ملخص
كان تطور التسوق الإلكتروني قبل وباء كورونا بطيئاً إلى حد كبير وهو ما لم يكن يشجع كثيراً من شركات التجزئة لطرح منتجاتها عبر الإنترنت وتعتمد على التوزيع من خلال المحال الفعلية
قبل أزمة وباء كورونا لم تكن التجارة الإلكترونية قوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبحسب تقديرات مسح أخير لمؤسسة "إبسوس" نهاية العام الماضي كان ثلاثة أرباع المتسوقين يذهبون إلى المحلات ومراكز التسوق مقابل الربع فحسب الذي يلبي حاجاته عبر الإنترنت، لكن الأمر تغير خلال الأعوام القليلة الأخيرة ما بعد أزمة وباء كورونا، إذ أصبح نحو ثلثي المتسوقين يشترون عبر الإنترنت بدلاً من الشراء من المحال ومراكز التسوق الفعلية مباشرة.
وتتوقع شركة الاستشارات واستطلاعات الرأي وأبحاث السوق أن تشهد التجارة الإلكترونية والتسوق عبر الإنترنت في المنطقة نمواً بنسبة سبعة في المئة، ما بين عامي 2023 و2027.
وتقدر "إبسوس" أن يصل حجم التجارة الإلكترونية خلال عام 20027 إلى 169 مليار دولار، تتركز معظمها في دول الخليج ومصر باعتبارها الأسواق الأكبر للتجارة الإلكترونية.
أما شركة "ديلويت ميدل إيست" للاستشارات والأبحاث فترى أن حجم سوق الشراء عبر الإنترنت في دول الخليج وحدها سيصل إلى أكثر من 50 مليار دولار العام المقبل 2025.
ومن العوامل التي تساعد في معدل نمو التسوق الإلكتروني في المنطقة مدى انتشار استخدام الهواتف الذكية المتصلة بالإنترنت.
وفي هذا السياق، تكاد تجمع شركات أبحاث السوق على أنه من بين أسواق المنطقة تعد السوق الإماراتية والسعودية والمصرية الأسرع نمواً في هذا السياق، إذ تزيد نسبة انتشار الهواتف الذكية على 90 في المئة داخل تلك الدول.
تطورات وسلوكات
وكان تطور التسوق الإلكتروني قبل وباء كورونا بطيئاً إلى حد كبير وهو ما لم يكن يشجع كثيراً من شركات التجزئة لطرح منتجاتها عبر الإنترنت وتعتمد على التوزيع من خلال المحال الفعلية، لكن فترة الحجر الطويلة لغالب السكان عام 2020 زادت من الإقبال على التسوق الإلكتروني لمعظم الحاجات، مما شجع الشركات على دخول مجال التجارة الإلكترونية.
وفي الوقت نفسه طورت شركات التسويق الإلكتروني تطبيقات ذكية للهواتف وغيرها تسهل عملية التسوق، وظهرت شركات تسويق إلكتروني إلى جانب انتشار شركات كبرى تقليدية كانت موجودة بالفعل لكنها لم تكن تحظى بنشاط كبير.
واستثمرت شركات ناشئة في التطبيقات الذكية للتسوق والمستودعات وسبل التوصيل، هذا فضلاً عن أن بعض الشركات الكبرى طورت أيضاً نوافذ بيع إلكترونية لمنتجاتها، إضافة إلى التوزيع على المحال فيما يعرف بوصف "التسويق الهجين" أي عبر الإنترنت وفي المحال.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتمثلت استجابة الشركات، سواء مواقع التسوق الإلكتروني أو الشركات المنتجة، للزيادة المطردة في نسبة التسوق الإلكتروني بين المستهلكين في جوانب عدة، أهمها بالطبع هو تطوير سلاسل الإمداد بما يخدم التجارة الإلكترونية إلى جانب تجارة التجزئة التقليدية.
شركات الإنتاج والبيع بالتجزئة ما زالت تحافظ أيضاً على الاستجابة لسلوك المستهلكين، وبخاصة أن تجربة التسوق في منطقة الشرق الأوسط ما زالت تعد في جانب منها عملية "ترفيه ومتعة".
فما زالت الأسر تخرج إلى مراكز التسوق (المولات) حتى لو لم يكن للشراء بنسبة كبيرة ففي الأقل للتعرف على المنتجات قبل البحث عنها على الإنترنت.
وبالطبع تظل فئة من المستهلكين تفضل الشراء من المحال في المولات أو شوارع السوق، محافظة على سلوكات شراء تتضمن القياس والتبديل والتفاوض على السعر وغيرها.
الشراء عبر الإنترنت
يبدو ذلك واضحاً كما تشير دراسة لشركة "بيدرسن أند بارتنرز" من حجم الإقبال على مراكز التسوق الحديثة في دول الخليج ومصر وغيرها وبصورة أكبر في السعودية والإمارات، إذ إن زيارة مركز التسوق هي تجربة في حد ذاتها بغض النظر عن التسوق والشراء. وغالباً ما يدفع ذلك نحو ما يعرف بعملية "الشراء الفوري"، أي إن يرى المستهلك منتجاً في محل فيشتريه مباشرة حتى لو لم يكن يخطط لذلك، إما للسعر أو الماركة أو غير ذلك.
حسب دراسة شركة "إبسوس" فإن نسبة 71 في المئة من المتسوقين يخططون مسبقاً للشراء عبر الإنترنت، بمعنى أنهم يشترون ما يحتاجون إليه بالفعل من أغراض نفدت لديهم أو هم في حاجة إليها، ثم إنهم يقضون وقتاً على الإنترنت يقارنون بين المواقع ونوع وسعر المنتج نفسه عليها. ونسبة 80 في المئة من المتسوقين إلكترونياً يعرفون ماركة المنتج التي يريدونها قبل أن يشتروا عبر الإنترنت.
وتشير نتائج الدراسة إلى أن نسبة 81 في المئة من المستهلكين الذين يتسوقون عبر الإنترنت يجذبهم بالأساس السعر، بمعنى أن سعر المنتج على الإنترنت يكون أقل من السعر في المحل الفعلي. وهكذا فإن أربعة من بين كل خمسة متسوقين إلكترونياً يهتمون بالسعر قبل أي شيء.
صحيح أن هناك كلفة للمنتج من المصنع حتى يصل إلى المستهلك في التسوق الإلكتروني مثل إيجارات المستودعات وتكلفة التوصيل، إلا أن ذلك ربما يكون أقل من كلفة إيجارات المحال في مراكز التسوق وغير ذلك من الفواتير التي يدفعها تاجر التجزئة للمحل.
وربما لهذا السبب، أي اختلاف الأسعار، نجد المتسوقين عبر الإنترنت ينفقون أكثر على رغم أنهم يشترون حاجات محددة خططوا لها مستقبلاً. وبحسب الدراسة، فإن نسبة 42 في المئة من المستهلكين ينفقون أكثر على التجارة الإلكترونية من إنفاقهم لو قاموا بالتسوق من المحال.
وفيما يشبه توصيات الزبائن بمنتج معين من محل معين، يميل المتسوقون عبر الإنترنت أكثر فأكثر إلى متابعة مراجعات المتسوقين السابقين قبل الشراء. ونسبة 68 في المئة من المتسوقين إلكترونياً يتصفحون مراجعات المتسوقين السابقين قبل الإقبال على شراء منتج ما عبر الإنترنت. وتتأثر نسبة ثلاثة من كل خمسة مشترين بآراء من سبقوهم في شراء المنتج من موقع أو تطبيق معين.
وفي النهاية، وعلى رغم أن المحال ومراكز التسوق لن تنتهي فإن هناك زيادة مطردة في تسوق الناس داخل منطقة الشرق الأوسط عبر الإنترنت. ويمثل ذلك حافزاً للشركات لتغيير استراتيجيات البيع لتلبية الاختلاف في صورة الطلب.