ملخص
طالب خبراء بتخصيص حارات للنقل السريع وإجراء تعديلات جوهرية على قانون المرور وتكثيف حملات فحص المخدرات.
أثارت الحادثة المروّعة التي وقعت اليوم الأربعاء، على الطريق الدائري في مصر، إثر تصادم أكثر من 12 مركبة بين سيارات ملاكي ونقل، حالاً من الغضب والقلق على منصات التواصل الاجتماعي، فالتصادم الذي جاء بعد سلسلة من الحوادث المتكررة خلال الأشهر الأخيرة، طرح تساؤلات ملحة حول مدى سلامة شبكة الطرق في البلاد ومدى التزام السائقين قوانين المرور وأسباب استمرار وقوع مثل هذه الكوارث على رغم التطور الكبير الذي شهده قطاع الطرق والكباري أخيراً.
الحادثة التي وقعت في محيط ميدان الرماية بمنطقة الهرم بالجيزة، أسفرت عن جرح 24 شخصاً من دون تسجيل وفيات، وفقاً لأحدث إحصاء صادر عن وزارة الصحة المصرية، وأثارت جدلاً واسعاً حول كفاءة وسلامة الطرق في القاهرة الكبرى، لا سيما على الطريق الدائري.
وسلطت الواقعة الضوء على الحاجة الماسة لإدخال تعديلات جوهرية على قانون المرور وتكثيف الفحوص للكشف عن تعاطي المخدرات بين السائقين وتخصيص مسارات خاصة للنقل الثقيل وفرض غرامات مضاعفة على المخالفين.
وبينما أعاد مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي نشر صور توثق الحادثة، مطالبين بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لردع متجاوزي السرعات المحددة وإلزام سيارات النقل السير في حارات مخصصة لها وتشديد الغرامات والإجراءات لمنع تكرار مثل هذه الحوادث، رأى كثر أن المشكلة الحقيقية تكمن في سلوكيات سائقي النقل السريع التي لن تتغير حتى مع إجراء تعديلات على قانون النقل وتشديد العقوبات.
أسباب الحوادث المروعة
وفي سياق متصل، أوضح أستاذ هندسة الطرق والمرور بجامعة القاهرة مجدي صلاح أن هناك كثيراً من الأسباب التي تؤدي إلى وقوع مثل هذه الحوادث المروّعة، من بينها عدم توفير طرق خدمة مخصصة لسيارات النقل الثقيل، باستثناء عدد قليل منها، مما يستدعي تخصيص مسارات خدمة لهذه المركبات، بخاصة على الطرق الدائرية.
وشرح صلاح في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن التطوير الكبير الذي شهدته شبكة الطرق تسبب أيضاً في وقوع حوادث بشعة نتيجة لتوسيع الحارات من دون التركيز على تشديد الرقابة على تجاوز السرعة المحددة، إذ يلجأ كثير من السائقين إلى استخدام تطبيقات تساعدهم في تحديد مواقع الرادارات والكمائن، مما يتطلب تشديد القوانين على المخالفين والاعتماد على الكمائن المتحركة بدلاً من الثابتة.
ما ذكره أستاذ هندسة الطرق يتطابق مع ما طرحه عضو مجلس النواب المصري المهندس محمد سعد الصمودي في طلب إحاطة سابق، إذ أكد أن تحسين كفاءة الطرق بصورة كبيرة خلال الأعوام الأخيرة كان يجب أن يقلّص عدد حوادث الطرق، إلا أن الإحصاءات تظهر أن التطور الإيجابي في هذا الصدد لم ينعكس بصورة فاعلة على تقليل الحوادث.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي أكثر من مناسبة، تطرق أعضاء في مجلس النواب إلى هذه الأزمة، منها ما قدمه النائب محمد عبدالله زين الدين من طلب إحاطة على خلفية ارتفاع معدل الحوادث على الطرق السريعة بسبب سيارات النقل الثقيل، فأشار إلى أن تلك الحوادث أودت بحياة عدد كبير من الأشخاص ونجمت عنها إصابات خطرة.
واقترح النائب زين الدين مراجعة الإجراءات المتبعة على الطرق السريعة التي أنشأتها الدولة خلال الأعوام الماضية التي تمثل طفرة في قطاع الطرق، واتخاذ تدابير صارمة للحد من تكرار حوادث النقل الثقيل، من بينها تركيب محددات سرعة في سيارات النقل والحافلات، ومنع سير تلك المركبات خلال النهار على الطرق السريعة إلا في المسارات المخصصة لها التي لا تستخدمها السيارات الملاكي.
وعلى رغم مناقشة عدد من طلبات الإحاطة في البرلمان المصري أخيراً تطالب بوضع حد للحوادث التي تسببها سيارات النقل الثقيل، لم تتخذ بعد إجراءات رادعة، وكانت النائبة صفاء جابر عيادة تقدمت بطلب إحاطة سابق طالبت فيه بمنع سير عربات النقل الثقيل والحافلات على الطرق السريعة في المحافظات خلال أوقات محددة بسبب الحوادث المتكررة، ومن بينها حادثة الطريق الدائري الأوسطي نتيجة اصطدام سيارتي نقل ثقيل بعدد من السيارات الملاكي.
أين فحوص المخدرات؟
القيادة تحت تأثير المخدرات، بخاصة في قطاع النقل الثقيل، هي مشكلة أخرى تتطلب حلولاً عاجلة، كما أشار أستاذ هندسة الطرق مجدي صلاح، إضافة إلى وجود قوانين غير مفعلة مثل حظر سير الجرارات بمقطورة، مما يؤدي إلى حال من الفوضى على الطرق ويسهم في وقوع الحوادث.
وفي تقريره السنوي حول حوادث السيارات والقطارات، أشار الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر إلى ارتفاع عدد الجرحى نتيجة حوادث الطرق في 2023 مقارنة بعام 2022 بنسبة 27 في المئة، إذ بلغ عددهم نحو 71 ألفاً في 2023 مقارنة بـ55.9 ألف جريح في 2022، بينما انخفضت الوفيات بنسبة 24.5 في المئة.
وفي ما يتعلق بتشديد الرقابة، أشار أستاذ هندسة الطرق والمرور بكلية الهندسة جامعة عين شمس حسن مهدي إلى أن شبكة الطرق في مصر شهدت تطويراً كبيراً خلال الأعوام الأخيرة، لكن نسبة كبيرة من أسباب الحوادث تعود لمستخدمي الطرق.
واقترح إلزام شركات النقل الثقيل توفير سائق بديل للمركبات في الرحلات الطويلة وألا تزيد مدة القيادة على أربع ساعات على الطرق، كما هو معمول به في بعض الدول الأوروبية، مع تكثيف الحملات المشتركة بين وزارة الصحة وإدارة المرور لسحب عينات من السائقين وتفعيل القوانين، لافتاً إلى أن المواد المدرجة في قانون المرور المصري صارمة للغاية، إذ تصل في بعض المخالفات إلى الحبس، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في تفعيل هذه القوانين.