Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل قررت إسرائيل جر إيران إلى الحرب؟

اغتيالات بيروت وطهران وضرب الحديدة تعبير عن ضيق تل أبيب وعدم قدرتها على الاستمرار في معارك الاستنزاف

قررت إسرائيل من خلال عمليتي طهران وبيروت وفي هجوم الحديدة جرّ الخصوم إلى ساحة حرب مفتوحة (أ ف ب)

ملخص

الآن ينتظر العالم طبيعة الانتقام، هل يكون فاتحة حرب عالمية، أم أنه سيكون رداً محدوداً يتيح فرصة لإنهاء الوضع القائم، على شاكلة وقف للقتال في غزة وتسوية على الحدود اللبنانية؟

أنهت إسرائيل في اغتيالها القائد العسكري لـ"حزب الله" فؤاد شكر في منزله بضاحية بيروت الجنوبية، وقتلها (الذي لم تعترف به رسمياً) لرئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية داخل بيت الضيافة التابع للحرس الثوري في طهران، مرحلة من مراحل حرب القتل والدمار في غزة والاستنزاف على طول الحدود مع لبنان، وأبلغت أعداءها وخصومها بأن ما كان سائداً منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 المعروف بـ"طوفان الأقصى" لن يستمر، وإذا كنتم تريدون الحرب المفتوحة فإسرائيل جاهزة لها، وإلا فالذهاب إلى حل ما يعيد "الهدوء إلى المنطقة بكاملها".

قبل الاغتيالين شديدي الوقع، كانت إسرائيل أرسلت طائراتها الحربية إلى نقطة بعيدة في اليمن لتقصف وتدمر منشآت ميناء الحديدة، رداً على ما قالت إنه مقذوف حوثي سقط في تل أبيب وأودى بحياة إسرائيلي بيلاروسي وجرح 10 آخرين.

ابتداء من الهجوم على الحديدة تبلور منحى جديد في السلوك الإسرائيلي، إذ لم يكُن هجوم الحوثي الأول من نوعه على إسرائيل ومصالحها، ولا كانت قذيفة مجدل شمس التي أودت بحياة 12 طفلاً وفتىً من سكان الجولان المحتل حالة فريدة في حرب الأشهر الـ10، ولم يكُن إسماعيل هنية العنوان الأبرز للقتل فيما كان يتولى شخصياً أو بإشرافه التفاوض على صفقة وقف القتال في غزة ومعها الإقليم بأكمله .

وضعت هذه الهجمات أطراف الصراع جميعاً أمام "منعطف حاسم"، حرب أو تسوية كما يقول العميد احتياط في الجيش الإسرائيلي تسفيكا حيموفيتش. فاستمرار الاستنزاف لا يمكن أن يتواصل بعد تصفيتي بيروت وطهران وقبلها النيران "التي رآها الشرق الأوسط"، كما قال وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت في الحديدة. وأحداث من هذا النوع لا تسمح بإعادة الدولاب إلى الوراء، فلقد انكسرت المعادلة السابقة على الجبهة الإيرانية في طهران وبيروت وصنعاء، وأدخلت إسرائيل نفسها في ما لا تريده بحسب قولها. هي لا تريد، تقول، حرباً مفتوحة، وخصومها في إيران يقولون الشيء نفسه، بل يتولون التحذير من حرب كهذه ويهددون بـ"قطع يد" من يهاجم "حزب الله"، والولايات المتحدة الأميركية حددت سياستها منذ البداية في السعي إلى حصر الصراع في غزة والوصول إلى تسوية هناك ومنع امتداد الحرب الشاملة إلى لبنان والإقليم .

ذهبت إسرائيل إلى الحدود القصوى في عملياتها الأخيرة، فمنذ يونيو (حزيران) الماضي بدأت تلمح إلى اغتيالات تطاول قادة "حزب الله" بمن فيهم الأمين العام، ووضعت خططها موضع التنفيذ في الضربات ضد قادة وعناصر ميدانيين في الحزب فاق عددهم الـ350 عنصراً قبل أن توجه قذائفها إلى القائد شكر، وفي اليمن انتظرت طويلاً نتائج الردود الدفاعية للأساطيل الأميركية والأوروبية قبل أن تقوم بهجومها الاستعراضي المدمر على الميناء الحوثي الأول، أما في فلسطين فاختارت "قتل التسوية" في طهران بالذات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كان إسماعيل هنية رمزاً لاحتمالات التسوية، فيما اعتبرت أن يحيى السنوار هو رمز التشدد والسير في المعركة إلى النهاية، ومع ذلك قررت قتل هنية وهو على فراش الحرس الثوري وبضيافة رئيس إيراني جديد في يوم زفافه الرئاسي.

ولم تكُن عملية الاغتيال في زمانها ومكانها خارج حسابات الرؤية الإسرائيلية التي يقودها نتنياهو العائد من خطاب التصفيق الحاد في الكونغرس الأميركي، بل هي في صلب هذه الرؤية التي تأخذ في الاعتبار عدم قدرة تل أبيب على خوض حروب طويلة، بحسب النظرية التي أرساها بن غوريون المؤسس، وبمقتضاها خاضت إسرائيل حروبها الخاطفة في 1967 و1973 وحتى في غزوها للبنان عام 1982 حيث تمكنت من إخراج "منظمة التحرير" الفلسطينية من الأراضي اللبنانية في حرب استغرقت ثلاثة أشهر.

الآن تستعد إسرائيل لإحياء ذكرى سنة للضربة التي تلقتها في الـسابع من أكتوبر الماضي، وهي في حرب مفتوحة على أرض غزة وصدام يومي في الضفة ومعركة استنزاف على حدود لبنان ومع أنصار إيران في العراق واليمن.

لم يعُد الأمر ملائماً، لا لنظرية بن غوريون ولا لواقع إسرائيل ومصيرها، وهو لا يناسب طموحات نتنياهو الخاصة بصراعاته السياسية الداخلية.

لقد قررت إسرائيل من خلال عمليتي طهران وبيروت وفي هجوم الحديدة جرّ الخصوم إلى ساحة حرب مفتوحة، وأعلنت إيران أنها ستنتقم وكذلك "حزب الله". والآن ينتظر العالم طبيعة هذا الانتقام، هل يكون فاتحة حرب عالمية كما يتمناها نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف، أم أنه سيكون رداً محدوداً يتيح فرصة لإنهاء الوضع القائم، على شاكلة وقف للقتال في غزة وتسوية على الحدود اللبنانية؟.

المزيد من آراء