ملخص
رداً على الحظر التركي، هدد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بإلغاء اتفاق "التجارة الحرة" مع أنقرة، الذي وقع عام 1996 في ظل ما وصف بـ"الحقبة الذهبية" بين البلدين، قبل أن يتراجع عن ذلك بضغوط من التجار.
بهدف تخطي الحظر التركي على تصدير البضائع التركية إلى إسرائيل لجأ رجال أعمال إسرائيليون، بسبب عدم قدرتهم على الاستغناء عن تلك البضائع التي تصل قيمتها إلى أكثر من 5.5 مليار سنوياً، إلى شراء بضائعهم من تركيا باستخدام أسماء رجال أعمال فلسطينيين بعد الاتفاق بين الجانبين.
مقابل ذلك يحصل رجال الأعمال الفلسطينيون على عمولة مالية متفق عليها بسبب استخدام أسمائهم في تلك المعاملات التجارية.
عملية التفافية
بعد أيام على دخول الحظر التركي حيز التنفيذ خلال شهر مايو (أيار) الماضي، أصبح رجال الأعمال الإسرائيليون يستخدمون التجار الفلسطينيين كـ"جسر" لشراء البضائع التركية بديلاً عنهم.
وكشف فلسطينيون يعملون في مجال التخليص الجمركي رفضوا الكشف عن هوياتهم لحساسية القضية لـ"اندبندنت عربية" عن طريقة تنفيذ تلك "العملية الالتفافية"، فبموجب اتفاق بين رجال أعمال فلسطينيين وإسرائيليين يشتري الإسرائيلي البضائع من المصانع والشركات التركية باسم رجال أعمال فلسطينيين يدفعون ثمن تلك البضائع عبر البنوك أو الصرافين.
وفق هؤلاء المخلصين، فإنه بمجرد وصول تلك البضائع إلى الموانئ الإسرائيلية تحول ملكيتها من رجال الأعمال الفلسطينيين إلى الإسرائيليين، قبل تخليصها جمركياً.
وبحسب هؤلاء فإن تلك التعاملات التجارية لا يصل علمها إلى السلطة الفلسطينية، إذ يتم نقل ملكية تلك البضائع إلى الإسرائيليين قبل تخليصها جمركياً في الموانئ الإسرائيلية.
ومع أن حجم استيراد الفلسطينيين من البضائع التركية لم يتجاوز خلال شهر يوليو (تموز) عام 2023، 10 ملايين دولار، فإنه ارتفع بنسبة تجاوزت 1000 في المئة ليصل خلال الشهر الماضي إلى أكثر من 120 مليون دولار وفق جمعية المصدرين الأتراك، التي أشارت إلى أن حجم الصادرات التركية إلى إسرائيل خلال شهر يوليو الماضي كان صفراً.
تجارة "من الباطن"
رداً على الحظر التركي، هدد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بإلغاء اتفاق "التجارة الحرة" مع أنقرة، الذي وقع عام 1996 في ظل ما وصف بـ"الحقبة الذهبية" بين البلدين، وفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100 في المئة على البضائع المستوردة من تركيا.
لكنه تراجع عن ذلك في ظل ضغوط من اتحاد المستودرين الإسرائيليين بسبب العلاقات الاقتصادية القوية مع تركيا.
وتسببت الأوضاع الاقتصادية داخل الأراضي الفلسطينية في انخفاض حجم الاستيراد من تركيا وغيرها من دول العالم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن لجوء الإسرائيليين إلى العلاقات التجارية "من الباطن" مع تركيا أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في حجم الاستيراد الفلسطيني من تركيا في السجلات الرسمية التركية فحسب.
يأتي ذلك على رغم أن التبادل التجاري بين فلسطين وتركيا غير خاضع للإعفاء الجمركي كما هو بين إسرائيل وتركيا، مما أدى إلى فرض جمارك على تلك البضائع وارتفاع أسعارها في إسرائيل وفلسطين.
بهدف الحصول على الإعفاء الجمركي، كان رجال الأعمال الفلسطينيون يلجأون إلى تسجيل اسم إسرائيل كهدف للتصدير وليس فلسطين.
جسر في الخفاء
ورفض المخلصون الجمركيون الذين تحدثوا إلى "اندبندنت عربية" الإفصاح عن أسماء التجار الفلسطينيين الذي يستخدمهم الإسرائيليون "جسراً" لشراء البضائع من تركيا.
وبحسب هؤلاء فإنه ليست كل المصانع والشركات التركية تقاطع إسرائيل، بالتالي فإن الحركة التجارية بين الجانبين مستمرة، وإن بطرق غير مباشرة.
ومن أبرز البضائع المستوردة من تركيا إلى إسرائيل الأسمنت والصلب ومنتجات التعدين ومنتجات الألبان، والخضر والفاكهة.
المحلل الاقتصادي وائل كريم يعد أن التفاف الإسرائيليين على الحظر التركي يعود إلى أن "الاقتصاد الإسرائيلي لا يستطيع الاستغناء عن البضائع التركية بسبب استيفائها للمعايير الإسرائيلية، فضلاً عن القرب الجغرافي بين البلدين الذي يتيح شحن تلك البضائع في أيام معدودة".
وأوضح أن الصناعة الإسرائيلية ضعيفة في مجالات كثيرة، لذلك فإن الإسرائيليين يعتمدون على تركيا، مشيراً إلى أن إسرائيليين أنشأوا مصانع لهم في تركيا بسبب انخفاض الكلف وتوافر الأيدي العاملة وبخاصة بعد انخفاض أسعار الليرة التركية مقابل الدولار الأميركي خلال العامين الماضيين.
ووفق كريم فإن استيراد إسرائيل البضائع من الصين "مكلف جداً بسبب بعدها الجغرافي، وصعوبة الملاحة في البحر الأحمر خلال الأشهر الماضية". مشيراً إلى أنه على رغم القطيعة التجارية بين إسرائيل وتركيا فإن حركة التجارة بينهما مستمرة عبر التجار الفلسطينيين.
وأوضح أنه تم نقل مصانع للإسرائيليين من الصين إلى تركيا خلال الفترة الماضية، مضيفاً أن الحظر التركي "تسبب بمشكلات كبيرة لتلك المصانع، لكنها نجحت في الالتفاف عليه".
وفي حين تستغرق عملية شحن البضائع من الصين إلى إسرائيل نحو شهرين، فإن تلك العملية بين تركيا وتل أبيب تتم خلال أيام معدودة عبر الموانئ التركية والإسرائيلية على البحر المتوسط.