Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جرحى غزة... الأدوية بالتبادل والتعافي مؤجل

60 في المئة من العقاقير الأساسية رصيدها صفر ومجموعات على "واتساب" و"فيسبوك" للبحث عنها لدى الآخرين

ملخص

تعيش غزة أزمة دواء صعبة للغاية، يقول مدير مستودعات الأدوية في وزارة الصحة كفاح طومان "نحن في حال حرب، وإسرائيل تستخدم القوة النارية بصورة مبالغ فيها، كل لحظة لدينا جرحى من الغارات الجوية، وهؤلاء بحاجة إلى أدوية".

تتأفف جيهان بعد خروجها من الصيدلية، تضرب كفاً بكف وتقول "هذه الصيدلية الخامسة التي أبحث فيها عن مضاد حيوي لزوجي المبتور القدم ولا أجد العلاج"، وتغادر السيدة إلى خيمتها وتتصفح الإنترنت البطيء جداً، وعلى منصات التواصل الاجتماعي تجد ضالتها.

أثناء تصفح "فيسبوك" وجدت جيهان مبادرة "أدوية غزة"، وبسرعة انضمت إليها وكتبت "في هذه الحرب الدامية، اخترقت شظية صاروخ إسرائيلي جسد زوجي الذي كان يسير قرب منطقة القصف، وللأسف لم يتمكن الأطباء من إنقاذه، لقد بترت قدمه ويحتاج إلى مجموعة من الأدوية".

دواء "أونلاين"

تشرح جيهان أن "زوجي يحتاج كل ست ساعات إلى مسكن آلام قوي المفعول، وكل 12 ساعة يجب أن يتناول جرعة مضاد حيوي من الجيل الثالث، للأسف لا توجد في مستودعات وزارة الصحة أية أدوية، وبحثت في غالبية الصيدليات عن تلك العلاجات فلم أجدها".

جيهان لا تكذب، إذ ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أن 60 في المئة من قائمة الأدوية الأساسية بات رصيدها في المستودعات صفراً، وأن نحو 83 في المئة من قائمة المستهلكات الطبية نفدت بالكامل، وأن آثار هذه الأزمة بدأت تظهر على جرحى حرب القطاع.

 

 

نشرت السيدة قصة زوجها باختصار، وبسرعة توالت التعليقات والردود، ومن خلالها وجدت الأدوية عند أحد جرحى الحرب الذين تماثلوا للشفاء، تواصلت معه وحصلت على العلاج اللازم لإنقاذ حياة رفيق المشوار.

في الواقع تعيش غزة أزمة نقص دواء صعبة للغاية، ويقول مدير مستودعات الأدوية في وزارة الصحة كفاح طومان "نحن في حال حرب، وإسرائيل تستخدم القوة النارية بصورة مبالغ فيها، فكل لحظة لدينا جرحى من الغارات الجوية، وهؤلاء بحاجة إلى أدوية للتعافي، وإلى جانبهم نسجل كل ثانية مرضى بحاجة إلى عقاقير طبية".

ويضيف أنه "على رغم هذه الظروف الطارئة وتفاقم عدد الجرحى، فإن إسرائيل لا تسمح بتدفق الأدوية والمستهلكات الطبية إلى قطاع غزة، مما سبب أزمة حادة في العلاجات، وباتت مدة تشافي المرضى طويلة للغاية جراء ذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بعد اجتياح الجيش الإسرائيلي لمحافظة رفح وسيطرة القوات على محور فيلادلفيا بما في ذلك معبر رفح البري، توقف توريد العلاج والأدوية إلى القطاع، سواء للصيدليات أو مستودعات المنظمات الدولية أو مخازن وزارة الصحة الفلسطينية.

وتسبب إغلاق الحدود في أزمة دواء تفاقمت مع مرور الوقت وزيادة عدد الجرحى في الحرب، لكن بعد فترة قصيرة سمحت إسرائيل بكميات محدودة جداً من أصناف معينة للأدوية لمصلحة منظمة الصحة العالمية وقليل من المنظمات الدولية الطبية، وعلى رغم ذلك لم يسهم هذا الحل في أية حلحلة للأزمة.

وجع نقص الأدوية

أخذت نتائج نقص الأدوية تزيد من صرخات الألم، إذ طاول نفاد العلاجات أصنافاً ضرورية بخاصة في وقت الحرب، مما جعل الناس في غزة يائسين من زوال الأوجاع ويخشون الإصابة بالمرض.

يقول محمد خضر "جرحت في الحرب وأحتاج إلى مراهم جروح وحروق، فذهبت إلى صيدليات وزارة الصحة ولم أجد العلاج، وبحثت في صيدليات تجارية لكنه غير متوافر، وذهبت إلى المستشفيات الميدانية التي تشرف عليها المنظمات الدولية فاعتذروا لي، والآن الحروق تتفشى في جسدي وإصابتي غريبة".

 

 

أما هند، فلديها ثقب في طبلة الأذن نتيجة تعرضها لقصف إسرائيلي وتتألم طوال الوقت، وتقول "أحتاج إلى أربعة أنواع من العلاج ولا يتوافر سوى نوع واحد، وللحصول عليه أقف في طابور طويل لساعات، ثم يعطونني حبة مسكن آلام".

ويحتاج همام نوعاً غير متوافر من أدوية مرض الصرع، لكن جميع محاولات بحثه تنتهي من دون جدوى، ويوضح الرجل محاولاً حبس دموعه "يخبرونني أنه غير متوافر إطلاقاً، مما يجعلني أمرّ بفترة صحية غير مستقرة، فأصبحت أموت بطريقة بطيئة بسبب قلة الأدوية والعلاجات".

ويُعدّ نقص الدواء في غزة قضية خطرة للغاية، فهناك 93 ألف جريح حرب، وأكثر من 350 ألف مصاب بأمراض مزمنة، وعشرات آلاف الحالات مصابة بأمراض موسمية، وجميعهم يحتاجونإلى العلاج.

 

 

ويقول طومان إن "الدواء التجاري الخاص الذي تشتريه الصيدليات نفد بالكامل لتوقف إدخاله منذ بداية الحرب، أما العلاجات التي تصل إلى المستشفيات من خلال المساعدات الخارجية، فتوقفت قبل 120 يوماً عقب احتلال جيش إسرائيل معبر رفح".

ويوضح أن من بين الأدوية المفقودة علاجات حساسية الأطفال، والمغذيات والفيتامينات الخاصة بالرضع، وكذلك أدوية أمراض العظام والمفاصل والتشنجات والصرع والأمراض النفسية، فضلاً عن أنواع كثيرة من أدوية الأمراض المزمنة والقلب والكلى والغدة الدرقية.

علاجات بالتبادل

لمحاولة عبور الأزمة، ابتكر سكان غزة طريقة للبحث عن العلاج عن طريق الإنترنت، إذ ينشر المرضى أو ذووهم مناشدات طلباً للمساعدة في تأمين بعض الأدوية ضمن مجموعة خاصة لهذا الغرض أنشأها الطبيب أنس أبو كرش وأطلق عليها "دواء غزة".

ويشرح أبو كرش فكرته قائلاً "لتوفير الأدوية المفقودة قمت بإنشاء مجموعة على ’واتساب‘ و’فيسبوك‘ يتم ضمنها نشر مئات الطلبات من مرضى وجرحى بحثاً عن الأدوية المفقودة، ومن يتوافر لديه العلاج يتواصل مع الشخص الذي يحتاج إليه ويؤمنه له".

 

 

ويضيف "ننجح يومياً في تلبية حاجة عشرات من أصحاب المناشدات، لكن هناك أصنافاً نعجز عن توفيرها، والناس لا يجدونها في المستشفيات، ومن بينها الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة وأدوية القولون والأمراض التنفسية وأمراض القلب. كما لا نستطيع توفير أي نوع من المراهم، بخاصة المضادات الحيوية فهي مفقودة بصورة كاملة".

وعلى مجموعات "دواء غزة" لا يطلب المرضى الدواء فقط، بل أيضاً يطرحون ما لديهم من علاجات للتبادل، وهذه ضحى تعرض مرهماً للجلد وتطلب بدلاً منه قطرة عين من فئة المضادات الحيوية، ومثلها تنتشر غالبية المنشورات، إذ يطلب المرضى دواء مقابل توفير دواء آخر.

يقول مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس "تدخل إلى غزة حالياً مستلزمات طبية ومساعدات دولية محدودة تمر عبر إسرائيل ولا تكفي حاجة سكان القطاع الذين يعانون أوضاعاً إنسانية وصحية كارثية".

بينما يؤكد منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية غسان عليان "نسهم في تخفيف أزمة الأدوية والمستهلكات الطبية ونسمح بتدفقها للمؤسسات الدولية، ولا صحة لما تحاول ’صحة غزة‘ إشاعته بأننا نمنع تدفق العلاج".

المزيد من متابعات