Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رسالة تصعيد حوثية حملتها مسيرات استهدفت "نفط مأرب"

وزارة الدفاع اليمنية أعلنت تصديها للهجمة التي تركزت على منشأة صافر لإنتاج البترول

تشكل مأرب النفطية مورد اقتصادي ضخم للسلطة التابعة للحكومة الشرعية (مواقع التواصل)

ملخص

قصف المنشئات النفطية بالمسيرات المفخخة وسيلة حوثية للابتزاز الذي لا يتوقف 

عقب فترة من الهدوء النسبي الذي شهدته جبهات القتال، أجهضت القوات اليمنية الحكومية، أمس الجمعة، هجوماً للحوثيين هو الأخطر من نوعه كان يستهدف قصف منشأة صافر النفطية، بطائرات مفخخة حملت في جوفها الملتهب رسائل عدة باللغة التي لا تجيد الجماعة سواها لعرض مشاريعها للمختلف معها.

وبعد نحو شهر من إعلان المبعوث الأممي التوصل إلى اتفاق بين الحكومة وميليشيا الحوثي في شأن خفض التصعيد الاقتصادي، اعترضت القوات اليمنية في محافظة مأرب الغنية بالنفط (شرق البلاد)، ثلاث طائرات مفخخة أطلقتها الميليشيات من محافظة الجوف المحاذية كانت تستهدف منشأة صافر النفطية التي تمثل آخر الموارد الاقتصادية للحكومة الشرعية في نهج تصعيدي كان ينوي إضافة مزيد من العقبات أمام السلام المنتظر الذي يبذل الإقليم والمجتمع الدولي جهوداً مضنية لإزالتها على طريق النهاية المأمولة للصراع الدامي.

وبلغة مستشعرة للخطر الذي حاول مس آخر المعاقل السيادية للحكومة الشرعية في الشمال اليمني، كشفت وزارة الدفاع ورئاسة أركان الجيش، في بيان، أن "هذه الطائرات المعادية أطلقت من نقطة واقعة بين منطقتي دحيضة وقرن الصيعري شرق مدينة الحزم بمحافظة الجوف الواقعة تحت سيطرة الحوثيين". مؤكدة "جاهزية الجيش اليمني للرد على مثل هذه الأعمال التي تستهدف مصالح الشعب اليمني ومنشآته الاقتصادية".

رسالة وضغط

محاولة الجماعة تكشف عن عزم حوثي لتضييق الخناق أكثر على السلطة المحلية بمحافظة مأرب والحكومة من خلال تعطيل مواردها الاقتصادية التي تمثل مصفاة صافر رافداً أساساً لها بعدما جرى تعطيل مقدرات الشرعية بقصف سابق شنته الميليشيات المصنفة عالمياً بقوائم الإرهاب استهدف في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، ميناءي النشمية بمحافظة شبوة، بطائرتين مسيرتين منعتا عملية تصدير النفط من خلاله، مما حرم الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً من الإيرادات المالية بالعملة الصعبة حتى الآن.

وعقب وساطات أممية ودولية كشف الحوثيون عن مغزاهم الذي لم يكن في إطار المضي قدماً "على طريق القدس" كما يرددون دائماً ولكن باشتراطهم الحصول على نصيب الأسد من إيرادات النفط والغاز وفق "آلية متفق عليها" للسماح باستئناف التصدير من الموانئ الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، وهو ما ترفضه الشرعية.

وتسبب توقف التصدير بأزمة مالية خانقة للشرعية فاقمت من الأزمة الاقتصادية والإنسانية التي تعيشها البلاد.

وفي الرابع من أغسطس (آب) الجاري، أعلنت الحكومة تكبدها خسائر مالية قدرت بنحو 1.5 مليار دولار، بسبب توقف تصدير النفط.

ووفقاً لخط سير الصراع اليمني، يتخذ الحوثيون من القطاع الاقتصادي ورقة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية تمنحهم شرعية وبقاء أطول مدة ممكنة.

فمع كل جولة محادثات تقودها الأمم المتحدة تهدف إلى وضع حلول تلامس أوجاع ملايين الجياع والمشردين في البلاد، لا تنفك الجماعة من الضغط لتحقيق مكاسب اقتصادية من طريق شن هجمات على موانئ النفط في مناطق تسيطر عليها الحكومة، دفع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي للإفصاح عن مشكلة حكومته مع الاشتراطات الحوثية في القمة العربية الأخيرة بقوله إن "هجمات الحوثيين على موانئ حضرموت وشبوة أدت إلى وقف التصدير".

حكاية صافر

وتمثل شركة صافر النفطية إحدى أهم مؤسسات الدولة اليمنية  وأهم مصادرها الحيوية وظلت طوال أعوام الحرب تزود كل المناطق اليمنية بما فيها مناطق الحوثيين بمادة الغاز المنزلي بسعر زهيد قبل أن يعمل الحوثيون على منع دخوله إلى مناطقهم واستيراد الغاز المنزلي بدلاً من غاز صافر. وعلى اسم الشركة سميت حاوية "صافر" التي اشتهرت أزمتها في المياه اليمنية قبل أن تفكك جهود دولية قنبلتها الموقوتة، بإفراغها من النفط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونفت جماعة الحوثي، اليوم السبت، استهداف المنشأة النفطية بطائرات مسيرة أمس على لسان حامل صفة "وزير الإعلام" في حكومة الميليشيات غير المعترف بها، هاشم شرف الدين الذي قال "إن هذه الادعاءات هي محاولة بائسة لتشويه سمعة الجماعة وتأتي في إطار الحملة الإعلامية التي يشنها تحالف العدوان".

وبين الحين والآخر، تشن جماعة الحوثي هجمات بالطيران المسير على مواقع الجيش الوطني على رغم الهدنة المعلنة التي ترعاها الأمم المتحدة منذ أبريل (نيسان) 2022.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، تبنت ميليشيات الحوثي الهجوم على ميناء الضبة النفطي في حضرموت، وميناء النشيمة في محافظة شبوة وأوقفت تصديره منذ ذلك التاريخ. ويومها قال المتحدث العسكري باسم ميليشيات الحوثي، يحيى سريع، إن العمليات هدفها "حماية الثروة الوطنية السيادية باعتبارها من حقوق شعبنا المظلوم وعلى رأس تلك الحقوق مرتبات موظفي الدولة في كل المناطق اليمنية".

على وقع التهدئة

وتتزامن الهجمات الحوثية مع سلسلة من المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة بغية التوصل إلى اتفاق موسع في شأن التوافق وإنهاء الصراع يتضمن البدء أولاً بآلية لدفع رواتب موظفي القطاع العام، وإطلاق الأسرى وحلحلة الإشكالات الاقتصادية وفي مقدمتها ازدواج العملة وانهيارها المتسارع وتصدير النفط والغاز وفتح المجال أمام الموانئ الجوية والبحرية لحركة النقل أملاً أن يهيَّأ للانتقال تالياً وفق خريطة طريق إلى المشاورات السياسية والحوار اليمني اليمني.

ووفقاً لذلك يرى الباحث في شؤون الجماعات المسلحة علي الذهب أن التهديدات الحوثية المتصاعدة على المنشآت النفطية في ظل جهود السلام التي ترعاها الأمم المتحدة تستخدم ورقة ضغط جديدة لتحقيق مكاسب سياسية كبيرة من خلال ربطها بمسارات إنسانية واقتصادية طويلة الأمد يستفيد منها الحوثيون.

ويعتبر أن "خريطة الطريق المقترحة التي تدعمها الأمم المتحدة تخدم مصالح الحوثيين بصورة كبيرة، إذ تمنحهم الوقت الكافي للاستفادة من الانفراجة في الجانب الاقتصادي والإنساني وتأخير الجانب السياسي وهو تمكين للحوثيين من فرض شروطهم حين تسلب الحكومة الشرعية  الكثير من مصادرها المالية وقرارها السياسي".

وأمام هذه التحديات يرى الذهب أن "على مجلس القيادة الرئاسي التحرر من التأثيرات الخارجية واتخاذ موقف أكثر صلابة تجاه الحوثيين من خلال الرد الحازم على أي تهديدات"، مشيراً إلى أن "التهاون في هذا الشأن قد يؤدي إلى عواقب وخيمة".

تطويع مأرب

ولطالما كانت مأرب وموارد النفط الغزيرة في صحاريها على مدى أعوام الحرب الـ10 الماضية مقصداً حثيثاً للحوثيين الذين تعطشوا للوصول إليها، من دون جدوى على رغم الكلفة البشرية والعسكرية التي دفعتها الجماعة المدعومة من إيران على تخومها الشمالية والغربية.

وعلى رغم الإخفاقات المتتالية للقوات الموالية لسلطة محافظ مأرب، سلطان العرادة التي لم يتبق في يدها سوى عدد من المديريات، فإن مأرب حافظت على بقائها خارج السيطرة الجغرافية للحوثيين في إطار المحافظات الشمالية التي بات جلها تحت قبضة الميليشيات.

ومنذ نحو عامين، انخفضت حدة الصراع عندما تم الاتفاق على الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة، ثم جددت مرتين. ويقول مسؤولو الأمم المتحدة إن روح الهدنة سادت على رغم انتهائها وأدت إلى أطول فترة هدوء نسبي في عمر الصراع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص.

تعتمد الحكومة اليمنية بصورة كبيرة على عائدات النفط، لدفع رواتب الموظفين في ظل اقتصاد مزقته الحرب، وفي وقت يكافح فيه اليمن أزمة إنسانية حادة دفعت الملايين إلى هاوية الجوع.

وتنتج شركة صافر نحو 40 ألف برميل نفط يومياً، كما تنتج الغاز المنزلي بطاقة إنتاجية مقدارها 800 طن متري يومياً تخصص للاستهلاك المحلي وتعد المنتج الوحيد للغاز الطبيعي المسال والمصدر إلى محطة التسييل في ميناء بلحاف بمحافظة شبوة الجنوبية على بحر العرب، إلا أن حالاً من الاحتقان الشعبي المتنامي تسود المحافظة الغنية جراء تردي الخدمات العامة وفي مقدمها الكهرباء والصحة والتعليم وغيرها على رغم الإيرادات الضخمة التي تتحصلها فضلاً عن الدعم الإقليمي والدولي في مجالات الإغاثة والإعمار والصحة العامة والإصحاح البيئي وغيره .

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات