Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"معبر الأردن" جسر ارتباط عزلته الأحداث الأمنية المتكررة

تداعيات سياسية واقتصادية وأمنية إثر إغلاقه بعد مقتل 3 إسرائيليين

يمثل جسر الملك حسين شريان حياة لنحو 4 ملايين مسافر ونحو 180 ألف شاحنة سنوياً (اندبندنت عربية - صلاح ملكاوي)

 

ملخص

معبر تاريخي يعود للحقبة العثمانية ويشكل اليوم المنفذ الوحيد لفلسطينيي الضفة الغربية على العالم

يمثل معبر جسر الملك حسين، المعروف أيضاً بجسر "اللنبي" في الجانب الإسرائيلي ومعبر الكرامة في الجانب الفلسطيني، أهمية كبيرة واستراتيجية لكل من الفلسطينيين والأردنيين على حد سواء لأسباب تاريخية واقتصادية وسياسية، إذ كان ولا يزال يمثل رمزاً للارتباط الديموغرافي بين الشعبين الأردني والفلسطيني.

لكن حادثة إطلاق سائق شاحنة أردني النار على ثلاثة إسرائيليين وقتلهم قد ترتب تداعيات محتملة، بخاصة بعد إغلاق المعبر الذي كان بمثابة شريان حياة لنحو أربعة ملايين مسافر فلسطيني سنوياً وممراً حيوياً لـ 180 ألف شاحنة.

حوادث مماثلة

ويعرف المعبر بثلاثة أسماء متداولة، هي الكرامة من الجانب الفلسطيني وجسر الملك حسين من الجانب الأردني و"اللنبي" من الجانب الإسرائيلي.

وخلال الأعوام الماضية شهد هذا المعبر عدداً من الحوادث الأمنية، وأخيراً تم رصد كثير من محاولات التسلل من الجانب الأردني نحو إسرائيل، كانت من بينها حادثة وقعت في أبريل (نيسان) الماضي، أكدت إذاعة الجيش الإسرائيلي حينها أن مسلحاً آتياً من الأراضي الأردنية أطلق النار على دورية تابعة للجيش من دون وقوع إصابات.

وعام 2014 قتل القاضي الأردني رائد زعيتر برصاص جندي إسرائيلي عند معبر الكرامة على جسر الملك حسين.

 

وفي 2010، استهدفت سيارة السفير الإسرائيلي لدى عمان وطاقمه الدبلوماسي في منطقة العدسية القريبة من جسر الملك حسين بعبوة ناسفة.

وعام 1990، اقتحم المواطن الأردني سلطان العجلوني موقعاً إسرائيلياً بعدما اجتاز الحدود الأردنية وأطلق النار، مما أدى إلى مقتل جندي إسرائيلي.

مخاوف أمنية

ومن شأن هذه الحادثة الجديدة التي أعلنت الداخلية الأردنية بناء على التحقيقات أنها "عمل فردي"، أن تدفع إسرائيل إلى تشديد إجراءاتها الأمنية مع الأردن وفق مراقبين، ففي محاولة منها لوقف تهريب السلاح من الأردن، أعلنت السلطات الإسرائيلية عن إنشاء سياج حديدي يفصل الحدود الأردنية عن الأراضي الفلسطينية، بعد تزايد مطّرد شهدته هذه الحدود لعمليات تهريب السلاح كانت أبرزها حادثة النائب في البرلمان الأردني عماد العدوان أثناء مروره بسيارته من الأردن إلى الضفة الغربية عبر جسر الملك حسين، وسُلّم إلى السلطات الأردنية في مايو (أيار) الماضي بعد اعتقاله لأسبوعين، مقابل رفع الحصانة البرلمانية عنه ومحاكمته من قبل محكمة أمن الدولة الأردنية.

وتخشى عمان كذلك من تزايد العمليات الانتقامية من قبل مواطنيها ضد إسرائيل، مما دفع تل أبيب الشهر الماضي وعلى نحو مفاجئ إلى تشكيل فرقة عسكرية إسرائيلية جديدة لنشرها على الحدود مع الأردن.

وفق هذه المعطيات يعلق الباحث في الدراسات الأمنية والاستراتيجية عامر السبايلة على توقيت الحادثة، فيرى أنها ليست مصادفة وأنها رد على التصعيد الإسرائيلي داخل الضفة الغربية وغزة، ويقول "سنشهد تموضعاً لإسرائيل لتبرير مزيد من الإجراءات على طول هذه الحدود، وتشديد قبضتها على المنطقة بذريعة المخاوف الأمنية. الحادثة فرصة لفرض قيود أكثر صرامة على المعابر وتعزيز الرواية الإسرائيلية حول الحاجة إلى تأمين الحدود ضد التهديدات الخارجية، مما يبرر بدوره مزيداً من العسكرة والقمع في الأراضي الفلسطينية". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

معبر تاريخي

يعود تاريخ جسر الملك حسين للحقبة العثمانية وكان يسمى حينها "الغورانية"، وكثيراً ما جسد هذا الجسر الذي كان خشبياً قبل تحويله الى هيكل حديدي، معاناة وذاكرة آلاف المهجرين الفلسطينيين منذ عام 1976.

ويربط جسر الملك حسين الضفة الغربية بالأردن فوق نهر الأردن ويبعد من عمان 60 كيلومتراً ومن أريحا خمسة كيلومترات، وبني أول مرة عام 1885 وتعرض للتدمير والانهيار مرات عدة بفعل كوارث طبيعية، وأعاد الاحتلال البريطاني بناءه بعد السيطرة على المنطقة عام 1918، وأطلق عليه اسم "اللنبي" تيمناً باسم الجنرال إدموند اللنبي قائد الجيش البريطاني الذي احتل فلسطين.

دمر الجسر مرتين من الجانب الإسرائيلي عامي 1946 وخلال حرب 1967 لكن أعيد بناؤه عام 1968، وبعد توقيع معاهدة السلام الأردنية - الإسرائيلية عام 1994 أصبح نقطة العبور الرئيسة بين الأردن والضفة الغربية، ولا يسمح للإسرائيليين بعبوره.

ومنذ ذلك الوقت ثمة فئات محددة يحق لها العبور إلى الأراضي الفلسطينية أو إلى الأردن باستخدام جسر الملك حسين، وهم الفلسطينيون من حملة الجوازات الفلسطينية والذين يحملون الجوازات الأردنية الموقتة، والأردنيون الحاصلون على التصاريح الإسرائيلية (لم الشمل)، إضافة إلى الهيئات الدبلوماسية وموظفي الأمم المتحدة والوفود الرسمية والمجموعات السياحية وحملة الجوازات الأجنبية.

تداعيات سياسية وإنسانية

يُعدّ المعبر نقطة العبور الوحيدة للفلسطينيين بالضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية نحو الأردن، بالتالي نحو بلدان العالم، ويستعمل المعبر بصورة أساسية لنقل البضائع، وتمر عبره الشاحنات من الأردن إلى غور الأردن والضفة الغربية وإسرائيل.

وفي ظل العلاقات المضطربة بين الأردن وإسرائيل حالياً، فإن حادثة المعبر ستزيد من حجم هذا التوتر بين الجانبين، فضلاً عن تداعيات محتملة يلخصها وزير الإعلام الأردني السابق سميح المعايطة بالجانب الإنساني و"التضييق على الفلسطينيين في الضفة الغربية كسياسة إسرائيلية ممنهجة".

ويقول إن "المساعدات التي تدخل الضفة ستكون محدودة، وإسرائيل ستستغل الحادثة وقد تكون هناك إجراءات مشددة وتضييق حتى لو تم فتح المعبر لاحقاً".

أما في البعد السياسي، فيؤكد المعايطة أن "العلاقة الأردنية - الإسرائيلية تشهد فتوراً بسبب موقف الأردن إزاء ما يحدث في غزة"، واصفاً الحادثة بأنها متوقعة وقد تحدث في أي مكان في العالم وليس على الحدود الأردنية فقط، وتتحمل أسبابها وتبعاتها إسرائيل وحدها، أما الأردن فسيتعامل مع المسألة ضمن سياقها الطبيعي في إشارة إلى أنها حادثة فردية.

ويردف أنه "إضافة إلى الحرب على غزة، فإن حكومة نتنياهو تحاول إلحاق الأذى بالأردن ومصر المتصلتين جغرافياً بالضفة وغزة، وتهديد أمن البلدين بالتهجير على رغم المعاهدات".

أضرار اقتصادية

واجه الأردن عام 2022 الأضرار المترتبة على سماح الإسرائيليين لفلسطينيي الضفة الغربية باستخدام مطار رامون الإسرائيلي جنوب البلاد، عبر تخصيص 200 مليون دولار لتحسين وتطوير جسر الملك حسين.

ومنذ إنشائه أبدى الأردن تحفظاً حيال هذا المطار الإسرائيلي، باعتباره مضراً للمصالح الاقتصادية الأردنية، إذا لا يبعد من مطار العقبة جنوب المملكة أكثر من 20 كيلومتراً فقط.

وقبل احتلال القدس الشرقية عام 1967 كان الفلسطينيون يستخدمون مطار القدس للسفر إلى الخارج، لكنهم منذ ذلك الحين يستخدمون مطار الملكة علياء الدولي في الأردن الذي بات مهدداً بخسائر كبيرة منذ الإعلان عن تخصيص مطار رامون الإسرائيلي لرحلات الفلسطينيين.

وتقول تقديرات منسوبة للبنك الدولي إن ملايين المسافرين الفلسطينيين الذين يرتادون المعابر المشتركة بين الأردن وإسرائيل، يدرون دخلاً تقارب قيمته مليار دولار كعائدات مالية لقطاعات عدة ما بين رسوم وأجور وتشغيل لقطاعات كثيرة.

ويعتبر الجسر نقطة مهمة لعبور البضائع بين الأردن وفلسطين، إذ يتم نقل كثير من السلع الفلسطينية عبر الأردن إلى دول أخرى، وكذلك البضائع الأردنية التي تصل إلى الضفة الغربية.

وبحسب بيانات وزارة الاقتصاد الفلسطينية، يبلغ متوسط التبادل التجاري بين فلسطين والأردن سنوياً قرابة 380 مليون دولار أميركي، معظمه يتم من خلال المعبر البري الذي وقعت عنده العملية.

المزيد من متابعات