ملخص
توقع صندوق النقد الدولي تراجع مستوى التضخم في مصر إلى 15 في المئة، وارتفاع معدل النمو إلى أربعة في المئة خلال يونيو 2025، فيما يستهدف البنك المركزي الوصول بمستوى التضخم إلى سبعة في المئة.
على رغم ارتفاع المخاوف من معاودة معدلات التضخم الصعود بعد تحريك الحكومة المصرية أسعار الخبز والوقود وقريباً الكهرباء، قالت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر إيفانا فلادكوفا هولار إن الصندوق يتوقع هبوط التضخم في مصر إلى أقل من 15 في المئة خلال العام المالي 2024-2025.
ورجح الصندوق وصول الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمصر إلى أربعة في المئة بحلول يونيو (حزيران) 2025، مؤكداً أن الجهود التي بذلتها السلطات المصرية لاستعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي أدت إلى تحسين الظروف الاقتصادية، وقالت هولار "جلبت هذه الإصلاحات الضرورية بعض التحديات، بخاصة مع ارتفاع كلفة المعيشة، وسيحتاج تصميم البرنامج إلى مواصلة رصد وتخفيف التأثير الاجتماعي للإصلاحات اللازمة من خلال برامج الدعم المصممة جيداً".
وأشارت إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي يتضمن الآن التزامات جديدة لتحديث إجراءات التجارة، ويجري بحث إجراءات أكثر تحديداً في المراجعات المستقبلية، فضلاً عن تطوير مؤشر لتتبع تنفيذ سياسة ملكية الدولة، مما يضمن طريقة شفافة وقائمة على البيانات لرصد التقدم.
خلق مناخ اقتصادي عادل يعزز المنافسة
وقالت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر إن من المقرر إجراء المراجعة الرابعة بموجب الاتفاق الموسع في إطار تسهيل الصندوق المدد لمصر في الفترة ما بين سبتمبر (أيلول) وديسمبر (كانون الأول) المقبل، مما يسمح للسلطات بسحب نحو 922.8 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (نحو 1.3 مليار دولار).
وأضافت أن تنفيذ "سياسة ملكية الدولة" خطوة ضرورية لتعزيز دور القطاع الخاص، لكنه لبنة واحدة في بناء هيكل اقتصادي متكامل، مشيرة إلى أهمية خلق مناخ اقتصادي عادل يعزز المنافسة، يتيح للشركات الخاصة التنافس بحرية مع الشركات الحكومية، لافتة إلى أن البرنامج الذي تنفذه الحكومة المصرية تضمن تدابير لتسهيل الإجراءات الجمركية والتجارة، استجابة لمطالب القطاع الخاص، مع التعهد بمواصلة دراسة مزيد من الإجراءات التي من شأنها تعزيز الإسهام في النمو الاقتصادي.
وأشارت إلى أنه على رغم الجهود المبذولة لا يزال التضخم يمثل تحدياً كبيراً، مما يستدعي سياسات تتجاوز الأبعاد الاقتصادية لتشمل الآثار الاجتماعية. وتابعت "إن ارتفاع كلفة المعيشة المستمر منذ 18 شهراً يكشف عن الحاجة إلى تدابير مستهدفة تخفف العبء عن الفئات الأكثر تضرراً، وأظهرت التجارب السابقة أن دعم الوقود، كان يصب غالباً في جيوب الأثرياء، لذا فإن إلغاء هذه الإعانات وتحويل الموارد إلى برامج دعم أكثر استهدافاً سيسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية وتخفيف حدة الأزمات المعيشية".
وتوقع صندوق النقد الدولي تراجع مستوى التضخم في مصر إلى 15 في المئة، وارتفاع معدل النمو إلى أربعة في المئة خلال يونيو 2025، فيما يستهدف البنك المركزي الوصول بمستوى التضخم إلى سبعة في المئة، وهو ما قالت عنه هولار "لا يمكن تحقيق ذلك فوراً، سيستغرق الأمر ما بين 12 إلى 18 شهراً".
وسجل معدل التغير الشهري في الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر، الذي أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء نحو 1.6 في المئة في يونيو الماضي، في مقابل 2.1 في المئة خلال الشهر ذاته من العام السابق وسالب 0.7 في المئة خلال مايو (أيار) الماضي. وعلى أساس سنوي سجل معدل التضخم العام للحضر 27.5 في المئة خلال يونيو الماضي في مقابل 28.1 في المئة في مايو السابق له، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.
ولدى صندوق النقد مطالب للحكومة المصرية باستمرار ترشيد دعم الطاقة سواء للكهرباء أم المحروقات، وقالت هولار "لا نحب دعم الطاقة لأنها موارد عامة تستفيد منها شرائح أعلى في المجتمع". وأرجأت الحكومة المصرية زيادة جديدة في أسعار الكهرباء كان يتوقع أن تبدأ أول يوليو (تموز)، في ظل تزايد الانتقادات الموجهة لمنظومة تخفيف أحمال الكهرباء، وهو ما أدى إلى استجابتها عبر توفير مبالغ مالية تجاوزت مليار دولار لتوفير الوقود لتوجيهه لمحطات توليد الكهرباء.
انتهاء أزمة الدولار
وفي مؤتمر صحافي قال رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إن بلاده تجاوزت أزمة الدولار بسبب الإجراءات التي اتخذتها، موضحاً أن الدولة تسعى إلى جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وتعمل على زيادة التيسيرات، وزيادة الشراكة مع المؤسسات الدولية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال إن الدولة تتحمل دعماً للمواد النفطية في حدود 450 مليون جنيه (9.26 مليون دولار) يومياً، مؤكداً أنه من المفترض أن تتحمل الدولة الإنفاق على خدمات أخرى تهم المواطن، وتابع "في عام 2021 تمكنت الحكومة من تحقيق التوازن، في وجود دعم للبوتاجاز والمازوت الخاص بالأفران فقط، وهذا مكن الدولة من تخصيص مبالغ كبيرة لمشاريع البنية التحتية ومشروع حياة كريمة وفي مجالات تخدم المواطن نفسه". وأضاف "كلما زادت قيمة الدعم اضطرت الحكومة إلى إنقاص بعض الخدمات الأخرى، لأن الحكومة لديها موازنة بكل الموارد الخاصة بالدولة، والموارد في زيادة لكن الاحتياجات في زيادة بوتيرة أكبر مع الزيادة السكانية".
وقال إن زيادة أسعار وسائل النقل تسير وفق آليات محددة، ولفت إلى أن حكومته تسعى إلى حل مشكلة نقص الدواء خلال الفترة المقبلة. وبين أن الدولة ستواصل دعم السولار بنسبة معينة حرصاً على مصلحة المواطنين، وألمح إلى أن "حياة كريمة" برنامج أصيل للدولة المصرية، وأن الدولة ستظل موجودة بقوة في عدد من القطاعات الاستراتيجية.
وأشار إلى أن الاقتصاد كلما كان ناضجاً وكبيراً كانت نسب نموه أقل، متابعاً "حتى مع التعويم وكل ما حدث فإن مصر ما تزال واحدة من أكبر الاقتصاديات في العالم والمنطقة". وقال إن التقديرات تشير إلى مصر ستكون خلال الأعوام الـ15 إلى الـ20 على الأكثر من أكبر 10 اقتصادات على مستوى العالم، بالتالي فإن نسب نمو هذه الاقتصاديات الكبيرة لا تكون سهلة مثل الدول التي ما تزال في بداية المسار واقتصادها محدود".
ولفت إلى أن بلاده تجاوزت الفترة الأصعب على الإطلاق في ما يخص الوضع الاقتصادي، وأشار إلى أن "العام المالي الحالي الذي بدأناه هذا الشهر هو مرحلة التعافي الكامل للاقتصاد الكامل، وهو عام 2024-2025، إذ نركز على أن يظل التضخم في المسار النزولي وأن يزيد الاحتياط النقدي ويقل حجم الدين، وزيادة نسبة استثمارات القطاع الخاص في الدولة، وزيادة نمو الاقتصاد المصري".
وقال إنه قبل الأزمات الاقتصادية كانت نسبة نمو الاقتصاد المصري بمعدلات تصل إلى ستة في المئة واقتربت من سبعة في المئة، وعندما بدأت جائحة كورونا كانت مصر من أعلى الاقتصادات على مستوى العالم في نسب النمو، مستفيدين من إجراءات الإصلاح الاقتصادي والاستثمارات التي ضختها الدولة المصرية. وتابع "لكن المشكلة لم تكن الجائحة فقط، ولكن حدثت صدمات أدت إلى تباطؤ نسب النمو، ومع ذلك، نستفيد العودة للمعدلات التي كنا عليها". وأضاف "هدفنا أن تكون متوسطات النمو خلال السنوات الثلاث المقبلة في برنامج الحكومة في حدود 5.5 في المئة في الأقل، ونأمل أن تكون هذه النسبة أكثر".