ملخص
"غادرنا منازلنا لا نعرف إلى أين نذهب ولا نعرف ماذا نفعل" تقولها امرأة فضلت عدم الكشف عن هويتها، بينما تجلس على فرشة وضعت أرضاً إلى جانب والدتها العجوز الممددة التي يعلو وجهها التعب والحزن.
نصب حسن نون خيمة في باحة كنيسة داخل بلدة دير الأحمر المسيحية بعد نزوحه من منطقة بعلبك إثر تكثيف الجيش الإسرائيلي غاراته خلال الآونة الأخيرة على معاقل "حزب الله" في شرق لبنان.
"نحن في حاجة إلى مأوى وقريباً ستسقط الثلوج والأمطار، من سيؤوي هؤلاء الأطفال؟" يسأل الرجل الأربعيني الملتحي وهو أب لخمسة أطفال.
ونون من بين نحو 30 ألف نازح لجأوا إلى دير الأحمر ومحيطها باعتبارها واحدة من البلدات المسيحية في البقاع التي لم يطاولها القصف الإسرائيلي.
لا مزيد
ويضيف حسن نون لمصور متعاون مع وكالة الصحافة الفرنسية "ها نحن أمام الكنائس وأمام المدارس وداخلها، ولكنها لم تعد قادرة على استقبال مزيد".
خلفه وعلى مقعد أبيض مهترئ تضع أسرته إبريقاً من الشاي وأدوات مطبخ، بينما غطت حصيرة بلاستيكية جزءاً من الأرضية الحجرية.
في كل مكان تقريباً هناك فرش إسفنجية رقيقة يستخدمها النازحون للنوم، بعضها أسند على باب الكنيسة الواقعة على تلة تطل على سهل البقاع الزراعي. وتبدو مناشف أو ملابس مدت على حائط منخفض أو على حبال تتدلى بين أعمدة موجودة في المكان.
وعلى مقاعد في حافلة صغيرة تتراكم لوازم هي عبارة عن مزيد من الفرش وزجاجات مياه وحقائب ظهر مليئة بالأغراض.
ومنذ الـ23 من سبتمبر (أيلول) الماضي أسفرت الغارات الإسرائيلية على لبنان عن مقتل أكثر من 1900 شخص، وفقاً لتعداد لوكالة الصحافة الفرنسية يستند إلى بيانات وزارة الصحة اللبنانية.
وأمس الجمعة، أسفرت الغارات على قرى عدة في محافظة بعلبك الهرمل عن مقتل 52 شخصاً.
حلم الملابس الثقيلة
كذلك، نزح أكثر من 78 ألف شخص من منازلهم ضمن منطقة بعلبك، وفقاً لإحصاءات أجرتها المنظمة الدولية للهجرة.
تقول فاطمة (17 سنة) التي فرت من قرية شعث "بسبب عمليات القصف"، "لا تدفئة، وليس معنا إلا ثياب للصيف".
وتضيف الشابة التي غطت رأسها بحجاب أسود "ضاع العام الدراسي ولا يمكننا أن ندرس بسبب الحرب".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في مدرسة بلدة بشوات التي تحولت مركز إيواء قرب دير الأحمر صنعت عائلتها "خيمة" من مكاتب ضُمت إلى بعضها بعضاً وتغطيتها بطانيات لتوفير شيء من الخصوصية.
ومن جانبها تعرب رندة أمهز عن شكرها للمدرسة التي فتحت أبوابها للنازحين وللبلدية التي تساعدهم، غير أنها تشير إلى أن "الأطفال في حاجة إلى ملابس ثقيلة، وكبار السن في حاجة إلى أدوية".
وقبل موجة النزوح الأخيرة التي سجلت قبل يومين استقبلت بلدة دير الأحمر والقرى المحيطة بها 12 ألف شخص، استقر معظمهم "في منازل ومبان ملحقة بالكنائس وبعضهم لا يزال على الطرق"، وفقاً لربيع سعادة العضو في لجنة طوارئ محلية.
ومع اشتداد الغارات على بعلبك هذا الأسبوع "دخل أكثر من 20 ألف شخص المنطقة، معظمهم ينامون في الساحات" العامة داخل دير الأحمر.
متى تنتهي الأزمة؟
يطالب سعادة الدولة بتأمين المساعدات الضرورية "كي تتمكن اللجان المعنية من الاستمرار، لأن من غير المعروف متى ستنتهي الأزمة".
وفي باحة المدرسة يمكن رؤية نساء غالبيتهن محجبات وفي ملابس سوداء يحاولن الاستفادة من ضوء وحرارة الشمس، بينما يلهو أطفال حولهن.
وفي الممرات تتردد صرخات صغار وتتدلى ملابس من نوافذ صفوف لتجف، أو حتى على مقاعد دراسية قديمة وضعت في الفناء.
"غادرنا منازلنا لا نعرف إلى أين نذهب ولا نعرف ماذا نفعل" تقولها امرأة فضلت عدم الكشف عن هويتها، بينما تجلس على فرشة وضعت أرضاً إلى جانب والدتها العجوز الممددة التي يعلو وجهها التعب والحزن.