ملخص
الضربات الأخيرة التي استهدفت "محور الممانعة" بأطرافه المختلفة "أحرجت إيران جداً أمام جمهورها وليست قادرة على عدم الرد"، لكن السؤال الأهم "هل تريد إيران أن تُجر إلى معركة مباشرة وبالتالي تنفيذ المشيئة الإسرائيلية التي تسعى أيضاً إلى جر أميركا إلى المعركة الكبرى؟".
"المعركة مع إسرائيل دخلت مرحلة جديدة"، هذا ما أعلنه الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله في خطابه خلال تشييع القائد العسكري الرفيع في الحزب فؤاد شكر، متوعداً تل أبيب بـ"رد حتمي" على اغتياله، فيما يحبس اللبنانيون أنفاسهم ويترقبون بقلق ما قد تحمله الساعات والأيام المقبلة من تصعيد وسط مخاوف شديدة من اندلاع حرب مدمرة، لا سيما أن اغتيال شكر استتبع باغتيال مدوٍ لرئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في قلب طهران.
وقال نصرالله، "إننا أمام معركة كبرى ومفتوحة وتجاوزت مسألة جبهات الإسناد لقطاع غزة"، مشيراً إلى أن "المعركة دخلت مرحلة جديدة" وإسرائيل "لا تعرف" أي "خطوط حمر تجاوزت" باغتيال شكر وهنية.
وأكد أن الحزب سيرد حتماً على اغتيال شكر أول من أمس الثلاثاء بغارة استهدفت مبنى سكنياً في الضاحية الجنوبية لبيروت، لكن "تصاعد الحرب يتوقف على سلوك العدو وعلى ردود فعله"، مجدداً نفي الحزب مسؤوليته عن الهجوم الذي أسفر عن مقتل وجرح العشرات في مجدل شمس بالجولان. وقال نصرالله إن الحزب يبحث عن "رد حقيقي" وليس "شكلياً".
في المقابل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم إن إسرائيل في حالة تأهب قصوى. وأضاف، بحسب تصريحات نشرها مكتبه بعد زيارة لقيادة الجبهة الداخلية، "إسرائيل مستعدة جيداً لأي سيناريو دفاعاً أو هجوماً. سنحمل مرتكب أي عمل عدواني ضدنا، كائناً من كان، ثمناً باهظاً جداً".
وزيرا الخارجية والدفاع البريطانيان في بيروت
وعلى وقع التطورات، حطّ قبل ظهر اليوم الخميس في بيروت وزيرا الخارجية والدفاع البريطانيان ديفيد لامي وجون هيلي، حيث التقيا أولاً وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب، وثم رئيس المجلس النيابي نبيه بري، قبل أن يتوجها إلى السراي الحكومي حيث اجتمعا برئيس الوزراء نجيب ميقاتي.
وفي لقاء عين التينة، أكد بري لزائريْه أن "لبنان لا يريد الحرب لكنه في الوقت نفسه مستعد للدفاع عن نفسه". وأضاف، "الغطرسة الإسرائيلية الأخيرة والإمعان في سياسة خرق قواعد الاشتباك والاغتيالات يجران المنطقة نحو مخاطر لا تحمد عقباها".
بدوره، أكد ميقاتي أن "إسرائيل انتهكت السيادة اللبنانية واعتدت على أرضنا مخالفة القوانين الدولية وتعتدي يومياً على المدنيين بشكل سافر". وأضاف أن "الحل لن يكون إلا سياسياً عبر تطبيق القرارات الدولية بما فيها القرار 1701"، داعياً بريطانيا والمجتمع الدولي إلى "الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها".
وزير الخارجية البريطاني دعا من جهته "جميع الأطراف إلى احترام القرار الدولي 1701 وتطبيقه بكل بنوده ومندرجاته"، فيما دعا وزير الدفاع إلى "معالجة كل النزاعات بالحوار والأساليب الدبلوماسية لأن العنف ستكون عواقبه وخيمة على الجميع".
التحذيرات بين إسرائيل و"حزب الله"
في الأثناء، يترقب اللبنانيون كيف سيرد "حزب الله" على اغتيال شكر في قصف استهدف مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت أول من أمس، وأسفر في حصيلة نهائية عن مقتل سبعة أشخاص بينهم أطفال وجرح عشرات آخرين وفق وزارة الصحة اللبنانية.
وبحسب ما أوردت وسائل إعلام لبنانية، فقد بعث الحزب برسالة إلى كل الوسطاء بأن رده سيكون موازياً للضربة التي تلقاها، وأنه سيرد على استهداف أي منطقة مدنية بضرب منطقة مدنية داخل إسرائيل.
في المقابل، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، عن رسالة أوصلتها إسرائيل بدورها إلى "حزب الله" عبر دبلوماسيين غربيين، تحذره فيها من أن استهداف المدنيين الإسرائيليين بشكل واسع سيؤدي إلى حرب شاملة.
وقالت الصحيفة إن الرسالة الموجّهة إلى الحزب أشارت إلى أن إسرائيل تستهدف القادة والعناصر في "حزب الله" بدلاً من البنية التحتية، وتتوقع بالتالي أن يلتزم الحزب بمهاجمة الأهداف العسكرية فقط.
كما أوردت "يديعوت أحرونوت" أن "حزب الله والحرس الثوري الإيراني قد يؤخران الرد من أجل الاستعداد بشكل شامل"، فيما "تستعد إسرائيل لرد محتمل مشترك" من قبلهما.
وفي السياق، أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية في حالة جاهزية عالية لاعتراض أي تهديد من لبنان حيث تحلق المقاتلات الإسرائيلية في أجواء البلاد. وكشفت الهيئة أن قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي أوعزت إلى المصانع في شمال البلاد التي تملك مواد خطيرة بإفراغها أو تقليص كمياتها كإجراء وقائي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
رد على صعيد "المحور"
وعن سيناريوهات الرد المحتملة، قال الكاتب السياسي قاسم قصير إن "التصعيد طبعاً حتمي والرد على إسرائيل سيأتي من كل ساحات محور المقاومة"، موضحاً أن احتمال اندلاع حرب كبرى "مرتبط بحجم الرد وكيفية تعاطي إسرائيل وأميركا معه".
وبحسب تقديراته، قال قصير إن "الرد سيكون على صعيد المحور مع قيام كل ساحة بدورها بحسب ظروفها الميدانية"، علماً أن هذا المحور يشمل الحرس الثوري في إيران و"حزب الله" في لبنان و"حماس" في غزة وفصائل مسلحة في العراق وميليشيات الحوثي في اليمن، وجميعها منخرطة بدرجات متفاوتة بالمواجهات الحالية مع إسرائيل.
واعتبر قصير أن معادلة "وحدة الساحات" التي رفعها "المحور" هي اليوم "أمام اختبار كبير من إيران إلى لبنان والعراق واليمن وفلسطين وكيفية الترجمة العملية لها"، مشيراً إلى أنه "لم يعد هناك من قواعد محددة للاشتباك والمعركة مفتوحة".
الباحث في الشؤون العسكرية عادل مشموشي اعتبر بدوره أنه "بعد ضربة مرفأ الحديدة في اليمن واغتيال شكر في قلب الضاحية واغتيال هنية في طهران وبالتحديد خلال مشاركته في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، فضلاً عن استهداف متزامن لقاعدة لقوات الحشد الشعبي في العراق، كل هذا يعني أن الرد إن أتى فلن يكون بقرار منفرد من حزب الله ولا من فصيل منفرد في العراق أو اليمن، بل بقرار من القيادة العليا لهذا المحور أي من إيران".
إيران "محرجة" والحرب محتملة
وقال مشموشي إن الضربات الأخيرة التي استهدفت "محور الممانعة" بأطرافه المختلفة "أحرجت إيران جداً أمام جمهورها وليست قادرة على عدم الرد"، لكن السؤال الأهم "هل تريد إيران أن تُجر إلى معركة مباشرة وبالتالي تنفيذ المشيئة الإسرائيلية التي تسعى أيضاً إلى جر أميركا إلى المعركة الكبرى؟".
وأوضح مشموشي أن "تل أبيب ترغب منذ ما قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، بوقف التقدم الذي أحرزته إيران في مجال الخبرة النووية وتصنيع الصواريخ العابرة للمسافات الطويلة وصناعة المسيّرات العسكرية، فيما الغرب أيضاً غير مرتاح لهذا التقدم العسكري والتكنولوجي الإيراني". وبالتالي فإن كل الاحتمالات واردة بما فيها الحرب الشاملة بحسب مشموشي، الذي أشار أيضاً إلى أن انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من سباق الانتخابات الرئاسية حرره من استمالة الناخبين ما أتاح له إطلاق الدعم لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لكن ليس ضمن الحرب الشاملة. وعلى رغم ذلك، قال الباحث في الشؤون العسكرية إنه "في حال اندلعت الحرب، فأميركا والدول الغربية لن تقف مكتوفة الأيدي".
وقال الباحث في الشؤون العسكرية إن احتمال الحرب "ممكن أن يحصل في أي لحظة، خصوصاً بعدما أعلنت إسرائيل أنها سترد على مقتل أي مدني بحرب شاملة". وأضاف، "يبدو أن إسرائيل تحضر لهذه الحرب باغتيالها القادة الميدانيين استعداداً لدخول المعركة بوجه قيادات جديدة ربما من الصف الثاني".
دعوات للمغادرة "فوراً"
وفي وقت ما زال القصف على الحدود اللبنانية– الإسرائيلية تحت سقوفه المعتادة في المواجهات الأخيرة، تتوالى دعوات الدول لرعاياها لمغادرة لبنان فوراً، وآخرها صادر عن أستراليا وفرنسا.
وطلبت أستراليا من مواطنيها في لبنان المغادرة على الفور، قائلةً إن هناك خطراً حقيقياً من تصاعد حدة التوتر على نحو خطير بين إسرائيل و"حزب الله". وقالت وزيرة الخارجية بيني وونغ في مقطع فيديو عبر "إكس"، "الآن هو الوقت المناسب للمغادرة، يمكن أن يتدهور الوضع الأمني بسرعة ربما من دون سابق إنذار". وأضافت، "مطار بيروت قد يغلق تماماً إذا ساء الوضع، مما قد يقطع السبل أمام الراغبين في المغادرة لفترة طويلة"، وحثت الأستراليين على استخدام الرحلات الجوية التجارية التي تعمل.
فرنسا بدورها نصحت مواطنيها بعدم السفر إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية ولبنان، وسط مخاوف من تصعيد حاد في الشرق الأوسط.
وفي أحدث رد فعل من شركات الطيران على احتمالات اتساع نطاق الصراع في المنطقة، أعلنت الخطوط الجوية الكويتية اليوم إيقاف رحلاتها إلى العاصمة اللبنانية بيروت بعد يوم الأحد.
وقالت الخطوط الجوية الكويتية في بيان إن آخر رحلاتها إلى بيروت ستكون في يوم الأحد "وذلك نظراً للظروف الراهنة".
مجموعة "لوفتهانزا" الألمانية أعلنت بدورها اليوم إلغاء جميع رحلات الركاب والبضائع من تل أبيب وإليها حتى الثامن من أغسطس (آب)، كما مددت وقف رحلاتها من وإلى العاصمة اللبنانية حتى 12 أغسطس.