Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"محور فيلادلفيا الأردني" قلق متصاعد مع أحداث الضفة

يطالب مراقبون عمان بالتخلي عن سياسة الصبر الاستراتيجي تجاه إسرائيل واليقظة

الحدود الأردنية - الإسرائيلية باتت مهددة بالانفجار (رويترز)

ملخص

يرتبط الأردن بأطول حدود مع إسرائيل كما يستضيف أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين في العالم ويطالب مراقبون بالتخلي عن سياسة الصبر الاستراتيجي تجاه إسرائيل والتصعيد معها.

صعد الأردن رسمياً لهجته ضد إسرائيل بعد التطورات الأخيرة في الضفة الغربية التي تمثل قلقاً كبيراً لعمان وتثير مخاوف ديموغرافية وأمنية واقتصادية بعدما بدأ الجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي عملية عسكرية شمال الضفة هي الأوسع منذ عام 2002، أسفرت عن مقتل عشرات الفلسطينيين حتى الآن.

ومبعث القلق الأردني من تأثير الاضطرابات في الضفة على أمنه الداخلي وإمكانية امتداد العنف إلى حدوده، وما يرافق ذلك من تداعيات وسناريوهات مستقبلية للتهجير القسري في ظل الوضع الاقتصادي الحالي في البلاد.

"محور فيلادلفيا الأردني"

كان المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية يوسي يهوشع قال إن المشكلة في الضفة الغربية المحتلة لن تنتهي بالعملية العسكرية الإسرائيلية، ما لم تغلق الحدود مع الأردن في وجه تهريب السلاح والمتفجرات إلى الأراضي الفلسطينية. وأضاف أنه يجب السيطرة على "محور فيلادلفيا الشرقي" في إشارة إلى الحدود مع الأردن، مشبهاً إياها بمحور فيلادلفيا بين مصر وغزة، والذي تزعم إسرائيل أنه يستخدم لتهريب السلاح بين سيناء والقطاع، وتصر على البقاء فيه. وأشار المحلل العسكري إلى أن مناطق الضفة الغربية تشهد عمليات تهريب متسارعة، وتطوراً في نوعية العبوات الناسفة، متهماً إيران بالوقوف خلف ذلك عبر الحدود الأردنية، بينما قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن ما تسعى إليه إيران في الضفة الغربية يهدد أيضاً استقرار الأردن نفسه، معتبراً أن طهران تغرق مخيمات الضفة الغربية بالأموال والسلاح المهرب عبر الحدود الأردنية لإنشاء جبهة "إرهاب" شرقية، على حد قوله.

خيارات عمان

تحولت أحداث الضفة الغربية إلى قلق يومي بالنسبة إلى الأردنيين بسبب تداعياتها على الساحة الأردنية، فثمة مخاوف أمنية من تجييش الشارع الغاضب، فضلاً عن زيادة محاولات تهريب الأسلحة عبر الحدود وعمليات التسلل بهدف تنفيذ عمليات مسلحة.

 ويحاول الأردن الرسمي إجراء اتصالات مع عواصم غربية لتجنب التصعيد العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية بعنوان القلق من حملة تهجير للفلسطينيين نحو البلد العربي، بعدما تلقت صداً من واشنطن المشغولة بالانتخابات الرئاسية المقبلة.

وفيما لوح رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة بخيارات مفتوحة للتصدي لما يحدث في الضفة الغربية والقدس، من بينها اللجوء للمحاكم الدولية، يراهن وزير الخارجية أيمن الصفدي على تحشيد موقف أوروبي ضاغط على إسرائيل واليمن المتطرف فيها.

 

 

وقال الخصاونة إن موقف الأردن واضح وثابت بالرفض الكامل والمطلق لأي إجراءات من شأنها أن تفرض واقعاً مرتبطاً بأي تحرك للسكان خارج قطاع غزة وخارج الضفة الغربية وفلسطين بأي اتجاه كان ونعتبر ذلك خطاً أحمر نعيد التأكيد عليه مرة أخرى.

وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قال إن الأردن لا يقبل أن يكون مستقبل المنطقة رهينة لسياسات الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة.

وقال وزير الخارجية أيمن الصفدي إنه لا يمكن السماح لإسرائيل بمواصلة تهديد الأمن الإقليمي دون عقاب، داعياً إلى فرض عقوبات عليها والتوقف عن مبيعات الأسلحة لها. وكتب الصفدي على منصة "إكس"، "الأكاذيب مستمرة، المسؤولون الإسرائيليون يسمحون بصورة صارخة بارتكاب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني، ويحاولون تبرير المذابح الوحشية للفلسطينيين الأبرياء في غزة والضفة الغربية وينتهكون كل مقدس للقانون الدولي"، مضيفاً أن الأردن سيتصدى لأي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني داخل أرضه المحتلة أو إلى خارجها بكل إمكاناته.

تهجير ناعم

من جهته يصف المحلل العسكري نضال أبو زيد ما يحدث في الضفة الغربية بأنه "تهجير ناعم، ومحاولة لتعويض الخسائر التي تعرضت لها إسرائيل سياسياً وعسكرياً في غزة"، مشيراً إلى خطورة تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي حول تهجير أهالي الضفة الغربية وانعكاساتها السلبية على الأردن، بخاصة أن أعداداً كبيرة من أهالي الضفة من حملة جواز السفر الأردني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشير تقديرات إلى أن عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية الذين يحملون جواز السفر الأردني يراوح ما بين 600 و800 ألف، ومع ذلك يختلف الوضع القانوني لهؤلاء الأشخاص، فبعضهم يحمل جواز السفر الأردني دون التمتع بالجنسية الكاملة والرقم الوطني، فيما يحتفظ البعض الآخر بالجنسية الأردنية الكاملة، بخاصة أولئك الذين كانوا يقيمون في الأردن أو ولدوا لأبوين أردنيين قبل فك الارتباط الإداري والقانوني بين الأردن والضفة الغربية عام 1988، لكن العميد المتقاعد محمد مقابلة يرى أن الخيارات الأردنية تنحصر في التوقف عن سياسة الصبر الاستراتيجي تجاه إسرائيل وإلغاء اتفاق وادي عربة للسلام مع تل أبيب. ويقول إن ترحيل الفلسطينيين وتهجيرهم يعني صراعاً داخلياً في الأردن وحرباً أهلية، وهو تهديد مباشر للبلاد وكل ما يحدث في الضفة يمس المملكة.

ويطالب "مقابلة" بردع إسرائيل من التمادي في الضفة الغربية، وتغيير الخطاب الرسمي تجاه تل أبيب واتخاذ إجراءات حقيقية.

خلية أزمة أردنية

يدعو الكاتب مالك عثامنة لتشكيل خلية أزمة أردنية على الفور لتابعة تداعيات ما يحدث في الضفة الغربية وتأثير ذلك في الأردنيين، مشيراً إلى أن ما يحدث ليس مفاجئاً ومتوقعاً.

وتحدث عثامنة عن سيناريوهات لما يمكن أن يحدث أحدهما الإبقاء على "السكان الفلسطينيين" الذين يتخلون عن المقاومة والتعامل معهم "كأفراد مقيمين" في إسرائيل، أما السيناريو الثاني فهو التهجير الطوعي أو القسري باستخدام القوة المفرطة والحسم العسكري.

ويعتقد عثامنة أن ما يحدث في الصفة الغربية يشكل خطورة على الأمن القومي الأردني، موضحاً أن عمان وضعت تصورات لمواجهة هذا الخطر.

أما وزير الإعلام السابق محمد المومني فيقول إن إسرائيل صعدت في الأيام الأخيرة باتجاهين أولهما في مخيمات الضفة والثاني ما دعا إليه الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير لبناء كنيس يهودي في الحرم القدسي وما شكله ذلك من تشكيك بالأوضاع القانونية القائمة والمتفق عليها في الحرم القدسي بموجب الوصايا الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية بالقدس.

أمام هذا التصعيد الإسرائيل فإن الأردن يجد نفسه - وفق المومني - مضطراً للتصعيد بدوره وتوظيف أدواته المتاحة كافة لكي يدافع عن مصالحه ولو من خلال فتح الجبهة القانونية الدولية.

انهيار في الضفة

يعتقد المحلل السياسي ماهر أبو طير أن الضفة الغربية تواجه خطر انهيار اقتصادي، وربما مجاعة، في ظل ملامح انهيار مواز للسلطة الفلسطينية، وهو ما يعد مقلقاً للأردن. ويشير إلى مخططات إسرائيلية متعلقة بالقدس التي تمثل خطاً أحمر بالنسبة إلى عمان نظراً لأهمية الوجود الأردني فيها عبر الوصاية الهاشمية على المقدسات التي ينوي الإسرائيليون فرض السيطرة عليها بالكامل وبناء كنيس يهودي فيها.

 

 

ولا يقلل أبو طير من أهمية ما يتم تسريبه عن وجود مخططات لنقل أهل بعض مناطق الضفة الغربية إلى مخيمات في الأغوار في الجانب الغربي لنهر الأردن. ويرى أن الجزء الأهم من المشروع الإسرائيلي ليس في غزة، بل في الضفة الغربية، المصنفة إسرائيلياً بكونها يهودا والسامرة، وفيها مواقع دينية وفقاً لتعريفات الإسرائيليين، فوق أهميتها الأمنية، كعمق لما يسمى لإسرائيل وهي تعد كنزاً مائياً وزراعياً، وهذا يعني أن الضفة أساس للمشروع العبري.

خطوات استباقية

يرتبط الأردن بأطول حدود مع إسرائيل بما يحمله ذلك من تأثيرات متعددة على المستويات الأمنية والاقتصادية والسياسية. وتبدو مهمة الأمن الأردني شاقة بالنظر إلى طول الحدود التي تمتد لنحو 335 كيلومتراً، وبالنظر إلى أن العلاقة مع إسرائيل موضوع حساس في الداخل الأردني فأي توتر على الحدود يمكن أن يؤدي إلى احتجاجات داخلية بخاصة مع استضافة الأردن لأكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين في العالم.

ويبدو أن الأردن قرر خلال الأشهر الماضية القيام ببعض الخطوات الاستباقية تحسباً لما قد يحدث من تطورات، فعلى الصعيد العسكري أعاد الجيش الأردني تموضعه على الحدود مع إسرائيل. أما في الضفة الغربية فبدا واضحاً أن قرار التوسع في إنشاء الأردن المستشفيات الميدانية في مدن الضفة له ما بعده، ويرتبط بدوافع سياسية وإنسانية وأمنية واستراتيجية تتعلق بصد أي محاولات للتهجير القسري.

فمنذ اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000 وتصاعد العنف في الضفة الغربية، سعى الأردن إلى تقديم دعم طبي مباشر للفلسطينيين عبر المستشفيات الميدانية. وعمد الأردن على الحصول على دعم دولي يسهم في تثبيت الفلسطينيين على أرضهم سواءً من الأمم المتحدة أو من الدول الأوروبية، التي كانت تبحث عن قنوات موثوقة لتقديم المساعدات للفلسطينيين، وتطوير مشاريع تنموية في الضفة الغربية بالتعاون مع المجتمع الدولي والسلطة الفلسطينية. هذه المشاريع تهدف إلى تعزيز الاقتصاد المحلي، مما يجعل التهجير أقل احتمالاً من خلال تحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين.

المزيد من تقارير