Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيزيديو سنجار بعد 10 أعوام من النزوح: الخيمة أكثر أمانا

لا استقرار أمنياً والميليشيات تستوطن المدينة مع افتقار إلى مقومات الحياة الأساسية

النازحون باتوا يشعرون أنهم بين نارين نار وضع المخيمات المزري ونار تجاهُل الحكومة العراقية لمناطقهم الأصلية في سنجار (أ ف ب)

ملخص

على رغم محاولات وزارة الهجرة والمهجرين إغلاق ملف مخيمات النازحين، إلا أنها لم تتمكن من إعادة جميع النازحين إلى مناطقهم الأصلية. كما صدر قرار عن مجلس الوزراء بداية العام، بإغلاق جميع المخيمات خلال مدة لا تتجاوز نهاية يوليو (تموز) الماضي.

 

بعد مرور 10 أعوام، على الإبادة التي ارتكبها تنظيم "داعش" بحق الإيزيديين في الثالث من أغسطس (آب) 2014، وتشريد أكثر من 5 ملايين مواطن عراقي عاش غالبيتهم في مخيمات تفتقر لأدنى مقومات الحياة توزعت على محافظات بغداد وصلاح الدين ونينوى وكركوك والأنبار وبابل وديالى وإقليم كردستان، وبعد إغلاق 90 في المئة من المخيمات، كان من الصعب إغلاق مخيمات كردستان بسبب رفض معظم الإيزيديين من أهالي سنجار العودة إلى مناطقهم. 

وعلى رغم محاولات وزارة الهجرة والمهجرين إغلاق ملف مخيمات النازحين، فإنها لم تتمكن من إعادة جميع النازحين إلى مناطقهم الأصلية. كما صدر قرار عن مجلس الوزراء بداية العام، بإغلاق جميع المخيمات خلال مدة لا تتجاوز نهاية يوليو (تموز) الماضي.

وتضمنت الخطة التي صادقت عليها رئاسة الوزراء آليات اقترحتها الوزارة لتفعيل عودة النازحين، أولها رفع مستوى الخصخصة المالية إلى 4 ملايين دينار عراقي (2500 دولار)، بعدما كان المبلغ 1.5 مليون دينار (700 دولار) وتقديم مشاريع تدر الدخل للعائدين، وسلع معمّرة، وشمولهم بشبكة الحماية الاجتماعية. وتضمن القرار إعطاء الأولوية للنازحين وأصحاب المنازل المهدمة، وتوظيفهم في المحافظات المحررة.

طريق غير آمن

تقول الباحثة في الشأن الكردي والإيزيدي لمى لازكين باراني إن "العودة إلى سنجار في ظل الاتفاقية الأمنية التي أُبرمت خلال فترة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي وحتى الآن تعاني مماطلات بسبب نقص البُنى التحتية وافتقاد الأمن، بل إن المناطق لا تزال مستوطنة من قبل الميليشيات، وتُعد منطقة منكوبة ويعلم الجميع أن الطريق من سنجار حتى دهوك غير آمن بدليل الحوادث الكثيرة التي حصلت في الأوان الأخيرة مثل حادثة اختطاف الفتيات ومن ثم إعادتهن وحادثة الطفل الذي توفي إثر عملية تفجير إرهابية حيث كان يعمل بمكتبة والده".

 

 

وتضيف "أما المطالبة بعودة النازحين فيجعلني أتساءل ماهي قيمة التعويض الذي قدمته الحكومة العراقية لهذه العائلات لإعادتها؟ إذ إن معظمها تفضل البقاء في المخيمات بسبب توفر الحد الأدنى من مقومات العيش عكس مدنهم، مثل الوجبات الغذائية ودخول أفراد الأسرة بأعمال في منطقة المخيمات والتحاق الأولاد في مدارس مميزة، وغير ذلك من خدمات يصعب الحصول عليها في مدنهم الخالية من الخدمات حتى قبل دخول ’داعش‘".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

وتتابع باراني "وقعت اتفاقية إعادة الاستقرار وتطبيع الأوضاع في قضاء سنجار بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان بالتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة لاستثمار الدعم الدولي في الاستقرار والإعمار في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2020 وتضمنت الاتفاقية ثلاثة بنود أولها (الإداري) يشترط اختيار قائمقام جديد لقضاء سنجار والنظر بالمواقع الإدارية مع لجان مشتركة من الطرفين (الحكومة الاتحادية وحكومة كردستان)، ويشترط البند الثاني (الأمني) أن تتولى الشرطة المحلية زمام الأمور وجهاز الأمن الوطني والاستخبارات حصراً. وإبعاد التشكيلات المسلحة كافة مثل الحشد والبككة وغيرهم. ومنع أية منظمة من الوجود في المنطقة مثل منظمة بدر والمنظمات الأخرى. أما البند الأخير يتضمن إعادة الإعمار بتهيئة لجان مشتركة من الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم لإعادة القضاء وبالتنسيق مع الإدارة المحلية في محافظة نينوى وتهيئة الخدمات الأساسية كافة".

أما في ما يتعلق بشمول قضاء سنجار بقانون التعويضات فلم يتحقق، مثلما تحقق مع سائر المناطق الغربية، فضلاً عن قانون الناجيات الإيزيديات الذي لم يشمل الجميع. فكل ما يتعلق بالاتفاقية هو سبب تأخير عودة النازحين إلى مناطقهم.

خطوات لبناء الثقة

في المقابل، يوضح الأكاديمي الإيزيدي فارس كتي أن النازحين باتوا يشعرون أنهم بين نارين، "نار وضع المخيمات المزري ونار تجاهُل الحكومة العراقية لمناطقهم الأصلية في سنجار التي تفتقر إلى أبسط الخدمات... كان ينبغي على الحكومة تهيئة الأرضية المناسبة لعودة النازحين قبل البدء بمشروعها الذي يهدف إلى إغلاق المخيمات، نحن نتفهم وضع الحكومة التي تبحث عن حل لإنهاء ملف النازحين، ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك على حساب معاناتهم".

 

 

وفي حال رفض النازحين العودة، يترتب على الحكومة القيام بخطوات جدية تسهم في بناء الثقة بينها ومواطنيها الإيزيديين عبر توفير الأمن و الاستقرار وتقديم الخدمات وخصخصة موازنة طوارئ للنهوض بمشاريع استثمارية إستراتيجية توفر فرص عمل للعاطلين عن العمل وتسهم في تعزيز التكافل الاجتماعي.

 ويضيف كتي "ولتحقيق العدالة الانتقالية، يستوجب على الحكومة تعويض النازحين وبناء منازل سكنية لمن تهدمت بيوتهم وزيادة المبلغ لتشجيع العودة ودعم العائلات الجديدة التي أفرزتها التغيرات الحياتية بعد مرور 10 أعوام".

الحكومة العراقية مقصرة

من جهة ثانية، اتهم مدير دائرة الهجرة والمهجرين في دهوك ديان جعفر حمو، الحكومة العراقية بالتقصير تجاه النازحين، وبخاصة نازحو أهالي سنجار. 

وقال "دخلنا العام الـ10 ولا يزال 337 ألف شخص من سنجار داخل مخيمات دهوك وخارجها، إذ يوجد في محافظتي دهوك وزاخو 15 مخيماً للنازحين وفيها 25600 عائلة، وتوجد خارج المخيمات 37800عائلة" .

أسباب رفض العودة إلى سنجار

يرى  حمو "أن الاستقرار الأمني في  مدينة سنجار مفقود حتى الآن ولم يطبق أي من بنود الاتفاقية الأمنية التي وقعت بين حكومة الإقليم والحكومة المركزية في أكتوبر 2020، التي تضمنت سحب مقرات الميليشيات والأحزاب غير الرسمية من داخل القرى والمدن في سنجار، ونشهد بين فترة وأخرى قصف طائرات تركية لمناطق مدنية بحجة قصف مقراتهم، ويسقط ضحايا مدنيون من أهالي سنجار. لذا يرفض النازحون العودة إلى مناطقهم بسبب عدم استتباب الأمن فضلاً عن ذلك، معظم المنازل في سنجار مشيدة من الطين و10 أعوام كفيلة لأن يعاد بناؤها أو ترميمها".

 

 

واقترح حمو أن كل عائلة تحتاج في الأقل إلى مبلغ لا يقل عن 15 أو 20 مليون دينار)، (بين 10000 و 14000 ألف دولار)، وهناك حالات زواج وأسر جديدة من بعد عام 2014 وهذه العائلات تحتاج إلى بيوت كي تعود إلى المدينة.

وأكد أنه لا يمكن أن يعيش أحدهم 10 أعوام تحت خيمة ويرفض العودة إلى منطقته، لولا وجود أسباب جادة، مثل الحاجة إلى الأمن والخدمات.

من جهة ثانية، منحت الحكومة النازحين ثلاثة خيارات أولها، عودة النازح إلى محافظته أو منطقته، والثاني أن يستقر في المنطقة التي نزح إليها، أما الثالث أن يختار منطقة ثالثة.

وتعليقاً على ذلك يقول حمو " ثمة اعتراضات على هذه الخيارات، لأنها لا تشمل النازحين خارج المخيمات، لذلك توقف العمل عليها للوصول إلى آلية جديدة".

 

 

وأضاف أن وضع النازحين غير جيد، وتُعنى حكومة إقليم كردستان بإدارة خمس قطاعات أولها قطاعات النظافة والماء والصحة والتربية والكهرباء. كما يقع على عاتقها إدارة 20 مخيماً ضمن الحدود الجغرافية لمحافظة دهوك ومدينة زاخو، خمسة منها للاجئين السوريين والـ15 البقية للنازحين من سنجار.

وفي حديثها إلى الصحافة، أعلنت المتحدثة باسم الحزب الديمقراطي الكردستاني فيان دخيل "أنها إبادة جماعية جديدة ترتكبها وزارة الهجرة والمهجرين العراقية"، ووصفت إغلاق الوزارة للمخيمات أنه لأغراض سياسية، مشيرة إلى عدم وجود خدمات وتنمية سواء في سنجار أو ضواحيها.

قرار غير مدروس 

في سياق متصل، يقول مدير المنظمة الإيزيدية للتوثيق حسام عبدالله "من وجهة نظرنا بوصفنا فعاليات إيزيدية ومنظمات مجتمع مدني، نرى أن قرار الحكومة العراقية بإغلاق مخيمات النازحين من دون أية خطة بديلة يعد انتهاكاً لحقوق النازحين أولاً، وثانياً هو إجحاف بحقهم بعدما قضوا 10 أعوام في المخيمات التي تفتقر إلى أبسط مستلزمات الحياة الكريمة. يُعد هذا القرار غير مدروس بصورة جيدة وإن كان مدروساً فهو خاطئ ومستعجل ولا يملك أي بدائل إيجابية تعود بالنفع على النازحين، أما مبلغ التعويضات فبالتأكيد لن يكفي، فسيذهب نصفه أجور نقل من المخيمات في كردستان ودهوك إلى منطقة سنجار البعيدة".

 

 

ويتابع عبدالله "أما بالنسبة إلى العودة المتفرقة منذ شهرين للنازحين الحاليين فبعضهم عاد بسبب حر الصيف، وآخرون بسبب محاولة ضغط الحكومة لغلق المخيمات. وحرص معظمهم على تأمين التحاق أطفالهم بالمدارس مع بداية العام الجديد في حال أُغلقت المدارس التابعة للمخيمات بوجههم".

غياب الإدارة

يفسر الكاتب والسياسي الإيزيدي ميرزا دنايي أن عودة النازحين ليست عملية سهلة، "لدينا تحديات كبيرة يتمثل أولها في عدم وجود مكان للعودة لأنني أعرف بعض الأشخاص العائدين ويسكنون الآن داخل خيمة نصبت في بيوتهم الطينية المتهدمة في سنجار".

ويقول إن أحد أسباب إرجاء العودة، غياب الإدارة في تلك المنطقة والحاجة إلى الأمان الفعلي الذي يحتاج إلى تضافر الجهود إذ لا يستطيع العراق وحده تسهيل عودة النازحين من دون الدعم الدولي.

أما من ناحية الخدمات، فما يقدمه صندوق الإعمار قليل جداً نسبة إلى مدينة ذات بنية تحتية منهارة بحاجة إلى جهود وميزانيات أكبر بكثير مما تم توفيره في الأقل في الوقت الحالي. "نحن نعلم أن سنجار مهمشة حتى من الإدارات المحلية في مدينة الموصل فعلى مرّ العقود الماضية كانوا يحرمونها الحصول على نسبتها العادلة من الموازنة، كما حُرم أهالي سنجار من الوظائف والدرجات الوظيفية والأعمال الخدماتية". 

ويضيف دنايي "لا ننسى جهود رئيس الوزراء السوداني الذي ربما كان أكثر المسؤولين تعاطفاً مع الإيزيديين في المراحل الماضية لكن هذه الجهود لم تُترجم بخطوات فعلية، وهناك جهود لمنظمات دولية في المنطقة وبسبب الظروف المعقدة في سنجار تعقّد الحكومة أحياناً عمل هذه المنظمات بكثير من المعوقات الروتينية، وقد تكون غير مقصودة، إلا أنها جدية وحقيقية فللحصول على موافقة لزيارة سنجار يجب الانتظار أياماً وأسابيع". 

لا يوجد رفض للعودة 

وأعلن المتحدث باسم وزارة الهجرة علي جهاكير أن مصطلح رفض الأسر الإيزيدية العودة إلى سنجار هو مصطلح غير دقيق، فالوزارة تسعى دائماً إلى تهيئة الظروف الموائمة لعودة العائلات، وخيار العودة أو عدمه مناط برأي العائلة أولاً وأخيرا،ً فإن اختاروا الاستقرار في مكان آخر حسب الخيارات المقدمة من الوزارة فهذا لا يعني رفضهم العودة. 

وأضاف "نحن ننفذ قرار مجلس الوزراء لإغلاق ملف النزوح وأولها غلق المخيمات وثمة تنسيق مع حكومة إقليم كردستان للمضي في هذا الأمر. ومنذ إصدار هذا القرار مطلع عام 2024 عاد ما يقارب 4 آلاف عائلة إلى مناطقهم وهناك عملية رصد لاستمارة العودة التي بلغ عددها 6 آلاف استمارة، إذ ليس هناك رفض بل هي إجراءات فنية تَحول دون عودتهم بصورة كبيرة".

وأكد أنه لا توجد مخيمات خارج إقليم كردستان سوى 16 مخيماً في محافظة دهوك و ستة  مخيمات في أربيل. 

ولا يزال نحو نصف مليون نازح عراقي يسكنون المخيمات في مناطق مختلفة من محافظات العراق مثل جرف الصخر (شمال بابل) والعوجة وعزيز بلد ويثرب وقرى مكحول وقرى الطوز في محافظة صلاح الدين، وذراع دجلة والعويسات وجزء من منطقة الثرثار ومجمع الفوسفات في محافظة الأنبار، وقرى المقدادية وحوض العظيم (شمال شرقي ديالى)، حيث منعت الميليشيات أهالي هذه المناطق من العودة إليها منذ عام 2014 .

وعند استفسار "اندبندنت عربية" من المتحدث باسم وزارة الهجرة عن هؤلاء النازحين، رفض التعليق. 

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات