ملخص
تتخذ مستويات العنف أبعاداً مروعة وتلحظ انتهاكات عدة من بينها اعتداءات جنسية وتزايد حالات الاختطاف واغتصاب فتيات بعضهن بعمر الـ 12 سنة، فضلاً عن الاستغلال الجنسي للأطفال.
بعد مضي عام ونصف العام من الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تفاقمت مستويات العنف ضد النساء لتتخذ أبعاداً مروعة وتلحظ انتهاكات عدة من بينها اعتداءات جنسية وتزايد حالات الاختطاف واغتصاب فتيات بعضهن بعمر الـ 12 سنة، فضلاً عن الاستغلال الجنسي للأطفال.
وفي ترجمة للمستوى غير المسبوق لحجم الانتهاكات الواقعة بحقهن، وردت تقارير عن توثيق 54 حالة اغتصاب جديدة خصوصاً في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور، المنطقتين اللتين تشهدان أعنف المعارك إلى جانب ولاية الجزيرة.
استغلال جنسي
حملة "معاً ضد الاغتصاب الجنسي"، وثقت خلال الفترة ما بين الـ 30 من يونيو (حزيران) والـ 30 من يوليو (تموز) من العام الحالي 54 حالة اغتصاب بينها خمس لطفلات، منها 28 حالة في الخرطوم وولاية الجزيرة، و19 بمدينة الفاشر في إقليم شمال دارفور، وكذلك سبع حالات بولاية النيل الأبيض.
ودعت الحملة إلى "حظر سلاح الاغتصاب والعنف الجنسي في حرب السودان مع ضرورة التنسيق والتعاون مع الأفراد والجماعات المحلية والإقليمية والدولية"، وأعلنت الحملة عن دعم الناجيات وتوفير الحماية للضحايا وتحسين الظروف الاجتماعية والقانونية للمتضررين وتحقيق العدالة على المستويين المحلي والدولي.
لحظات قاسية
وفي السياق تروي إحدى الفتيات فضلت عدم ذكر اسمها، أنها "تعرضت للاغتصاب من قبل ثلاثة جنود يرتدون زي قوات الدعم السريع في طريق عودتها من إحدى قري ولاية الجزيرة، إذ جذبوها بقوة إلى أحد المباني وتناوبوا على اغتصابها حتى غابت عن الوعي واستيقظت ووجدت نفسها مضرجة بالدماء".
وأضافت، "ليتني أتمكن من نسيان ذلك اليوم، أو أكون في عداد الموتى قبل أن أرى ما حدث، فقد كان يوماً عصيباً بالنسبة إليّ وعشت لحظات قاسية، وكثيراً ما سمعت من الفتيات قصص الانتهاكات التي يروينها، لكنني لم أكن أتوقع يوماً أن أكون أنا الضحية".
وأوضحت أن "الدعم السريع" ارتكبت "انتهاكات واسعة في حق المدنيين بالمناطق التي سيطرت عليها، إذ يقود الجنود الفتيات من الشوارع ليتناوبوا على اغتصابهن تحت تهديد السلاح".
ترهيب النساء
إلى ذلك قالت مبادرة "لا لقهر النساء" في السودان إن "النساء يعشن ظروفاً سيئة من الناحية الإنسانية في ظل الحرب التي أحدثت أضراراً بالغة وخلقت آثاراً وخيمة، بخاصة على الأطفال، وواجه كثير من السودانيات التشرد والنزوح والاعتقال والاغتصاب والخطف والإخفاء القسري وفقدان الأبناء والبنات".
وأشارت إلى أن "أعداد النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب والعنف الجنسي في زيادة كل يوم، ولذلك يتعذر حصر الأعداد بشكل دقيق".
وأعلنت المبادرة السودانية مقاومتها لكل ما من شأنه الحط من كرامة النساء، وكل أوجه الظلم التي تمارس ضدهن وضد كل الفئات الاجتماعية الفقيرة التي أفقرت بسبب الحرب والسياسات الجائرة، مع العمل على تثبيت الحقوق كافة، في حين لفتت لجنة الأطباء التابعة للبعثة الدولية لتقصي الحقائق ورصد الانتهاكات في حرب السودان إلى تسجيل 417 حالة اغتصاب في الأقل، وفي المقابل أفادت مجموعات حقوقية وطبية بأن العدد المسجل بلغ 370 حالة.
وفي وقت سابق كشفت وزارة الرعاية الاجتماعية في السودان عن تعرض 11 إمرأة للاغتصاب من قبل عناصر "الدعم السريع" غالبهن فتيات في العشرينيات من العمر، مما أدى إلى حملهن وإنجابهن، بخاصة أنه لم يسبق لهن الزواج، وتم تسليم أربعة من هؤلاء الأطفال إلى دور رعاية الطفل اليتيم التابعة للوزارة، بينما تجري إجراءات تسليم السبعة الآخرين.
تهديد بالقتل
تقول "هناء" وهو اسم مستعار اختارته خوفاً من الوصمة أو الاعتقال إنها "في فبراير (شباط) الماضي كانت في طريقها إلى السوق في منطقة هبيلا بولاية جنوب كردفان، اعترضتها سيارة صغيرة تقل مجموعة مسلحة وأجبروها على الصعود للعربة، وهددها أحدهم بالقتل في حال علا صوتها أو لجأت للاستنجاد بالمارة".
وأضافت الفتاة وهي في مطلع العشرينيات، وتخرجت حديثاً في الجامعة، "أرغموني تحت تهديد السلاح على اصطحابهم إلى منزل قريب من السوق، وبعد عراك نجحوا في اغتصابي حتى فقدت الوعي، وبعد خمس ساعات وجدت نفسي في إحدى زوايا الحي الذي أقطن فيه".
وأوضحت أن أسرتها "غادرت المنطقة بعد أسبوع من الحادثة، وفي إحدى المستشفيات أجرت فحوصاً طبية وتلقت العلاج، لكنها تعاني أزمة نفسية منذ ذلك اليوم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
انتهاكات جسيمة
رئيسة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة التابعة للحكومة السودانية سليمة إسحاق قالت إن "السيدات السودانيات تعرضن خلال الحرب لانتهاكات جسيمة، وخصوصاً جنسية، ولا سيما أن عمليات الاغتصاب ارتفعت معدلاتها بعد تمدد الحرب واجتياح الولايات الآمنة، بخاصة الجزيرة، مما أدى إلى الحمل والإنجاب".
وأضافت، "لا توجد إحصاءات دقيقة عن النساء والفتيات المغتصبات بسبب صمت الأسر وعدم الإبلاغ إلى جانب أن الخدمات الصحية هي الجهة التي نستقي منها المعلومة عن حجم الاغتصاب، وهي تعمل تحت تهديد السلاح ولذلك يصعب تحديد مآلات الحرب من اغتصاب واختطاف واسترقاق، إضافة إلى عمليات النزوح التي فاقمت المعاناة".
وأبدت إسحاق قلقها من تزايد حالات الاغتصاب في مناطق النزاعات وغياب الوعي لأن "تأخر إبلاغ الأسر يحمل عواقب وخيمة".
إنفاذ القانون
وتعرب الناشطة في مجال حقوق المرأة ميسون مبارك عن قلقها إزاء تزايد حالات الاغتصاب، معتبرة أن "إفادات الناجيات في شأن وجود فتيات محتجزات في مناطق مختلفة من الخرطوم يشير لتصاعد الانتهاكات ضد النساء وإقحامهن في الصراع، ليصبحن ضحايا للعنف الجنسي المتصل بالنزاع المسلح".
وأضافت مبارك، "توجد مشكلة كبيرة في ما يتعلق بتدابير حماية النساء والفتيات في ظل عدم تقيد طرفي الصراع بقواعد القانون الدولي الإنساني إلى جانب غياب آليات إنفاذ القانون".
وأوضحت أن "غالبية الادعاءات وجهت لأفراد ينتمون لقوات الدعم السريع إلا أنها اتهامات مشابهة لتلك التي تم توجيهها لآخرين ينتمون إلى القوات المسلحة في منطقة الشجرة بالخرطوم وفي بعض أحياء مدينة أم درمان، ومن المؤسف ألا تتخذ أي تدابير لمساءلة ومحاسبة الضالعين في هذه الجرائم من الطرفين حتى الآن، أو لقمع هذه الانتهاكات الخطرة المستمرة".
وبينت الناشطة في مجال حقوق المرأة أن "مسألة الإفلات من العقاب في الجرائم الجنسية ظلت مستمرة في السودان منذ نزاع دارفور الذي استمر من عام 2003 لغاية 2020".