Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إلى أي حد يمكن أن يسهم اسم النجم في إنجاح الدراما العربية؟

حرص معظم المنتجين على التعامل مع ممثلين معينين للتسويق لأعمالهم من منطلق أنهم يتمتعون بقاعدة جماهيرية عريضة تجعل أعمالهم أكثر جذباً للمشاهدين

نجاح أي عمل تلفزيوني يقوم على توازن عدد من العناصر (pxhere)

ملخص

نجاح أي عمل يقوم على توازن عدد من العناصر واسم النجم وحده لا يكفي لتحقيق هذا النجاح.

أثبتت بعض الأعمال التي عرضت في الفترة الأخيرة أن النجم لم يعد الحصان الرابح في الدراما بدليل عدم الإقبال على مشاهدتها على رغم أن أبطالها من الأسماء الوازنة التي تملك قاعدة جماهيرية عريضة في الوطن العربي، وتبين بحسب مخرجين ومنتجين، أن نجاح أي عمل يقوم على توازن عدد من العناصر وبأن اسم النجم وحده لا يكفي لتحقيق هذا النجاح.

وفي الأعوام الأخيرة حرص معظم المنتجين العرب على التعامل مع نجوم معينين للتسويق لأعمالهم من منطلق أنهم يتمتعون بقاعدة جماهيرية عريضة تجعل أعمالهم أكثر جذباً للمشاهدين وتسهم في نجاحها على مستوى المشاهدة والإيرادات، عدا عن أن استخدام أسمائهم في الترويج لها يسهل عملية التسويق ويزيد من فرص التغطية الإعلامية ويعزز من حضورها في السوق، علماً أن الحصة الأكبر من موازنة العمل تخصص لأجره وتلبية متطلباته، ويؤثر سلباً في جودة الكتابة والإخراج إذ يتم التركيز الأساس على النجم بدلاً من العمل نفسه، ويضعف وجود الممثلين الذين يلعبون الأدوار الثانوية بسبب خصخصة المساحة الأكبر من الحوارات والمشاهد له، ويحول دون منح فرص للمواهب الصاعدة، ويرفع من توقعات الجمهور الذي يصاب بخيبة أمل عندما يكتشف أن العمل لم يكن على مقداره كما حصل في عدد كبير من الأعمال التي عرضت أخيراً على الفضائيات العربية.

فكيف ينظر صناع الدراما إلى ظاهرة "مسلسل النجم"؟ وهل فشل أعمال النجوم يعيد الدراما العربية إلى قواعدها سالمة؟

المجازفة بالنجوم

الممثلة فيفيان أنطونيوس التي كانت بعيدة عن الشاشة في الفترة الأخيرة، ترى أن الدراما بحاجة إلى نجوم جدد وتوضح لـ"اندبندنت عربية" أن "هناك أسماء كبيرة شاركت في الموسم الرمضاني الماضي في بعض الأعمال ولكنها لم تحقق النجاح المتوقع لها وهذا العام قلبت كل المقاييس، وأعتقد أن الساحة بحاجة إلى وجوه جديدة لأن النجوم الحاليين تقدموا في السن، وإن قاموا بعمليات شد وحقن بالبوتوكس فهذا لا يعني أنهم لا يزالون شباباً. الدراما ليست نجماً فقط بل قصة وإنتاج وأداء واختيار الممثل المناسب للدور، خصوصاً أن المشاهد ذكي ويميز بين الدراما الجيدة والرديئة من خلال متابعته لأعمال المنصات التي تعرضها "نتفليكس" و"شاهد" ولم تعد تهمه متابعة عمل لمجرد أنه من بطولة نجم معين بل صار يهتم لكل تفاصيله ويعبر عن رأيه به وينتقده بصورة دقيقة وصحيحة. ولذلك لم تعد تكفي المجازفة باسم الممثل النجم  لضمان نجاح أي عمل لأنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً وحده إذا لم يتوفر النص الجميل والجذاب، كما أن الممثلين الذين يحيطون به ويسندونه يجب أن يكونوا من أصحاب الكفاءة لأن الأدوار الثانوية وأدوار الكومبارس يمكن أن تشوه العمل عندما يجسدها ممثل غير موهوب، فالممثل ليس بحجم دوره بل بقدرته على الإقناع".

عملية فنية تشاركية

أما المخرج مؤمن الملا فيتمسك بنظرية مسلسل النجم ويوضح "بعيداً من التنظير والشعارات لا يمكن لنظرية مسلسل النجم أن تسقط نهائياً عندما يفشل مسلسل لنجم أو نجمين أو ثلاثة من النجوم الكبار. وعادة يعتبر المشاهد والنقاد عند فشل مسلسل بطله نجم ما، أن ربط نجاح العمل بالنجم الأوحد هي معادلة غير صحيحة وظالمة للعملية الفنية التشاركية ويبدؤون بإسقاط نظرية النجم الأوحد ويدعون إلى تغييرها، مع أنهم الذين أسهموا في صناعة نجوميته. والمشكلة لا تكمن في النجم بحد ذاته بل بعيوب أنتجت هذا الفشل".

ويشرح الملا القواعد التي يفترض أن تعتمد في العمل الدرامي لكي يحقق المرجو منه، قائلاً "يجب أن تتوفر عناصر عدة في العمل لكي يحقق النجاح، في مقدمتها النص الجيد والمخرج الحساس والمثقف، وابن الكار يعرف كيف يقرأ النص الجيد ويختار الممثلين المناسبين له بعيداً من المحسوبيات، وطبعاً لا يوجد عمل درامي جيد من دون ود وحب واحترام للمهنة وعقل المشاهد".

من نجومية المسرح إلى التلفزيون

الكاتب فايز العامر يؤكد فشل نجوم معروفين تم استغلالهم في الدراما التلفزيونية لتسويقها بحسب رأيه، ويوضح "هم كانوا نجوم مسرح ولكنهم تحولوا إلى نجوم تسويق في الدراما، وجازفت بعض شركات الإنتاج بإسناد دور البطولة لهم، وبسبب رداءة النصوص وسطحية الإخراج لم تحقق الأعمال النجاح لأن همّ المنتج أصبح تجارياً وليس فنياً، وعندما تجتمع كل هذه الأمور في عمل واحد فلا بد من أن يكون مصيره الفشل".

كما يشير العامر إلى تدخل النجوم في النصوص رغبة منهم في الظهور على الشاشة، قائلاً "هم يتسابقون لطرح وجهات نظرهم في نصوص الأعمال التي يشاركون فيها لإبراز طاقاتهم فـ’يمسرحون‘ التلفزيون ويكون مصير العمل الفشل. وهذا كله يعني أنه عندما يسند العمل إلى غير أهله، كتابة وإخراجاً، فلن ينجح حتى لو شارك فيه أهم النجوم، وفي المقابل تحظى بعض الأعمال بالقبول ولكن ليس بالقبول نفسه الذي كانت تحظى به أعمال الستينيات والسبعينيات، فضلاً عن أعمال أخرى نصها بسيط وغير معقد لا يعاني المشاهد لفك رموزه بل تلامس قلبه ووجدانه، خصوصاً أننا نعيش في عصر مأسوي بسبب الحروب التي تلف العالم".

ويقارن العامر بين الدراما الخليجية التي كانت تقدم في الأعوام الماضية وتلك التي تقدم اليوم، مشدداً على الفرق الشاسع بينهما، ومؤكداً "في السابق هي كانت تحظى باهتمام المتلقين وبكثير من النجاح وكان نجومها مميزين ومن الدرجة الأولى ومن بينها الدراما الكويتية التي كان يتصدر المشهد فيها فنانون كبار أمثال عبدالحسين عبدالرضا وغانم الصالح وعلي المفيدي وخالد النفيسي وإبراهيم الصلال وحياة الفهد وسعاد عبدالله وغيرهم، أما اليوم فأكاد أجزم أنها دراما شبابية إنتاجاً وتمثيلاً وإخراجاً، والجيل الشاب يستعجل النجومية. لذلك تحتاج بعض الأعمال المسرحية أو التلفزيونية أو حتى السينمائية إلى إعادة نظر بسبب طغيان الفكر التجاري والبحث عن الربح وغياب القيم الفنية، وأصبحنا نشاهد بعض المسلسلات لمرة  واحدة ثم تختفي عن الشاشات، بينما يقبل الجمهور على أعمال الأعوام الـ50 الماضية عند إعادة عرضها ويتقبلها ويتابعها وكأنه يشاهدها للمرة الأولى".

المنصات والرقابة والحرية

يقر الناقد طارق الشناوي بفشل بعض النجوم في تحقيق الجذب سواء في الدراما أو السينما أو الغناء، ويتساءل "لكن هل يعني ذلك أن ظاهرة النجم انتهت أم لا؟"، ويردف "ظاهرة النجم لها علاقة بالحال الاقتصادية للفن والدراما عموماً لأن العمل يوزع باسمه، لذلك فإن تلك الظاهرة لم ولن تنتهي حتى لو فشلت بعض الأعمال. ومن المؤكد أن الفن ينتعش مع زيادة هامش الحرية وكلما ارتفع سقفها ارتفعت معدلات قوة جذب الأعمال الدرامية، وهذه الناحية لها علاقة مباشرة بالسماح الرقابي، وربما ما نخشى الاقتراب منه اليوم قد نقترب ونتشابك معه خلال المقبل من الأيام". كذلك ينوه لدور تغيير الأنماط الدرامية، ويقول "هي كانت أكثر جرأة في تحطيم أرقام عدد حلقات المسلسل سواء كانت 15 أو 30 حلقة، ومعها صار قياس عدد الحلقات بالقياس الذي يفرضه المحتوى الدرامي وليس الذي تفرضه الفضائيات، وهذه تعد لحظة فارقة في تاريخ الدراما".

ويختم الشناوي بأن الدراما تتطور مثل أي شيء آخر بصورة طبيعية، وأن اختلاف التجارب الإنتاجية من عقد إلى عقد آخر يؤدي دوراً في ذلك وأيضاً وسائط العرض الجديدة التي يمكن أن تظهر لاحقاً وتشكل نافذة جديدة تضاف إلى المنصات وتحرك الساكن وتخلق قانوناً جديداً، ثم يستدرك "لكن الدراما لن تعود إلى القواعد التي كانت عليها في مطلع الستينيات بل ستكون "بنت" العصر والمفردات الجديدة.

اقرأ المزيد

المزيد من فنون