Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التوغل الأوكراني يثير عدوانية روسية متزايدة

تزداد وطأة الحرب على مدينة كوستيانتينيفكا الأوكرانية الواقعة على خطوط المواجهة حيث يشن الجيش الروسي هجمات قصف شرسة على سكانها في محاولة للسيطرة عليها كونها من بين المدن القلائل التي لا تزال صامدة في وجه الزحف الروسي

عمال الإنقاذ والإغاثة الأوكرانيون يقفون وسط الحطام في سوبر ماركت مدمر في أغسطس (أ ف ب/غيتي)

ملخص

مع اقتراب خطوط التماس من مدينة كوستيانتينيفكا شرق منطقة دونيتسك يتزايد القصف الروسي ومعه الدمار ويختار كثيرون الهرب من المدينة على رغم أملهم أن تتمكن القوات الأوكرانية من الدفاع عنها

تحولت مدينة كوستيانتينيفكا شرق منطقة دونيتسك الأوكرانية والقريبة بشكل خطر من خط المواجهة إلى ساحة معركة ضارية، وباتت هدفاً رئيساً للقصف الروسي المتواصل في محاولة للسيطرة على ما بقي من معاقل القوات الأوكرانية في المنطقة، ويكاد دوي الانفجارات لا يهدأ داخل المدينة وحولها، سواء كان قصفاً مباشراً أو دوي المدفعية التي تطلق مئات القذائف، مما يعزز الشعور باقتراب الكارثة.

وتعتبر كوستيانتينيفكا إحدى آخر البلدات الكبرى الواقعة تحت سيطرة كييف في المنطقة، وهي الآن تحت خطر داهم بسبب قربها من خطوط المواجهة، وتتردد في جنوب المدينة أصوات قاذفات الصواريخ الأميركية المتطورة مع صوت مميز وسريع يشبه "ووش-ووش-ووش" الذي يُشير، بحسب ما يقول أحد المدنيين، إلى إحدى قاذفات الصواريخ المتعددة عالية الدقة التي قدمتها الولايات المتحدة.

وتشتد وطأة الهجمات الروسية في المنطقة ممتدة على نطاق واسع من مرتفعات تشاسيف يار الإستراتيجية التي تبعد أقل من 10 أميال (16 كيلومتراً) إلى الشمال الشرقي، وصولاً إلى بلدة توريتسك المنجمية، حيث تبرز تلال الركام شاهدة على الدمار، على بعد ثمانية أميال (13 كيلومتراً) إلى الجنوب، ثم مدينة بوكروفسك، الهدف الرئيس لموسكو في الوقت الراهن – على بعد 33 ميلاً (50 كيلومتراً) إلى الجنوب الغربي بمحاذاة طريق معرض بالفعل للقصف من قبل القوات الروسية المتقدمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي هذا السياق قال بيترو، وهو رجل أعمال محلي، "لطالما كانت مدينتنا هدفاً للروس منذ عام 2014، لكنهم يقصفوننا بقسوة ويدمرون كوستيانتينيفكا بلا هوادة منذ بداية الغزو الشامل عام 2022، ولقد صعدوا هجماتهم منذ أغسطس (آب) الماضي، وربما جعل التوغل الأوكراني في روسيا [القوات الروسية] أكثر شراسة، مما دفعهم إلى تكثيف نيرانهم، وهذا هو الشعور السائد هنا."

كان أحد الأهداف الرئيسة للتوغل الأوكراني في منطقة كورسك الروسية الذي بدأ في السادس من أغسطس الماضي هو محاولة إجبار الكرملين على سحب بعض قواته من منطقة دونيتسك الأوكرانية لتخفيف الضغط عن القوات الأوكرانية التي تواجه هجمات شرسة هناك، وعلى رغم إعادة نشر بعض الوحدات الروسية المتمرسة لمواجهة الهجوم الأوكراني المضاد الذي سيطر على نحو 500 ميل مربع (1000 كيلومتر مربع) من الأراضي في كورسك، لم يبق كثير [من القوات الأوكرانية] لوقف زحف قوات موسكو البطيء والمستمر، والذي يتحقق أحياناً على حساب مئات الأرواح الروسية يومياً، حتى لو كان التقدم بضعة أمتار فقط.

ويروي بيترو (39 سنة) بحسرة كيف تحصد الحرب أرواحاً بريئة في كوستيانتينيفكا كل أسبوع، ويستذكر بألم بعضاً من أكثر اللحظات فظاعة خلال الأسابيع الأخيرة، مثل الهجوم الصاروخي الذي حول سوبرماركت إلى ركام مخلفاً 14 ضحية، والانفجار المروع الذي مزق سوقاً مفتوحة تاركاً خلفه 17 ضحية و30 مصاباً.

يقول بيترو "شهدت بأم عيني كيف تصاعدت وحشية الهجمات الروسية على مر الأعوام، ويبدو أنهم يستمتعون بقصف هذه السوق المفتوحة، فقبل عام تقريباً قتلوا 15 شخصاً هناك بصاروخ، وبالأمس استهدفوه مرة أخرى، ولحسن الحظ لم يقتل أحد هذه المرة لكن أربع نساء أُصبن، لذا إذا ادعوا أن هذه أخطاء وأنهم لا يستهدفون المدنيين فهذه كذبة واضحة، إنهم يزرعون الرعب عمداً وإذا لم يتمكنوا من إجبارنا على الاستسلام فسيحاولون تدمير مدينتنا كما دمروا كثيراً من البلدات والقرى التي أعلنوا النصر فيها زوراً وبهتاناً".

وفي ظل حظر تجول يمتد لـ 16 ساعة يومياً اعتباراً من الخامسة مساء، تخلو شوارع المدينة من المارة وتغلق المتاجر أبوابها باكراً، فحركة المرور محدودة وتقتصر في الغالب على المركبات العسكرية الأوكرانية التي تجوب الشوارع الرئيسة بسرعة.

وفي صباح اليوم التالي لوصول مراسل "اندبندنت" إلى كوستيانتينيفكا، استيقظت المدينة على وابل من المدفعية والصواريخ الروسية التي خلفت دماراً في ثلاث بنايات سكنية ومتجر، وأسفرت عن إصابة مدني واحد، ولم يكد يمر يوم حتى تجدد القصف الروسي مخلفاً هذه المرة قتيلاً وسبعة جرحى.

وتقول المتقاعدة آلا وهي تشير إلى نوافذ شقتها المحطمة جراء أحد الانفجارات "إنه أمر مرعب، اعتدنا بعض الهدوء لكنهم [الروس] الآن يقصفوننا بلا هوادة كل يوم، ولا نعرف كيف نتحمل، لكننا ما زلنا على قيد الحياة".

وكانت السلطات الأوكرانية قد أصدرت نداء عاجلاً للعائلات التي لديها أطفال وكبار السن لمغادرة المدينة فوراً، وبدأت قوافل السيارات المحملة فوق طاقتها بحقائب وصناديق من الورق المقوى ومراتب وأجهزة تلفزيون تتجه شمالاً في رحلات محفوفة بالأخطار بحثاً عن ملاذ آمن، وفي الوقت نفسه توفر القطارات مقاعد مجانية للاجئين الذين يفرون من ديارهم.

لكن آلا تقول "إلى أين المفر؟ الهرب يحتاج إلى مال وأنا لا أملك شيئاً، ونعتمد على المساعدات الغذائية القليلة وبعض الدقيق والمعكرونة، لكن حتى المتاجر لم تعد تعمل بصورة طبيعية."

ونظراً إلى الضربات التي تعرضت لها الأسواق ومتاجر البقالة فإن السكان يتجنبون الذهاب إلى التسوق إلا للضرورة القصوى، وتقول موظفة في متجر للأطعمة قرب وسط كوستيانتينيفكا: "نعمل لساعتين فقط يومياً لأن الخوف يسيطر على الناس، فهم يأتون إلى هنا على عجل ويشترون ما يسد الرمق، ثم يهرعون عائدين لبيوتهم".

ويثق بيترو في القوات الأوكرانية التي تدافع عن المنطقة ويقول إنه سيدعمها حتى لو اضطر إلى الإخلاء، ويوضح بعزم "أثق بأن قواتنا الباسلة ستتمكن من قلب الموازين والدفاع عن كوستيانتينيفكا ولن تسمح للروس بالاستيلاء عليها، لكن الوضع يزداد خطورة وقريباً سأضطر إلى اتخاذ قرار صعب بإجلاء زوجتي وطفليّ إلى مكان آمن بعيداً من جحيم الحرب، فلقد عشت هنا معظم حياتي وسأعود حتماً مهما كلفني الأمر لأقدم كل ما بوسعي لمساعدة الجيش والسلطات".

© The Independent

المزيد من تقارير