ملخص
القروض والصناديق والديون تفرض نفسها مع كل زيادة في أسعار سلعة استراتيجية بحق أو من دونه، عن استحقاق أو بغيره، وهذه المرة زيادة أسعار البنزين وتأثير الدومينو الآخذ في التفاعل والتفاقم تلقي بظلالها على كل الأسعار
الجميع بات يعلم أن النبأ الجلل والحدث الجسيم له وجهان، وجه خبري يقتصر على ماذا حدث لمن ومتى وأين وكيف؟ ووجه شعبي يقول البعض إنه إنساني ويرى البعض الآخر أنه لا يخلو من جانب عشوائي فوضوي يتناول أثر هذا النبأ على الجموع والمعاني الخفية لما جرى، وكيف كان في الإمكان منع وقوعه وهو الجانب الذي ينتعش في الأزمات ويروج في الضوائق، ويفتح أبواب "فش الغل" الشعبي والتحليل العشوائي والتنبؤ الفوضوي، فمنها ما يصيب ومنها ما يخطئ كما أنه يفتح ثغرات وفتحات وشقوق الصيد في مياه السياسة العكرة والاقتصاد الملتبسة.
دخول مفاجئ
لم يعد هناك التباس في اختيار التوقيت والظروف. الخميس الماضي في مصر وعطلة رسمية والحرارة قائظة والبعض منشغل إما بالتخطيط للمصيف أو بالبكاء على لبن المصيف المسكوب بفعل الأوضاع الاقتصادية والبحث عن بدائل، وآخرون منغمسون في تفاصيل الحياة اليومية من استيقاظ في الصباح ثم توجه إلى العمل ثم العودة، وأخيراً أمسيات غارقة إما في محاولة وصول مستعصية إلى توازن بين الدخل والإنفاق أو تجاهل تام للأزمة وإفراط في اللهو من دون تفكير في الأسعار. وهنا يحدث "الدخول المفاجئ".
مفاجأة استيقاظ المواطنين على خبر زيادة أسعار لم تعد مفاجأة بالمعنى المعروف. صحيح أن غيابها بضعة أسابيع يخفف نسبياً من أعراض "تروما الاستيقاظ"، لكنها تبقى حدثاً ينتظر الوقوع.
وقع الحدث الخميس الماضي، وذلك بإعلان زيادة أسعار الوقود (البنزين) بنسبة تصل إلى 15 في المئة. سعر الليتر فئة 80 أصبح 12.25 جنيه (0.25 دولار)، والـ92 أصبح 13.75 جنيه (0.28 دولار)، والـ95 بـ15 جنيهاً (0.31 دولار). أما أكثر أنواع الوقود استخداماً وأعمقها أثراً في حياة المصريين وصاحبة تأثير الدومينو إذ ارتفاعه يؤدي إلى شطحة لا رجعة فيها في أسعار كل السلع، بما فيها السلع التي يبدو بالعين المجردة إنها لا ترتبط بالسولار بعلاقة من قريب أو بعيد.
الخميس الماضي، وبعد أن كان ليتر السولار بـ10 جنيهات أصبح 11.50 جنيه، أي ما يعادل 0.24 دولار أميركي. وقد تبع الإعلان عن الزيادة عشرات الإعلانات الرسمية عن زيادة تعرفة المواصلات العامة أو الأجرة بأنواعها، بما فيها الـ"توك توك" الحائر بين التقنين والفوضى.
آثار الزيادة ما زالت تتجلى وتتوسع. الزيادة الأحدث، هكذا بات المصريون يلقبونها لعلم ودراية بأن الأحدث يختلف عن الأخير، هي رقم 11 خلال 10 أعوام. وكانت الزيادة الأولى القاصمة إذ وصلت النسبة إلى 50 في المئة خلال يونيو (حزيران) عام 2014. وبعدها تواترت الزيادات بدءاً من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016 الذي يلقبه المصريون بـ"عام التعويم". وفي ذلك العام قفز بنزين 80 من 1.6 جنيه إلى 2.35 جنيه، والـ92 من 2.6 إلى 3.5 جنيه، والسولار من 1.8 إلى 2.35 جنيه.
في ذلك الوقت، ظن بسطاء الفكر والسذج أن هذه الزيادة هي الأفظع والأفدح والأبشع. كما ظنوا أن الصدمة الاقتصادية التي لحقت بالملايين هي صدمة العمر لكن اتضح أن الصدمات تتوالى طالما في العمر بقية.
بقية السلع والخدمات وحتى تسعير العقارات والوجبات وقص الشعر وتوصيل الطلبات ومصروفات المدارس ويوميات العمال وقيمة "البقشيش" والحد الأدنى الذي يحصل عليه المتسول وغيرها، أصبحت وثيقة الصلة بأسعار الوقود التي لم تعد تعرف للاستقرار سبيلاً أو للهدوء طريقاً.
الطريق الكلاسيكي
الطريق الكلاسيكي الذي كان يسلكه المصريون في أزمنة مضت للتغلب على قلقهم الاقتصادي وهلعهم المعيشي كان يراوح ما بين "فش الغل" من طريق الدعابة والسخرية من النفس والآخرين بما فيهم الحكومة، والتدوين الهستيري والتغريد الجنوني وإعادة المشاركات بلا هوادة أو إعمال التفكير أو التروي أو التدقيق، ثم سرعان ما تهدأ المشاعر وتعود الحياة إلى سابق صخبها إلى أن يحين موعد قلق جديد فيعاودون الكرة. وكان من أسباب نجاح الطريق الكلاسيكي هو التباعد الزمني النسبي بين الأزمات وبعضها.
بعض ردود الفعل الشعبية تجاه الزيادة سيظل حبيس البيوت بحكم عطلة نهاية الأسبوع الطويلة التي بدأت الخميس، يوم الزيادة. وعلى رغم ذلك فإن ملامح الصدمة ومعالم الغضب لا تخطئها عين في القلة القليلة الموجودة في الشوارع والأماكن العامة، إذ لا صوت يعلو على صوت الأسعار الجديدة، ولا نقاش يهيمن عليه سوى الغضب.
"الغضب الواسع من الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود في محله لأن غالبية الشعب لم تعد تتحمل مزيداً من الغلاء بعد معاناتها... من تضخم أتى على مدخراتها وعلى قدرتها الشرائية وعلى شعورها بالأمان. لكن مع تقديري لهذه المعاناة فإن الغضب لا ينبغي أن يكون محله زيادة أسعار الوقود في حد ذاتها، بل مجمل السياسات الاقتصادية التي صاحبت تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي منذ الربع الأخير من 2016"، بحسب ما كتب المتخصص الاقتصادي والقانوني ونائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولي الأسبق زياد بهاء الدين.
وأضاف "ما أقصده هو إخفاق الحكومة في حماية المجتمع من التضخم الذي كان متوقعاً، وإخفاقها أيضاً في تحريك الاقتصاد الراكد كي يستفيد الناس من النتائج الإيجابية التي كان مفترضاً أن تتحقق نتيجة لتطبيق برنامج الإصلاح".
برنامج الإصلاح لم يعد يذكر بكثير من التقدير في المحافل الشعبية، بل إن بعض الذكر يعاقب عليه القانون. كذلك الحال بالنسبة إلى عبارات "إعادة الهيكلة" و"منظومة الدعم" وإشارات "فاتورة الدعم" و"تحريك الأسعار" وبالطبع أنباء وتصريحات تتضمن "السياسة الاقتصادية" و"سعر الوقود".
وكان "الخلل ليس في سعر الوقود بل في السياسة الاقتصادية" هو عنوان المقال الذي كتبه بهاء الدين خلال يونيو عام 2018، وهو ما يبرهن على أنه ما أشبه خلل اليوم بالبارحة، وما أشبه غضب وصدمة 2024 بصدمة 2018 وما قبلها بقليل وما بعدها بكثير.
حتى الدعابة تأثرت
كثيراً ما يتعامل المصريون مع الصدمات بالدعابة الموجعة والسخرية المؤلمة. وهذه المرة ليست استثناء لكن الاستثناء يبدو واضحاً في حجم الألم مقارنة بمقدار السخرية. فأعاد البعض استحضار نكات وصور وميمز العودة إلى ركوب الحمار والاستعانة بخدمات الجمال واقتراض "سكوتر" العيال، إضافة إلى المخزون الاستراتيجي للصور الفوتوغرافية وتلك المصنوعة بالذكاء الاصطناعي للمواطن الغلبان والمسكين والفقير والمعدم وتداولها مع تغيير تاريخ البكاء والعويل جراء زيادة البنزين.
والبعض الآخر يبذل قدراً أكبر من الجهد البحثي والسعي التنقيبي فيسرد مسيرة ليتر البنزين 90 منذ كان 15 قرشاً مطلع الثمانينيات ثم 25 قرشاً في منتصفها، و55 قرشاً خلال عام 1990، ثم قفز ليصبح جنيهاً كاملاً عام 1992، ليظل على هذه الحال حتى عام 2006 قافزاً إلى 1.30 جنيه، و1.75 عام 2008، لتبدأ مرحلة القفزات المكوكية والرهيبة مع بنزين 92 خلال عام 2014، وقت كان الليتر بـ2.60 وصولاً إلى 13.75 جنيه مع ترك القائمة مفتوحة أمام ما هو مقبل.
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قال الأربعاء السابق لخميس الزيادة إن "أسعار المنتجات البترولية سترتفع تدريجاً حتى ديسمبر (كانون الأول) عام 2025"، وهو ما نافس خبر الزيادة في كم الاهتمام ومقدار القلق وحجم الغضب، حتى وإن توافر مكون تفهم الأوضاع الإقليمية وظروف العالم الاقتصادية وشروط صناديق الإقراض الأممية.
القروض والصناديق والديون تفرض نفسها مع كل زيادة في أسعار سلعة استراتيجية بحق أو من دونه، عن استحقاق أو بغيره، وهذه المرة زيادة أسعار البنزين وتأثير الدومينو الآخذ في التفاعل والتفاقم تلقي بظلالها على كل الأسعار "من الإبرة للصاروخ" وحديث الصندوق أمر واقع لا ريب فيه.
التقارير الاقتصادية الدولية جميعها يتحدث ولو ضمن الخلفية المعلوماتية الخاصة بزيادة الخميس المحورية عن صندوق النقد الدولي ودوره، وما أشار إليه خلال أبريل (نيسان) الماضي من أنه يتعين على مصر أن تخفض دعم الوقود من 331 مليار جنيه مصري (6.8 مليار دولار) في العام المالي 2023 - 2024 إلى 245 مليار جنيه (5.1 مليار دولار) خلال العام المالي 2024 - 2025.
وضمن الخلفية المعلوماتية سلسلة الانتقادات والإشارات والتلويحات والتلميحات، الرسمية المصرية والدولية، لا سيما المتخصصة بالإقراض، لحجم الدعم الذي تنفقه الدولة لدعم أسعار الوقود والطاقة للمواطنين.
المواطنون الواقعون بين شقي رحى أزمة اقتصادية ضربت مصر خلال الأعوام الثلاثة الماضية لأسباب بعضها داخلي، إذ تدهورت قيمة الجنيه مقابل الدولار وأسلوب إدارة الاقتصاد يصفه البعض بافتقاد الرؤية وغياب عوامل النجاح وتقلص فرص النجاة، في حين يراه آخرون الأسلوب الوحيد المتاح في ظل ظروف إقليمية مضطربة، ويصر فريق آخر على أنه قمة في الروعة وليس في الإمكان أبدع مما هو عليه.
ويبدع البعض الآن في تجهيز رسوم بيانية وعمل خرائط إنفوغرافية توضح أن مصر تتبوأ مكانة متقدمة جداً في قائمة "الأرخص عالمياً في أسعار الوقود".
حرب القوائم
تقارير رقمية (أي الأرقام) يتناقلها مستخدمون على منصات الـ"سوشيال ميديا" تحوي قوائم بأسعار البنزين في دول العالم، وكيف أن مصر هي رابع وفي قوائم أخرى خامس وفي ثالثة ثاني أرخص دول الكوكب في أسعار الوقود.
إحدى السمات المميزة للزيادة هذه المرة هي الانغماس الشعبي في الأرقام والنسب والقوائم، هذه أرقام في قائمة توضح كلفة البنزين بالنسبة إلى متوسط الدخل الشهري في عدد من الدول، إذ بات يبتلع في مصر 19.1 في المئة من دخل الأفراد الشهري. وهذا "إنفوغراف" يوضح الزيادة الرهيبة في زيادة البنزين في مصر منذ عام 2014 التي تعدت مجموع الزيادات في بضعة عقود. وهذه حسبة يحسبها مواطن عادي ويقارن فيها بين سعر البنزين وقت كان الدولار بستة جنيهات وسعره بعد ما ارتطم الجنيه وأصبح الدولار بـ48 جنيهاً. ومواطنة تقر وتعترف بأن ليتر البنزين في أميركا ودول أوروبية يراوح ما بين 50 و75 جنيهاً، لكن متوسط الدخل أضعاف المتوسط المصري.
وهذا منشور مجهول النسب ذائع الانتشار يحمل عنوان "الحل في الترشيد" بتشارك الأهل والجيران والأحباب في سيارة واحدة للمشوار الواحد، والعودة إلى المواصلات العامة التي باتت أفضل بكثير عن ذي قبل، والاكتفاء بـ"لمبة" أو "لمبتين" في "النجفة" وتجمع أفراد الأسرة في غرفة واحدة، وتقليص عدد مرات الخروج من البيت وغيرها من أساليب الترشيد لاجتياز الأزمة، مع تذكرة بأن السيئ يوجد ما هو أسوأ منه والصعب ليس نهاية الدنيا.
وفي المقابل، يجرى تناقل وتشارك منشورات وقوائم وأرقام تنضح برائحة التسييس وبعضها لا يخلو من نكهة اللجان الإلكترونية التي تكثف عملها التدويني والتغريدي ذا الطابع التهييجي في كل محنة، أو حلقة جديدة من مسلسل الأزمة.
مسلسل الأزمة يأبى أن يخفت. فقبل نحو أسبوعين قالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي جولي كوزاك إنه تقرر إرجاء النظر في صرف 820 مليون دولار لمصر إلى الـ29 من يوليو (تموز) الجاري، مضيفة أن التأجيل هدفه "وضع اللمسات الأخيرة على بعض التفاصيل المتعلقة بالسياسات... وأن مثل هذه التأجيلات ليست استثنائية، وتأتي وسط ظروف صعبة".
كل ما يتعلق بالصندوق والقروض أصبح يثير قلقاً في الشارع المصري. وكلما ذكر الصندوق أو قيل شيء عن القروض تحسس المواطن جيبه وتسلل الوجل إلى قلبه. وعلى رغم الضبابية المعرفية التي تحيط بمنظومة الإقراض التي لا تفهمها إلا كوكبة من متخصصين في مجال الاقتصاد، فإن الإشارة إلى تأجيل صرف هذه الشريحة كشفت عن وعي مذهل لدى كثيرين. قد تبقى آلية القروض ومنظومة السداد وأولويات إنفاق الأموال معقدة وعصية على الفهم والهضم لكن الحديث عن قرب الوصول إلى اتفاق يعني "تحريكاً" لأسعار، والإعلان عن الإبرام يعني تخفيضاً لدعم، أو تحويلاً من زيت وسكر وأرز لقيمة مادية، والإشارة إلى تأجيل الصرف يعني زيادة أسعار غالباً تكون من نصيب البنزين.
نصيب البنزين وافر في الزيادات، وهو النصيب المتوقع له الاستمرار حتى نهاية العام المقبل وفق رئيس الوزراء مصطفى مدبولي. وعلى رغم ذلك وعلى رغم تقوية الجهاز المناعي الخاص بالصدمات لدى المصريين جراء تكرارها خلال الأعوام القليلة الماضية، فإن الزيادة هذه المرة ضربت حفنة من الآمال في مقتل.
حتى قبل أسابيع قليلة مضت كان خبراء الاقتصاد يجاهرون بحلول ومقترحات لمواجهة نسبة التضخم، ومعالجة جوانب من الأزمة من دون تحميل المواطن مزيداً في هذا الوقت العصيب. وهذه المقترحات اعتمدت في انطلاقها على اعتقاد أن الحكومة الجديدة وتغيير المجموعة الوزارية في القلب منها ربما يؤدي إلى سياسات اقتصادية أقل قسوة على المواطن، وأكثر توجهاً نحو الإصلاح الأكبر من حيز "شروط" أو "مقترحات" الصندوق.
التفاوض أنواع
المتخصص في الشأن الاقتصادي مدحت نافع أعرب عن أمله في حديث تلفزيوني قبل أسبوعين في أن تنجح المجموعة الاقتصادية الجديدة في الحكومة في تصحيح المسار، مشيراً إلى أن زيادة أسعار الخبز الأخيرة تظل محدودة الأثر على رغم عدد المستفيدين الكبير، لكن أية زيادة في أسعار الوقود سيكون "مداها أوسع"!
وعول نافع على "المفاوض المصري" في محادثات الصندوق، مكرراً اقتراح تشكيل لجنة غير حكومية تشارك في مفاوضات الصندوق من شأنها أن تساعد في إقناعه بعدم بذل مزيد من الضغط على الاقتصاد، وتعفي الحكومة جزءاً من حرج التفاوض.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
التفاوض الوحيد الدائر حالياً تسمعه في الميكروباص على الأجرة أو في السوبرماركت على سعر الأجبان والألبان، أو داخل البيت في تحديد الموازنة على ضوء الأسعار الجديدة. وإذا كان التفاوض مع الصندوق قد ينتهي بتأجيل صرف شريحة أو تعجيل بإبرام قرض جديد فإن المفاوضات الشعبية غالباً تكون ذات طابع أكثر سخونة وتوجه أعتى أثراً.
الخلاف بين السائق والركاب على الأجرة قد يؤدي بالجميع إما إلى قسم الشرطة أو إلغاء الرحلة، والغضب في السوبرماركت قد ينتهي إما إلى مقاطعة السلعة أو تقليل الكمية، والشد والجذب بين الزوج والزوجة على موازنة البيت في ضوء ثبات الدخل مع تحريك الأسعار يسفر عنهما خلافات ضارية وضغوط عصبية عالية.
وكل ما سبق يخلق هالة من التوتر في الشارع لا تخلو من قلق، ليس فقط من الحاضر وكيفية التصرف مع الزيادات المتواترة تباعاً، لكن من التعامل المستقبلي مع سلسلة الزيادات الموعودة وما سينجم عنها من آثار.
وبعيداً من الأسباب التي دفعت "لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية" لزيادة الأسعار في هذا التوقيت وبعيداً من الزيادات المتوقعة مستقبلياً أيضاً، فإن المتوقع اليوم وغداً وبعد غد هو موجة جديدة من التضخم قد تتجاوز 30 في المئة، إضافة إلى الركود الذي قد ينجم عن تضاؤل القدرة الشرائية مع مخاوف خاصة بفرص الاستثمار ورد فعل المستثمرين.
يشار إلى أن "لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية" تأسست بناء على قرار صدر من رئيس مجلس الوزراء عام 2018 وتضم ممثلين عن وزارتي البترول والثروة المعدنية والمالية، إضافة إلى الهيئة العامة للبترول. مهمة اللجنة متابعة "المعادلة السعرية" بصورة ربع سنوية، ومتابعة التنفيذ وتقديم التوصيات والمقترحات في هذا الشأن.
خبثاء يلوحون بأن اللجنة كبش فداء يتحمل الغضب ويمتص الحنق ويهضم النقد اللاذع كلما تحرك سعر أو حان موعد قرض أو تأجل صرف شريحة، وذلك نيابة عن الوزراء والمسؤولين.وبعيداً من اللجان والمسؤولين والوزراء والبنزين وصناديق الإقراض، يبقى المصريون في مواجهة مباشرة مع "العيشة" ومتطلباتها وأسعارها وضغوطها.