Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أي سيناريو تسلك المواجهة المحتملة بين إيران وإسرائيل؟

معادلات الردع المتبادلة ترجح ضربة مكثفة ودقيقة من طهران ووكلائها والانزلاق نحو توسيع المواجهات مرتبط بردود الفعل الإسرائيلية وتسريع خيار "التسوية" ينزع فتيل التصعيد

معادلات الردع القائمة في المنطقة تُبقي سيناريو الحرب الشاملة بعيداً من الحدوث في الوقت الراهن (أ ف ب)

ملخص

بحسب قراءات وتحليلات غربية أو مراقبين ممن تحدثوا لـ"اندبندنت عربية"، فقد فرض سياق استهداف هنية على الأراضي الإيرانية وتوقيته ضغوطاً لا يمكن التعاطي معها بقواعد الاشتباك السابقة الحاكمة للمواجهة غير المباشرة بين طهران وتل أبيب طوال الأشهر الـ10 الماضية

على وقع تهديد وآخر مضاد، وجهود دبلوماسية خلف الأبواب المغلقة لتجنب التصعيد ومنع "الانزلاق نحو الهاوية"، تترقب المنطقة ومن ورائها العالم، طبيعة وشكل الرد الإيراني على عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في طهران الأربعاء الماضي، وذلك في وقت تؤكد فيه تل أبيب التي لم تتبنَ العملية أو تنفي مسؤوليتها عنها، أنها في أعلى درجات الجهوزية لـ"الدفاع والهجوم معاً".

وفيما تتسارع الأحداث والاستعدادات المتبادلة بين طهران ووكلائها في المنطقة من ناحية، والدولة العبرية وحلفائها الغربيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة من ناحية أخرى، إذ أعلنت الأخيرة مزيداً من التعزيزات العسكرية والتقنية في المنطقة للدفاع عن إسرائيل، تتعدد السيناريوهات المحتملة لشكل المواجهة المرتقبة بين طهران وتل أبيب، لا سيما أن عملية اغتيال هنية جاءت ضمن سياق تصعيد متبادل واتساع نطاق "سياسة الاغتيالات" الإسرائيلية، إذ جاء بعد ساعات من عملية اغتيال أخرى تبنتها تل أبيب استهدفت خلالها مسؤول الشؤون الاستراتيجية والعسكرية في "حزب الله" اللبناني فؤاد شكر، رداً على "هجوم مجدل شمس الذي راح ضحيته 12 فتى في هضبة الجولان المحتلة"، وكذلك بعد نحو 10 أيام من ضربة عسكرية إسرائيلية لميناء الحديدة اليمني الذي تسيطر عليه جماعة الحوثيين، رداً على تبني الأخيرة استهداف تل أبيب بمسيرة، مما يعزز المخاوف من توسع الصراع في المنطقة المضطربة بالفعل بسبب الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة المستعرة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

سيناريو الرد "الدقيق والمكثف"

يرتكز هذا السيناريو على "حتمية الرد الإيراني"، على ضوء معادلات الردع المتبادلة في المنطقة ورغبة الأطراف عدم توسيع رقعة الصراع أو الوصول لسيناريو الحرب الشاملة، إلا أن المخاوف تبقى من أن يؤدي الرد الإيراني إلى تصعيد "غير محسوب التبعات" في الشرق الأوسط والانزلاق نحو الهاوية.

وبحسب قراءات وتحليلات غربية أو مراقبين ممن تحدثوا لـ"اندبندنت عربية"، فقد فرض سياق استهداف هنية على الأراضي الإيرانية وتوقيته ضغوطاً لا يمكن التعاطي معها بقواعد الاشتباك السابقة الحاكمة للمواجهة غير المباشرة بين طهران وتل أبيب طوال الأشهر الـ10 الماضية أو تلك التي حدثت بصورة سريعة خلال أيام المواجهة المباشرة في أبريل (نيسان) الماضي حين أطلقت طهران نحو 350 صاروخاً وطائرة مسيرة على إسرائيل، لكنها لم تحقق إلا إصابات قليلة، وذلك رداً على الهجوم الذي استهدف قنصليتها لدى دمشق في الأول من الشهر ذاته.

وأمام هذه التعقيدات أمام خيارات الرد الإيراني، يوضح هاني سليمان، مدير المركز العربي لدراسة الأبحاث والسياسات بالقاهرة، أنه مع فرضية أن مسألة الرد الإيراني تبقى "شبه محسومة" لظروف وطبيعة وتوقيت عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس في طهران، فإن السيناريو الأرجح أمام إيران سيكون "ضربة مكثفة ودقيقة محسوبة التداعيات"، بالتنسيق مع أبرز حلفائها في المنطقة في كل من لبنان واليمن. مشيراً إلى أن الهدف الرئيس لطهران من هكذا سيناريو سيكون "محاولة ضبط معادلات الردع مع إسرائيل والولايات المتحدة التي تأثرت بشدة جراء اغتيال هنية".

وبحسب سليمان، خلال حديثه معنا، فإن ما يعزز الاعتقاد بأن الرد الإيراني سيكون مختلفاً ومغايراً لذلك الذي حدث في أبريل (نيسان) الماضي، بصورة أكثر وضوحاً في سياق "ضبط معادلات الردع بين طهران وتل أبيب"، هو تأخر الرد إلى الآن، الذي يعود إلى عدة اعتبارات "أولها أنه ليس هناك استراتيجية واضحة أو سيناريوهات وبدائل مختلفة جاهزة بالنسبة إلى النظام الإيراني، وهو ما يتطلب فحص وتدقيق كل السيناريوهات والأهداف وتحديدها بشكل دقيق وقياس التكلفة وردات الفعل المختلفة، وثانيها أن الهجمات الإيرانية قد تكون من خلال جبهات مختلفة، وهو ما يستدعي ويحتاج إلى نوع من التنسيق المختلف مع الميليشيات وحتى يكون هناك توزيع لتكلفه الرد المتوقع والمحتمل من الجانب الإسرائيلي".

ويتابع سليمان، "هناك أيضاً عديد من التعقيدات والمحددات الشديدة التشابك التي تشكل ضغوطاً على فرص الرد الإيراني، التي من بينها التعهد الأميركي المعلن والصريح بالدفاع عن إسرائيل وأمنها ضد أي هجوم إيراني، فضلاً عن مخاوف النظام الإيراني من الانجرار في ذلك التوقيت إلى حرب واسعة وشاملة ما قد يعطّل طموحاتها النووية الاستراتيجية والمحورية بالنسبة لمستقبله ويخدم المسعي الإسرائيلي في ذلك".

حديث سليمان توافق معه عدد من التحليلات الأميركية والإسرائيلية التي رأت أن الرد الإيراني "قادم لا محالة"، وأن الدولة العبرية تتجهز لمجموعة من السيناريوهات المحتملة بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة، وذلك على وقع سؤال كبير يشغل الشرق الأوسط خصوصاً والعالم بصورة عامة هو: كيف سيبدو رد إيران على اغتيال هنية في قلب طهران؟

وفي تقييم لـ"معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" في شأن احتمالات الرد الإيراني أو عبر وكلائها على إسرائيل، ذكر أن بـ"النسبة لنوع الانتقام الذي قد يشنانه (الإيرانيون وحزب الله) فليس لديهما القدرة على تنفيذ هجمات دقيقة مماثلة على شخصيات إسرائيلية رفيعة المستوى، لكن يمكنهما مهاجمة إسرائيل بوابل من الصواريخ والقذائف. ومن المرجح أن تقوم إيران بتنسيق وابل من الهجمات المتزامنة من جانب حزب الله والحوثيين في اليمن والميليشيات التابعة لها في العراق، على أمل أن تبلغ بعض الذخائر هدفها المنشود، أو في الأقل أن تستنفد مخزونات الدفاع الجوي الإسرائيلية، إضافة إلى ذلك، بعد فشل الهجوم الإيراني المباشر ضد إسرائيل في أبريل (نيسان) الماضي في ردع الهجمات داخل إيران، قد يقرر النظام مرة أخرى تنفيذ ضربات من أراضيه، فقد تضمن هجوم أبريل جولة واحدة من الضربات بالصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، بالتالي من المرجح أن تفكر طهران في القيام بجولات متعددة هذه المرة لإثبات أنها في صدد التصعيد"، مضيفاً أنه "يجب على إسرائيل وحلفائها أن يأخذوا بعين الاعتبار مجموعة كاملة من الخيارات التي قد تفكر إيران باعتمادها. على أكثر تقدير، ستدفع طهران حزب الله إلى مهاجمة مجموعة أكبر من الأهداف في إسرائيل مما كان يمكن أن يحدث لو قتل شكر فقط. وهذه المرة، قد يحاول المحور إثبات مستوى أكثر فاعلية من التنسيق والتعاون".

 

إلى ذلك، ووفق تحليل لصحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية، فإن "الجيش الإسرائيلي وبعد تقييم الوضع، أعلن عن خطط لتعزيز أنظمة الدفاع وتحسين الاستعداد لأي رد انتقامي محتمل من إيران أو حزب الله عقب عمليتي الاغتيال لكل من هنية وشكر"، مشيرة إلى أن الأيام الأخيرة "شهدت تنسيقاً مكثفاً بين الإسرائيليين والأميركيين وقوات التحالف، بقيادة الولايات المتحدة، في الشرق الأوسط كجزء من تدابير الاستعداد، كما حدثت عمليات نقل قوات، والتقديرات في إسرائيل هي أن الرد سيطال أهدافاً عسكرية في المقام الأول"، وأن ثمة تقديرات مختلفة في الدولة العبرية بالنسبة لسيناريوهات الرد المحتملة من إيران و"حزب الله" و"حماس"، سواء كل على حدة أو مجتمعين في وقت متزامن وبمساعدة جبهات عدة أخرى.

وعن طبيعة الردود المرجحة، قسمت تحليلات عبرية، الردود المرجحة لإيران وأبرز وكلائها لا سيما "حزب الله" أو الفصائل الفلسطينية المنخرطة في حرب غزة، وفقاً للقدرات العسكرية المتاحة لكل منهم، وذلك في ضوء معادلات الردع القائمة مع الدولة العبرية وحلفائها الغربيين.

فعلى صعيد إيران، تبدو المعضلة الأكبر في تقييم طبيعة وشكل الرد المرجح من جانبها، وذلك لما تملكه من قدرات صاروخية وباليستية وترسانة ضخمة من الطائرات المسيرة التي قد تربك الحسابات الإسرائيلية حال مباغتتها بصورة مكثفة ومتزامنة مع وكلائها المنظومات الدفاعية الإسرائيلية.

وبينما رجحت القناة "12" العبرية أن "الرد الأكثر احتمالاً الذي قد تختاره إيران هو تكرار هجوم أبريل (نيسان)، حين أطلقت على إسرائيل أكثر من 300 صاروخ باليستي وكروز ومسيرات"، ذهبت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إلى احتمالية أن يكون رد طهران و"حزب الله" "منسقاً ومشتركاً وقد يستغرق أسابيع"، لكنه قد لا يذهب إلى سيناريو الحرب الشاملة، مشيرة إلى أن الخيارات في ضوء هذا السيناريو قد تشمل "شن هجمات إلكترونية لتعطيل الحياة اليومية الإسرائيلية، واستهداف البنوك والنقل والبنية الأساسية الحيوية أو محاولات اغتيال متزامنة لمسؤولين إسرائيليين في الخارج".

وعن طبيعة القدرات العسكرية لـ"حزب الله" اللبناني، يبدو السيناريو الأقرب بالنسبة لإسرائيل في هذا الاتجاه، "توسيع مدى الهجمات الصاروخية للحزب مع التركيز على القواعد العسكرية الإسرائيلية بشكل أعمق من المواجهات الدائرة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب في غزة قبل أكثر من 10 أشهر"، بحسب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن "المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لا تزال منقسمة حول ما إذا سيكون الرد مدروساً أم سيستهدف البنية التحتية المدنية، وفي الحالتين، تقول المؤسسة إنها مستعدة للسيناريوهات كافة".

ووفق تحليل "هآرتس"، فإن "هناك اتجاهاً واسعاً في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يعتقد أن احتمالات رد حزب الله ستكون بشكل مدروس لتفادي جر لبنان إلى حرب شاملة بالتالي قد يكون التركيز على ضرب قواعد وأهداف عسكرية في وسط البلاد وشمالها".

وفيما لم يعرف بشكل دقيق حجم الترسانة العسكرية الإيرانية، تشير معظم التقديرات الغربية إلى امتلاك "حزب الله" اللبناني نحو 150 ألف صاروخ، إضافة إلى امتلاكه طائرات مسيرة وقذائف "هاون" ومدفعية صاروخية، بفضل الدعم الإيراني القوي له على مدار العقدين الأخيرين، مما يعقد حسابات المواجهة الشاملة حال اندلاعها أو خروج الأوضاع عن السيطرة، وفق ما تقول صحيفة "التايمز" البريطانية.

سيناريو "الانزلاق للهاوية"

بينما تشير معظم التقديرات الغربية والإقليمية، إلى رغبة الأطراف في تجنب الوصول بالمواجهات الحالية بين إسرائيل وإيران ووكلائها إلى سيناريو "الحرب الشاملة"، فضلاً عن تكثيف الدول الغربية والإقليمية المنخرطة في شؤون المنطقة لجهودها الدبلوماسية لتفادي مثل هذا التصعيد، إلا أن المخاوف تبقى قائمة في شأن احتمالات "خطأ الحسابات" لدى أطراف الصراع أو ردود الفعل المتبادلة ما بعد الرد الإيراني المحتمل.

في رأي، ساشا توبيرتش، نائب رئيس شبكة القيادة عبر الأطلسي (مؤسسة بحثية في واشنطن) فإنه "ورغم أن السيناريو الأقرب ترجيحاً بخصوص الرد الإيراني يبقى في عملية منسقة ومشتركة بين طهران ووكلائها في كل من اليمن ولبنان، فإن التوترات مرتفعة للغاية في عموم المنطقة الآن، والجميع يستعد لسيناريو حرب إقليمية محتملة، رغم فداحة التبعات المتوقعة".

ويتابع توبيرتش، خلال حديثه معنا، "قد تتقبل إسرائيل ضربة محدودة من دون تصعيد لقناعة البعض في داخلها بضرورة أن ترد طهران على حادث اغتيال هنية حفظاً لماء وجهها، ومن خلفها المحور الذي تقوده في المنطقة، إلا أن مدى الضرر الذي قد تتعرض له إسرائيل سواء بسقوط ضحايا مدنيين أو استهداف بنى تحتية، قد يدفع تل أبيب للرد هي الأخرى ما يدخلنا في دوامة تصعيد متبادلة، وهو ما يخشاه الجميع من أن يؤدي أي رد انتقامي إيراني بإلحاق مزيد من الضرر بإسرائيل إلى تصعيد الصراع بشكل أكبر، لا سيما في ضوء معادلة الردع التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية بتعزيز انتشارها العسكري في المنطقة للدفاع عن الدولة العبرية". 

 

وعن احتمالات حدوث خطأ في حسابات الأطراف مما يقود إلى سيناريو التصعيد والحرب الشاملة، ذكر تحليل لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أنه بعد اغتيال هنية في طهران وقبلها اغتيال فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية معقل "حزب الله" اللبناني في بيروت، يدفع إيران ووكلاءها إلى محاولة "وضع قواعد جديدة للمواجهة مع إسرائيل"، موضحة أن "مثل هذه المحاولة لوضع قواعد جديدة تصطدم بصعوبة تقبلها إسرائيلياً وتخلي الدولة العبري عن الرد عليها، وعليه يعتقد مسؤولون في الجيش الإسرائيلي أن الطريق إلى حرب شاملة قد يكون قصيراً على خلاف أي وقت مضى من عمر المواجهة بين الطرفين".

وبحسب الصحيفة ذاتها، فإنه وبعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، فإن رسائل غربية وإسرائيلية نقلت في الأيام الأخيرة إلى طهران مفادها أن "الدولة العبرية غير مهتمة بتصعيد القتال لكنها أيضاً لن تتردد في تصعيد هجماتها إذا لزم الأمر"، مما دفع أطرافاً غربية وإقليمية عدة للتدخل ومحاولة "إقناع إيران بعدم الرد بقسوة لتجنب التصعيد".

وكان لافتاً اليوم الإثنين إعلان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أن طهران لا ترغب في تصعيد إقليمي، لكنه شدد على أن معاقبة إسرائيل على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" ضرورية. وذكر كنعان في مؤتمر صحافي دوري، أن ما ستفعله بلاه "سيكون في إطار القوانين والأعراف الدولية"، موضحاً "إن لم ترغب المنظمات الدولية في ردع إسرائيل فإننا لا نستطيع الوقوف مكتوفي الأيدي"، معتبراً أن معاقبة تل أبيب "ستمنع مزيداً من عدم الاستقرار".

سيناريو تجنب الضربة و"التهدئة الشاملة"

على ضوء الردع المتبادل، وتعهد الولايات المتحدة الدفاع عن إسرائيل، فضلاً عن تشديد الأخيرة على عدم التسامح مع أي "رد إيراني"، يرجح البعض احتمالات تجنب إيران للتصعيد في المنطقة، على أن يكون ذلك ضمن "صفقة تسوية شاملة" تهدئ من التوتر المتصاعد في المنطقة من اندلاع الحرب المستعرة في قطاع غزة أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ففي تقييم إجراء "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" استناداً لآراء أربعة خبراء من المعهد، في شأن حسابات إسرائيل وراء شن مثل هذه الهجمات البارزة في هذا الظرف الحالي (اغتيال شكر وهنية)، وآثارها المحتملة على المحادثات المتعلقة بالرهائن في غزة، وحاجة إيران المحتملة لرد عسكري لحفظ ماء الوجه، ذكر أن "خوف إيران من جر الولايات المتحدة إلى القتال ربما يشكل أفضل وسيلة لتحجيم التصعيد، خصوصاً في ظل الانكشاف الأمني والاستخباري والعسكري الإيراني، مما قد يفرض على قادتها إعادة النظر في خياراتها وسياساتها في المنطقة". مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه "بغض النظر عن رغبة إسرائيل في إعادة ترسيخ قوة الردع، من خلال قيامها بهاتين العمليتين، إلا أنه لا يزال يتعين على القادة في القدس وواشنطن التفكير في الطريقة التي من المرجح أن ترد بها طهران وحزب الله".

وتابع "صحيح أن عمليات القتل المستهدفة هذا الأسبوع يمكن أن تجعل إيران وحزب الله يفكران بعناية أكبر في كيفية التجاوب مع دعوة طهران القائمة منذ وقت طويل لإنشاء طوق من النار حول إسرائيل، لكن حتى لو قررا أن يصبحا أكثر حذراً على المدى الطويل، فمن المرجح أن يقوما بالرد على المدى القريب، مما يزيد بصورة كبيرة من خطر حدوث مزيد من سوء التقدير".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب تقييم "معهد واشنطن"، "يعد مقتل شكر أمراً مفهوماً ويسهل تبريره لأي شخص مطلع على خلفيته العملياتية والحملة الإسرائيلية القائمة منذ وقت طويل ضد شخصيات مماثلة في حزب الله، بينما بدا اغتيال هنية أكثر غموضاً للوهلة الأولى. صحيح أن تحميل جميع زعماء حماس المسؤولية عن الفظائع التي ارتكبت في السابع من أكتوبر 2023 قد يعكس قناعة عامة بين الإسرائيليين، إلا أن هنية كان يسافر كثيراً، مما أتاح فرصاً عديدة لاستهدافه، بالتالي فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا الآن، ولماذا في طهران؟".

وفي الإجابة عن هذا التساؤل، ذكر معهد واشنطن أنها تكمن "في رغبة إسرائيل في إعادة ترسيخ صورة لما يمكن أن تفعله بأعدائها، فقد أدت 10 أشهر من الحرب في غزة إلى تراجع صورة القوة العسكرية الإسرائيلية في الشرق الأوسط. ومن خلال قتل شخصيتين كبيرتين من مسافة قريبة، في موقعين بارزين، واستخدام قدرات عسكرية واستخباراتية واضحة لا تمتلكها أي جهة أخرى في المنطقة، ربما كانت إسرائيل تأمل في إعادة تأكيد قوتها بأسلوب دراماتيكي.

ووفقاً لهذا النهج من التفكير، كان لزاماً على إيران وحزب الله وحماس أن يعرفوا أن إسرائيل قادرة على قتل أي شخص يهدد مواطنيها بصورة مباشرة أو يجيز شن هجمات عليهم، مع توجيه رسالة شاملة مفادها أنه ليس هناك شخص أو مكان بعيد من متناولها. ويتمثل الهدف العملي لمثل هذا النهج في جعل الردع مسألة شخصية، أي العمل بأن يكون القادة الأفراد وغيرهم من كبار الشخصيات على علم بأنهم يعرضون حياتهم لخطر مباشر بمجرد التخطيط لهجمات على الإسرائيليين أو الموافقة عليها".

وبحسب افتتاحية نشرتها صحيفة "الغارديان" البريطانية، فإن اندلاع حرب إقليمية "ليس أمراً حتمياً"، مشيرة إلى أن الأطراف "تدرك العواقب الكارثية التي قد تخلفها عليهم، أياً كان الفائز"، وبحسب الافتتاحية ذاتها، فإنه "يمكن ويجب تجنب مثل هذه الحرب، ولكن كل هجوم وهجوم مضاد يخلق مساراً جديداً نحو ذلك الصراع ويضع العقبات أمام الحلول".

سيناريو آخر قد يقود إلى تجنّب التصعيد، يتمثل بحسب ساشا توبيرتش، في "السيناريو غير المتوقع"، الذي يتمثل في تحقيق الجهود الدبلوماسية الحثيثة خلف الأبواب المغلقة في الوقت الراهن اختراقاً على صعيد الحرب في غزة والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، الذي من شأنه أن يفتح باب خروج آمن لطهران من "الضغوط الداخلية لديها وعبر وكلائها بضرورة الرد على الضربة الإسرائيلية". موضحاً "في هذه الحالة قد تتجنب طهران أي سيناريو تصعيدي أو انتقامي، من شأنه أن يؤدي إلى نتائج عكسية يمكن أن تعيق الاتفاق الذي طال انتظاره، بالتالي الحصول على استراتيجية خروج مناسبة لتجنب التعرض لعواقب أكبر بكثير".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير