Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يعيش الرهائن الإسرائيليون في غزة؟

بعضهم نزح عدة مرات ولم يستحموا إلا مرة في الشهر ويعانون ندرة الصابون والشامبو

البحر بات الطريقة الوحيدة للاستحمام في القطاع (رويترز)

ملخص

من دون شامبو ولا صابون يعيش الرهائن الإسرائيليون في غزة وهذه حال سكان القطاع، لكن بمجرد ما اشتكى المحتجزون من ذلك خففت إسرائيل قيود تدفق مواد التنظيف للقطاع.

في شهادة الرهينة الإسرائيلي فرحان القاضي التي أدلى بها بعد تحريره من قبضة حركة "حماس"، قال "لم أستحم منذ ثلاثة أشهر، العديد من المحتجزين يعانون سوء النظافة والأمراض الجلدية". وفي الواقع هذه هي حال سكان غزة جميعهم، فالجميع يعيش الظروف المؤلمة نفسها.

في عملية خاصة وغامضة، تمكن الجيش الإسرائيلي تحرير الرهينة فرحان القاضي، وهو عربي ويحمل الجنسية الإسرائيلية، وكان وقع في أسر مقاتلي "حماس" عند هجومهم على البلدات العبرية القريبة من قطاع غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

الظروف الصعبة نفسها

وبغض النظر من طريقة تحرير الرهينة، فإن القاضي عند التحقيق معه من قبل جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" حول ظروف احتجاز الرهائن في أنفاق "حماس"، كشف عن أنه كان يعيش كما حياة سكان غزة ونفس ظروفهم الصعبة والقاسية.

يقول القاضي "سمح لي بالاستحمام مرة واحدة في الشهر، وفي بعض الأحيان كنت أستحم مرة في الثلاثة أشهر. كان هناك نقص حاد في إمدادات المياه، ونادراً ما تصل المياه إلى أماكن الاحتجاز، أما المياه الصالحة للشرب فإن الحصول عليها أمر مستحيل غالباً". ويضيف "كنت محتجزاً بمفردي في نفق في ظلام دامس، لم أكن أعرف الليل من النهار، لا يوجد لديهم كهرباء".

جوع وعطش ونزوح

وكما سكان غزة، فإن القاضي جرب الجوع، وهنا يوضح أنه عندما كان يطلب الطعام يمنحه خاطفوه شرائح من الخبز فقط، قائلاً "كان الطعام قليلاً جداً". تعرض الرهينة المحرر خلال فترة احتجازه لاختبار النزوح والذي أكد أنه تنقل من مكان لآخر عدة مرات بين شقة سكنية وبيت ونفق.

منذ بداية الحرب يعيش سكان غزة واقعاً مؤلماً وحياة قاسية جداً، يفتقرون لأبسط الحاجات الأساسية، ويبدو أن هذه الحياة المرة يعيشها أيضاً الرهائن الإسرائيليون الذين تحتجزهم "حماس" على ما يبدو في أنفاقها تحت الأرض.

 

 

بشكل دوري تصدر إسرائيل أوامر عسكرية تطلب من سكان غزة إخلاء مناطقهم السكنية وتجبرهم على النزوح الفوري تاركين وراءهم مستلزماتهم الأساسية، ويبدو أن الرهائن أيضاً يجربون النزوح مع كل تعليمات يصدرها الجيش في هذا الشأن.

وتجربة النزوح ليست سهلة، بل يصفها سكان غزة بأنها أصعب لحظات حياتهم، وعادة ما تكون وسط الغارات الجوية والهجوم البري ومن بين جنازير الدبابات والمدرعات، وهذا يجعل أوامر الإخلاء كأنها مسابقة هرب من الموت.

وإلى جانب ذلك، فإن سكان غزة يفتقدون المياه سواء الصالحة للشرب أو متعددة الاستخدام، وتبلغ حصة الفرد الواحد من المياه نصف ليتر فقط يومياً، وهذا يجعل مستوى النظافة الشخصية في أدنى مستوياته، إذ يستحم الأفراد مرة كل أسبوع تقريباً.

مواد النظافة محظورة

ولكن الاستحمام عادة ما يكون ناقصاً إذ لا يستخدم سكان غزة مواد تنظيف نهائياً، فلا يوجد في القطاع شامبو أو صابون أو معجون أسنان ولا مسحوق غسيل، فمواد التنظيف جميعها محظورة من دخول القطاع، وتتذرع إسرائيل بأن تلك البضائع تحتوي على مواد كيماوية تدخل في الصناعات العسكرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبالنسبة إلى الطعام فإن غزة تقترب من مجاعة، ووصلت مستويات انعدام الأمن الغذائي إلى مؤشرات قياسية، فمن بين كل 10 أفراد لا يستطيع تسعة منهم تأمين وجبة طعام واحدة يومياً، ويرجع ذلك إلى أسباب متعددة أبرزها غلاء الأسعار ونقص الغذاء وتحجيم كميات الطعام المسموح في تدفقها إلى القطاع.

في أي حال، يبدو أن هذه الظروف الصعبة يجربها الرهائن الإسرائيليون. واشتكى الأسير ألكسندر لوبنوف من ذلك في مقطع فيديو التقطه له عناصر "حماس" قبل أن يتم قتله ويتمكن الجيش من انتشال جثمانه برفقة خمسة رهائن آخرين من نفق في محافظة رفح أقصى جنوب القطاع.

شكوى الرهائن

خلال المقطع المصور الذي أفرجت عنه "كتائب القسام" الجناح العسكري التابع لحركة "حماس" بعد مقتل لوبنوف وتحرير جثمانه، كان يقول "نحن نعيش ظروفاً صعبة لا نستطيع تحملها ولم نجربها أبداً قبل ذلك، نعاني من ندرة الحاجات الأساسية كالماء والكهرباء والطعام".

وأضاف ألكسندر، "لا تتوافر لدي مواد تنظيف لاستحم، رصيدي صفر من الصابون والشامبو". ويتابع "نحن خائفون وننام بصعوبة، نقلوني 10 مرات حفاظاً على حياتي" في إشارة إلى تجربته النزوح القسري المتكرر.

وفي الموضوع نفسه تقول الرهينة كرمل غات – قبل مقتلها - إنها تعيش ظروفاً صعبة بلا ماء ولا طعام ولا أدوات تنظيف، مطالبة الحكومة الإسرائيلية بتحسين جودة حياة سكان غزة لينعكس الأمر بشكل تلقائي عليهم.

 

 

غات هي رهينة إسرائيلية احتجزتها عناصر "حماس" منذ هجوم أكتوبر 2023، وبقيت رهن الاعتقال نحو 11 شهراً، لكن تم قتلها في ظروف غامضة وحرر الجيش الإسرائيلي جثمانها من محافظة رفح.

قبل قتل غات كانت سجلت فيديو نشرته "حماس" بعد انتشال جثمانها قالت فيه "لا يتوافر لدي ماء لاستحم، الطعام قليل جداً وهو نوع واحد، أما أدوات النظافة فإنها غير متوافرة لا يوجد صابون ولا شامبو ولا أي نوع من المستلزمات الأساسية للنظافة الشخصية".

تحسين جودة الحياة

تحدث جميع الرهائن عن النقص الحاد في مستلزمات النظافة الشخصية، وهي حال سكان غزة، ورصد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان منعاً متعمداً من إسرائيل في إدخال أدوات النظافة إلى القطاع واعتبر ذلك وسيلة إضافية لتكريس "جريمة الإبادة الجماعية".

في أي حال، فإن الظروف القاسية التي أدلى بها الرهائن الإسرائيليون الثلاثة، دفعت الحكومة الإسرائيلية إلى التراجع عن قرار منع توريد مستلزمات النظافة الشخصية إلى قطاع غزة، ومن أعلى المستويات السياسية سمح بإدخال الشامبو والصابون بكميات محدودة جداً للقطاع.

"حماس" واستغلال الرهائن

يقول الباحث في علم النفس الاجتماعي محمد اللالا، "لا أعتقد أن حركة حماس بدأت تستخدم الرهائن الإسرائيليين في تحسين جودة حياة سكان القطاع، لأن الرسائل المصورة التي بثتها طول فترة الحرب كانت بهدف دفع صفقة تبادل وليس لأغراض إنسانية في شأن حياة المدنيين".

ويضيف، "من الواضح أن حماس لا تجيد استخدام الأوراق التي بين أيديها في شأن الرهائن، ولكن من طريق تحليل خطاب هؤلاء المحتجزين انعكس الأمر على سكان القطاع وبدأت إسرائيل تحسن جودة حياة الفلسطينيين على أمل أن ينعكس ذلك على محتجزيها في غزة".

 

 

وبحسب اللالا فإن "حماس" غير جاهزة للتعامل مع عدد الرهائن الإسرائيليين الكبير الذين تحتجزهم، أو أن بنيتها التحتية تعرضت لأضرار، وهذا ما تسبب في أن يعيش المحتجزون ظروف سكان غزة نفسها، لافتاً إلى أنه لو كانت الحركة الفلسطينية تتمتع بذكاء اجتماعي لاستطاعت استغلال الرهائن بما يخدم المدنيين.

أما من حركة "حماس" يقول القيادي عزت الرشق إن الرهائن الإسرائيليين يعيشون ظروف سكان غزة الصعبة نفسها. وفي إسرائيل لا ينفي المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري أن تحسين جودة حياة المدنيين في غزة الطفيف يأتي لينعكس على ظروف حياة الرهائن.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات