Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

واكتمل بناء سد النهضة... فهل انتهت الأزمة لمصلحة إثيوبيا؟

مراقبون يحذرون: استمرار الصمت المصري سيدفع أديس أبابا إلى إنشاء 3 سدود إضافية تحرم القاهرة حصتها المائية

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد يتحدث خلال حفل توليد الطاقة الأول في موقع سد النهضة الإثيوبي (أ ف ب)

ملخص

لم يصدر رد فعل رسمي مصري على تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي، وقبل ذلك على الملء الخامس للسد، بينما كانت القاهرة خلال الأعوام الأربعة الماضية تصدر بيانات تطالب أديس أبابا بالعودة لمائدة التفاوض والتوصل إلى حل توافقي... فماذا جرى؟

بعد نحو 14 عاماً من النزاع حول سد النهضة، جاء إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد اكتمال بناء السد ليطرح تساؤلات عما إذا كان الصراع انتهى لمصلحة أديس أبابا، على رغم أعوام من التفاوض والجهود الدبلوماسية المصرية للتوصل إلى اتفاق حول ملء السد وتشغيله، قابله إصرار إثيوبي على عدم التوصل إلى أي معاهدة، بل امتدت مطالباتها للاعتراض على الحصة التاريخية لمصر من مياه النيل.

ومن موقع السد أعلن آبي أحمد الاثنين الماضي أنه بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل سيكتمل البناء بالكامل، وستصل المياه المحتجزة في خزان السد إلى 71 مليار متر مكعب من إجمال السعة الكلية وهي 74 مليار متر مكعب، مشيراً في لقاء تلفزيوني إلى أن السد إنجاز تاريخي وأنه سيجري تشغيل ثلاثة توربينات لتوليد الكهرباء خلال ديسمبر المقبل، ليبلغ إجمالها سبعة توربينات.

وفي اليوم التالي أفادت الهيئة التي تدير السد بتشغيل توربينين جديدين لمضاعفة إنتاج الكهرباء، مما يعني ارتفاع طاقة التوليد إلى 1550 ميغاوات، وكان أول توربينين جرى تشغيلهما في فبراير (شباط) وأغسطس (آب) 2022، من بين 13 توربيناً يخطط لتشغيلها بغية توليد الطاقة القصوى للسد وهي 5 آلاف ميغاوات، وهو ضعف الإنتاج الحالي للبلاد من الكهرباء.

غياب الرد المصري

ولم يصدر رد فعل رسمي مصري على تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي، وقبل ذلك على الملء الخامس للسد، بينما كانت القاهرة خلال الأعوام الأربعة الماضية تصدر بيانات تطالب أديس أبابا بالعودة لمائدة التفاوض والتوصل إلى حل توافقي.

ويرى نائب وزير الخارجية المصري السابق السفير علي الحفني أن عدم صدور بيان رسمي "لا يعني عدم متابعة أجهزة الدولة مستجدات ملف السد"، مؤكداً أن الرد يكون في الوقت والكيفية اللذين ترى القاهرة أنهما مناسبان.

ولطالما اعتبرت القاهرة السد "تهديداً وجودياً"، إذ يقع على نهر النيل المصدر شبه الوحيد للمياه لأكثر من 106 ملايين مصري، فيما تعاني مصر عجزاً مائياً يصل إلى نحو 50 في المئة من حاجاتها، بحسب ما أكده وزير الخارجية المصري أمام الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) 2023.

وعلى رغم الإعلان الإثيوبي اكتمال بناء سد النهضة، قال نائب وزير الخارجية المصري السابق لـ "اندبندنت عربية" إن تصريحات أديس أبابا بمثابة إيحاء بانتهاء النزاع حول السد مع دول المصب، مضيفاً أن المشكلة "ستتفاقم إذا تعرضت دول المنبع لموسم جفاف ممتد لأعوام، فحينها تتقلص حصة مصر من المياه مما سيدفع القاهرة والخرطوم إلى الإصرار على اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل سد النهضة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال الحفني إن الإعلان الإثيوبي سبقه تصريحات بأن نهر النيل غير عابر للحدود، وما "يفاقم الأزمة هو دخول 'اتفاق عنتيبي' الذي يلغي الحصص التاريخية لدولتي المصب مصر والسودان من مياه النيل حيز التنفيذ، وذلك بعد تصديق جنوب السوداني على الاتفاق"، لافتاً إلى أن "مواقف دول المنبع لا تخلق مناخاً آمناً وتتعارض مع طموحات شعوب دول المصب في تكامل إقليمي ضمن المصالح المشتركة بين الدول الأفريقية"، ومعتبراً أن الإعلان الإثيوبي "يحبط أي جهود للمؤسسات الدولية ومجلس الأمن والاتحاد الأفريقي لحل أزمة سد النهضة في ظل رفض أديس أبابا جميع جهود الوساطة".

أما عن فرص التوصل إلى حل فيعتقد أن مصر يمكنها طرح الملف بصورة مستمرة كما يحدث حالياً من طريق الدبلوماسية، إذ يناقش الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع نظرائه محاولة إيجاد حلول باعتبارها "قضية القضايا لمصر"، لافتاً إلى أن النتائج تعتمد على الإرادة السياسية لحكومة آبي أحمد.

وأعلنت مصر في ديسمبر 2023 انتهاء المسار التفاوضي في شأن السد الإثيوبي بسبب "استمرار المواقف الإثيوبية الرافضة عبر الأعوام الماضية للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث"، وفق بيان لوزارة الري المصرية.

في المقابل اتهمت وزارة الخارجية الإثيوبية مصر بـ "إقامة حواجز" ضد الجهود المبذولة نحو التقارب، مؤكدة التزام أديس أبابا التوصل إلى تسوية ودية وتفاوضية تحقق مصالح البلدان الثلاثة، وتطلعها إلى استئناف المفاوضات.

الحل الخشن

وبعيداً من الدبلوماسية يرى مستشار وزير الري المصري السابق وخبير المياه الدولي ضياء الدين القوصي أن الحل الأمثل لأزمة سد النهضة هو "التدخل العنيف" بضربة عسكرية نوعية، وهو ما لا يعني السعي إلى هدم السد، لأن نتائج ذلك ستكون كارثية وربما تصل إلى إغراق العاصمة السودانية الخرطوم.

وقال القوصي في حديثه إلى "اندبندنت عربية" إن "استمرار الصمت المصري حيال أزمة سد النهضة سيدفع الإثيوبيين إلى إنشاء ثلاثة سدود إضافية تحرم مصر حصتها المائية في نهر النيل، وصولاً إلى العطش الكامل، أي أنه لن يكون هناك مياه للزراعة أو النقل النهري، وقد تصل إلى عدم وجود مياه للشرب". 

وأضاف أن العمل الإنشائي في سد النهضة انتهى لكن الاكتمال يعني تشغيل جميع التوربينات، وهو لم يحدث، لافتاً إلى أن الملء الخامس بلغ 40 مليار متر مكعب من المياه، لكن دولتي المصب لم تتأثرا بسبب الفيضانات المرتفعة، ولكن في حال الجفاف فإن القاهرة والخرطوم ليس لديهما رفاهية تحمل تقليص 40 مليار متر مكعب من حصتهما المائية، إذ يمكن أن تصل بهما إلى العطش.

ومنذ إعلان إثيوبيا عزمها تشييد سد النهضة عام 2010، نشب خلاف بين أديس أبابا والقاهرة التي ترى في الكم الكبير من المياه في خزان السد البالغ 74 مليار متر مكعب وفق المخطط، مهدداً لأمنها المائي الذي يعاني محدودية الموارد في ظل اعتمادها على نهر النيل مصدراً وحيداً للمياه، وثبات حصتها من النهر منذ عام 1959 وهي 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وعلى مدى 10 أعوام سعت القاهرة والخرطوم إلى توقيع اتفاق ملزم في شأن المبادئ التوجيهية لملء السد وتشغيله بموجب اتفاق "إعلان المبادئ" الذي وقعته الأطراف الثلاثة في الخرطوم في مارس (آذار) 2015 والذي جرى التوصل إليه بعد جولات متقطعة من المفاوضات.

وخلال عقد من التفاوض توسّطت الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي والبنك الدولي، إضافة إلى دعوات من دول ومنظمات عدة للتوصل إلى اتفاق.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير