Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المحافظون يطلقون تحقيقاً شكلياً حول رُهاب الإسلام المتفشي في صفوفهم

لن يسعى هذا التحقيق المخفّف إلى معالجة مشاكل الإسلاموفوبيا المعيّنة التي يشكو منها حزب المحافظين

وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتل تلقي كلمتها خلال مؤتمر حزب المحافظين السنوي( أ.ف.ب) 

خلال انتخابات رئاسة حزب المحافظين، إلتزم كافة المرشحين بإجراء تحقيق خاص حول الإسلاموفوبيا. ورحّب الجميع بهذا القرار. وكنت أنا أيضاً من المتفائلين به.

لكن أعلن بوريس جونسون يوم الثلاثاء الماضي أن التحقيق سيقتصر على التدقيق في حالات التحيّز بسبب وجود أحكام مسبقة وفي حالات التمييز، وذلك بدلاً من أن يتعمّق في مسألة الإسلاموفوبيا.

 إذا حاكمنا الأمر كما يبدو لنا في الظاهر، لكان إعلان رئيس الوزراء عن إطلاق تحقيق بحلول نهاية العام الجاري في حالات التمييز والتحيز داخل حزب المحافظين جديراً بكل التقدير. فالمشهد السياسي يجب أن يخلو من العنصرية.

وعلى الأحزاب كافة أن تسعى بالفعل إلى نبذ التعصب ولا يجب أن يشذّ حزبنا الحاكم عن هذه القاعدة. لدينا في الحقيقة حالياً رئيس وزراء محافظ قال ذات مرة أن للأطفال أصحاب البشرة السوداء " ابتسامات البطيخ". وعندما شغلت تيريزا ماي منصب وزيرة الداخلية، اعتبرت أنه من المناسب عدم التصدّي للشاحنات الصغيرة التي تدور في الأحياء رافعة شعار "عودوا من حيث أتيتم". أما خليفتها، آمبر راد، فوقعت أثناء ولايتها في الداخلية فضيحة ويندراش، حين رُحّل أشخاص من خلفية افريقية كاريبية ظلماً بعد استقرارهم في المملكة المتحدة لأكثر من نصف قرن، ولم يحُل ذلك دون استعادتها لمنصبها داخل مجلس الوزراء.

لكن الحزب يعاني من مشكلة أكبر من هذا كله مع نوع محدّد من العنصرية هو الإسلاموفوبيا.

فالإسلاموفوبيا مستشرية ومتجذرة داخل المؤسسة الحزبية بشكل ممنهج، بدءاً بجونسون في أعلى الهرم ومروراً بأعضاء الحكومة والنواب ووصولاً إلى المستشارين المحليين وأعضاء الحزب.

ولن يسعى هذا التحقيق المخفّف إلى معالجة مشاكل الإسلاموفوبيا المعينة التي يشكو منها حزب المحافظين. ولن تستطيع مقاربة الموضوع بشكل عام أن تحدد الأسباب الجوهرية لهذا النوع من العنصرية الذي أصاب الحزب. بل ستكتفي بالنظر إلى ظاهر الأمور.

من واجب رئيس الوزراء أن يصغي إلى ضحايا الإسلاموفوبيا داخل الحزب وخارجه، وأول خطوة في التعامل مع هذه القضية هي إجراء تحقيق يهدف بشكل خاصّ إلى رصد مدى انتشار هذا المشكلة. ولأن عدداً كبيراً من المسلمين فقدوا ثقتهم بالحزب، عليه الآن أن يُحسن إجراء هذا التحقيق كي لا يصنّف على أنه إجراء شكلي و حتى يكون محاولة صادقة لحلّ مشكلة مهمة.

وعلى التحقيق أن يكون مستقلاً بالفعل ويجريه طرف من خارج الحزب كي ينجح في مسعاه. فالتحقيق الداخلي يفتقر للحافز من أجل التعمق بالقضايا وبدقة.

وختاماً، على التحقيق أن ينظر في إجراءات التحقيق والتأديب التي يتبناها الحزب وذلك للتأكد من أن هذه الأدوات تساعد على التعامل بفعالية مع الشكاوى المتعلقة بالإسلاموفوبيا وإن كان الحزب يتقيّد بهذه الإجراءات كما يجب.

فالحزب تعامل بسرعة وحزم مع بعض الحالات الحديثة، حين نشر بعض أعضائه مواداً تتجلى فيها الإسلاموفوبيا على شبكة الإنترنت، أو باركوا منشورات من هذا النوع، فعلّق عضويتهم فوراً. لكن في بعض الحالات الأخرى مثل حالة حملة زاك غولدسميث المعادية للإسلام في الانتخابات البلدّية، استطاع الحزب أن يتجاهل الموضوع برمّته ويعين النائب المسيء وزير دولة مخول حضور اجتماعات مجلس الوزراء.

ليس التفاوت في مقاربة الحزب دليل على افتقارها للانسجام فقط، بل هو يوجه رسالة للمحافظين مفادها أنّ من يحتلون المواقع العليا يستطيعون أن يحملوا هذه الأفكار المتعصبة ويحافظوا على مناصبهم بينما مصير أولئك القابعين في أسفل الهرم هو الإقصاء.

ليس من الصعب إطلاق هذا التحقيق ولا سيّما نظراً إلى أن الأدلة على الحاجة له وأيضاً على الطريقة التي يجب إجراؤه بها، موثّقة على نطاق واسع للغاية.

شكّل جونسون عند مباشرته مهامه الرسمية واحدة من أكثر الحكومات تنوعاً في تاريخ البلاد، تضم أول وزير مالية مسلم. ولكن ما جدوى هذه التعيينات التي تمثّل بياناً قوياً ورمزياً إذا كان هناك تمييز ضد النظام ومواطني البلاد.

أضعف الإيمان هو أن يصغي حزب المحافظين بالفعل للمجتمع الإسلامي ويتفاعل معه. فبعد تهميشه الكثير من المسلمين بسبب عجزه عن التصدي للإسلاموفوبيا حتى الآن، بات أمامه طريق طويل حتى ينجح باستعادة ثقة المسلمين وعليه بالطبع اتخاذ الخطوة الأولى. وإن لم يفعل، فسيُحرم المسلمون من المزيد من حقوقهم.

إن تقاعس حزب المحافظين المزمن عن التصدي لمشكلة الإسلاموفوبيا في صفوفه على الرغم من الضغط المتواصل والواجب الأخلاقي وغياب أي سبب حقيقي لعدم فعل ذلك، هو أمر محبط ومخيب للآمال وبصراحة غير مقبول.

هارون خان الأمين العام لمجلس مسلمي بريطانيا

© The Independent

المزيد من آراء