Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كرسي المكتب البيضاوي تحت أنظار نجوم "وادي السيليكون"

هل يرتقي إيلون ماسك أو مارك زوكربيرغ يوماً إلى مقام الرئاسة؟ ولماذا يرفض بيل غيتس زعامة أميركا وكيف أخفق مايكل بلومبيرغ؟

هل حان وقت الرقميين والتكنولوجيين لاحتلال "البيت الأبيض؟" (اندبندنت عربية)

ملخص

حكماً يبدو الرقميون قريبين جداً من البيت الأبيض ليستعلن عهد جديد يتفق مع طباع العصر وأوضاع العالم الرقمي.

هل الرئاسة الأميركية على موعد مع وجه جديد من خلفية فكرية ومهنة جديدة، لم تظهر من قبل هناك، والسبب أن المهن الآتية منها تلك الأوجه لم تكن حاضرة من قبل على صعيد الحياة العامة في الداخل الأميركي؟

المؤكد أنه لا يمكن الجواب عن التساؤل المتقدم من غير أن نتوقف معاً أمام المهن التي جاء منها رؤساء أميركا السابقون، الذين بلغ عددهم نحو 45 رئيساً، جاء العدد الأكبر منهم، 32، من خلفيات عسكرية سابقة، بما في ذلك تسعة جنرالات في الجيش، وتشمل الأسماء جورج واشنطن وتوماس جيفرسون وجيمس ماديسون وجيمس مونرو وأندرو جاكسون وويليام هنري هاريسون، وكثر غيرهم.

عطفاً على ذلك، فقد كان هناك 25 رئيساً جاءوا من دائرة المحاماة، وفي مقدمهم جون آدامز وتوماس جيفرسون ووودرو ويلسون وويليام تافت وريتشارد نيكسون وجيرالد فورد وبيل كلينتون وباراك أوباما.

وهناك رؤساء عملوا معلمين، من أمثال جون كوينسي وميلارد فيلمور وجيمس غارفيلد وغروفر كليفلاند وليند بنز جونسون.

وفي القائمة نجد رؤساء جاءوا من خلفية رجال الأعمال، ومن بينهم دونالد ترمب ووارن هاردينغ وهربرت هوفر وهاري أس ترومان وجيمي كارتر وجورج بوش الأب.

 

وكان لهوليوود بدورها نصيب في رؤساء أميركا تمثل في رونالد ريغان الرجل الذي شغل مقعد القيادة من 1981 إلى 1988، ولعب دوراً كبيراً في مواجهة الاتحاد السوفياتي وتفكيكه لاحقاً.

ولعل ما لا يعلمه كثر هو أن أحد رؤساء أميركا كان قسيساً مكرساً، أي رجل دين بالمطلق، حتى ولو كان متزوجاً، وهو جيمس غارفيلد، الذي كان محامياً وضابطاً في الحرب الأهلية.

اليوم يتساءل الجميع، ونحن في زمن الرقمنة والعالم الرقمي، الوثيق واللصيق الصلة بمجالي الإعلام والتكنولوجيا من جهة، وعالم المال والأموال من جهة تالية: هل حان وقت الرقميين الذين نشأوا وكبروا في "وادي السيليكون" والإعلاميين والتكنولوجيين والماليين الكبار، لاحتلال البيت الأبيض، لا سيما بعد المقدرة الهائلة التي باتوا يمتلكونها داخل البلاد وخارجها، وما يتوافر لهم من نفوذ كفيل بتشكيل رؤى الرأي العام الأميركي، وتوجيه دفة الاقتراع لمصلحة هذا أو ذاك من المرشحين لمقعد الرئاسة الأميركية لأربعة أعوام مقبلة؟.

 

العالم الرقمي وصناعة الرئيس المقبل

لعله ينبغي التذكير بما أشرنا إليه في مرات سابقة، من أنه في زمن الإمبراطورية الرومانية، كان من يعطي الخبز هو من يعطي الشريعة، بمعنى أن المقدرة على إطعام البطون في ذلك الوقت كانت هي العامل الحاكم في تشكيل الرأي العام المحلي والإقليمي وصولاً إلى العالمي.

اليوم لم يعد سراً أن من يتحكم في منصات التواصل الاجتماعي، التي تجاوزت مقدرات وسائل الإعلام التقليدية من تلفزة وإذاعة وصحافة، هو من يمكنه فرض أولوياته على الجموع الغفيرة، وبطريقة ربما غير ديمقراطية، مما يطرح إشكالية أخرى عن دور هذه الوسائط في التلاعب بالديمقراطية وحرية الاختيار.

هنا لعل القارئ يتذكر أن تبرعات صغيرة من فئة الـ10 والـ20 دولاراً التي انهالت في عام 2008 على المرشح الديمقراطي باراك أوباما، هي التي مكنته بالفعل من شراء أوقات متميزة على شبكات التلفزيون الأميركية المختلفة لبث دعايته، في مواجهة المرشح الجمهوري جون ماكين، وقادته إلى النصر الكبير، وبقائه في البيت الأبيض لولايتين متتاليتين.

وتظهر التحليلات أن وسائل التواصل الاجتماعي قد أضافت بعداً جديداً للوصول إلى الناخبين، إذ تستفيد الحملات الانتخابية الاستفادة القصوى من هذه المنصات.

ووفقاً لموقع "أم بي آر نيوز" فإن حملة كامالا هاريس، المعروفة باسم Kamala HQ حققت 3.4 مليون متابع و75 مليون إعجاب على "تيك توك".

في المقابل حققت حملة ترمب على المنصة نفسها 210 آلاف متابع و200 ألف إعجاب، مع الأخذ في الاعتبار أن ترمب لديه أكثر من 7 ملايين متابع على شبكته الخاصة "تروث سوشيال".

هل يعني ذلك أن الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2024 ستشهد تحولاً كبيراً في كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كأداة رئيسة في الحملات الانتخابية مما يجعلها الانتخابات الأكثر رقمية حتى الآن؟

عند أستاذة الإعلام الناشئ في جامعة "سانت توماس" إبريل إيخماير أن الحملات الانتخابية اليوم تواجه تحديات جديدة بسبب اعتمادها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتقول إن هذه الحملات ينبغي أن تتكيف مع خصائص كل منصة، مما يعقد الأمر أكثر مقارنة بالاستراتيجيات التقليدية مثل الإعلانات التلفزيونية والإذاعة.

ويمكننا القطع بأن أولئك الذيم يمتلكون هذه المنصات، ويديرونها حسب أمزجتهم الخاصة وتوجهاتهم السياسية، هم صناع نجوم البيت الأبيض اليوم، وقد نراهم هم أنفسهم في الغد القريب داخل البيت الأبيض رؤساء، وبخاصة في ظل عدم المقدرة على تقييد حركتهم داخل منصاتهم انطلاقاً من ركيزة دستورية أميركية ثابتة. ماذا عن ذلك؟

الرقميون يحتمون وراء الدستور

يكاد يبدو التناقض الباطني في الداخل الأميركي ماضياً قدماً، ويستخدمه الرقميون الكبار، وبتحالفات لا تخطئها العين من رجال الـتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى ملوك المال وأصحاب المليارات، كطريق للوصول إلى البيت الأبيض.

ويستغل هؤلاء جميعاً التعديل الأول من الدستور الأميركي، الذي يكفل حرية الرأي والتعبير من غير قيود أو حدود، بهدف بلورة رؤيتهم في الشارع الأميركي اليوم، وفي الغد القفز على مقعد الرئيس.

لم يستطع قضاة المحكمة العليا في فبراير (شباط) الماضي التوصل إلى قرار ملزم أو محكم تجاه ما يقدم عبر هذه المنصات، التي تتمتع بحماية دستورية من تدخل سلطات الولايات في إدارة محتواها، على رغم القلق البالغ الذي أبداه عدد منهم في شأن تقييد إمكانية حرية المنصات.

وتبدو هذه القضية خلافية إلى درجة كبيرة بين الحزبين الكبيرين الحاكمين في أميركا، لا سيما مع وجود أصوات تشير إلى ضرورة تحقيق العدالة في إدارة محتوى وسائل التواصل الاجتماعي.

ويشير كبير الباحثين في معهد "إنتربرايز" جون فورتيي إلى أن قضية المعلومات باتت من الأمور التي تؤرق حاضر أميركا، ذلك أنها باتت سلعة القرن، ومعنى ذلك أن الذين يقومون على بيعها وشرائها ستكون لهم الكلمة الفصل في عديد من الملفات المصيرية لأميركا، وفي مقدمها اختيار الرئيس المقبل، ولن يطول الانتظار حتى نرى أحدهم، أي أحد هؤلاء الأقطاب، على مقعد الرئيس في البيت الأبيض.

لم يدار أو يوار قضاة المحكمة العليا قلقهم من إمكانية فرض رقابة على "غوغل" و"إكس" و"فيسبوك"، ومن وجود عقوبات على مستعمليها.

في هذا السياق، كان من الطبيعي جداً أن تصدر ولاياتا تكساس وفلوريدا قوانين تمنع الرقابة السياسية على المنصات، تلك القوانين التي أشعلت معارك قضائية مع سلطات الولايتين، والتي جاءت بعد حظر منصات حسابات سياسيين على رأسهم دونالد ترمب.

هل هو بالفعل زمن الرؤساء الرقميين وحلفائهم في العوالم الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية والبحثية الذين يدورون في فلكهم؟

 

الفتى ماسك وحلم الرئاسة الأميركية

هل من أحد في الداخل الأميركي قادر على حصر طموحات الفتى العبقري، أو هكذا يراد لنا أن نراه، إيلون ماسك، التي تتجاوز الكرة الأرضية إلى الفضاء الخارجي، إذ يتطلع لتجاوز القمر إلى الوصول إلى المريخ، ومن ثم بناء مستوطنات بشرية هناك؟

في ظل هذا التساؤل تضحى أحلام الوصول إلى مقعد الرئاسة الأميركية هامشية، وربما يكون الرجل، هذا غالباً حقيقي، إحدى أذرع الدولة الأميركية العميقة، تلك التي تجيد تسكين رجالاتها شرقاً وغرباً أميركياً وعالمياً.

وقبل نحو أسبوعين تقريباً، أجرى المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب مقابلة ودية، على مدى ساعتين، مع إيلون ماسك على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" التابعة لماسك.

هل كانت المقابلة للترويج لترمب أم لماسك؟

ظاهرياً، يبدو أنها كانت لخدمة ترمب، لكن بعضاً من التفكير العميق، ربما يقودنا إلى القطع بأن الأمر ليس على هذا النحو وكما نراه، مما يعني أنه قد يكون خطوة صغيرة، ضمن خطوات كبيرة تهدف إلى وصول الفتى ماسك إلى البيت الأبيض.

لا يتحرك ماسك بصورة عشوائية ألبتة، بل إن كل خطواته وتحركاته محسوبة بعناية فائقة، وتكتيك محكم، يقود إلى تحقيق أهداف استراتيجية قولاً واحداً.

في مارس (آذار) الماضي، قال قطب التكنولوجيا والإعلام الملياردير ماسك، إنه من الممكن أن يؤيد مرشحاً للرئاسة قبل الانتخابات العامة في الخريف.

تصريحات ماسك جاءت خلال مقابلة له مع مذيع شبكة "سي أن أن" السابق دون ليمون، ووقتها قال إنه لن يتبرع بالأموال لبايدن أو ترمب.

لكن من الواضح جداً أن تغيراً جذرياً جرى في مخططات الفتى ماسك، وبات دعمه لترمب لا يوارى ولا يدارى، سواء مالياً أو إعلامياً، وتكفي المقابلة الأخيرة التي تابعها الملايين على شبكة "إكس" والتي تعد ترويجاً منقطع النظير للمرشح الجمهوري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبعد المقابلة الشهيرة، وخلال لقاء مع وكالة "رويترز"، أبدى ترمب موافقته اللفظية على تعيين ماسك في منصب استشاري كبير أو مجلس الوزراء حال فوزه في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

ووصف ترمب ماسك بأنه "رجل ذكي للغاية، بالتأكيد سأفعل ذلك، سأفعل بالتأكيد، إنه رجل لامع ".

والمثير للعوام، لا للنخبة التي لديها علم من كتاب إدارة الشأن الداخلي الأميركي، أنه بعد ساعات فقط من تصريحات ترمب، نشر ماسك على وسائل التواصل الاجتماعي صورة أنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي لنفسه وهو يقف على منصة مدعومة بالأعلام الأميركية مع عبارة تقول "أنا على استعداد للخدمة".

هذه هي الخطوة الثانية من جانب ماسك، بعد أن أعلن في الأشهر الأخيرة عن تبنيه وجهات نظر محافظة بصورة متزايدة، مما يصب في المعين الفكري والأيديولوجي لترمب، ولجماعة اليمين الأميركي التي تحضر ما بات يعرف باسم "مشروع 2025"، ذاك الذي يعد انقلاباً تاماً على أميركا التقليدية.

فهل يستخدم ماسك منصته "إكس" الخاصة بحرية التعبير من أجل تعبيد طريقه إلى البيت الأبيض عبر تضخيم آرائه في الداخل الأميركي بداية وحول العالم تالياً؟

غالباً ما يتأمل ماسك مستقبل الحضارة، فمن ناحية يبدو مهووساً بـ"العالم القادم" و"الانهيار السكاني"، مما يهدد بإبادة البشرية، وانضم إلى علماء بارزين وقادة التكنولوجيا في العام الماضي في تحذير العالم من الذكاء الاصطناعي. ولقد وصف ماسك التهديدات الموجهة لحرية التعبير بأنها أزمة وجودية أخرى تلوح في الأفق في العالم، وسوف يبذل قصارى جهده لإنقاذها.

وتبدو هذه أحلام تفوق فكرة رئيس مجلس إدارة "تسلا"، وترقى إلى مستوى رئيس الولايات المتحدة الأميركية، غير أن عقبة بعينها تقف في طريقه وهي أنه مولود خارج أميركا، فهل يتم تعديل الدستور الأميركي للسماح للمواطنين الأميركيين المتجنسين بالترشح لمنصب الرئيس ونائب الرئيس؟

 

زوكربيرغ هل يضحى إمبراطوراً؟

من المسلم به أن شبكة "فيسبوك" وتوابعها وملحقاتها قد باتت تشكل حضوراً طاغياً في العالم الرقمي من دون أدنى شك، وبلغ من نفوذ مارك زوكربيرغ المالي والأدبي، حد الحديث عنه في الداخل الأميركي، كوجه مرشح لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية.

فهل حديث الترشح هذا، والانتقال من العالم الرقمي إلى العالم التنفيذي الواقعي على الأرض، حديث وليد الساعة وانتخابات 2024؟

بالقطع لا، ذلك أنه حديث قديم يعود إلى عام 2017 أي بعد عام واحد من رئاسة ترمب اليتيمة، وقد دارت التوقعات حول رئاسة 2020، وهو ما لم تجر به المقادير.

لكن هل يعني ذلك أن زوكربيرغ لا تشاغبه شهوة كرسي الرئاسة في البيت الأبيض؟

دعونا نلقي نظرة سريعة على المؤشرات العديدة التي قد تدل إلى أنه قد يختار إلقاء سترته ذات القلنسوة في حلبة السباق الرئاسي لجهة البيت الأبيض يوماً ما قريباً وليس بعيداً؟

في 2016 أوضح بيان وكيل "فيسبوك" أن زوكربيرغ يمكنه الترشح لمنصب الرئاسة مع الاحتفاظ بالسيطرة على شركته، ولهذه الغاية قد تسهل سابقة ترمب المثيرة للجدل أي تعقيدات سياسية شائكة في ما يتعلق بهذه المسألة.

ولاحقاً، وخلال العطلات، رد زوكربيرغ على سؤال حول كونه ملحداً، وهو الاعتقاد الذي اعترف به ذات يوم، بإجابة أكثر حذراً سياسياً "لقد نشأت يهودياً ثم مررت بفترة حيث تساءلت عن الأشياء، لكنني أعتقد الآن أن الدين مهم جداً".

يدرك زوكربيرغ جذرياً أن الولايات المتحدة دولة علمانية الهوية نعم، لكنها غارقة في الهوى الديني من جانب آخر، ولهذا، فإن فكرة قبول رئيس ملحد لأميركا تبدو غير مقبولة، ومن يجاهر بإلحاده لا مكان له في البيت الأبيض.

وقد اقترب زوكربيرغ أكثر من دائرة العمل السياسي الذي يقود إلى البيت الأبيض، وذلك عبر مبادرته التي عرفت باسم "تشان زوكربيرغ الخيرية لقيادة السياسة والدعوة"، تلك التي انضم إليها رموز من العمل السياسي والرئاسي الأميركي، من أمثال ديفيد بلوف مدير حملة الرئيس باراك أوباما السابق، وآخرين من كلا الحزبين.

ثم كان هناك التلميح الأكثر وضوحاً في وقت سابق من عام 2017، حين أعلن زوكربيرغ، الذي اعتاد نشر قراراته السنوية للعام الجديد على صفحته على "فيسبوك" أنه بعد التغلب على التحديات السابقة المتمثلة في تعلم اللغة الصينية، وبناء خادم ذكي لمنزله، سيلتقي أناساً في كل ولاية في الولايات المتحدة، وأشار إلى أنه "قضى وقتاً كبيراً في عديد من الولايات بالفعل، لذا سيحتاج إلى السفر إلى نحو 30 ولاية لإكمال هذا التحدي".

ما الذي يستدعي زوكربيرغ لبلورة مثل هذه الخطط لو لم تكن فكرة الرئاسة الأميركية تلمع في ذهنه بصورة أو بأخرى؟

في كل الأحوال يبدو أن عدداً متزايداً من الأشخاص المؤثرين في "وادي السليكون" يعتقدون أن مارك زوكربيرغ من المرجح أن يكون ضمن مخططاته، وفي وقت معين يحدده هو، وليس شرطاً أن يعلن عنه للجميع في الوقت الحاضر، لمنصب رئيس الولايات المتحدة، ويعتقد بعض الناس أنه قد يفوز بالفعل، وأصبحت عبارة "يريد أن يكون إمبراطوراً" شائعة بين الأشخاص الذين عرفوه على مر السنين.

 

هل يرفض بيل غيتس رئاسة أميركا؟

من بين أهم الأسماء الأكثر غموضاً في الداخل الأميركي، يأتي اسم رجل "مايكروسوفت" الأشهر بيل غيتس، هذا الذي وفر الأساس القوي للانطلاقة الكبرى للعالم الرقمي من دون أدنى شك.

هل كان غيتس بعيداً يوماً عن عالم السياسة أم غارقاً في لججه حتى أذنيه وإن لم يعلن ذلك رسمياً؟ وهل للرجل طموحات تجاه البيت الأبيض أم لا سواء أقر بذلك رسمياً أم أنكر؟

في كل الأحوال يبقى اسم بيل غيتس مثار ومدار كثير من الإشاعات والروايات المتعددة، لا سيما في ظل اهتماماته الكبيرة وربما الخطرة.

ولم توفر سنوات انتشار جائحة "كوفيد-19" غيتس من حديث المؤامرات، فقد جرى الحديث عن علاقة اللقاحات التي تم توزيعها حول العالم، بمشروعه السري المسمى "شريحة بيل غيتس"، تلك التي يمكن من خلالها التحكم في عقول البشر وتوجيههم إلى حيثما يريد من يمتلك مفتاح التشغيل.

وعلى رغم أن كثراً أنكروا تلك الرواية، فإن مشروعات أخرة لغيتس، من عينة "مزارع الناموس" في أفريقيا، التي قال إنها ستحمل لقاحات مخلقة لمواجهة الأمراض المستوطنة، زادت من الحديث عن قدرته على التلاعب بمستقبل العالم صحياً في الأقل.

أمر آخر تناول فيه غيتس شأن التغيرات المناخية، حين اقترح مشروع نشر غبار الطباشير حول الكرة الأرضية لتخفيف حالة الغليان التي تعانيها البشرية.

فهل هذه وغيرها مما لا نعرف تكفي للإيقان بأن هذا الرجل يود بالفعل، ذات مرة، أن يجلس سعيداً في البيت الأبيض، قابضاً على جمر القيادة السياسية للإمبراطورية الأميركية المنفلتة؟

لا يذكر غيتس عادة ضمن القائمة الطويلة للمرشحين المحتملين للرئاسة الأميركية، وقد حاول في الماضي تهدئة التكهنات حول احتمال ترشحه، وكان ذلك قبل انتخابات عام 2016.

وعندما حاول غيتس تخفيف التكهنات حول مستقبله السياسي في الماضي تحدث في كثير من الأحيان عن العمل الخيري الذي يقوم به الآن باعتباره شيئاً يناسبه أكثر. وفي تصريحات يستشهد بها كثر في أوائل عام 2016، قال غيتس "أحب عملي في مؤسسة بيل ومليندا غيتس، أكثر مما أحب أن أكون رئيساً. كما أنني لن أكون جيداً في القيام بما يتعين عليَّ القيام به للفوز بالانتخابات".

هل هذا حديث جامع مانع قاطع مرة وإلى الأبد؟

حكماً هذا ليس خطاباً قاطعاً، فقد تغيرت أمور كثيرة منذ ذلك الحين في الداخل الأميركي، أي منذ أن نطق بهذه الكلمات في 2016، ومن هنا فإن عدداً من كبار المراقبين والمحللين السياسيين في الداخل الأميركي يرون أن غيتس قد يكون في لحظة زمنية بعينها، رجل النخبة المليارية، التي يمكنها أن تتطلع إلى تعزيز النظام الليبرالي الأميركي، وتعزيز التوجهات الرأسمالية، وعلاقة غيتس بالملياردير الشهير وارن بافيت، قد ترسخ فكرة هذا التحالف من أجل الوصول إلى البيت الأبيض، ولا يستطيع أحد أن يتخيل أي عقبات تقف في طريقه إلى المكتب البيضاوي .

ولعل ما يعظم احتمالية رؤية غيتس عما قريب ساكناً في البيت الأبيض، هو أن هناك أصواتاً أميركية داخلية ترى أنه الرجل الذي يمكنه أن يستنقذ البلاد من حالة الانقسام غير المسبوقة التي تعيشها الآن أكثر من أي وقت سابق، فهؤلاء يرون أن أميركا اليوم في حاجة إلى زعيم قادر على توحيد شعبها، وإلا فإن الأمور ستتفاقم إلى أن تسفك الدماء، شخص قادر على التحدث إلى الجانبين.

ما يمتلكه غيتس هو العلم والتكنولوجيا، والرؤية الاستشرافية القادرة على توليد الأموال من سياقات الابتكار والإبداع، أي إنه قادر على قيادة البلاد بالميثودولوجيا، وليس الأيديولوجيا.

 

جيف بيزوس... مرشح "لتغيير كل شيء"؟

في الأسبوع الأول من شهر مارس من العام الماضي، وفي وقت كانت الاستعدادات تجرى على قدم وساق للبحث عن مرشح ديمقراطي آخر خلاف جو بايدن، حتى ولو في الخفاء والكواليس، تشرت صحيفة "ذا هيل" مقال رأي بعنوان "هل يحتاج الديمقراطيون إلى نجم سابق ليحتل البيت الأبيض في 2024؟".

المثير أن كاتب المقال لم يكن شخصاً اعتيادياً، بل المستشار الجمهوري المخضرم دوغلاس ماكينون، الذي يقول "في مرحلة ما، انحرف جميع الديمقراطيين الذين تحدثت معهم إلى الفكرة نفسها، إنهم في حاجة إلى نجم خارق يبرز باعتباره الشخص البالغ في الغرفة، لإنقاذ الحزب". وعلى رغم ذلك فقد فشل ماكينون في تسمية "نجم خارق" يمكنه بصورة واقعية أن يحل محل الرئيس بايدن.

هنا أشارت أصوات ديمقراطية ولو في هدوء ومن غير صخب أو جلبة إلى مرشح محتمل "لتغيير كل شيء"، إنه يبلغ من العمر 59 سنة، ويبحث عن ألعاب كبيرة مثل فريق NFL بينما يبني يخت أحلامه الشراعي ومركبة صاروخية إلى المريخ. سمه جيف بيزوس.

بثروة صافية تبلغ 127 مليار دولار يعد بيزوس أحد أغنى رجال العالم. وفي الوقت الحالي لا يبدو أنه يحمل طموحات رئاسية. ولكن هل سأله أحد من الديمقراطيين إذا كان حقاً يرغب في ذلك أم لا؟

المؤكد أن بيزوس هو في نهاية المطاف نجم خارق في دولة طال انتظارها لتصحيح مسار قيادتها.

إن البناء من الصفر هو تخصص بيزوس، ولحسن الحظ لديه بين وسائد أريكته مليارا دولار المطلوبة لبناء وإطلاق وإدارة منظمة للحملة الرئاسية التي يمكن أن تعد الأكثر تطوراً من الناحية التكنولوجية في التاريخ.

وعطفاً على ذلك، هناك شهرته كنجم روك من خلال "أمازون"، إذ من المتوقع أن تتفوق الشركة التي أسسها عام 1994، على شركة "ول مارت"، لتصبح أكبر شركة تجزئة في العالم بحلول عام 2024.

هل من خلاصة؟

حكماً يبدو الرقميون قريبين جداً من البيت الأبيض ليستعلن عهد جديد يتفق مع طباع العصر وأوضاع العالم الرقمي.

المزيد من تقارير