يجب التوصل من خلال الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، أو الأمم المتحدة إلى حل النزاع حولها بين الدولتين، وكان هناك حديث عن أن المبعوث الأميركي استطاع التوصل إلى اتفاق حول ثماني نقاط، لكن هذه النقاط التي توجد فيها إسرائيل وما دامت موضوع نزاع، هي نقاط لبنانية 100 في المئة تبعاً لترسيم الحدود في عام 1923 والمثبتة باتفاق الهدنة والخرائط الموقعة بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي عام 1949".
وحول النقاط الجديدة التي يدخل إليها الجيش الإسرائيلي في جبل الشيخ والقنيطرة رأى القزح أنه "حتى الآن لا دخل للبنان فيها، ولم يدخل بعد إلى نقاط لبنانية جديدة. ويحق للحكومة اللبنانية أن تعلم الأمم المتحدة بتحركات إسرائيل المريبة قرب الحدود وتطلب إليها، على سبيل الاحتياط، أن تتدخل لدى إسرائيل كي لا تحتل مناطق لبنانية جديدة". وأكد أن "مشكلة مزارع شبعا تخص اليوم الدولتين السورية والإسرائيلية، وإذا الدولة السورية أقرت بلبنانية المزارع ووقعت على الخرائط وأرسلت كتاباً إلى الأمم المتحدة مرفقة بخرائط تعترف بلبنانية مزارع شبعا، تصبح عندها خاضعة للقرار 425، وهنا يبدأ دور لبنان في المطالبة بتنفيذ كامل بنود القرار". وتابع "إن لم تقدم الحكومة السورية المقبلة مثل السابقة على الاعتراف بلبنانية مزارع شبعا رسمياً وليس مجرد كلام فحسب، فهذه المزارع بالنسبة إلى الأمم المتحدة هي مزارع سورية محتلة من إسرائيل عام 1967، وسنذهب باتجاه أن يتقدم لبنان بدعوى أمام محكمة العدل الدولية لأجل المطالبة بالمزارع وهنا ستكون مشكلتنا ومطالبنا مع الجانب السوري كي يعترف بلبنانية المزارع".
وختم العميد القزح أن "لدى المؤرخ الدكتور عصام خليفة (لبناني) ما يكفي من الوثائق والمستندات التي تثبت لبنانية مزارع شبعا، ولكن أمام القانون الدولي والأمم المتحدة هي كانت أراضي سورية، ومنذ احتلالها عام 1967 ولغاية عام 2000 لم يأت لبنان ولا مرة على ذكر مناطق محتلة تتضمن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا".
وجدير ذكره أن الخلاف حول هوية مزارع شبعا بدأ مع ترسيم "الخط الأزرق" في الـ24 من مايو (أيار) عام 2000 عندما انسحبت إسرائيل من جنوب لبنان الذي رأى، عندها، أن انسحاب إسرائيل غير كامل وأن مزارع شبعا جزء من الأراضي اللبنانية، وعلى القوات الإسرائيلية الانسحاب منها كبقية الأراضي بالجنوب، لكن إسرائيل رفضت وبررت عدم انسحابها من المزارع بأنها سورية، فتحفظ لبنان على هذه النقطة وقدم 50 وثيقة جديدة تثبت لبنانيتها.
اتفاق "فض الاشتباك"
وفي أعقاب قيام دولة إسرائيل عام 1948، اندلعت حرب عربية - إسرائيلية، كانت سوريا طرفاً فيها، ثم توصلت سوريا وإسرائيل إلى "اتفاق هدنة" عام 1949 نص على حدود لوقف إطلاق النار بينهما، وكانت مشابهة تقريباً للحدود التي أقرت عام 1923، مع إقامة مناطق منزوعة السلاح قرب بحيرة طبريا وسهل الحولة.
وفي حرب عام 1967 احتلت إسرائيل غالبية هضبة الجولان، بما في ذلك مدينة القنيطرة، إلى جانب سفوح جبل الشيخ (جبل حرمون) إلى الشمال من الجولان، ثم توصلت سوريا وإسرائيل إلى اتفاق هدنة يتضمن خطاً لوقف إطلاق النار أصبح يعرف بـ"الخط البنفسجي".
وفي حرب عام 1973 هاجمت القوات السورية هضبة الجولان، واستطاعت التقدم في بعض المناطق، بخاصة في الأجزاء الجنوبية من الهضبة، لكن القوات الإسرائيلية شنت هجوماً مضاداً واستعادت السيطرة على الهضبة.
وتوغلت القوات الإسرائيلية شرق "الخط البنفسجي" في الجزء الشمالي من هضبة الجولان، واحتلت مناطق إضافية في العمق السوري لم تكن تحتلها قبل عام 1973، بما في ذلك مناطق على طول الطريق بين هضبة الجولان والعاصمة دمشق، وقمة جبل الشيخ.
وأتى عام 1974 حين توصلت سوريا وإسرائيل إلى اتفاق هدنة عرف باسم "اتفاق فض الاشتباك"، انسحبت إسرائيل بموجبها من جميع المناطق التي احتلتها في حرب 1973، إضافة إلى مناطق محدودة احتلتها في عام 1967 تشمل مدينة القنيطرة.
في المقابل، اتفق الطرفان على إنشاء منطقة عازلة "منطقة فصل" بين الجزء الذي تحتله إسرائيل من هضبة الجولان وسوريا، وتكون هذه المنطقة داخل الأراضي التي تخضع لسيطرة سوريا شرق "الخط البنفسجي"، وعلى طول امتداد الخط من جبل الشيخ شمالاً وصولاً إلى الحدود بين سوريا والأردن جنوباً. وتولت سوريا الإدارة المدنية داخل منطقة الفصل، مع بقاء الجيش السوري خارج حدودها. كما تضمن الاتفاق منطقة تمتد بالتساوي على جانبي الحدود، يكون حجم الوجود العسكري فيها محدوداً للطرفين وفق تفاهمات معينة.
وتمتد منطقة الفصل على طول 75 كيلومتراً من الشمال إلى الجنوب، وبعرض يراوح ما بين 200 متر و10 كيلومترات، وتتمركز داخل المنطقة قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك "يوندوف" UNDOF التي تتولى مسؤولية مراقبة وقف إطلاق النار بين الطرفين. وتم تشكيل تلك القوة من نحو 1200 فرد، من 13 دولة، وفق قرار مجلس الأمن رقم 350 عام 1974 في أعقاب توقيع اتفاق فض الاشتباك، ومنذ ذلك الحين، يتم تمديد تفويض القوة كل ستة أشهر من قبل المجلس، وفي نهاية يونيو (حزيران) 2024، جدد مجلس الأمن تفويضها حتى نهاية 2024.