Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"بيغ ماك" قد يحسم المعركة حول الصوت الأميركي

التضخم وارتفاع أسعار السلع يستحوذان على الاهتمام الأكبر لدى الناخبين في الولايات المتحدة

 بات الناخب الأميركي مستاء من ارتفاع أسعار السلع الأساسية (غيتي)

ملخص

يقول مراقبون إن مسار الاقتصاد الأميركي سيؤثر على مدى الأيام الـ90 المقبلة في فرص الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية مطلع نوفمبر المقبل، وربما يكون الركود التام نذير شؤم لهاريس. 

بالنسبة إلى الأميركيين، فإن شطيرة الهمبرغر "بيغ ماك" هي بقدر شهرة "ميكي ماوس" وليست أقل أهمية من الجينز وموسيقي "روك أند رول". فذلك السندويش الرخيص هو جزء من المطبخ الوطني الأميركي وأداة للقوة الناعمة دولياً، لكن على الأكثر هو وجبة اقتصادية ينبغي أن يتمكن متوسطو الدخل والفقراء من الحصول عليها بسهولة، لذا فإن ارتفاع سعرها هو مؤشر مقلق للمواطن الأميركي وربما محرك لصوته السياسي. 

ففي مايو (أيار) الماضي، نشر حساب تابع للقيادة الجمهورية لمجلس النواب الأميركي على منصة "إكس" قائمة ببعض الوجبات السريعة التي أصبح المواطن الأميركي يدفع أكثر للحصول عليها مثل سندويش "بيغ ماك"، منتقداً السياسات الاقتصادية للرئيس الحالي جو بايدن التي تسببت في التضخم وارتفاع الأسعار. ومطلع آب (أغسطس) الجاري، وجدت شركة "ماكدونالدز" وغيرها من شركات الوجبات السريعة ومتاجر التجزئة الأميركية أنها في قلب نزاع سياسي بين النواب من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، فبينما يسعى الديمقراطيون إلى إلقاء اللوم على الشركات في شأن التضخم، متهمين أصحابها بالجشع والرغبة في الربح الكبير، حاول الحزب الجمهوري لأعوام لوم سياسات الإدارة الديمقراطية الحالية. 

الأمر لا يتعلق بشطيرة "ماكدونالدز" فحسب، بل ثمة قضية أكبر تشغل كذلك بال الناخب الأميركي الذي بات مستاء من ارتفاع أسعار السلع الأساسية،وتظهر استطلاعات الرأي الأميركية أن الاقتصاد هو المسألة الأهم على أجندة الأميركيين، فكشف موقع "ستاتيكا" المتخصص في الإحصاءات ضمن استطلاع أجراه في يوليو (تموز) الماضي عن أن التضخم وارتفاع أسعار السلع يستحوذان على الاهتمام الأكبر لدى الناخبين في الولايات المتحدة بنسبة 25 في المئة مقارنة بقضايا مثل الهجرة والرعاية الصحية التي تأتي في مرتبة تالية بنسبة 10 و11 في المئة. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبينما يتنافس الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس على السباق نحو البيت الأبيض، يقول المراقبون إن المرشحين بحاجة إلى محاولات جديدة لإقناع الأميركيين بأنهما قادران على تحقيق الرخاء. وفي حين تعافى الاقتصاد الأميركي من عواقب جائحة "كوفيد-19" على نحو أفضل من أيّ من الاقتصادات المتقدمة، لكن لا ينسب الناخبون في الولايات المتحدة الفضل إلى البيت الأبيض بقيادة بايدن. ومن ثم ينبغي التساؤل عما إذ كان الناخبون يمكن أن يعاقبوا كامالا هاريس على التباطؤ الذي يعانيه الاقتصاد الأميركي بعد معدلات نمو كانت موضع حسد العالم الغني. 

"انهيار هاريس"

في الثاني من أغسطس الجاري، عمّ الذعر أسواق المال عند سماع أنباء ارتفاع معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 4.3 في المئة خلال يوليو الماضي، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2021. وفي الخامس من أغسطس، تراجعت أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم قبل أن تتعافى قليلاً من خسائر فادحة في اليوم التالي.

ويقول مراقبون إن مسار الاقتصاد الأميركي سيؤثر على مدى الأيام الـ90 المقبلة في فرص الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وربما يكون الركود التام نذير شؤم لهاريس. ولكن حتى لو بقي الاقتصاد عند وضعه الحالي، كما هو مرجح، فقد يضر بها ويساعد منافسها الجمهوري. وسعى ترمب إلى تقديم حجة قوية ضد دور هاريس في الاقتصاد عندما تحدث أمس الأربعاء في ولاية كارولاينا الشمالية، فيما ستكون هاريس بحاجة إلى تقديم إجابات حول كيفية خفض الأسعار في أول خطاب سياسي رئيس لحملتها غدٍ الجمعة. 

تقول صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إنه إذا تمكن ترمب والجمهوريون من ربط هاريس بالسياسات الاقتصادية لبايدن، فسيشكل ذلك تحدياً كبيراً للمرشحة الديمقراطية، إذ إن أكثر من ستة من كل 10 ناخبين يعتقدون بأنه إذا تم انتخاب هاريس فعليها إما "إجراء تغييرات كبيرة" أو "اتباع نهج مختلف تماماً" عن بايدن، وفق نتائج استطلاع أجرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، وتظهر استطلاعات الرأي الأخرى تفوّق ترمب على هاريس بفارق ست نقاط بين الناخبين المحتملين في ما يتعلق بقضية الاقتصاد، وإن كان استطلاع الصحيفة البريطانية يخالف تلك التوقعات.

ومع هبوط أسواق الأسهم الأسبوع الماضي، سرعان ما أعلن ترمب ما وصفه بـ"انهيار كامالا"، وتمهد الإشارات الاقتصادية المتضاربة الطريق لبضعة أشهر محفوفة بالأخطار لنائبة الرئيس، وقالت حملته في بيان قبيل خطابه في كارولاينا الشمالية اليوم "يعاني الأميركيون المجهدون بسبب سياسات إدارة هاريس وبايدن الليبرالية الخطرة، فالأسعار مرتفعة بصورة مؤلمة وزادت كلفة المعيشة، مما يجعل أولئك الذين لديهم دخل ثابت غير متأكدين من كيفية تحملهم لمستوى معيشي مستقر في المستقبل".

ولم تتحدث هاريس حتى الآن إلا بعبارات فضفاضة عن الكيفية التي قد تعمل بها على خفض الأسعار وإقناع الأميركيين بأن الاقتصاد الذي يتمتع بوضع جيد نسبياً، على وشك تحقيق ما يصبون إليه، وباعتبارها شاغلة المنصب الفعلية في هذا السباق، فإن هاريس معرضة لأي تحولات مفاجئة في التوقعات الاقتصادية. 

ربما بدأت هاريس التحرك لملء حال عدم اليقين حول كيفية إدارتها للاقتصاد من المكتب البيضاوي، وستكون موجودة إلى جانب بايدن غداً الخميس في ماريلاند في أول ظهور رسمي مشترك لهما منذ تركه السباق، وسيناقشان الخطوات التي يتخذانها لخفض الأسعار. وفي اليوم التالي، ستلقي هاريس خطاباً رئيساً حول خططها الاقتصادية التي ستتضمن خفض الكلف للأسر من الطبقة المتوسطة والتركيز على "الاحتكار التسعيري للشركات"، بحسب ما أوضحت حملتها.

ترمب منشغل بمعارك جانبية

وقالت شبكة "سي أن أن" الأميركية إن ترمب الذي وجد أرضاً سياسية خصبة وسط الأزمة الاقتصادية في 2016، أمضى هذا العام وقتاً أطول في إلقاء الإهانات والتحريض العنصري والتذمر حول مظالمه الشخصية مقارنة بطرح خطط مفصلة لمساعدة العمال. وتفتقر مبالغاته مثل التحذير من الكساد الأعظم الوشيك إلى الجدية، وتتجاهل مراجعته لإدارته الاقتصادية خلال ولايته الأولى حقيقة مفادها بأن مبادرته الكبرى حول خفض الضرائب الضخم فعلت كثيراً لمصلحة الأثرياء أكثر من الأميركيين العاملين.

وتضيف أن الاستراتيجيين لدى الحزب الجمهوري يبدو أنهم محبطون بصورة واضحة لأن الرئيس السابق لم يتخلص من هواجسه وسلوكه الشخصي الذي يُنفّر ناخبي الضواحي المنتقدين في الولايات المتأرجحة، بدلاً من التركيز على الاقتصاد والحدود والتحديات العالمية. وقال المعلق السياسي لدى الشبكة الأميركية سكوت جينينغز أول من أمس الإثنين، موجهاً رسالة إلى ترمب خلال ظهوره مع أندرسون كوبر "عليك أن تركز. لن تفوز في السباق من خلال القتال مع الحملة الأخرى حول حجم الحشد وأشياء لا تدور حقاً في أذهان معظم الأميركيين. لا يزال الناس في مزاج سيئ في شأن البلاد. يعتقد الناس بأن البلاد خرجت عن المسار الصحيح. لا يزالون غاضبين حيال أسعار المواد الغذائية. لا يزالون غاضبين من القلق الاقتصادي في حياتهم".

وقال براد تود، وهو استراتيجي جمهوري آخر، لشبكة "سي أن أن" أمس الثلاثاء إن "المشكلة هي أن الرئيس السابق دونالد ترمب يجب أن يركز رسالته عندما يكون أمام الكاميرا، فهذا جزء كبير جداً من كيفية تواصل الحملة... يجب أن يركز على ما سيحصل عليه الناخبون إذا فازت كامالا هاريس"، وبدا أن تود يردد كلام رئيس مجلس النواب السابق كيفين مكارثي الذي وجه هذا التحذير لترمب على قناة "فوكس نيوز" مطلع الأسبوع، قائلاً"توقف عن التشكيك في حجم حشودها وابدأ بالتشكيك في مواقفها".

وفي محادثة ودية استمرت ساعتين مع عملاق التكنولوجيا إيلون ماسك أول من أمس، طرح ترمب بعض الحجج الاقتصادية حول التضخم وإنتاج الطاقة، وصرّح بأن "الانتخابات مقبلة والناس يريدون سماع مزيد عن الاقتصاد وحقيقة أنهم لا يستطيعون شراء البقالة"، لكن لم يمضِ وقت طويل قبل أن يتفاخر بإعادة تصميم طائرة الرئاسة الجديدة ويتباهى بعدد المستمعين إلى البث المباشر، حتى إن المراقبين رأوا أن ماسك قدم حججاً أكثر إقناعاً حول الاقتصاد من ترمب. لكن على صعيد الحملة الانتخابية، حافظ السيناتور جي دي فانس الذي اختاره ترمب لمنصب نائب الرئيس، على تركيز أكثر صرامة في شأن الاقتصاد.

المزيد من تقارير