قال الجيش الإسرائيلي إن شرطة حرس الحدود قتلت قيادياً كبيراً في حركة "حماس" داخل الضفة الغربية اليوم الجمعة. وأكد أن وسام خازم الذي يعد قائد "حماس" في مدينة جنين قتل داخل سيارة قال إنها كانت تحوي أسلحة وذخيرة وكميات كبيرة من النقود.
وذكر الجيش أن خازم متورط في عمليات إطلاق نار وتفجير عبوات ناسفة في أماكن مختلفة داخل الضفة الغربية، مضيفاً أن مسلحين اثنين آخرين من "حماس" قتلتهما طائرة مسيرة أثناء محاولتهما الفرار من السيارة.
وأكدت "حماس" مقتل العناصر الثلاثة، الذين قالت إنهم كانوا ينتمون إلى جناحها العسكري "كتائب عز الدين القسام".
وقالت الحركة في بيان إن خازم قتل صباح اليوم "إثر قصف جوي" مع اثنين آخرين من "إخوانه المقاومين... وذلك عقب اشتباكهم مع قوات المستعربين في قرية الزبابدة شرق جنين".
وقال سكان داخل قرية الزبابدة الواقعة على مشارف جنين إن سيارة محترقة مليئة بثقوب الرصاص كانت تقف بجوار جدار اصطدم به السائق، بعد مطاردة وحدة من القوات الخاصة الإسرائيلية.
وقال سيف غنام (25 سنة) وهو من سكان الزبابدة إن واحداً من الرجلين الآخرين اللذين هربا من السيارة قتل خارج منزله مباشرة، جراء قصف من طائرة مسيرة صغيرة حطم النوافذ بينما قتل الرجل الثاني على مسافة قصيرة.
وذكر غنام أن القوات الإسرائيلية أخذت الجثث التي خلفت بركاً كبيرة من الدماء على الأرض.
استمرار العملية
في الوقت نفسه، تواصل القوات الإسرائيلية بمشاركة المئات من الجنود وأفراد الشرطة عملية واسعة النطاق شنتها خلال الساعات الأولى من صباح أول من أمس الأربعاء في مدينتي جنين وطولكرم، وهما مدينتان مضطربتان شمال الضفة الغربية ووادي الأردن.
وتوغلت ناقلات جند مدرعة إسرائيلية مدعومة بطائرات هليكوبتر وطائرات مسيرة في جنين وطولكرم اليوم، بينما قامت جرافات مدرعة بجرف الطرق بحثاً عن أية عبوات ناسفة ربما زرعتها جماعات مسلحة لتفجيرها.
ويأتي التصعيد داخل الضفة في وقت لا يزال القتال محتدماً بين القوات الإسرائيلية ومسلحي "حماس" في قطاع غزة منذ نحو 11 شهراً، إلى جانب تصاعد حدة الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي وجماعة "حزب الله" المدعومة من إيران في المنطقة الحدودية بين إسرائيل ولبنان.
وفي أول يومين من العملية العسكرية داخل الضفة الغربية قُتل ما لا يقل عن 17 فلسطينياً من بينهم أحد قادة حركة "الجهاد الإسلامي" في طولكرم.
قلق بريطاني
وقالت الحكومة البريطانية اليوم إنها تشعر "بقلق بالغ" إزاء العملية الإسرائيلية المستمرة في الضفة الغربية المحتلة، محذرة من أن خطر عدم الاستقرار جسيم وشددت على الضرورة العاجلة لخفض التصعيد.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية في بيان "نواصل دعوة السلطات الإسرائيلية للتحلي بضبط النفس والامتثال للقانون الدولي والتصدي بقوة لأفعال من يسعون إلى تأجيج التوتر".
كان الجيش الإسرائيلي واصل اليوم لليوم الثالث توالياً عمليته العسكرية الواسعة في بلدات ومخيمات عدة شمال الضفة الغربية المحتلة، حيث ارتفع عدد القتلى وبينهم القيادي في حركة "الجهاد الإسلامي" محمد جابر الملقب بأبي شجاع في مخيم نور شمس، بينما تتواصل الحرب الدامية في قطاع غزة حيث سيتم الالتزام بـ"هدن إنسانية" لتنفيذ حملة تلقيح ضد شلل الأطفال.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مفاقمة العنف
وعدت فرنسا اليوم أن العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل الضفة الغربية "تفاقم جو عدم استقرار وعنف غير مسبوق"، معربة عن "قلقها البالغ" إزاء تدهور الوضع العام في الأراضي الفلسطينية.
وفي بيان لوزارة الخارجية أكدت باريس معارضتها الاستيطان في الضفة الغربية "الذي يجب أن يتوقف فوراً".
وفي غزة فإن "كثافة الهجمات الإسرائيلية التي تستهدف مدارس أو ملاجئ للنازحين تؤدي إلى سقوط عدد غير مقبول من الضحايا المدنيين"، وفق ما كتبت الخارجية الفرنسية.
وأضافت أن "ضرورة احترام القانون الإنساني الدولي ملزمة للجميع بما في ذلك إسرائيل"، معتبرة أن الهجمات التي تستهدف العاملين في المجال الإنساني "غير مقبولة".
وبالنسبة إلى القدس، حذرت باريس من أن "التشكيك المنهجي الآن خلال الوضع الراهن في المسجد الاقصى يخلق خطر اندلاع نزاع معمم".
وأضاف البيان أن "فرنسا تدين أيضاً التصريحات غير المسؤولة لبن غفير (إيتمار بن غفير الوزير الإسرائيلي اليميني المتطرف) الذي يدعو علناً وباستمرار إلى القيام بأعمال تتعارض مع الوضع القائم".
ومنذ انضمامه إلى الحكومة خلال ديسمبر (كانون الأول) 2022 قام وزير الأمن القومي بن غفير بست زيارات للموقع المتنازع عليه، الواقع في قطاع المدينة المقدسة الذي احتلته إسرائيل وضمته. ووصفت الزيارات المتكررة بأنها استفزاز ومساس بالوضع القائم من قبل الفلسطينيين وعدد من العواصم الأجنبية.
"غير مقبول"
وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس اعتبر بدوره اليوم أن الوضع في الضفة الغربية "غير مقبول إطلاقاً".
وقال خلال مؤتمر صحافي داخل مقر الخارجية في ختام لقاء مع نظيره الفرنسي ستيفان سيجورنيه "يسجل حالياً اندلاع لأعمال العنف في الضفة الغربية، وهو أمر غير مقبول إطلاقاً"، مضيفاً أن "هذا لا يساهم في إرساء السلام" و"يعرض حل الدولتين للخطر".
وجدد ألباريس إدانة مدريد للاستيطان الإسرائيلي، قائلاً إن "الوضع في الضفة الغربية يترجم بعنف دائم".
وحول الوضع في قطاع غزة المحاصر والمدمر، دان ألباريس "الكارثة الإنسانية الحقيقية" ودعا إلى "وقف فوري لإطلاق النار".
إدانة الأمم المتحدة
وتثير العملية الإسرائيلية قلق الأمم المتحدة التي حذرت من خطر "تدهور الوضع الكارثي أصلاً" في الأراضي الفلسطينية. ومنذ بدء الحرب بين إسرائيل و"حماس" إثر هجوم شنته الحركة الفلسطينية على الدولة العبرية خلال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ازدادت أعمال العنف في الضفة الغربية.
وبحسب إحصاءات فلسطينية، قتل أكثر من 660 شخصاً من المسلحين والمدنيين بعضهم على يد مستوطنين يهود نفذوا هجمات متكررة على بلدات في الضفة الغربية المحتلة. وقتل ما لا يقل عن 19 إسرائيلياً بينهم جنود، في هجمات نفذها فلسطينيون أو خلال عمليات عسكرية، وفق بيانات إسرائيلية رسمية.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان "إلى وقف فوري للعمليات" الإسرائيلية، مندداً باستخدام الغارات الجوية على أهداف مدنية. كما أبدى أسفه لـ"خسارات في الأرواح"، "بينهم أطفال".
وقالت الأمم المتحدة في بيان "هذه التطورات الخطرة تغذي الوضع المتفجر أصلاً داخل الأراضي الفلسطينية وتنتقص من السلطة الفلسطينية" التي تتخذ رام الله مقراً. وبدوره، حذر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أمس الخميس من أن "العملية العسكرية الإسرائيلية الواسعة في الضفة الغربية المحتلة يجب ألا تشكل أرضية لتوسيع الحرب من غزة، بما في ذلك الدمار الواسع النطاق".
وتشهد الضفة الغربية توغلات إسرائيلية منتظمة. لكن من النادر أن تنفذ بصورة متزامنة في مدن عدة وبإسناد جوي، كما يحدث منذ أول من أمس.