ملخص
شهد التضخم العالمي حالاً من التسارع الحاد في أعقاب تعافي الطلب بعد وباء "كوفيد-19"، مما دفع البنوك المركزية حول العالم لرفع معدلات الفائدة بقوة
ارتفعت أسعار الذهب إلى أعلى مستوى في أسبوعين، بعدما فتح رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الباب أمام خفض أسعار الفائدة في وقت قريب قد يكون سبتمبر (أيلول) المقبل.
وصرح رئيس الفيدرالي جيروم أول من أمس إن "أسعار الفائدة قد تخفض في سبتمبر المقبل إذا سار الاقتصاد الأميركي في المسار المتوقع له، مما يقرب البنك المركزي، من نهاية معركة استمرت أكثر من عامين ضد التضخم، لكن ذلك سيكون في خضم حملة الانتخابات الرئاسية في البلاد
أسعار الفائدة".
وغالبا ما يميل الذهب الذي لا يدر عائداً إلى الارتفاع مع انخفاض أسعار الفائدة.
وسجل مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية في مقابل سلة من ست عملات رئيسة، 104.03 نقطة بعدما انخفض 0.38 في المئة أمس الأربعاء وانخفض المؤشر 1.7 في المئة في يوليو (تموز) الماضي، مسجلاً أضعف أداء شهري له هذا العام.
وكان الذهب مستقراً في التعاملات الفورية عند 2448.38 دولار للأوقية "الأونصة" بعدما بلغ أعلى مستوى له منذ الـ18 من يوليو الماضي في وقت سابق من الجلسة.
وكانت الأسعار أقل بنحو 35 دولاراً فقط من أعلى مستوى على الإطلاق عند 2483.60 دولار المسجل في الـ17 من يوليو الماضي.
رغبة الشراء
وقال كبير المحللين لدى "سيتي إندكس" مات سيمسون، "لم يتمكن المتفائلون حيال الذهب من مقاومة الرغبة في شراء مزيد منه بعدما أشار الفيدرالي فعلياً إلى بداية دورة خفض أسعار الفائدة، لكن عشاق الذهب قد يكونون في حاجة للتحلي ببعض الحذر في حال تخطيه 2500 دولار نظراً إلى تردد الذهب في التمسك بالمكاسب عند هذه المستويات".
محركات الذهب
وفي مذكرة بحثية حديثة، قال بنك "جي بي مورغان" إن المحركات الرئيسة وراء أسعار الذهب في العام الحالي تغيرت وانفصلت عن توقعات خفض أسعار الفائدة الفيدرالية وعوائد سندات الخزانة الأميركية وتوقع مزيداً من الارتفاع للأسعار.
وذكر أن الارتفاع الحاد للأسعار جاء بصورة مبكرة وعلى رغم أن توقعات خفض الفائدة الأميركية أصبحت لمرة واحدة هذا العام وليس ثلاث مرات كما في التوقعات السابقة، متوقعاً أن يبلغ متوسط الأسعار 2500 دولار للأونصة في الربع الرابع من العام الحالي، خصوصاً مع الأخطار الجيوسياسية المتزايدة وخفض الفائدة ومشتريات البنوك المركزية.
البنوك المركزية تواصل شراء الذهب
وتشير البيانات الرسمية إلى تسارع وتيرة شراء البنوك المركزية للذهب منذ عام 2022، بعدما ظل يؤدي دوراً ثانوياً في الموازنة العامة للمصارف.
وخلال عام 2022 بلغت مشتريات البنوك المركزية العالمية من الذهب نحو 1082 طناً، وهو ما يعادل ضعف المستويات المسجلة في العام السابق له.
وتزامنت بداية القفزة في شراء البنوك المركزية للذهب مع التوترات التي تلت فرض الولايات المتحدة وأوروبا عقوبات اقتصادية قوية ضد روسيا، عقب غزو أوكرانيا.
وتضمنت العقوبات الغربية ضد روسيا تجميد الأصول المقومة بالدولار، وفرض عقوبات على السلع الرئيسة لموسكو مثل النفط الخام.
واتجهت البنوك المركزية في العامين الماضيين لتنويع احتياطاتها بعيداً من الدولار الأميركي، وللتحوط ضد هبوط العملة.
ويتمثل هذا التوجه في خفض الصين لحيازتها من سندات الخزانة الأميركية بنحو 23 مليار دولار في فبراير(شباط) الماضي لتصل إلى 775 مليار دولار، وهو الاتجاه المستمر من جانب بكين خلال الأعوام الأخيرة.
ويبرر بعض المحللين تدافع البنوك المركزية لشراء الذهب بوجود دوافع سياسية، إضافة إلى الرغبة في تنويع الأصول.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال محللو "جيه بي مورجان" إنه في بعض الحالات، بدأت الدول غير الحليفة للولايات المتحدة في السعي إلى خفض تركز احتياطاتها على الدولار، مع أخطار تعرض هذه الاحتياطات للعقوبات.
وأشاروا إلى أن الحكومات المتحالفة مع واشنطن تضيف أيضاً الذهب إلى احتياطاتها بوتيرة سريعة، في مسعى لحماية نفسها من التضخم المتسارع والمتقلب عالمياً.
وشهد التضخم العالمي حالاً من التسارع الحاد في أعقاب تعافي الطلب بعد وباء "كوفيد-19"، مما دفع البنوك المركزية حول العالم لرفع معدلات الفائدة بقوة.
على أية حال، يتوقع محللون استمرار البنوك المركزية العالمية في مراكمة الذهب خلال الفترة المقبلة، مع استمرار الأسباب التي دفعتها لهذا التوجه في المقام الأول.
البنوك المركزية
في المقابل، يرى مجلس الذهب العالمي أنه على رغم أن البنوك المركزية اشترت كميات كبيرة من الذهب منذ عام 2022، فإن شهيتها للمعدن ربما لم تنته بعد، مشيراً إلى أن الاتجاه طويل الأمد لشراء الذهب من قبل البنوك المركزية مستمر، وسط هيمنة البنوك في الأسواق الناشئة.
ورجح ألا يؤدي ارتفاع أسعار الذهب بصورة كبيرة أخيراً إلى عرقلة أية خطط إستراتيجية لمراكمة المعدن من جانب البنوك المركزية.
لكن المجلس شدد على أن هناك حاجة إلى مزيد من البيانات لتقييم مدى تأثير مستويات الأسعار الحالية في نشاط البنوك المركزية.
ويحتفظ المجلس برؤيته في شأن استمرار البنوك المركزية مشترياً صافياً للمعدن في الفصول المقبلة، ما قد يوفر ركيزة أساسية لدعم الذهب، ويربط بعض المحللين ارتفاع قيمة الدولار الأميركي بسعي البنوك المركزية إلى إيجاد بديل أقل كلفة.