Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المياه الجوفية في العالم العربي... الكنز المهدر

ألحقت الآبار والاستجرار المفرط وغياب الرقابة ضرراً متنامياً بمنسوب كان مختبئاً لقرون في الأعماق

توجد المياه الجوفية في مسام الصخور الرسوبية العميقة قياساً بسطح الأرض الظاهر (اندبندنت عربية)

تعتبر المياه الجوفية أو المياه الأرضية المصدر الرئيس المغذي والآمن لحاجات الإنسان والحيوان والنبات نظراً إلى ما تشكله من نسبة مئوية مرتفعة قياساً بمصادر المياه الأخرى، إذ تبلغ نسبة تلك المياه نحو 30 في المئة من مجمل المياه العذبة الصالحة للاستخدامات بحسب دراسات جيولوجية عدة اتفق عليها العلماء وورد ذكرها في دوريات محكمة عدة حول العالم.

وبحسب الرابطة الدولية للمياه فإن تلك النسبة دقيقة، ويضاف إليها نسبة 69 في المئة إضافية من المياه العذبة الصالحة للاستخدام ولكنها محبوسة داخل الأغطية الجليدية القطبية، في حين أن كل ما يمكن استخلاصه من مياه عذبة من مجمل أنهار وبحيرات العالم لا تتخطى نسبته 1 في المئة.

وتعرف المياه الجوفية بأنها النقيضة للمياه السطحية من بحار ومحيطات وبحيرات ومسطحات لا تمثل فيها نسبة العذوبة ما يفي بغرض الاستخدام المأمول، وتلك المياه بخلاف ما هو ظاهر من مسطحات تكون مخزنة في باطن الأرض ضمن أعماق مختلفة يفرضها الحيز الجغرافي المتنوع من الجبال إلى البوادي والصحاري.

وكذلك فإن المياه الجوفية بخلاف المياه السارية في البحار، تجمعت حصيلة أعوام لا حصر لها أحياناً من الأمطار وذوبان الجليد.

أماكن الوجود

عموماً توجد المياه الجوفية في مسام الصخور الرسوبية العميقة قياساً بسطح الأرض الظاهر، بعضها يكون حديث التشكل، والآخر قد يعود إلى آلاف أو ملايين الأعوام. وبمختلف الأحوال فإن كثيراً منها يجد طريقه للعبور إلى سطح التربة عبر عوامل عدة أبرزها التربة المفككة ذات الفراغات الكبيرة، وهو ما يفسر بروز المياه الجوفية في منطقة دون أخرى، تبعاً للتكوينة الجيولوجية التربوية. وقد تخرج تلك المياه على شكل عيون أو آبار أو ينابيع أو شلالات صغيرة، وبمقتضى الأحوال فإن كثيراً منها يسير في مجار تشبه أنهاراً صغرى، والاختلاف يكون في امتداد سيرها وعمقها ومصدر بدايتها ونهاية جريانها.

منذ فجر التاريخ

عرف الإنسان القديم المياه الجوفية منذ آلاف الأعوام من مشرق الأرض إلى مغربها وفق الحضارات التي عاشت على الأرض، وفي مقدمتها الفراعنة والآشوريون والفينيقيون وغيرهم، إلا أنّهم بصورة أو بأخرى لم يحسنوا استخدامها لانعدام سبل المعرفة التقنية–الديناميكية التي تتيح الوصول إليها والاستثمار فيها، إلى أن حصلت طفرة في معرفة الوصول إليها أواخر القرن الـ19 وبداية القرن الـ20 مع تقدم الأدوات الصناعية الحافرة ليصار إلى استخدام المياه في موضعها الصحيح نسبياً، تماشياً مع الاحتياج المطرد لنمو السكان الهائل حول العالم واحتياجهم لمياه نقيّة، وبدأ استغلالها عبر حفر الآبار التي غزت مواطن التحضر.

بطبيعة الحال تختلف أعماق الحفر في الأرض للوصول إلى تلك المياه من بضعة أمتار وحتى مئات الأمتار تبعاً لنوع الاستخدام المراد به من ذلك البئر، مع لحظ ارتفاع كلفة الحفر ما بين بئر عادي بمضخات وآبار ارتوازية لا تحتاج إلى أدوات ضخ.

مياه الأردن تعاني تحديات متلاحقة

في واحد من أفقر الدول مائياً على مستوى العالم، تعد المياه الجوفية المصدر الأساس للمياه العذبة في الأردن وشريان حياة رئيس للبلاد، لكنها تواجه سلسلة تحديات متلاحقة دفعتها لتوقيع اتفاق مع إسرائيل عام 2021 لتزويدها بكميات إضافية من المياه بخلاف تلك التي تحصل عليها سنوياً بموجب اتفاق "وادي عربة" للسلام بين البلدين.

وتبلغ حاجة الأردن اليومية من المياه نحو 3 ملايين متر مكعب تشمل الاستخدامات المنزلية والزراعية والصناعية والسياحية وغيرها، إذ تبلغ حصة الفرد الأردني من المياه 90 متراً مكعباً سنوياً، فيما يبلغ مستوى خط الفقر المائي دولياً نحو 500 متر مكعب للفرد سنوياً.

مصادر عدة

يقول الخبير المائي سفيان التل إن موارد المياه الجوفية في الأردن تكونت من خلال طبقات مائية عدة في جميع أنحاء المملكة تقريباً، أهمها "حوض الديسي" ويعد اليوم أكبر مصدر لضخ المياه في الأردن نظراً إلى مياهه الجوفية العميقة والجيدة ويقع في جنوب الأردن.

أما حوض الأزرق فيقع شرق الأردن ويعد مصدراً مهماً على رغم انخفاض منسوب المياه فيه بسبب استغلاله بصورة مفرطة، في حين يعتبر حوض اليرموك المصدر الثالث للمياه الجوفية ويقع في شمال الأردن، لكنه أفقر هذه الموارد بسبب اشتراك عدة دول فيه.

وتضم مدن مثل الكرك والطفيلة ومعان جنوب البلاد أحواضاً مائية تلبي حاجة المنطقة، لكن إحصاءات صادرة عن وزارة المياه والري تشير إلى أن نحو 70 في المئة من مياه البلاد تفقد بسبب السرقة من قبل "مافيا تسطو على المخزون" الذي يضم 15 حوضاً سطحياً و12 جوفياً وأكثر من 300 بئر، إلى جانب تقادم عمر الشبكات وتعرضها للاهتراء والتلف.

اعتداءات واستنزاف

وتعاني مصادر المياه الشحيحة في الأردن تعديات من قبل لصوص المياه فضلاً عن الهدر والاستنزاف المفرط لها، إذ يتجاوز معدل الضخ السنوي قدرة هذه المصادر مما يؤدي إلى انخفاض منسوب المياه وتدهور نوعيتها.

بينما تتعرض أحواض جوفية أخرى إلى تلوث بسبب النشاط الزراعي والمياه العادمة، فضلاً عن التغيرات المناخية مثل شح الأمطار التي تؤثر سلباً في مخزونها.

لكن التحدي الأبرز أمام مصادر المياه الرئيسة هو النمو السكاني المتزايد بفعل الهجرات المتتالية بما يشكله ذلك من ضغط كبير على المياه الجوفية، وأمام هذا الواقع وجدت السلطات الأردنية نفسها مرغمة على تنفيذ مشاريع حيوية عدة لنقل المياه بهدف تخفيف الضغط على الأحواض الجوفية المحلية، وترشيد استهلاك المياه بخاصة في القطاع الزراعي الذي يعد المستهلك الأكبر للمياه عبر استخدام تقنيات الري الحديثة وإعادة استخدام المياه المعالجة لأغراض الزراعة والصناعة.

ووفقاً لمنظمة "يونيسف" فإنه يتم تزويد المواطنين الأردنيين بالمياه مرة واحدة في الأسبوع، وأقل من مرة واحدة كل أسبوعين في المناطق الريفية، مع انخفاض هذه المعدلات خلال فصل الصيف.

المنظمة وفي دراسة لها عن واقع المياه في الأردن أعلنت أن "عمليات مراقبة المياه الجوفية على المدى الطويل لطبقات المياه الجوفية الرئيسة في المملكة تشير إلى انخفاض مستويات المياه مع تقلص سنوي يزيد على 10 أمتار في بعض طبقات المياه الجوفية".

إسرائيل تسرق حصة الأردن

ويتهم الباحث والخبير المائي سفيان التل "إسرائيل بسرقة حصة الأردن المائية عموماً ومن الآبار الجوفية خصوصاً في منطقتي وادي عربة والغمر جنوب المملكة"، وتنص المادة السادسة من اتفاق السلام الأردني - الإسرائيلي بخصوص ملف المياه على توزيع عادل لمياه نهري الأردن واليرموك والمياه الجوفية في وادي عربة.

ويحصل الأردن حالياً، وفق المياه الأردنية، على 55 مليون متر مكعب من المياه من الجانب الإسرائيلي عبر مياه بحيرة طبريا، لكن مصير المياه الجوفية في منطقتي الغمر والباقورة اللتين تم استعادتهما من إسرائيل عام 2019 لا يزال مجهولاً.

لكن التل يؤكد أن "إسرائيل سرقت حقوق الأردن المائية عبر تحويل مجرى نهر الأردن، كما قامت بحفر آبار لاستخراج المياه الجوفية في منطقة الغمر جنوب البلاد، مما أدى إلى استنزاف المياه الجوفية في تلك المنطقة الغنية بالمياه".

ويرفض التل مقولة إن الأردن فقير مائياً بل تم إفقاره"، مشيراً إلى اتفاق السلام الذي منح إسرائيل الحق في الحصول على 25 مليون متر مكعب من مياه سد الوحدة المقام على نهر اليرموك بين الأردن وسوريا.

ويعتقد التل أن مصادر المياه الجوفية في الأردن، وهي 15 حوضاً مائياً، فيها مياه جوفية وسطحية تكفي لعشرات الأعوام، كما أنه يمكن استغلال مياه الأمطار في مخازن المياه الجوفية.

ملكية عامة

وتشكل المياه الجوفية نحو 57 في المئة من إجمال المياه بنحو 500 مليون متر مكعب، وتعتبر ملكية عامة وليست خاصة، ويتم تنظيم استخدامها وإدارتها من قبل الحكومة أو الهيئات المتخصصة ضمن أطر قانونية وتنظيمية وتشريعات.

وينص قانون المياه الأردني على أن جميع موارد المياه سواء كانت سطحية أو جوفية ملك للدولة، ويتطلب استخدامها الحصول على تراخيص لاستخراج المياه من الآبار الجوفية.

كما تعد وزارة المياه والري الجهة الرئيسة المسؤولة عن إدارة وتنظيم موارد المياه في الأردن، إذ تقوم بتنظيم حفر الآبار واستخدام المياه الجوفية، إضافة إلى مراقبة الامتثال للقوانين والتشريعات ذات الصلة.

أما سلطة وادي الأردن فمسؤوليتها إدارة الموارد المائية في منطقة وادي الأردن والتأكد من استخدامها بصورة مستدامة بهدف الحفاظ عليها من الاستنزاف والتلوث وتلبية الحاجات الحالية والمستقبلية.

وتعاقب القوانين كل من ثبت ارتكابه لجرم الاعتداء واستغلال بئر مياه جوفي حكومي من دون الحصول على رخصة، بالحبس ثلاثة أعوام وغرامة مقدارها 7 آلاف دولار وإلزامه بأثمان المياه المستغلة بطريقة غير مشروعة.

المياه الجوفية في مصر

"المياه الجوفية العميقة في مصر غير متجددة وتستدعي حفر آبار بأعماق فائقة قد تصل إلى كيلومتر، وكلفتها مرتفعة نظير استخدام الطاقة المستخدمة في رفع هذه المياه، والسحب الجائر يتسبب في استنزاف الخزان الجوفي وزيادة ملوحتها"، بتلك العبارة تطرق وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم لأحد المعوقات المتعلقة باستخراج المياه الجوفية المصرية.

ووجه الوزير المصري في تصريحات سابقة إلى عدم التوسع في التنمية إلا بعد إعداد الدراسات الفنية اللازمة لتحديد الأنماط التنموية التي تتناسب مع إمكانات الخزانات الجوفية في مصر، ومراعاة استخدام نظم الري الحديثة الملائمة للبيئة التي توجد بها هذه الخزانات الجوفية.

مصادر المياه الجوفية

المياه الجوفية هي تلك المخزنة في باطن الأرض ويجري الوصول إليها من خلال حفر الآبار سواء كانت آباراً تقليدية أو عميقة، بواسطة تقنيات متقدمة. وتعتمد كلفة الحفر ومعدات الاستخراج على عمق المياه ونوعية الطبقات الصخرية، وهي تستخلص من مسام الصخور أو التربة وأشهر مصادرها في مصر خزان الحجر الرملي النوبي وهو عابر للحدود يمتد إلى دول ليبيا والسودان وتشاد، وخزان الحجر الجيري المتشقق الموجود حول نهر النيل وشمال الصحراء الغربية ووسط سيناء، إضافة إلى صخور القاعدة المتشققة المرتبطة بسلاسل جبال الأحمر وخزان المغرة في شمال الصحراء الغربية.

وتنظم السلطات المصرية عمليات الحفر والاستخدام من خلال تراخيص صادرة عن الجهات المعنية هدفها ضمان الاستغلال المستدام لهذا المورد المهم وحماية المخزون الجوفي من الاستنزاف والتلوث. ووفقاً لقانون وزارة الموارد المائية والري لا يمكن حفر أية آبار للمياه الجوفية داخل الأراضي المصرية إلا بترخيص من الوزارة وطبقاً للشروط التي تحددها.

ويحظر على القائمين بحفر الآبار الجوفية من المقاولين والشركات والأفراد التعاقد على حفر أية آبار ما لم تكن حاصلة على ترخيص بذلك من الوزارة، بما لا يتعارض مع القانون رقم 143 لعام 1981 في شأن الأراضي الصحراوية أو فرض غرامة تقدر بنحو 20 ألفاً (نحو 400 دولار أميركي) إلى 200 ألف جنيه (أربعة آلاف دولار)، وتضاعف في حال التكرار وضبط الآلات والمهام المستخدمة.

أساليب التعدي

وعلى رغم التشريعات الصادرة عن الجهات المعنية بالرقابة على المياه الجوفية في مصر، تزيد عمليات التعدي على مخزون المياه الجوفية. ووفقاً لكبير متخصصي المياه بالأمم المتحدة أحمد فوزي دياب فإن من ضمن التعديات على المياه الجوفية أعمال الحفر العشوائي التي تتزايد في مناطق متعددة في البلاد، غالبيتها في غرب الدلتا التي تضم نحو 17 ألف بئر عشوائية، ومعظم الانتهاكات تحدث في مصر في مناطق التجمعات السكنية إما بهدف البحث عن مياه للشرب أو لأغراض الزراعة. بينما قدر مصدر مطلع لـ"اندبندنت عربية" إجمال الآبار العشوائية في البلاد بأنها تزيد على 100 ألف بئر.

وأشار دياب إلى أن انتهاك القوانين المتعلقة بالمياه الجوفية يجري في مناطق متعددة داخل مصر وينتج منه جرائم التعدي على المياه الجوفية، موضحاً أن السحب غير المنظم يؤثر في المياه الجوفية لأنها كمية مياه محدودة من مصادر المياه، مستنداً إلى تصنيف الأمم المتحدة الذي اعتبر الدول النامية مثل مصر يجب عليها الحفاظ على المياه الجوفية من 40 إلى 100 عام في أقل تقدير. مضيفاً "معظم الأماكن التي تتأثر بالحفر العشوائي حول دلتا النيل ونهر النيل".

أدى الاستغلال الجائر للمياه الجوفية إلى انخفاض حاد لمناسيب المياه الجوفية، وأحياناً يتسبب في صعوبة استخراج المياه من باطن الأرض، وزيادة درجة ملوحة المياه إلى مستويات تؤدي إلى انخفاض إنتاجية المحاصيل الزراعية وفقاً لرئيس قطاع المياه الجوفية بوزارة الري سابقاً سامح صقر، الذي اعتبر أن عملية السحب الجائر تكثر في الوادي والدلتا يليهما الصحراء الغربية وعلى امتداد طريق مصر إسكندرية الصحراوي.

حجم المياه الجوفية

ووفقاً لتقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بلغت كمية المياه الجوفية العميقة والسطحية في مصر 8.83 مليار متر مكعب بنسبة مساهمة 10.9 في المئة من إجمال الموارد المائية المتاحة عام 2022، مقابل 10.85 مليار متر مكعب بنسبة مساهمة بلغت 13.3 في المئة من إجمال الموارد المائية المتاحة عام 2021.

وبحسب كبير خبراء المياه بالأمم المتحدة أحمد دياب فإن مصر تمتلك مياهاً جوفية عابرة للحدود وأخرى غير عابرة للحدود، ملقياً الضوء على غياب القوانين التي تنظم المياه الجوفية العابرة للحدود وهي متمثلة الخزان الرملي النوبي، ويحكم عملها اتفاق بين الدول التي تشترك في هذا الخزان. مشيراً إلى اختلاف أنواع المياه الجوفية في مصر بين العذبة والمالحة، ومعظم المياه المالحة قرب البحار أو موجودة على أعماق سحيقة مرتبطة بمناطق وجود البترول.

ويوجد في مصر مياه جوفية يمكن استخراجها تراوح نسبتها ما بين 20 و40 في المئة من إجمال النسبة، وأخرى لا يمكن استخراجها لأسباب تتعلق بالجدوى الاقتصادية وفقاً لدياب الذي أضاف "90 في المئة من المياه الجوفية في مصر غير متجددة، باستثناء المناطق المتصلة بالأنهار مثل نهر النيل، لأنه يغذي المناطق التي حوله وتتسرب مياهه العذبة إلى باطن الأرض".

طرق الوصول إلى المياه الجوفية

وحول طرق الوصول إلى المياه الجوفية في مصر قال صقر إنه تستخدم تقنيات حديثة للكشف عن المياه الجوفية، إضافة إلى الدراسة الجيولوجية لطبقات الأرض السطحية وتحت السطحية، وأيضاً الاعتماد على البيانات المتاحة من ينابيع متدفقة ذاتياً، مثل الموجودة في مناطق الواحات أو الآبار القديمة المنتشرة بشرق العوينات.

ومضى قائلاً "يجري حفر آبار اختبارية لدقة تحديد عمق الطبقات الحاملة للمياه والسمك المشبع للخزان الجوفي ومعرفة الطبقات الحاملة للمياه، والأعماق التي توجد فيها".

وأضاف "حال إيجابية النتائج يجري إنشاء البئر الجوفية طبقاً لمعايير فنية أهمها أقطار مواسير البئر وأماكن وضعها يليها إجراءات تجريبية للبئر عبر ضخ المياه على فترات زمنية قصيرة ومتباعدة، ثم منتظمة للتأكد من استدامة المخزون الجوفي للوفاء بمعدلات السحب الآمنة".

إجراءات مغربية منعاً لاستغلال المياه الجوفية

أما المغرب فقد عمل جاهداً خلال الأعوام القليلة الأخيرة على صيانة مياهه الجوفية بسبب الإجهاد المائي الذي تعيشه البلاد جراء كثير من العوامل السلبية المؤثرة، أبرزها توالي مواسم الجفاف وأيضاً الاستغلال العشوائي للمخزون المائي، فضلاً عن مشكلة تبذير الماء.

وبلغ إشكال تناقص المياه الجوفية التي تعتبر ملكية عامة تؤطرها قوانين خاصة بالماء حد إطلاق أعلى سلطة في البلاد تحذيرات متوالية في خطابات عدة من أخطار الإجهاد المائي الهيكلي الذي تكابده البلاد، حتى إن تشييد التجهيزات المائية لم يعد كافياً للحفاظ على مخزون المياه الجوفية.

تدابير رسمية

"تفيد أرقام رسمية بأن موارد المياه الجوفية المتجددة في المغرب تناهز 4 مليارات متر مكعب، أي 20 في المئة الإمكانات المائية للبلاد، وهي موارد تشكل مخزوناً إستراتيجياً ولا سيما في فترات الجفاف أو انخفاض منسوب المياه"، وفق ما أدلى به وزير الماء المغربي نزار بركة خلال مؤتمر دولي حول المياه الجوفية.

ويتخذ المغرب تدابير صارمة من أجل مواجهة الاستغلال الكبير حد الإفراط في استعمال المياه الجوفية، ومنها إجراءات مراقبة عمليات ضخ المياه ومنع حفر نقاط مائية جديدة، ووقف تمديد المناطق المروية الجديدة، وإعادة تكوين مخزون المياه الجوفية من خلال برنامج التغذية الاصطناعية.

وتركز السلطات المائية في المغرب على مواجهة عاملين رئيسين للحفاظ على ما تبقى من مخزون للمياه الجوفية، الأول التصدي للآبار العشوائية والثاني الاستهلاك المفرط للمخزون المائي في البلاد.

وبخصوص مواجهة الآبار العشوائية فقد سنّ المغرب سلسلة قوانين تنظم حفر الآبار والأثقاب، تعرف بمرسوم "رخصة الثاقب"، ويهدف إلى وقف نزف العشوائية في مجال حفر الآبار أو حفر الفجوات بحثاً عن الماء.

وأما بخصوص مواجهة الاستغلال المفرط للمخزون المائي فإن المغرب يحاول جاهداً إنقاذ وضع صعب أقرت به الحكومة، ذلك أن المخزون المائي يرتبط بالتساقطات المطرية والثلجية، بينما المغرب شهد مواسم متتالية من الجفاف وصار يمتلك فقط 4 مليارات مكعبة من المياه الجوفية.

قانون الماء

ومنعاً لاستغلال المياه الجوفية بصورة عشوائية تقوم السلطات المتخصصة بمراقبة الملك العمومي المائي من خلال تنظيم دوريات وحملات مراقبة مكثفة، وفق بنود "قانون الماء"، من أجل الحد من تفاقم وضع الإجهاد المائي الذي تشهده المملكة.

ويعد منع حفر الآبار العشوائية أحد مفاتيح وقف نزف الاستغلال العشوائي للمياه الجوفية، على رغم أن الوصول إلى هذه الهدف يبقى صعب التحقيق، إذ إن 91 في المئة من مجموع عدد الآبار المحصاة في البلاد وهي 28600 بئر، تظل غير مرخصة.

وفي هذا الصدد يقول الناشط البيئي والمجالي عبدالصمد أغلان إن السلطات المائية تحاول محاربة ظاهرة حفر الآبار العشوائية والقنوات المائية من دون ترخيص قانوني، من خلال إغلاق هذه الآبار وحجز المعدات وعرض ملفات المخالفين على القضاء.

وأوضح الناشط البيئي أن المسؤولية لا يتعين حصرها في "شرطة المياه"، ولكن هناك مسؤولية ملقاة أيضاً على عاتق المواطن الذي يجب أن يعي بأن حفر بئر عشوائية واحدة يعني استهلاك كميات هائلة من المياه الجوفية من دون وجه حق، مما يعرض المخزون المائي للهدر.

ولفت المتكلم ذاته إلى أن الجفاف فاقم مشكلة مخزون المياه الجوفية في أرجاء البلاد، خصوصاً أنه تكرر في أعوام متوالية وهو ما صار معه مخزون المياه الجوفية مهدداً بالتناقص بوتيرة تشكل خطراً محدقاً بالموارد المائية.

وتنبه المغرب في هذا السياق أيضاً إلى التداعيات السلبية لبعض الزراعات على المياه الجوفية، ومنها زراعة البطيخ الأحمر وفاكهة الأفوكادو التي تستهلك كميات هائلة من المياه الجوفية.

أزمة الماء

أما بخصوص آثار الاستهلاك غير المنظم على مخزون المياه الجوفية في المغرب فيرى الناشط البيئي أنها "واضحة للعيان، فمنذ بضعة أعوام صار المغاربة يتحدثون عن شبح العطش الذي يحوم فوق رؤوس سكان بعض البوادي والقرى خصوصاً في الجنوب والجنوب الشرقي من المملكة."

وأبرز المتحدث عينه أن الأمر لم يعد مجرد تحليلات وتوقعات أو تدابير إجرائية لمواجهة الجفاف، بل صار واقعاً بالعين المجردة وبإقرار من جميع مسؤولي الدولة إلى درجة أن العاهل المغربي صار يخص جل خطبه لأزمة الماء التي "تطل على البلاد بشكل خطر وغير مسبوق".

ومن تجليات تداعيات أزمة المياه الجوفية في المغرب، وفق المصدر ذاته، الخلل في توفير المياه الصالحة للشرب بوتيرة عادية وكافية للمواطنين، وهو ما بات ملموساً في عدد من المناطق التي صارت تشكو قلة الماء.

ويراهن المغرب لحل هذه المعضلة على اللجوء إلى تحلية مياه البحر بتدشين عدد من محطات التحلية، ولا سيما أنه بلد يحده غرباً المحيط الأطلسي وشمالاً البحر الأبيض المتوسط، من أجل ضمان توفير مياه الشرب لملايين السكان وتخفيف الضغط الهائل على الموارد المائية الجوفية في خضم ندرة التساقطات المائية.

مخزون المياه الجوفية في الجزائر ينضب

وفي الجزائر تتزايد المخاوف من نضوب مخزون المياه الجوفية بسبب الاستغلال المفرط، في ظل التحديات المناخية والبيئية والأنشطة البشرية، التي أصبح معها موضوع المياه والأمن المائي من المواضيع التي تكتسب أهمية بالغة.

وشهدت الجزائر في الأعوام الأخيرة تزايداً ملحوظاً في استهلاك المياه الجوفية، مما أدى إلى انخفاض في مخزونها، وتفيد دراسة صادرة عن وزارة الموارد المائية الجزائرية، بانخفاض مستوى المياه الجوفية في بعض الأحواض بنسبة تصل إلى 30 في المئة خلال العقدين الماضيين، بسبب عوامل عدة منها الاستغلال المفرط وتقلص معدل هطول الأمطار.

وتشكل المياه الجوفية مصدراً أساساً لمياه الشرب والزراعة والصناعة في الجزائر. تمتاز هذه الموارد بكونها مستقرة نسبياً مقارنة بالمصادر السطحية التي تتأثر بصورة أكبر بالتغيرات المناخية والأنشطة البشرية. ووفقاً لأحدث الإحصاءات، يعتمد نحو 40 في المئة من سكان الجزائر على المياه الجوفية باعتبارها مصدراً رئيساً لمياه الشرب، لا سيما في المناطق الريفية والجافة.

خزان مائي

وتتربع الجزائر التي تبلغ مساحتها 2.282 مليون كيلومتر مربع، على أكبر خزان مائي جوفي في العالم بـ50 ألف مليار متر مكعب بمنطقة الجنوب، وهو ما يكفيها لقرون عدة من الزمن، وفق تقديرات الخبراء.

وتقع الجزائر في نطاق يتهدده الجفاف ويعتبر من أكبر مناطق العالم تضرراً بالتغيرات المناخية، بحسب دراسات للأمم المتحدة، وخبراء يتوقعون أن نسبة التساقط في الجزائر ومنطقة شمال أفريقيا ستتقلص بنحو 20 في المئة مع حلول عام 2050.

وتتوزع مصادر المياه في الجزائر بين 60 في المئة من المياه الجوفية، و22 في المئة سطحية، و18 في المئة من المياه المحلاة، وينتظر أن تصل حاجاتها إلى نحو 13 مليار متر مكعب مع حلول عام 2030 مع توقعات ببلوغ التعداد السكاني إلى 50 مليون نسمة.

وتعهد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بتحقيق الأمن الغذائي والمائي من خلال وضعه إستراتيجيات محكمة ومخططات دقيقة وواضحة المعالم تشمل مشاريع عدة بدءاً من آبار استغلال المياه الجوفية مع تعزيز قدرات السدود وتوسيع قدرات استيعابها تماشياً مع تعاظم الاستهلاك المحلي للمياه، وصولاً إلى محطات تحلية المياه وهي المشاريع التي تعول عليها الجزائر كثيراً لسد حاجاتها من الموارد المائية بالتوازي مع شح هطول الأمطار.

إجهاد مائي

ودفع تفاقم موجة الجفاف التي تضرب البلاد منذ أعوام، الحكومة الجزائرية إلى التحذير من تداعيات الإجهاد المائي في البلاد، إذ شدد الرئيس عبدالمجيد تبون على ضرورة تعميم محطات تحلية مياه البحر عبر كامل شريط الساحل الجزائري، وذلك باعتباره مخططاً إستراتيجياً، وبخاصة أن تكنولوجيا التحكم في محطات تحلية مياه البحر متاحة للحد من الاستهلاك المفرط للمياه الجوفية.

وأمر الرئيس تبون في اجتماع لمجلس الوزراء، عقد في الـ16 من أبريل (نيسان) الماضي، بـ"استخدام أحدث التكنولوجيات لتنظيم استهلاك المياه بهدف الحفاظ عليها ومراجعة مخططات تسيير توزيع المياه بما يوافق التوزيع العادل لماء الشرب بين الأحياء وضمن رزنامة معقولة".

وفي هذا الإطار، وضعت الحكومة الجزائرية مخططاً وطنياً يهدف إلى إنشاء بنك معلومات يتعلق بالمياه الجوفية، وإعادة النظر في تراخيص استغلالها لري الأراضي الزراعية، عبر تفعيل "شرطة المياه" التي من مهماتها مراقبة استغلال المياه ومحاربة التبذير.

وفي فبراير (شباط) الماضي أمر الرئيس تبون بمباشرة عمليات استكشاف مصادر جديدة للمياه الجوفية في ولايتي البويرة وبشار باستخدام أحدث التقنيات والمعدات، كي تكون قابلة للاستغلال.

وعلى الصعيد القانوني تقرر فرض أقسى العقوبات على كل من يضبط بالاستغلال غير القانوني لآبار المياه الجوفية، وهذا لوضع حد لاستنزاف قدرات البلاد من مياهها الجوفية.

منطقة جفاف

ويقول المتخصص الجزائري في الأمن المائي إبراهيم موحوش، إن الجزائر تعتبر من أفقر الدول من حيث المياه المتجددة وتقع في قلب منطقة جغرافية معروفة بالجفاف والعجز الشديد في المياه.

وأوضح في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن مخزون المياه المتجددة في الجزائر يقدر بـ2.5 مليار متر مكعب، فيما يقدر مخزون المياه الجوفية غير التقليدية في الصحراء بـ50 ألف مليار متر مكعب ما يؤمن احتياط الجزائر لأعوام عدة، أما مخزون المياه المتجددة في الجزائر فيقدر بـ11 مليار متر مكعب يسمح للفرد الجزائري الحصول على 270 متراً مكعباً سنوياً، ما يمثل أقل من 3 في المئة من المعدل العالمي المقدر بـ6 آلاف متر مكعب سنوياً.

وأفاد المتحدث بأن المياه الجوفية في الجزائر تعد ملكاً للحكومة بموجب القانون مثل بقية الثروات في باطن الأرض، واستغلالها يخضع لترخيص سابق من طرف السلطات المحلية المخولة، غير أن الاستغلال غير المنظم للمياه الجوفية بات يشكل خطراً كبيراً على المخزون الوطني.

وذكر أن المياه الجوفية في الشمال توجد على عمق يقدر بـ50 متراً، بينما لا تتجاوز 10 أمتار في المناطق الجنوبية، إلا أن الإشكالية التي تطرح هي ارتفاع درجة ملوحة المياه في الجنوب مما يجعلها غير صالحة للاستغلال في الفلاحة.

وأضاف موحوش أن المياه الجوفية في الصحراء تنقسم إلى قسمين، قسم في الجنوب الشرقي مياهه مالحة وساخنة وبعيدة جداً من سطح الأرض غير صالحة للزراعة أو الشرب إلا باستعمال وسائل التبريد والتحلية وهو ما يكلف أموالاً طائلة، وقسم يقع في الجنوب الغربي مياهه عذبة وباردة وسطحية تصلح للزراعة والشرب وبالإمكان استغلالها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دراسات تقنية

من جهته، يقول المهندس الجزائري في الفلاحة باديس محمد، إن تحديد حجم المياه الجوفية في الجزائر يتطلب دراسات تقنية معمقة من قبل مراكز البحث المتخصصة في ظل تضارب الأرقام حولها.

وفي حديث إلى "اندبندنت عربية"، أوضح محمد باديس أن موضوع ترشيد استغلال المياه الجوفية في الجزائر مطروح بشدة، نظراً إلى أهمية هذا النوع من المياه في الزراعة سواء في المناطق الشمالية أو الجنوبية على حد سواء.

وأضاف أن مخزون المياه الجوفية في الجنوب أثبت فاعليته في ازدهار عدد من الزراعات وعلى رأسها شعبة الحبوب والخضراوات التي أصبحت بفضلها ولايات رائدة وطنياً في الإنتاج.

وأفاد بأن أفضل الطرق للحفاظ على المخزون الوطني من المياه الجوفية، إدخال زراعات جديدة واعتماد تقنيات حديثة واحترام المقاييس العلمية للتقليل من استهلاك المياه، مثل التوجه نحو غرس الأشجار، وأيضاً التنسيق مع مراكز البحث المتخصصة لوضع برامج مدروسة علمياً للاقتصاد من استهلاك هذا المورد الحيوي.

الاستنزاف يهدد المياه الجوفية في تونس

هذا ويعتبر استنزاف المياه الجوفية في تونس معضلة حقيقية مع توالي أعوام الجفاف التي تعيشها البلاد، إذ أسهمت في تفاقم أزمة الشح المائي، مما زاد الاستغلال العشوائي للمياه الجوفية غير المتجددة.

وعلى رغم أن الفصل 48 من الدستور التونسي ينص على أن الحق في المياه مضمون والمحافظة على الماء وترشيد استغلالها واجب على الدولة والمجتمع، لكن ترصد تجاوزات عدة في هذا الاتجاه سواء للاستهلاك المنزلي أم الفلاحي وأيضاً الصناعي.

وبحسب إحصاءات رسمية فإن 64 في المئة من الآبار في تونس لا تحظى بتراخيص، وهو ما تسبب في الاستغلال المجحف والعشوائي للموارد المائية الجوفية، ففي خلال الأعوام الـ20 الماضية كان المتوسط الوطني من المياه يتراوح بين 83 و130 في المئة.

ثغرات قانونية

ويشار إلى أنه في محافظات الجنوب التونسي يعتمد فقط على المياه الجوفية، وهي عموماً مياه أحفورية قديمة لا تغذى بمياه الأمطار الجديدة بسبب ندرة تساقط الأمطار التي تكون في حدود 200 ملم سنوياً، وتصل إلى أقل من 100 ملم في بعض المحافظات على غرار محافظتي قبلي وقفصة.

ومنذ عام 2011 أصبح استغلال الآبار غير المرخصة مستفحلاً، وتشير الإحصاءات إلى أن 21700 بئر تتركز في الجمهورية التونسية ونصفها آبار غير مرخصة.

وفي حين توجد قوانين تنظم استغلال المياه الجوفية مثل مجلة المياه الصادرة عام 1975، إلا أن ثغرات في القانون مع عدم تفعيله أدت إلى تفاقم المشكلة، بحسب مهتمين بالشأن البيئي في تونس.

نفذ عدد من سكان منطقة قفصة في الجنوب الغربي للبلاد، بداية شهر يوليو (تموز) الماضي، وقفة احتجاجية تنديداً بمواصلة استنزاف الموارد المائية السطحية لفائدة الفلاحة الموجهة للتصدير على حساب الفلاحين الصغار.

وأوضح أحد المحتجين عن حراك قفصة الشمالية ياسين الهنشيري أسباب هذا الاحتجاج الذي يعود لعام 2012، إذ قام أحد المستثمرين الخواص باستغلال الأراضي الفلاحية وشرائها من أصحابها في 2008 لإقامة مشروع غراسة الخس الموجه كلياً للتصدير، الذي يعتمد في سقيه على الآبار العميقة والأحواض المائية.

ويفسر الهنشيري في هذا السياق "المستثمر يستخدم المياه العميقة التي تتغذى من المياه السطحية لري منتوجه"، وتابع "في الماضي كانت المياه تتشكل على عمق 20 متراً، أما الآن فيضطر الفلاح إلى الحفر عميقاً إلى ما يقارب 150 متراً ليجد الماء". ويضيف الهنشيري "هذا المستثمر يمتلك أربعة أحواض تبلغ سعة الواحد منها هكتاراً إلى جانب عدد من الأحواض الصغيرة، وهو ما يعد استنزافاً كبيراً للمائدة المائية، فالآبار السطحية جفت".

ووفق مصادر أخرى يستغل مستثمرون عدة في المخزون المائي في المجال الفلاحي وأيضاً الصناعي من أجل التصدير الكلي لمنتجاتهم إلى أوروبا، في وقت يعيش فيه السكان أزمة عطش بسبب الانقطاع المتواصل للمياه في إطار خطة السلطات لترشيد استهلاك المياه.

منظومة الرقابة

وعن منظومة الرقابة المعنية بمتابعة استغلال المياه الجوفية، يقول أحد المسؤولين في وزارة الفلاحة والصيد البحري إن "الوزارة تعتمد مقياسين أحدهما يتعلق بنسبة استغلال المائدة المائية التي يجب ألا تتعدى 130 في المئة، وثاني المقاييس يعتمد على مراقبة مستوى المخزون".

وحول غياب استراتيجية لمواجهة الحفر العشوائي للآبار، يفيد المصدر ذاته بأن "الدولة بصدد وضع خطة لمراقبة هذا الخلل أمام عدم كفاية الإجراءات الردعية، مع مواصلة الاعتماد على مجلة المياه القديمة التي تعنى بالقوانين الخاصة باستغلال المياه". وأوضح "أنه ردمت آبار عدة جديدة وأحيلت ملفات أخرى تخص الآبار القديمة إلى القضاء"، وأضاف المسؤول أن "الوزارة بصدد تجهيز إحصاءات جديدة تبين استغلال قطاعات عدة للثروات المائية".

وفي سياق متصل يقول الخبير في الموارد المائية حسين الرحيلي إن نسبة امتلاء السدود في تونس لغاية الـ30 من يونيو الماضي أقل من 30 في المئة، وهي نسبة تعتبر مقلقة، إذ إن كمية المياه المتوفرة تقدر بنحو 690 مليون متر مكعب.

وأضاف أن هذه الحصيلة ضعيفة لاسيما أننا في موسم ذروة استهلاك المياه، سواء كان ذلك في الوحدات السياحية أم على مستوى المزروعات والغلال السقوية، هذا إلى جانب عملية تبخر مياه السدود في ظل ارتفاع درجات الحرارة.

كل هذه العوامل تفاقم الضغط على المياه الجوفية لسد الحاجة بخاصة في مناطق الجنوب التونسي.

ومن أهم مؤشرات تفاقم أزمة المياه في تونس ارتفاع عدد الاحتجاجات على انقطاع المياه، وبحسب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية شهد يوليو الماضي نحو 245 تحركاً اجتماعياً ومثلت أزمة العطش ومشكلة الانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشراب ومعضلة التزود بالماء الدافع الأول للتحركات، إذ كانت حاضرة في أكثر من 20 في المئة من الاحتجاجات.

ولم تشمل احتجاجات الماء السكان المعنيين بتوفير مياه الشرب فحسب، بل تخطت ذلك إذ سجلت تحركات واسعة النطاق في الأسابيع الأخيرة من الفلاحين، الذين عبروا عن تذمرهم من نقص مياه الري، باعتبار أنهم أصبحوا عاجزين عن مجابهة حال الجفاف التي تسببت في تضرر كميات كبيرة من محاصيل الحبوب والأشجار المثمرة بخاصة في مناطق الشمال الغربي للبلاد، وذلك بحسب ما قدمه المرصد.

ويقدر الاحتياط المائي في تونس بنحو 5 مليارات متر مكعب، وهي الأضعف في منطقة المغرب الكبير، غالبها في خزانات، سواء كانت مياهاً جوفية أم سطحية.

تقنيات حديثة لرصد التجاوزات التي تطاول مياه العراق الجوفية

تصنف التعليمات الصادرة عام 2015 والخاصة بقانون حفر الآبار المائية، المياه الجوفية بأنها ملك للدولة العراقية، وتخضع لإدارتها ولا يجوز استخراجها أو استغلالها إلا بموجب إجازة صادرة عن الهيئة العامة للمياه الجوفية التي تتبع وزارة الموارد المائية، ووفقاً لهذه التعليمات التي تضع المياه الجوفية كملكية عامة للدولة، حددت مجموعة شروط تربط عمليات الحفر والاستخدام بموافقة الهيئة.

تنص التعليمات على أنه يمنع حفر الآبار إلا بعد الحصول على إجازة حفر من الهيئة العامة للمياه الجوفية، على أن تلتزم الجهة المستفيدة من البئر الحد الأعلى من كمية المياه المصرح باستخراجها ضمن مدة زمنية تحدد من قبل الهيئة، كما يمنع استخدام البئر في غير الغرض الذي حفرت من أجله، ولمتابعة هذه التعليمات يتم وضع مقياس جريان لمراقبة كمية المياه التي يتم استثمارها من البئر.

كما حددت التعليمات نوعين من الآبار في العراق الأول هي آبار النفع العام التي يتم حفرها لتأمين المياه في المناطق النائية والقرى أو الثكنات العسكرية أو الأرياف والمدن التي تنعدم فيها المياه السطحية أو تكون غير كافية لسد الحاجة أو الآبار المتعلقة بمكافحة التصحر والتشجير، أما النوع الثاني فهو ما يعرف بآبار النفع الخاص التي يتم حفرها بناءً على طلب من جهات مختلفة لأغراض مشاريعها الخاصة أو بناءً على طلب المواطنين، ولها طبيعة الاستغلال الفردي والخاص.

الاعتماد على المياه الجوفية

أسست الهيئة العامة للمياه الجوفية عام 1934، وتضم الجيولوجيين ومهندسي الحفر والميكانيك، وتعد الجهة القطاعية الوحيدة في العراق المسؤولة عن المياه الجوفية نوعاً وكماً وامتداداً، والخزانات الجوفية ليس لها حدود إدارية فهي تمتد بين المحافظات وكذلك مع دول الجوار.

يوضح مدير عام الهيئة العامة للمياه الجوفية ميثم علي خضير الغانمي لـ"اندبندنت عربية" أن الأعوام الخمسة الأخيرة تفاقم استخدام المياه الجوفية إذ دفعت عوامل التغيرات المناخية وقلة الواردات النهرية إلى زيادة الاعتماد على المياه الجوفية في ري المساحات الزراعية لمحاصيل الحنطة والشعير والذرة الصفراء ومزارع النخيل والسدر. ففي العامين 2022 و2023 بلغت المساحات الزراعية التي تعتمد على المياه الجوفية للمحاصيل الشتوية 4 ملايين دونم في حين بلغت المساحات الزراعية للمحاصيل الصيفية التي استخدمت المياه الجوفية مليون دونم.

بحيرات الأسماك

تمنع التعليمات الخاصة بالآبار استخدام المياه الجوفية لإنشاء بحيرات للأسماك، فالمياه الجوفية هي الخزان الاستراتيجي للأجيال القادمة، وهي المصدر المهم في حالة انخفاض المياه السطحية، يوضح الغانمي قائلاً إنه تم القضاء على 85 في المئة من بحيرات الأسماك التي تعتمد على آبار المياه الجوفية وهي أحد أبرز مظاهر السحب الجائر، لافتاً إلى أن المياه الجوفية تمتد على مساحات صحراوية واسعة ونائية مما يزيد من عمليات التجاوز، مشيراً إلى اعتماد الهيئة على وسائل علمية حديثة لرصد التجاوزات، فقد "تم اعتماد التقنيات الحديثة المتمثلة بالصور الفضائية لرصد هذه التجاوزات بعدها تتم مصادرة أجهزة الحفر وتفرض غرامات مالية، ويقدم المخالفون للمحاكم".

وسائل ري حديثة

تمتد الخزانات الجوفية في العراق على مساحات واسعة في محافظات الأنبار وكربلاء وصحراء النجف والمثنى والبصرة والعمارة والموصل وكركوك وصلاح الدين وديالى، وتعد المناطق الجنوبية والغربية والشرقية ومناطق جزر الموصل وصلاح الدين وكركوك هي أكثرها غزارة في المياه الجوفية. وللحفاظ على مخزون هذه المياه اشترطت هيئة المياه الجوفية بأن تعتمد طرق الري الحديثة في المناطق الزراعية التي تعول على آبار المياه الجوفية، وهي طرق التنقيط والمرشات الثابتة والمحورية، وإلا يصار إلى اعتماد طريقة الغمر لري المساحات الزراعية.

السحب في المناطق غير المتجددة

يوضح مدير عام الهيئة العامة للمشاريع والاستصلاح والمتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال مصحب لـ"اندبندنت عربية" أن مناسيب المياه الجوفية شهدت انخفاضاً ملحوظاً بعد نقص إيرادات الأنهار وشح الأمطار بين عامي 2020 و2023، إلا أن زيادة نسبة الأمطار في عام 2024 أسهمت في رفع مناسيب المياه الجوفية مجدداً.

ولغرض مراقبة منسوب المياه الجوفية، نصبت شبكة واسعة من أجهزة مراقبة للآبار التي حفرت ويتم تسجيل قراءات الآبار بصورة يومية أو شهرية لتحديد مستوى المياه الجوفية ومخزون المناطق التي تأثرت. وبحسب الغانمي، هناك مناطق فيها انخفاض بمستوى المياه الجوفية بمترين وثلاثة أمتار، وهناك مناطق مستوياتها مستقرة، فضلاً عن وجود مناطق توصف بالمتجددة وأخرى غير متجددة، وأن السحب في المناطق غير المتجددة يشكل السبب الأبرز في انخفاض مخزون المياه الجوفية.

المخزون المائي مستنزف في ليبيا

تمتلك ليبيا أربعة أحواض للمياه الجوفية تتوزع في مختلف أنحاء البلاد، كحوض الكفرة الذي يقع جنوب شرقي ليبيا والذي يغطي مساحة 350 ألف متر مربع وتقدر سعته بنحو 20 ألف كيلومتر مكعب من المياه الموجودة داخل طبقاته الصخرية بعمق يصل إلى 2000 متر، إضافة إلى حوض السرير الذي يمتد من منطقة السرير إلى ساحل البحر المتوسط وتوجد مياهه على طبقة بعمق 600 متر، بينما تقدر سعته 10 آلاف كيلومتر مكعب من المياه العذبة.

ويصنف حوض مرزق هو الآخر من بين الأحواض الرئيسة للمياه الجوفية والموجود في منطقة فزان جنوب غربي ليبيا ويغطي 450 ألف متر مربع، ويحوي 4800 متر مكعب من المياه الموجودة بطبقة صخرية بسماكة 800 متر. ويتميز هذا الحوض بجودة مياهه الجوفية التي لا يزيد فيها معدل الملوحة على 300 جزء في المليون. كذلك حوض الحمادة الذي يقع هو الآخر في شمال فزان ويمتد حتى الساحل وتقدر سعته بنحو 4000 متر مكعب من المياه. إلا أن ليبيا وصفت من قبل "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا" بأنها من "أكثر الدول التي تعاني ندرة المياه في العالم"، مؤكداً أن هذه الندرة من "أكبر التهديدات الناشئة التي تواجهها".

ملكية عامة

وعن ملكية المياه الجوفية في ليبيا قالت عضو لجنة الطاقة والموارد الطبيعية عائشة الطبلقي إنها ملكية عامة شأنها شأن بقية الموارد الطبيعية، وأكد المتخصص في المياه الجوفية في قسم الجيولوجيا بجامعة طرابلس عبدالرحيم أحويش وجود حزمة من القوانين التي تمنع الأفراد من استغلال هذه الموارد المائية الجوفية، منوهاً بأن ليبيا تعد في مقدمة الدول العربية التي اهتمت بالتشريعات المائية منذ منتصف ستينيات القرن الماضي، إذ حرصت الدولة الليبية منذ استقلالها على إدارة قطاع المياه من خلال إنشاء الوزارات والهيئات والأجهزة التي تشرف على هذا القطاع. وقال المتخصص في المياه الجوفية إن أهم التشريعات التي صدرت في هذا الإطار كان المرسوم الملكي في شأن قانون المياه خلال الـ28 من سبتمبر (أيلول) 1965 (ملغى) وقانون رقم 3 لعام 1982 في شأن تنظيم استغلال مصادر المياه، إضافة إلى قرار رقم 158 لعام 2014 بخصوص لائحة تنظيم مرفق المياه والصرف الصحي.

انتهاكات

وتأثرت مصادر المياه الجوفية في ليبيا بالأحداث الأمنية والسياسية والطبيعية التي عرفتها البلاد منذ انهيار نظام الرئيس السابق معمر القذافي عام 2011، على غرار إعصار "دانيال" الذي ضرب درنة وبقية مدن الشرق الليبي نهاية عام 2023، إضافة إلى حرب سرت على تنظيم "داعش" عام 2015 بحسب عضو لجنة الطاقة والموارد الطبيعية في البرلمان عائشة الطبلقي.

ومن جهته أكد أحويش أن متابعة تطبيق السياسات والتشريعات المائية في ليبيا يشوبها كثير من القصور لأسباب عدة أهمها النقص في الإمكانات المادية والبشرية التي تتطلبها متابعة تطبيق القوانين، وبخاصة أن البلد يتربع على رقعة جغرافية شاسعة (1.8 مليون كيلومتر مربع) ومراقبة الموارد المائية فيه تتطلب جهداً كبيراً، وأردف أن الأحداث الأمنية ليست الوحيدة التي تنتهك قوانين المياه الجوفية، فالحفر العشوائي لآبار المياه من دون الحصول على تراخيص حفر من الجهات المعنية، والتخلص من مياه الصرف الصحي بطريقة عشوائية هي الأخرى عوامل تؤدي في كثير من الأحيان إلى تلوث مياه الخزانات الجوفية.

استنزاف

وخلال يونيو (حزيران) الماضي دق مركز كارنيغي للسلام الدولي ناقوس خطر من ندرة المياه في ليبيا، لحلولها بالمرتبة 126 من أصل 182 دولة في مؤشر البلدان الأكثر هشاشة في ندرة المياه وموجات الحرارة المتتالية والجفاف المستمر. ولفت المركز إلى سحب 80 في المئة في الأقل من إمدادات المياه الصالحة للشرب في البلاد من طبقات المياه الجوفية الأحفورية غير القابلة للتجدد من خلال شبكة أنابيب النهر الصناعي.

معلومات نبهت من خطورتها الباحثة في الجيولوجيا ياسمين الأحمر وبخاصة في ظل استمرار الاستهلاك غير المنظم للمياه الجوفية الذي يتسبب في استنزاف المخزون المائي، إذ تضخ المياه الجوفية بمعدلات أعلى من قدرة الخزان على التجديد الطبيعي مما يؤدي إلى انخفاض مستويات المياه الجوفية وتقلص المخزون على المدى الطويل.

وتابعت الأحمر أن الضخ المفرط للمياه الجوفية ينتج منه تدفق مياه ملوثة أو مالحة إلى الخزان، مما يؤثر في جودة المياه ويجعلها غير صالحة للاستهلاك، ويتسبب في انخفاض مستويات المياه تحت سطح الأرض، مما يؤدي إلى انهيار التربة والأراضي فوقها، وهو ما تعانيه ليبيا.

وفيما يتعلق بمخزون المياه الجوفية في ليبيا قال أحويش إنه من المعروف أن المياه الجوفية مصدر مائي مخفي توجد عادة في مسامات صخرية على هيئة طبقات تحت سطح الأرض، ولهذا سميت بهذا الاسم (المياه الجوفية) مما يجعل من دراسة هذا المورد المخفي وتحديد كمياته واتجاهات سريانه مسألة في غاية الصعوبة وتحتاج إلى دراسات هيدروجيولوجية معقدة يستعان فيها أحياناً ببعض التقنيات مثل الدراسات الجيوفيزيائية.

وأوضح المتخصص في المياه الجوفية بقسم الجيولوجيا في جامعة طرابلس أن الدراسات السابقة التي أجرتها الهيئة العامة للمياه تشير إلى أن كمية المياه الجوفية المتاحة في ليبيا تقدر بنحو 6800 مليون متر مكعب في العام، منها ما يقارب 650 مليون متر مكعب مياه متجددة ونحو 6150 مليون متر مكعب مياه غير متجددة، داعياً إلى تحديث هذه الدراسات وبخاصة في ظل التغيرات المناخية التي شهدها العالم خلال الأعوام الأخيرة، والتي ألقت بظلالها السلبية على ليبيا.

مياه لبنان كنز مهدد

أما لبنان فيُعتبر من البلدان الغنية بالمياه في منطقة الشرق الأوسط، حيث يمتلك شبكة واسعة من الأنهار والينابيع، إضافة إلى مخزون كبير من المياه الجوفية. هذه الثروة المائية تمثل نعمة كبيرة للبنان، إلا أن سوء الإدارة والاستخدام غير المنظم قد يحولانها إلى نقمة.

وتمثل المياه الجوفية في لبنان جزءاً كبيراً من الموارد المائية المتاحة. وتعد هذه المياه ملكية عامة تخضع لقوانين تنظم استغلالها، مثل قانون المياه رقم 77/2018، الذي يهدف إلى ضمان استدامة هذه الموارد. ومع ذلك، يواجه لبنان تحديات كبيرة في تطبيق هذه القوانين بفعالية، إذ تزداد عمليات حفر الآبار غير الشرعية والاستهلاك المفرط من دون رقابة كافية.

الموارد المائية في لبنان ليست فقط مسألة اقتصادية أو بيئية، بل هي قضية جيوسياسية تتنازع عليها القوى المختلفة. فمثلاً، في الجنوب اللبناني، تتنازع إسرائيل ولبنان على موارد المياه، حيث تسعى إسرائيل إلى السيطرة على مصادر المياه اللبنانية لتعويض نقص مواردها المائية.

المفارقة بين الوفرة والشح

وفي السياق، يؤكد الأكاديمي المتخصص في علوم الجيولوجيا سمير زعاطيطي، في حديث لـ"اندبندنت عربية" أن "لبنان يعاني من سوء إدارة كبير في مجال الموارد المائية"، مشيراً إلى "تقرير بعثة جيولوجية فرنسية أجريت بين عامي 1922 و1955، والتي خلصت إلى أن لبنان هو بلد المياه في الشرق الأوسط". ويضيف أن "الجيولوجي اللبناني الشهير إبراهيم عبد العال، الذي درس في أوروبا وهو الذي هندس مشروع نهر الليطاني، وصف جبال لبنان بأنها مخازن حقيقية للمياه بفضل 14 نهراً تتغذى من الصخور الجبلية".

ويشير إلى أن "البنك الدولي يذكر في تقاريره أن لبنان وتركيا هما البلدان الوحيدان في الشرق الأوسط اللذان لديهما وفرة في المياه، ولفت إلى أن تقرير الأمم المتحدة للتنمية عن المياه الجوفية في لبنان، المعروف باسم (التقرير الأزرق)، أشار إلى أن "لبنان يتلقى 10 مليارات متر مكعب من الأمطار والثلوج سنوياً، منها ثلاثة مليارات تتخزن كمياه جوفية. وذكر أن المياه الجوفية في لبنان تعادل ثلاثة أرباع كمية المياه السطحية، مما يجعل لبنان غنياً بالمياه مقارنة بجيرانه مثل فلسطين وسوريا والأردن".

بدوره، يوضح أحمد الحاج، مستشار سابق في لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النيابية، وباحث أكاديمي في شؤون المياه والبيئة، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن "مصدر المياه الرئيسي في البلاد هو الأمطار والثلوج، بمعدل سنوي يبلغ نحو 8.6 مليار متر مكعب. نحو 50 في المئة من هذه الكمية تُفقد في عملية التبخر، بينما تُعتبر البقية مياهاً متجددة. جزء كبير من هذه المياه المتجددة يُفقد بسبب الجريان نحو البحر والمياه العابرة للحدود".

ويشير الحاج إلى أن لبنان "يعتمد بشكل كبير على المياه الجوفية، لا سيما أن المياه السطحية تُفقد على مدار السنة بينما يمتد موسم الشتاء لثلاثة أشهر فقط"، لافتاً إلى أن "تقديرات البنك الدولي تشير إلى أن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن يكون لديها معدل 1000 متر مكعب سنوياً للفرد. في لبنان، هذا المعدل هو 839 متراً مكعباً سنوياً للفرد من دون احتساب اللاجئين السوريين، وينخفض إلى 700 متر مكعب عند احتسابهم".

الملكية والتنظيم

أما القوانين الموجودة لتنظيم أو منع الأفراد والمنشآت من استغلال المياه الجوفية، يوضح غسان بيضون، خبير في المعهد اللبناني لدراسة السوق والمدير العام السابق لوزارة الطاقة والمياه، في تصريح خاص، أن "الثروة المائية بموجب قانون تنظيم قطاع المياه ورقمه 221/2000، هي ملك الدولة وتقع تحت صلاحية وزارة الطاقة والمياه التي أنشأت أربع مؤسسات عامة للمياه (مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، مؤسسة مياه البقاع، مؤسسة مياه لبنان الشمالي، ومؤسسة مياه لبنان الجنوبي) وهي مسؤولة عن إدارة كافة الآبار ومصادر المياه ضمن نطاقها الجغرافي"، مشيراً إلى أن "تأسيس المؤسسات العامة للمياه كان هدفه تحسين إدارة واستثمار المياه، لكنها فشلت في تحقيق هذا الهدف، إذ تعاني هذه المؤسسات من نقص في التطوير الإداري والتقني ومن هيكلية غير فعالة".

ويعتبر بيضون أن "القانون يعاني من انتهاكات مستمرة بسبب عدم قدرة الدولة والمؤسسات على تأمين المياه اللازمة للمواطنين، بما في ذلك مياه الشرب"، لافتاً إلى أن "القانون يفرض شروطاً صارمة لجهة حفر الآبار واستثمار المياه، مثل ضرورة إثبات عدم وجود شبكة مياه صالحة في منطقة الحفر، إلا أن العديد من المواطنين يواجهون صعوبة في الحصول على المياه على رغم وجود الشبكات بسبب سوء الإدارة".

أما القانون الذي يرعى المياه في لبنان، يلفت الحاج إلى "قانون المياه رقم 77/2018، والذي تم تحديثه بطلب من البنك الدولي تحت رقم  192/2020"، مؤكداً أن "المياه في القانون تُعتبر موارد طبيعية تابعة للدولة اللبنانية ولا يمكن التصرف فيها بأي شكل، بحيث يمكن للأفراد التقدم بطلبات للحصول على إذن لحفر آبار بعد استيفاء الشروط والإجراءات اللازمة وللدولة كامل الحق في أن تستملك أي بئر حفر بشكل قانوني".

التحديات

وعن التحديات التي تتعلق بتطبيق القانون، يلفت الحاج إلى أنه "يتم تجاوز القيود المفروضة على حفر الآبار وبيع المياه، ما يستدعي متابعة دقيقة من الوزارة. إلا أنه نظراً لوجود الفساد وغياب المراقبة، تم تفويض تراخيص الحفر لأربع شركات، منها "سوكوتيك" و"أباف"، اللتان تحددان التأثير البيئي وتعطيان التوصيات بالموافقة أو الرفض. الدولة اللبنانية حددت الحد الأقصى لعمق الحفر بـ70 متراً، لكن في حال الحاجة إلى حفر عمق أكبر، كـ200 متر، يتطلب الأمر مرسوماً خاصاً من الوزير. وفي بعض الحالات، يصل الحفر إلى 600 متر الأمر الذي يعد تجاوزاً للقيود المفروضة مع غياب الرقابة".

انهيار في الموارد المائية

ويكشف الحاج أنه "في سهل البقاع، لا يوجد بحر، لكن هناك معدل هطول أمطار يبلغ نحو 800 ملم سنوياً. مع وجود النزوح السوري، تم حفر آبار شرعية وغير شرعية، مما أدى إلى انخفاض مستوى المياه الجوفية بشكل كبير. كان من المعتاد أن يتم حفر آبار بعمق يتراوح بين  أربعة وخمسة أمتار لاستخراج المياه، أما الآن، فيتطلب الأمر حفر 80 متراً للوصول إلى المياه. هذا يعني أن مستوى المياه الجوفية ينخفض بشكل مستمر. وإذا هطلت الأمطار هذا العام، يجب أن تتسرب إلى الأرض والتراب لتغذية المياه الجوفية، ولكن مع انتشار البناء العشوائي، لا يوجد تراب كافٍ لامتصاص المياه، مما يؤدي إلى جريانها على سطح المباني ومنها إلى الأنهار. وبالتالي، نحن نتجه نحو انهيار كبير في الموارد المائية".

الانتهاكات البيئية

ومن أبرز الانتهاكات التي يشهدها قطاع المياه، يشير بيضون إلى "تلوث المياه الجوفية بسبب تسرب الصرف الصحي والمواد الضارة. كما يفتقر القطاع إلى رقابة صارمة على الكميات والنوعية، مما يعرض المواطنين لأخطار صحية جسيمة. كما أن المقالع والكسارات تعد من أهم العوامل التي تضر بمسار المياه الجوفية".

ويضيف بيضون أن "الاستغلال غير المنظم للمياه يؤثر سلباً في الاقتصاد اللبناني، حيث تعاني الإدارة من غياب الشفافية والرقابة الفعالة. هذا الوضع يؤدي إلى هدر الموارد المائية واستغلالها بشكل تجاري غير منظم"، لافتاً إلى أن "استغلال الموارد من قبل التجار وبعض المسؤولين يؤدي إلى حفر آبار من دون ترخيص وتجاوزات كبيرة في استهلاك المياه، الأمر الذي يفاقم شح الموارد المائية وتوزيع غير عادل للمياه، مما يزيد الأزمة ويجعل من الصعب السيطرة على النتائج في المستقبل".

الحلول المقترحة

لحل هذه المشكلات، يشدد بيضون على "ضرورة تطبيق القوانين بصرامة وتعزيز استقلالية القضاء ودعم المؤسسات بالخبرات والتقنيات اللازمة"، مؤكداً أن "الدولة بحاجة إلى استراتيجيات فعالة للتعامل مع نقص المياه المتوقع وسوء توزيعها".

ونوه زعاطيطي إلى "ضرورة تحسين التغطية الإدارية والقانونية لإدارة الموارد المائية، والعمل على تأمين مياه الشرب لبيروت بدلاً من الاعتماد على شراء المياه من صهاريج"، كاشفاً أن "مدناً مثل صيدا والنبطية تعتمد بشكل رئيسي على المياه الجوفية، مما يطرح تساؤلات حول الحاجة الفعلية لإنشاء سدود جديدة في بيروت، بخاصة مع تبخر المياه السطحية". وقال "لبنان يمتلك ثروة مائية هائلة تحتاج إلى إدارة فعالة واستراتيجيات مستدامة للاستفادة منها"، معتبراً أن "سوء الإدارة الحالية يعطل الإمكانيات الكبيرة التي يتمتع بها البلد في هذا المجال".

مبادرات تحسين الإدارة

من جهته، يشير الحاج إلى "مبادرة وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض قبل سنتين أو ثلاث، التي تضمنت بعث رسائل للبلديات والمحافظين للإبلاغ عن أي بئر في كل بلدة، بهدف تركيب عدادات مياه على كل بئر وإجراء إحصاءات دقيقة حول كمية المياه المسحوبة. كما حدد الوزير تعرفة على المياه المستخرجة من الآبار بقرار من مجلس الوزراء، حيث كانت 100 ألف ليرة لكل متر مكعب في البداية، ثم رفعت إلى 300 ألف ليرة لكل ألف متر مكعب. تم تقسيم التعرفة بحسب نوع البئر، حيث تكون 100 ليرة للبئر الزراعي و300 ليرة للبئر المدني لتستفيد بعدها صناديق المؤسسات التابعة له، إلا أن الوزير لم يقدم مرسوماً لترجمته على أرض الواقع".

أزمة المياه ثلاثية في سوريا

إلى سوريا وتحديداً منطقة منبج ومحيطها بريف حلب، فهناك نحو 30 ألف بئر، ليصير لاحقاً في كل قرية بئر، ومن ثم في كل أرض زراعية بئر أو آبار، وذلك بالمجمل ألحق ضرراً متنامياً بمنسوب ما كان مختبئاً لقرون في أعماق الأرض.

ويمكن تقسيم خريطة الأحواض المائية في سوريا عبر التمثيل الجغرافي المعتمد في الأبحاث العلمية للخريطة المائية على النحو التالي: حوض الفرات وحلب (حلب وإدلب)، حوض الساحل (طرطوس واللاذقية)، حوض البادية (حمص وحماة وتدمر)، حوض الخابور (شمال وشمال شرقي سوريا)، حوض اليرموك (درعا والسويداء)، وفي كل هذه المناطق تتوافر الأنهار والمسطحات وغيرها من موارد المياه، وبالطبع المياه الجوفية ضمناً لتي توجد على وجه الخصوص في أشد أماكنها غزارة في جبال القلمون السورية (سلسلة جبال لبنان الشرقية)، وفي الأرياف الممتدة من غرب حمص وسط البلاد إلى اللاذقية في شمالها الغربي محاذية لسلسلة الجبال الساحلية الممتدة على مئات الكيلومترات.

ويبلغ إجمال متوسط الإمداد المتجدد للمياه الجوفية في سوريا نحو ستة مليارات متر مكعب سنوياً في الحالة الطبيعية، وينقص في أعوام الجفاف كما حصل في الأعوام الأربعة الماضية، وضمناً تأثيرات الاحتباس الحراري والخطر الواقع على الأمن المائي لجملة أسباب متنوعة تجعل بمجملها بحسب آراء متخصصين، واقع سحب تلك المياه واستغلالها أكبر بكثير من طاقة تجددها الطبيعية وفي مختلف أماكن وجودها.

ملكية عامة أم خاصة؟

تاريخياً تعتبر المياه الجوفية في سوريا ملكية عامة، ولكن كثرة التعديات عليها واستجرارها واستخدامها غير المشروع كلها عوامل دفعت مجلس الوزراء عام 2005 إلى إصدار القانون رقم (31) الذي ينظم آلية الاستفادة منها، لكن ذلك القانون لم يطبق بصورته المثلى على رغم كل ما جاء فيه من صرامة في التعابير والمحاذير للمتعدين على المصادر الأرضية للمياه.

وكان هناك تشديد على تنفيذ مخرجات قرارت القانون ومن أبرزها حظر أية جهة كانت أو أي شخص إقامة منشآت أو إشغالات أو القيام بأي من التجاوزات لمصدر المياه باستثناء المنشآت والأبنية والإشغالات التي تقيمها الجهة المسؤولة أو بموافقتها واللازمة لاستثمار المصدر وصيانته وحفظه. ويترك تحديد الحرم المباشر (محطات معالجة وخزانات وما يماثلها) للوزارة المعنية على أن تصدر بقرار من الوزير.

ويخضع استثمار المياه من قبل الجهات العامة والخاصة ولأي غرض كان إلى رخصة سابقة باستثناء الحالات الطارئة للآبار المستثمرة لمياه الشرب، على أن يتم إعلام الوزارة أثناء الحفر، وتحدد هذه الحالات في التعليمات التنفيذية.

وتنفيذاً لذلك يتم استثمار المياه العامة بعد الحصول على رخصة من الوزارة (وزارة الموارد المائية-الري) أياً كانت الجهة التي تريد الاستثمار (عامة أو خاصة) ولأي غرض كان (ري–صناعة-سياحة وغيرها) باستثناء الحالات الطارئة للآبار المستثمرة من قبل المؤسسة العامة لمياه الشرب (جفاف البئر–خروج البئر من الاستثمار لأي سبب كان) على أن يتم إعلام الوزارة أثناء الحفر.

بالمجمل وضعت الحكومة السورية عبر القرار (31) وما سبقه وما تلاه، تعليمات حازمة تؤكد ملكيتها السيادية التامة على مواردها المائية لمصلحة الشأن العام، وفق بنود كثيرة التعداد والشروحات لكيفية استغلال تلك الموارد والشروط المستوفاة من أجل الغرض ذاته، إلى أن جاءت الحرب عام 2011 وغيرت كل شيء، فنسفت مجمل القوانين بالتعديات على المخزون الإستراتيجي الطبيعي من جهة، وبالصراع الجيوسياسي الإقليمي على المياه في المنطقة.

الحرب

وللوقوف على واقع حال المياه الجوفية في أبرز مواطنها في سوريا، أجرت "اندبندنت عربية" جولة امتدت من قرى منطقة مشتى الحلو السياحية غرب حمص وسط البلاد وصولاً إلى أرياف اللاذقية شمال غربي سوريا، مروراً بمدن طرطوس وبانياس والقدموس ومصياف ومئات القرى، وعلى امتداد المثلث الكبير الذي لم تدخله الحرب، كانت تنتشر مئات العيون والينابيع والشلالات الصغيرة ومجاري المياه العذبة.

من السهولة ملاحظة انتشار مئات المقاهي والمطاعم السياحية حول تلك المياه، جلّها يعتمد وضع طاولات وكراسٍ بلاستيكية، وقليل منها حصل على ترخيص، والغالبية افتتحت من منطلق وضع اليد وضياع المحاسبة واللجان المعنية بمتابعة شؤون الاستثمار في تلك المناطق وفق محددات القوانين الرسمية.

وأكدت الوزارات المعنية التي تواصلنا معها أن تلك الحالة الجماعية لم تخضع لشروط الرقابة والتراخيص لجملة أسباب، على رأسها انشغال دوائر الدولة بالحرب ومخلفاتها الخدماتية، ومن استفادة أولئك الأشخاص من عاملين، الأول: "وضع اليد والافتتاح من دون إذن"، والآخر: ملكية الأرض الأساسية في جوار المياه المتدفقة.

وكذلك أكد أكثر من مصدر في مديريات محافظات تلك المدن أن هذا النوع من الاستثمار على رغم مخالفته لا يشكل خطراً مباشراً طالما أنّه بعيد عن الاستجرار غير المشروع والإسراف في تبديد الموارد الطبيعية، علاوة على أن أصحاب تلك المطاعم همهم الأساس العناية بنظافة المنطقة لاستمرار جلب السياح والزوار إليهم، لذا وعلى رغم مخالفتهم للقانون، فإنهم يشكلون حارساً طبيعياً للمنطقة.

خارج الأغراض السياحية

قد لا يشكل الاستثمار السياحي حول موارد المياه الطبيعية أثراً سلبياً مباشراً، لكن الخطر يكمن في حفر الآبار التي صار تعدادها أكبر من أن يحصى، تقول منظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المتحدة في دراسة لها إنه "في ظل الزيادة المتوقعة التي بلغت نسبة 50 في المئة في الطلب على الأغذية والأعلاف والوقود الأحيائي بحلول عام 2050، مقارنة بمستويات عام 2012، فإن نضوب المياه الجوفية يهدد بتقويض الأمن الغذائي، وإمدادات المياه الأساسية، والقدرة على الصمود أمام أزمة المناخ على نطاق عالمي. وكما هي الحال في كثير من الأحيان، فإن أشد المجتمعات فقراً وأكثرها تهميشاً هي أكبر الخاسرين".

وبالحديث عن سوريا على وجه الخصوص، فإن واحدة من بوادر الإنذار بالكارثة الجوفية يمكن استنتاجها من تلك الآبار التي لم تعد تضخ مياهاً في مناطق شرق حمص وحماة ودرعا مثلاً، مما يعني سحباً عالياً للمياه بما لم تستطع الأرض تعويضه عبر المورد المطري والثلجي، وهو ما ينبئ بتراجع بل اضمحلال في مستوى المياه في مناطق مثل تلك، لتلحقها بالضرورة مناطق مجاورة، ثم أبعد فأبعد.

وتلك الحال من الخطر تدفع لتعميق البئر أكثر، أو التخلي عنه وحفر بئر في مكان آخر ضمن الأرض، أو كما حصل أواخر عام 2020 حين عانى مزارعو الغوطة الشرقية في ريف دمشق استحصال مياهٍ نقية لري مزروعاتهم، فاستعانوا بمياه الصرف الصحي مما وضعهم في دائرة اتهام تفشي الكوليرا حينها.

أزمة ثلاثية

تربط الباحثة في معهد الشرق الأوسط للدراسات ميغان فيراندو، الواقع السوري ما بين الصراع الدائر بفعل الحرب والمناخ، ليخلقا معاً أزمة "المياه الثلاثية" التي تتمثل بموجات الجفاف المتتالية التي تضرب سوريا منذ عام 2020، والتي انخفض خلالها معدل هطول الأمطار بنسبة 60 في المئة، مع تسجيل درجات حرارة مرتفعة قياسياً.

وترى الباحثة أن المشكلة الثانية التي تعترض الواقع المائي السوري تكمن في انخفاض معدل تدفق نهر الفرات الذي يمثل مصدر تغذية لنحو 5 ملايين سوري، في حين تتمثل المعضلة الثالثة بتعطل محطة مياه علوك شمال شرقي سوريا قرب الحدود التركية، التي كانت تغذي نحو نصف مليون سوري في المدن الشرقية.

وتختتم الباحثة حديثها باستخلاص نتيجة مفادها بأنه "بعد كل ذلك لجأ الناس إلى البدائل وباشروا في حفر الآبار. لكن هذا سبّب الإفراط في استخراج المياه الجوفية بصورة مثيرة للقلق وأدى إلى انخفاض مستويات المياه الجوفية التي تراجعت بالفعل في العقود الأخيرة. كما تنتشر مخاوف جدية في شأن نوعية المياه في هذه الآبار والأخطار الصحية المرتبطة بشربها".

المزيد من تحقيقات ومطولات