ملخص
يعاني السودان حالياً أسوأ أزمة جوع في العالم. وحتى الآن يحتاج أكثر من نصف سكان البلاد البالغ عددهم 45 مليون نسمة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
قالت لجنة من خبراء الأمن الغذائي في تقرير صدر اليوم الخميس، إن الحرب في السودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة بموقع واحد في الأقل شمال دارفور، ومن المرجح أنهما أدتا إلى ظروف مجاعة في أجزاء أخرى من منطقة الصراع.
وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أعلن في الثالث من مايو (أيار) الماضي، أن أعمال العنف في محيط مدينة الفاشر بإقليم شمال دارفور السوداني تسببت في إغلاق ممر إنساني من تشاد افتُتح حديثاً، وإن الوقت ينفد لمنع حدوث مجاعة في هذه المنطقة الشاسعة.
أسوأ أزمات الجوع
في كل يوم جديد تطبق الحرب في السودان خناقها أكثر على المدنيين في دارفور، فإضافة إلى التهديد الخطر لحياة المدنيين نتيجة المعارك اليومية المتواصلة بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، يعيش كثير من مناطق الإقليم كابوساً بسبب الشح المتنامي في السلع الغذائية والارتفاع الجنوني في أسعارها إلى جانب شح السيولة النقدية وانحسار المتداول منها ليزيد الطين بلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويعاني السودان حالياً أسوأ أزمة جوع في العالم. وحتى الآن يحتاج أكثر من نصف سكان البلاد البالغ عددهم 45 مليون نسمة إلى مساعدات إنسانية عاجلة. وفي مايو الماضي حذرت الأمم المتحدة من أن 18 مليون سوداني يواجهون "الجوع الشديد" بمن في ذلك 3.6 مليون طفل يعانون "سوء التغذية الحاد"، فيما أصبحت منطقة غرب دارفور حيث التهديد الأكبر شبه معزولة عن المساعدات الإنسانية. ويشير أحد التقديرات إلى أن ما يصل إلى خمسة في المئة من سكان السودان قد يموتون نتيجة الجوع بحلول نهاية العام.
وتقول الأمم المتحدة إن ما يقارب 25 مليون شخص، أي نصف سكان السودان، يحتاجون إلى المساعدات، وأن نحو 8 ملايين فروا من منازلهم وأن الجوع يتفاقم.
بعد اندلاع الحرب بين الجيش وقوات "الدعم السريع" منتصف أبريل (نيسان) 2023، تمددت سريعاً إلى ولايات دارفور، وبعدها بأشهر قليلة تمكنت المليشيات من الاستيلاء على أربع من عواصم ولايات دارفور الخمس باستثناء مدينة الفاشر التي سقطت في الحصار.
لعبة الحرب المراوغة
وحذر مسؤولون كبار بالأمم المتحدة في أبريل (نيسان) الماضي من أن نحو 800 ألف شخص في الفاشر معرضون "لخطر شديد ومباشر"، في ظل تفاقم أعمال العنف التي تهدد "بإطلاق العنان لصراع طائفي دموي في جميع أنحاء دارفور".
وتوقفت عمليات تسليم المساعدات الغذائية التي كانت تدعم وتعين عادة السكان النازحين الذين يعيشون في مخيمات تحولت إلى مدن عشوائية فقيرة حول بلدات دارفور. في الأعوام السابقة، كان بإمكان برنامج الأغذية العالمي تخزين الإمدادات في المناطق التي يصعب الوصول إليها. ولكن هذا العام ومع تباطؤ الطرق المؤدية إلى المناطق الريفية المتضررة بشدة أو حتى عدم إمكانية عبورها فلن تكون هناك احتياطات يمكن الاعتماد عليها.
وقد تبنى كلا المتحاربين التجويع باعتباره سلاحاً من أسلحة الحرب. وسبق أن سيطرت قوات حميدتي على خزان المياه في الفاشر، وهددت بقطع إمدادات المياه عنها، ونهبت المستشفى الأخير المتبقي فيها. وفي الوقت نفسه تلعب القوات المسلحة السودانية لعبة مراوغة أكثر. فلقد حرصت على أن تكون أزمة الغذاء في مناطق شرق السودان التي تسيطر عليها أقل حدة: فهذه المناطق قريبة من بورتسودان المركز الرئيس لواردات البلاد، وتريد القوات المسلحة السودانية توافر الغذاء لهؤلاء الناس هناك، ومع ذلك فهي مستعدة لترك سكان المناطق الخاضعة لسيطرة قوات "الدعم السريع" يتضورون جوعاً، وحتى لعرقلة الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة.
وعلى رغم الدلائل العدة التي تشير إلى وجود أزمة فإن الجهود الدولية الرامية إلى الحد من المجاعة لم تحرز تقدماً يذكر.