Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فورة الاقتصاد الروسي مرشحة للانتهاء عام 2025

يتوقع بنك موسكو المركزي تباطؤ النمو بقوة مع احتمالات الركود

قدر البنك أن يواصل الاقتصاد النمو السريع هذا العام مع تقديرات بـ 3.5 إلى 4 في المئة (أ ف ب)

ملخص

بحسب هيئة الإحصاء الروسية فإن ثقة المستهلكين في الاقتصاد حالياً أعلى من المتوسط السنوي منذ تولي الرئيس فلاديمير بوتين السلطة مطلع الألفية.

يواصل الاقتصاد الروسي النمو القوي، ربما بأفضل من غالبية الاقتصادات الكبرى في العالم، على رغم الحرب في أوكرانيا والعقوبات الاقتصادية غير المسبوقة على موسكو من قبل الولايات المتحدة والغرب، مما أثار دهشة المحللين والاقتصاديين الذين أرجعوا فورة النمو في اقتصاد روسيا إلى توسع حكومة الرئيس فلاديمير بوتين في الإنفاق العام، ليس فقط على التسليح والإنتاج العسكري وإنما في جوانب الاقتصاد كافة.

لكن البنك المركزي الروسي توقع في تقرير له هذا الأسبوع أن يتراجع الاقتصاد بقوة العام المقبل والذي يليه، فمع استمرار أسعار الفائدة عند مستويات عالية تزيد عما كانت عليه قبل الحرب واحتمال استمرارها هكذا حتى عام 2027، ينتظر أن يشهد الاقتصاد هبوطاً حاداً في معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي.

وقدر البنك أن يواصل الاقتصاد النمو السريع هذا العام مع تقديرات بـ 3.5 إلى أربعة في المئة، مدفوعاً بزيادة الطلب المحلي بقوة سواء من جانب المستهلكين أو الحكومة، وبشكل فاق العرض في السوق الداخلي. وأضاف البنك المركزي في تقريره أن نقص العمالة المتوافرة في السوق والآثار السلبية للعقوبات الاقتصادية على موسكو أدت إلى الضغط على الإنتاج.

ويعكس تقرير البنك المركزي التحديات الهائلة التي يواجهها الاقتصاد الروسي على رغم استمرار نموه بقوة ما بعد بدء الحرب في أوكرانيا عام 2022، بحسب ما ذكره تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" في عددها الأسبوعي السبت الماضي.

 ويرسم تقرير البنك صورة قاتمة لمستقبل الاقتصاد الروسي الذي حظي في الآونة الأخيرة باهتمام المحللين والاقتصاديين بسبب نموه القوي بأفضل من اقتصادات كبرى حتى مع الحرب والعقوبات.

توسع على رغم القيود

وكانت مجلة "إيكونوميست" نشرت مطلع أغسطس (آب) الماضي، تحليلاً مطولاً عن اقتصاد روسيا ونموه الملاحظ على رغم الحرب والعقوبات.

واستند التحليل ليس فقط إلى الأرقام والبيانات الرسمية من موسكو، بل أيضاً إلى مجموعة من المعلومات والبيانات والتقديرات من مؤسسات غربية مختلفة، وخلص في النهاية إلى أن هذا النهج من النمو القوي مستمر لفترة قبل أن يحدث تغير في مؤشرات الاقتصاد الكلي، وتراجع ثقة الشعب الروسي في آفاق النمو الاقتصادي.

إلا أن تقرير البنك المركزي الروسي الأخير يقرب من نهاية تلك الفترة لتكون آخر هذا العام، وليس لأعوام عدة كما توقع تحليل المجلة، وحتى على رغم أن البنك، طبقاً لبياناته الرسمية قبل أسابيع، أكد أن النشاط الاقتصادي في شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران) الماضيين "ارتفع بقوة".

وأشار بنك "غولدمان ساكس" إلى توسع النشاط في الاقتصاد الروسي مع انخفاض معدلات البطالة إلى أدنى مستوى لها واستمرار قوة العملة الروسية، الروبل، لدرجة أن الناتج المحلي الاجمالي يحقق نمواً أكبر من 95 في المئة من الدول الغنية.

وحتى مع ارتفاع معدل التضخم الذي وصل في يونيو الماضي إلى 8.6 في المئة، أي أكثر من ضعف النسبة المستهدفة من قبل البنك المركزي عند أربعة في المئة، ظلت القوة الشرائية للأسر الروسية ترتفع بقوة، وذلك ما جعل الروس يشعرون بتحسن الأوضاع على عكس معظم شعوب الدول الكبرى الأخرى.

وبحسب هيئة الإحصاء الروسية فإن ثقة المستهلكين في الاقتصاد حالياً أعلى من المتوسط السنوي منذ تولي الرئيس فلاديمير بوتين السلطة مطلع الألفية، وأصبح الروس لا يترددون في الشراء بقوة، بخاصة الأغراض مرتفعة الثمن مثل السيارات وغيرها.

أسباب التوسع والنمو

ولم يكن السبب الأهم في النمو القوي للاقتصاد الروسي خلال الأعوام الأخيرة، على رغم الحرب والعقوبات هو فقط استمرار الزيادة في عائدات الصادرات الروسية، بخاصة بعدما نجحت حكومة الرئيس بوتين في ايجاد منافذ لصادرات الطاقة التي كانت تستوردها أوروبا وتوقفت بسبب العقوبات والحظر، فالأرقام والبيانات لا تشير إلى أن عائدات الصادرات الروسية تحسنت بالقدر الذي يبرر هذا النمو الاقتصادي والتيسير المالي للحكومة في الكرملين، فأسعار النفط، وهو مصدر عائدات روسيا الأهم من صادرات الطاقة، أقل حالياً مما كانت عليه قبل عامين.

وخلال الربع الأول من العام الحالي 2024 كان إجمال قيمة الصادرات الروسية أقل بنسبة أربعة في المئة عن الفترة نفسها من العام الماضي، وأقل بأكثر من 30 في المئة عنها عام 2022.

واعتمدت الحكومة الروسية إستراتيجية مختلفة للسياسة المالية والسياسة النقدية، وهو التغيير الذي لعب دوراً في توسع النشاط الاقتصادي وتحسن أحوال المعيشة للروس، ومن ناحية السياسة المالية فقد تخلت الحكومة عن سياسة التقشف وزادت من الانفاق العام، ويتوقع أن تصل نسبة العجز في الموازنة الروسية هذا العام إلى اثنين في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ومع أنها نسبة ليست كبيرة مقارنة بالدول الصناعية الكبرى الأخرى، وهي سقف العجز المقبول في دول منطقة اليورو بنسبة ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، إلا إنها نسبة عالية بالمعايير الروسية.

وتخطط الحكومة لسد فجوة العجز من الاحتياطات المالية التي راكمتها على مدى أكثر من 10 أعوام، لذا ارتفع إنفاق الحكومة 15 في المئة خلال العام الماضي والذي قبله، ويتوقع أن يرتفع بنسبة أقل قليلاً هذا العام أيضاً.

وصحيح أن معظم الزيادة في الإنفاق تتجه للصناعات العسكرية لكنها أيضاً توفر دخلاً كبيراً للأسر الروسية.

ويقدر بنك فنلندا زيادة الإنفاق العسكري الروسي 60 في المئة هذا العام، مما زاد الطلب المحلي من قبل الحكومة، بحسب ما يشير تقرير البنك المركزي الروسي.

وفي يوليو (تموز) الماضي ضاعف الرئيس بوتين العلاوة الممنوحة لمن يسجلون للمشاركة في الحرب من 195 ألف روبل (2200 دولار) إلى 400 ألف روبل (4470 دولاراً)، وخصصت الحكومة تعويضات كبيرة للأسر التي فقدت ضحايا في الحرب.

وفي يونيو الماضي رفعت الحكومة معاشات تقاعد فئات كثيرة بنسب تصل إلى 10 في المئة، وزاد إنفاق الحكومة على مشاريع البنية التحتية مثل الطرق وغيرها، وهي توفر فرص عمل مجزية لكثيرين، كما أنها تؤدي إلى تطوير مناطق شاسعة من البلاد، مما زاد الطلب المحلي من قبل المستهلكين مع توفر الدخل الجيد.

الضغط على النمو

ويظل سعر الفائدة في روسيا مرتفعاً على رغم بدء البنوك المركزية في الاقتصادات الكبرى منحى خفض أسعار الفائدة، إذ إن سعر الفائدة في روسيا عند نسبة 18 في المئة، ويتوقع أن يواصل البنك المركزي رفعها أكثر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتعني زيادة سعر الفائدة ارتفاع كلفة الاقتراض وبالتالي الحد من استثمارات الشركات وأنفاق المستهلكين، حتى على رغم لجوء الحكومة إلى عدد من الإجراءات غير التقليدية للحد من الأثر السلبي لارتفاع سعر الفائدة.

وإلى جانب ضغط الفائدة المرتفعة يشير تقرير البنك المركزي الأخير إلى أن التوسع في النشاط الاقتصادي يواجه تحدياً من "القيود على واردات التكنولوجيا وتوفر العمالة الماهرة التي تغادر البلاد".

وأضاف التقرير أن قدرات الإنتاج في الاقتصاد وموارد العمالة "جرى استنفادها تقريباً لتصل نسبة استغلالها إلى 80 في المئة".

ومن القطاعات التي تواجه نقصاً في العمالة، سواء بسبب الحرب أو هجرة العاملين إلى الخارج، التصنيع والتجارة والزراعة، وقال نائب محافظ البنك المركزي الروسي أليكي زابوتكين للصحافيين يوم الخميس الماضي إن "سعة الإنتاج المتوافرة نفدت تقريباً، ومما يحد من توسع النشاط الاقتصادي إلى جانب قيود العقوبات محدودية قدرات وسائل الإنتاج، ويحتاج الاقتصاد إلى مزيد من العمالة لهذا الغرض"، مشيراً إلى أن وضع نقص العمالة في الاقتصاد "أصبح سيئاً بوضوح".

وتوقع البنك في تقريره ألا يزيد معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل على نسبة ما بين 0.5 و1.5 في المئة، أي أقل بكثير عن نصف معدلات النمو هذا العام، على أن يصل معدل النمو العام بعد المقبل 2026 إلى نسبة ما بين واحد واثنين في المئة، وهذا السيناريو الأساس لتوقعات النمو للبنك، أما السيناريو الأسوأ فهو في حال أزمة اقتصادية عالمية من قبيل تصاعد الصراع الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة مثلاً، ومع زيادة العقوبات على موسكو وتراجع عائدات صادرات الطاقة يمكن أن تستنزف روسيا احتياطاتها في صندوق الثروة الوطنية كاملة في وقت وجيز، وهو ماقد يعني انكماش الاقتصاد بنسبة (-3) إلى (-4) في المئة العام المقبل، مما يعني ركوداً اقتصادياً قد يمتد حتى عام 2027.

اقرأ المزيد