Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حفلات تعذيب إسرائيلية لأسرى سجن سدي تيمان

الأمم المتحدة وواشنطن طالبتا بضرورة إجراء تحقيق شامل في حادثة اعتداء جنسي على فلسطيني

قاعدة سدي تيمان باتت مرتبطة باحتجاز أسرى غزة (نيويورك تايمز) 

ملخص

تتلخص معظم الاعتداءات الجنسية على الأسرى الفلسطينيين في الأفعال السادية نتيجة شحن الجنود الإسرائيليين بمشاعر غضب وكراهية ضد غزة باعتبارها "مدينة الشر".

في مقطع مصور مسرب من داخل معسكر سدي تيمان العسكري في إسرائيل، ظهر محتجزون من قطاع غزة منبطحين على الأرض ومقيدي الأيدي، ثم اقترب منهم مجموعة من جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي واقتادوا أحدهم جانباً وبدأوا يعتدون عليه جنسياً.

وتظهر اللقطات جنوداً يحاولون إدخال جسماً أسطوانياً معدنياً في فتحة شرج المعتقل الذي يصرخ، لكن القوات الإسرائيلية كانت تضربه بهراوات حديدية وبعنف شديد.

 وعلى إثر هذا الفيديو الذي سربته "القناة 12 العبرية"، عمت ضجة إسرائيل والأراضي الفلسطينية على حد سواء.

حال لا مثيل لها من قبل

ونقل المعتقل الفلسطيني إلى النقطة الطبية في معسكر سدي تيمان العسكري، لكن الطبيب البروفيسور يوئيل دونخين رفض استقبال الحالة وتقديم العلاج لها، نظراً إلى هول الموقف الذي رآه، ويقول "فور وصولي لمناوبة عملي الاعتيادية واجهت حالة لم أر مثلها من قبل".

ويضيف، "شخصت الضحية وبمجرد ما رأيته أيقنت أنه جريمة اغتصاب جماعي، لقد وجدت كسوراً في أضلاعه وآثار ضرب على كل عظامه، وأدخلوا جسماً أسطوانياً أعمق ما يمكن في فتحة شرجه مما تسبب بتمزق في المستقيم وآخر في الجزء السفلي من الأمعاء".

ويؤكد البروفيسور دونخين أنه أبلغ الجنود عدم مقدرته على معالجته لأن الضحية كان في وضع يشكل خطراً على حياته، لافتاً إلى أنه نقل إلى مستشفى وهناك أجريت له جراحة عاجلة.

"سدي تيمان" سيئ السمعة

وبحسب هيئة البث الإسرائيلية الرسمية (كان) فإن نحو 10 جنود اعتدوا على المعتقل الفلسطيني، وبعد وصوله إلى المستشفى اضطرت الشرطة العسكرية إلى فتح تحقيق ودهم السجن واعتقال القائمين بفعل الاعتداء الجنسي، ورفعت النيابة العامة شكوى إلى المحكمة العليا تطالب فيها بإغلاق سجن سدي تيمان.

ويتمتع سجن سدي تيمان بسمعة سيئة، وصيته ذائع في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، ويعرف عند الأسرى بأنه "غوانتانامو إسرائيل"، وهناك مطالبات من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والفلسطينيين وحتى من الإسرائيليين بإغلاقه.

 

 

ويقع المعتقل داخل القاعدة العسكرية سدي تيمان في جنوب إسرائيل وهو قريب جداً من مدينة بئر السبع، ويتبع القيادة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي.

وقبل الحرب على غزة كان يستخدم لأغراض عسكرية ومعاقبة العاصين للتعليمات العسكرية، لكن في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أعيد افتتاحه لاحتجاز الفلسطينيين الذين اعتقلوا من غزة.

حوادث الاعتداء الجنسي تتكرر

وفي هذا المعتقل تعرض الموقوفون من غزة إلى أنواع وألوان من التعذيب، وأدلى المفرج عنهم بشهادات قاسية لمؤسسات حقوق الإنسان عن ذلك، ولكن أبشع ما يجري في سدي تيمان هو الاعتداءات الجنسية التي سربت جزء منها "كان" والقناة 12 العبرية.

ولم يكن المعتقل الذي ظهر في الفيديو المسرب الوحيد الذي تعرض للاعتداء الجنسي، فقد أدلى نحو 55 فلسطينياً من غزة بشهاداتهم إلى منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية حول حوادث تعرضهم لانتهاكات جنسية يغلب عليها طابع السادية، كفعل معتمد تعرضوا له في سدي تيمان.

وقال أحد الأسرى المفرج عنه في شهادته إنه "في إحدى الليالي حضرت وحدة القمع وأخذوني أنا وعدد من المعتقلين ونحن مكبلو الأيدي ومعصوبو الأعين، وأمرونا بالنوم على بطوننا، وأخذني أحد الجنود إلى زاوية وفتح أرجلي، وكان يضربني بعصا على ظهري، وأنزل البنطلون ثم أدخل في مؤخرتي جسماً غريباً وبقيت أعاني أكثر من شهرين الألم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وذكر أسير آخر في شهادته أنه "خلال التعذيب أدخلت مقدمة السلاح في مؤخرتي وكنت معصوب العينين ومكبل اليدين، مما سبب لي آلاماً شديدة في المؤخرة".

وفي إفادة أخرى أكد أسير أنه وضع في قفص له قضبان ورمي بالموز، وبعدها أدخل عدد من الجنود هاتفاً محمولاً في مؤخرته، ثم اتصلوا عليه ليقوم بالرنين داخل جسمه وهم يضحكون.

التعذيب سادي

وتعرف السادية بأنها متعة أو إشباع نفسي يستمده الفرد من إلحاق الألم أو المعاناة بالآخرين، وقد يرتكب بعض الأشخاص الفعل السادي بينما يكتفي آخرون بمشاهدته والاستمتاع به بصورة غير مباشرة، ويمكن أن يسبب الساديون الألم الجسدي أو الإذلال أو التلاعب العاطفي لإلحاق الأذى بالآخرين والتلذذ بذلك.

ويؤكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس أن حوادث العنف الجنسي تحدث في جميع السجون الإسرائيلية وليس في معتقل سيدي تيمان وحده، وأن عمليات الاغتصاب والاعتداءات الجنسية سلوك قديم يمارسه الجنود منذ زمن على الفلسطينيين.

وتقول الباحثة في علم السلوك البشري سماح جبر إنه "من الشائع في النزاعات العنيفة أن تظهر أشكال عدة من السلوك السادي والذي يجعل حياة المدنيين أكثر مرارة وتعقيدا، وفي حرب غزة لهذا السلوك أشكال متنوعة وصور عدة".

وتضيف، "للسادية أبعاد نفسية واجتماعية سيئة، وفي حال غزة جاءت بشكل تدرجي، إذ جرى تجريدهم من الإنسانية عندما جرى وصفهم بحيوانات بشرية، ثم وصفت مدينتهم بأنها مدينة الشر، وبعدها عمم الإرهاب حتى على المدنيين، ثم شرع الهجوم البري المباشر وحينها تعززت لدى القوات أفعال السادية".

وتوضح الباحثة التي أعدت دراسة حول العنف السادي في النزاعات وخصصت فيها باباً عن حال العدوان الإسرائيلي على غزة، أنه في النزاع طويل الأمد يصبح الفعل السادي مقبولاً لدى القوات، وفي حال فلسطين جرى تجريد سكان غزة من إنسانيتهم، وهو الخطوة الأولى لإطلاق شرارة العنف اللامتناهي ضدهم ومن دون أي شعور بالذنب نحوهم، وبذلك يصبح من الأسهل تبرير الأفعال السادية تجاهها، لافتة إلى أن المؤسسات العسكرية والسياسية في إسرائيل توفر حصانة للجنود وتتغاضى عن سلوكياتهم العنيفة وهذا يعزز الفعل السادي عندهم.

إغلاق السجن

لكن هذه المرة في إسرائيل اتخذوا خطوات كبيرة لمعاقبة ما قام به الجنود بحق الأسير الفلسطيني الذي سرب مقطع الفيديو له، إذ اقتحمت الشرطة العسكرية المعتقل واقتادت معها جميع المتهمين بالتنكيل والقائمين بالاعتداء الجنسي.

 

 

ومن بين 10 جنود متهمين أفرجت المحكمة العسكرية الإسرائيلية عن نصفهم ومددت اعتقال البقية، فيما طالبت النيابة العامة بإغلاق السجن وتوقف استخدامه كمعتقل، واستجابت الهيئة القضائية لذلك وقررت الإغلاق التدرجي للمكان سيئ السمعة.

غضب دولي

الفعل الإسرائيلي جاء بعد أن وصف المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق حادثة الاعتداء الجنسي على أسير فلسطيني بأنها ممارسات غير إنسانية، وطالب إسرائيل بإغلاق معتقل سدي تيمان سيئ السمعة.

وطالبت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير إسرائيل بإجراء تحقيق شامل في الاعتداء الجنسي على الأسير الفلسطيني وعدم التسامح مع هذه الحوادث، لافتة إلى أنه يجب أن يسود حكم القانون والإجراءات القانونية الواجبة بهذا الصدد.

وبينما أيد الجيش الإسرائيلي إغلاق سدي تيمان، فقد رفضت وزيرة الاستيطان والمهمات القومية أوريت ستروك اعتقال جنود متهمين بالاعتداء الجنسي، وقال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إن معسكر الاحتجاز سدي تيمان في النقب يجب أن يظل مفتوحاً، معتبراً أن اكتظاظ السجون بالفلسطينيين أمر جيد، ويجب ألا يكون سبباً للإفراج عنهم.

المزيد من متابعات