Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"سرقة القرن" تتسع في العراق و"النزاهة" باتت متهمة

رئيس الهيئة يفتح النار على زملائه في قضايا الفساد ويطالب باستدعائه لكشف الحقائق أمام البرلمان

أبدى رئيس "هيئة النزاهة" غضبه بسبب ما وصفه بـ "استضعاف الهيئة" واختفاء ملفات من قضية "سرقة القرن" (مواقع التواصل)

ملخص

لا يزال الشارع العراقي مصدوماً من أرقام السرقات المعلن عنها، سواء من مصادر رسمية أو تسريبات لم تتوقف يوماً، وما عاد الحديث عن سرقات مليونية مغرياً بل طغى إعلان سرقات مليارية على أحاديث الناس.

فاجأ رئيس "هيئة النزاهة" القاضي حيدر حنون الجمهور العراقي بمعلومات مفصلة حول المسؤولين المتهمين باستغلال مناصبهم لتغطية الفساد المتعلق بـ "سرقة القرن"، مطلقاً تصريحاته اللافتة من أربيل عاصمة كردستان خلال اجتماعه بالهيئة هناك، إذ لم ينتظر حتى القدوم إلى مقر عمله بالعاصمة بغداد، ملمحاً إلى تورط بعض زملائه القضاة في التغطية على سرقة أموال التأمينات الضريبية التي وصلت إلى أرقام فلكية تخطت الـ 20 مليار دولار، بحسب لجان مكافحة الفساد.

تمدد الفساد

رئيس "هيئة النزاهة" أبدى غضبه بسبب ما وصفه بـ "استضعاف الهيئة واختفاء ملفات من قضية نور زهير، المتهم الأول في 'سرقة القرن' لدى القاضي ضياء جعفر"، مؤكداً أن هذه التطورات تشكل تحدياً كبيراً لجهود مكافحة الفساد واستعادة أموال الدولة المنهوبة.

وأوضح حنون خلال المؤتمر أن ملف نور زهير الذي تمت إحالته إلى محكمة الجنايات المركزية يحوي 114 صكاً مالياً، وأن القانون يقتضي فتح 114 قضية منفصلة، لكن تم التعامل معها كقضية واحدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف، "أريد من البرلمان أن يسألني لماذا تم فتح قضية واحدة فقط على رغم وجود جرائم أخرى لنور زهير، ومنها التلاعب بـ 420 دونماً من الأراضي في البصرة، والتي سجلت بأسماء وهمية"، مشيراً إلى أن "هذه القضية نقلت إلى بغداد بناء على قرار القاضي ضياء جعفر".

وطاول الفساد مشاريع كبرى للدولة أكدها القاضي حنون قائلاً إن "هناك شركة تابعة لنور زهير وقعت عقداً مشبوهاً مع سكك الحديد بقيمة 18 مليار دولار، وقد سلمنا الملف منذ شهرين للقاضي ضياء جعفر لكنه لم يتحرك ضده، مع التأكيد أن المذكور هو من أطلق زهير من الحبس، والغريب أن قضية زهير في البصرة لكنها نقلت إلى بغداد لدى القاضي جعفر ثم اختفت".

وأكد رئيس "هيئة النزاهة" أن 18 مليار دولار أهدرت في قضية السكك الحديد، إذ بيعت سكك العراق بالكامل ومع ذلك لم يتم النظر فيها من قبل القاضي جعفر منذ شهرين، موضحاً أن نور زهير متهم أيضاً بقضية الودائع الجمركية ويسحب الودائع بموانئ البصرة من طريق وكالة محام مزورة.

وأكد أن "التقصير في قضية نور زهير سيكون بيني وبين جعفر الذي يلاحقني وأصدر أمر ضبط بحقي".

خلاف القضاة

وكان رئيس "هيئة النزاهة" اتُهم من قبل بعض زملائه بالاستيلاء على قطعة أرض مميزة في مسقط رأسه جنوب العراق، مما دفع حنون للرد على اتهامه بابتزاز الدوائر في ميسان قائلاً "أملك قطعتي أرض وداري التي بنيتها، وإذا ثبت امتلاكي غير هاتين القطعتين فسأتمدد في أكبر شارع بميسان لتدوسني أقدام أهاليها الشرفاء، وعليه أطلب من البرلمان استضافتي السبت المقبل للتثبت مما أقول أو العزل، والأمر متروك لمجلس النواب".

وأشهر حنون في مؤتمره الصحافي ملابسات المنحة التي أعطاها رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي لبعض القضاة بالقول إن "الأخير منح قطع أراض لشراء الولاءات، وتسلم القاضي ضياء جعفر واحدة منها، ولدينا إخبار بأن القاضي المذكور تسلم قطعة أرض على أنه عسكري خلافاً للقانون".

وأضاف "لقد ابتلينا ونحن نحقق مع أي متنفذ، وهيئة النزاهة مستضعفة ومن الأفضل لنا أن نسجن بشرف ولا نتستر على المتهمين في قضية سرقة القرن"، مؤكداً مطالبة مجلس القضاء الأعلى باستبدال قضاة الهيئة سنوياً.

نزاهة ممتحنة

مطالبة رئيس "هيئة النزاهة" بمراقبة عمل الهيئات القضائية عبر البرلمان تعد سابقة من نوعها، فالرقابة في العراق، وفق النائب السابق في البرلمان حسين الفلوجي، تتوزع على رقابة إدارية تمارسها الحكومة على مؤسساتها، ورقابة سياسية يمارسها البرلمان على الحكومة، ورقابة شعبية يمارسها الشعب، ورقابة قضائية هي أهم أنواع الرقابة، والاتهامات التي ساقها القاضي حيدر حنون من شأنها أن تجعل القضاء العراقي طرفاً في صراع "أجندات الفساد".

ويعلق الكاتب صالح الجزائري على الاعترافات التي فجرها قاضي "هيئة النزاهة" بالقول إنه "منذ مدة طويلة وأنا أشكك في القضاء ونزاهته وتبعيته، أما النزاهة فهناك قول يتردد على ألسنة العراقيين وهو أن النزاهة تحتاج إلى نزاهة، وبالمحصلة فإن الثقة اهتزت أولاً في الأجهزة التنفيذية ثم التشريعية ووصلت الآن إلى القضائية، والسؤال هو هل هناك جهة في العراق لم تطاولها أصابع الاتهام؟ ولولا المحاذير من الكتابة في مواقع التواصل التي تؤدي إلى سجن صاحبها، بحسب القانون، لكتبت رأيي بصورة أدق وأوضح، ولك الله يا عراق، أما التوقعات المحتملة لهذه الأزمة فأظن أنها ستسوى على طريقة (شيلني واشيلك)، وإلا فسينفجر الوضع وتنشب الفوضى".

ولا يزال الشارع العراقي مصدوماً من أرقام السرقات المعلن عنها، سواء من مصادر رسمية أو تسريبات لم تتوقف يوماً، وما عاد الحديث عن سرقات مليونية مغرياً بل طغى الإعلان عن سرقات مليارية على أحاديث الناس.

تجار السياسة

يؤكد القاضي وائل عبداللطيف أن "الجميع متورطون في 'سرقة القرن' ولن أستثني أحداً، لأنهم شركاء في نوع من التخادم بين الدولة ومعظم أجهزتها ووزارتها التي يثقلها الفساد من جهة، واللادولة التي تحكمها الميليشيات النافذة أمام سلطة ضعيفة مرتبكة تعاني أجواء المحاصصة الطائفية وعدم امتلاك القرار الحاسم".

ويقول الناشط السياسي المستقل عزت الشهبندر إن "السبب الجوهري للفوضى في العراق ناجم عن تجار السياسة الذين أفسدوها وشوهوها، فكثيرة هي مصائب العمل السياسي في عراق ما بعد 2003، لكن أخطرها وأشدها سوءاً هو دخول تجار ورجال أعمال إلى معترك السياسة، ولكي أكون منصفاً فإنهم ليسوا ملومين بل يقع اللوم على الذين أبهرتهم السلطة وأعمى المال بصيرتهم، ونسوا طريق الشرف".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي