ملخص
يُعرف سلطان بروناي حسن البلقية، الذي يحكم منذ 56 عاماً، بثروته الهائلة وأسلوب حياته الباذخ. ويمتلك أسطول سيارات فاخراً ويعيش في أكبر قصر سكني في العالم لكنه يفرض على أمته قوانين دينية صارمة تتعارض مع أسلوب حياته هذا.
مع أسطوله المؤلف من 7000 سيارة وكلف قصة شعره التي تبلغ 15 ألف جنيه إسترليني (نحو 20 ألف دولار)، ليس هناك الكثير من النقاط المشتركة بين سلطان بروناي ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الذي جاهد كثيراً على مر الأعوام خلال نشأته المتواضعة.
يقوم مودي هذا الأسبوع بأول زيارة ثنائية رسمية لرئيس حكومة الهند إلى السلطنة الصغيرة والغنية بالنفط الواقعة في جنوب شرقي آسيا وتسلط محادثاته مع السلطان الضوء على الأهمية المتنامية لبروناي بالنسبة إلى طموحات الهند الجيو-سياسية في المنطقة.
وعبر مودي، الذي يُقال إنه كان يبيع الشاي في محطة للقطارات عندما كان صبياً يافعاً، عن نيته تعزيز العلاقات الهندية مع البلد الصغير على الساحل الشمالي لجزيرة بورنيو في جنوب شرقي آسيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتُعتبر بروناي شريكاً مهماً في سياسة "التوجه نحو الشرق" الهندية كما ضمن "رؤية المحيطين الهندي والهادئ" – وهي سياسات تهدف إلى تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية مع جنوب شرقي آسيا ودول المحيطين الهادئ والهندي الأخرى.
من هو حاج حسن البلقية؟
يُعرف سلطان بروناي الذي تُقدر ثروته بحوالى 30 مليار دولار بأسلوب حياته المترف والباذخ. وتُقدر قيمة مجموعة السيارات التي يملكها بـ5 مليارات دولار وتتكون من 7000 مركبة بما فيها سيارة رولز رويس من الذهب اشتراها في مناسبة زفاف ابنته.
توج على العرش عام 1968 وأصبح السلطان الـ29 لدولة بروناي ويُعتبر صاحب ثاني أطول فترة حكم في العالم بعد الملكة الراحلة إليزابيث الثانية. وهو يعيش في قصر نور الإيمان الذي يعد أكبر قصر سكني في العالم مع 1788 غرفة.
وتمتد سلطة السلطان حاج حسن البلقية الذي يشغل أيضاً منصب رئيس حكومة بروناي لتتخطى الصلاحيات التي يتمتع بها أي حاكمٍ تقليدي. فبحسب سيرته الذاتية الرسمية، يشغل عدداً من المناصب الرفيعة المستوى بما في ذلك حقيبة وزارة الدفاع والمال والشؤون الخارجية.
عُين ولياً للعهد عام 1961 عندما كان في الـ15 من عمره وبعد ستة أعوام تنازل والده السلطان حاج عمر علي سيف الدين عن العرش. وعلى رغم أن بروناي كانت لا تزال خاضعة للوصاية البريطانية في ذلك الوقت، حظي السلطان حسن البلقية على تدريب عسكري في بريطانيا ودرس في ماليزيا.
ويشير الموقع الرسمي للسلطان بأن الأخير خضع لتدريب ضابط في أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في المملكة المتحدة بين العامين 1966 و1967. وهو أيضاً طيار مؤهل بوسعه قيادة الطائرات والمروحيات على حد سواء.
في ظل حكمه، عززت بروناي موقعها باعتبارها إحدى أغنى الدول في العالم انطلاقاً من ثروتها النفطية الهائلة نصيب فردي مرتفع من إجمالي الدخل القومي فيها بعد نيلها استقلالها عام 1984.
عام 1968، جرت آخر انتخابات نيابية في بروناي التي تبلغ مساحتها حجم ولاية ديلاوير في الولايات المتحدة.
لطالما ذُهل المراقبون الأجانب على مر العقود من حياة الإنفاق المسرفة التي اتبعها السلطان. إذ يضم قصره مجمعاً شاسعاً لرياضة البولو إضافة إلى 100 مهر (خيل) ومزرعة خيول. ويُقال إنه دفع 17 مليون دولار لمايكل جاكسون ليغني في حفل عيد ميلاده الـ50 الذي حضره تشارلز أمير ويلز حينها. واستمرت الاحتفالات على مدى أكثر من أسبوعين.
ويُعتقد أن السلطان حسن البلقية يملك مجموعة خاصة من السيارات تضم أكثر من 500 رولز رويس ويُزعم أنه خلال التسعينيات، كانت أسرة البلقية مسؤولة عن قرابة نصف عمليات شراء السيارات الفاخرة في جميع أنحاء العالم.
غالباً ما يقوم الأمير عبدالمتين، وهو أحد أبناء السلطان الـ12 بنشر صورٍ عن أسلوب حياته المترف على تطبيق "إنستغرام". ويُعتبر الأمير عبدالمتين السادس في خط الخلافة على عرش بروناي وهو طيار ولاعب بولو يملك أكثر من 2.4 مليون متابع على "إنستغرام". وتظهر منشورات الأمير على "إنستغرام" الذي غالباً ما قورن في الماضي بالأمير البريطاني هاري، خليطاً بين الصور المرتبطة بالمهمات الرسمية وممارسة هواية ركوب اليخوت والسفر في طائرات خاصة وإقامات في أفخم الفنادق حول العالم.
وقامت دولة بروناي باسم السلطان باتهام الأمير جيفري البلقية الشقيق الأصغر للسلطان حسن البلقية باختلاس حوالى 40 مليار دولار من أموال الدولة في واحدة من أكثر الفضائح الملكية حساسية في آسيا. ونتيجة لذلك رفع السلطان دعوى قضائية ضد شقيقه الأصغر عام 2000 مما أدى إلى نشوب نزاع طويل الأمد بينهما.
وبروناي هي دولة صغيرة يبلغ عدد سكانها 463 ألف نسمة غالبيتهم من المسلمين، تحظر الخمر والرقص ولعب الميسر والمثلية الجنسية. وقد واجه السلطان ضغطاً دولياً متزايداً وبخاصة بعد عام 2019، عندما طرحت بروناي تفسيرها للقوانين الإسلامية، أو الشريعة، التي تسمح بالجلد والرجم حتى الموت لمن تثبت إدانتهم بالزنا واللواط والاغتصاب.
قوبلت تلك الإجراءات باستهجان عالمي، وأثارت الرعب والخوف في أوساط مجتمع الميم في بروناي. وعلى رغم أن المثلية الجنسية هي في الأساس ممارسة غير قانونية في البلاد، فإن فرض هذه العقوبات الصارمة أدى إلى دعوات لمقاطعة الفنادق الفاخرة المملوكة للسلطان، بما في ذلك فندق دورشيستر في لندن وفندقا بيفرلي هيلز وبيل إير في لوس أنجلي+-س.
ونددت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ودول أخرى بالقانون إلى جانب عدد من المشاهير على غرار جورج كلوني وإيلين دي جينيريس وإلتون جون. وفي مسعى منه لتهدئة ردود الفعل العنيفة التي قادها المشاهير، مدد السلطان حسن البلقية تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام، لكن المنتقدين قالوا إن عقوبات قاسية أخرى، بما في ذلك الجلد والتشويه، لا تزال قائمة ودعوا إلى إدخال تعديلات أكثر صرامة على القانون.
أما أسطول الطائرات الخاصة والفخمة لسلطان بروناي التي تُلقب بـ"القصر الطائر" فتضم طائرة من طراز بوينغ 8-747 برقم تسجيل "في 8-بي كي إتش" (V8-BKH) وهي طائرة مترفة طويلة المدى وأخرى من طراز بوينغ 200-767 برقم تسجيل "في 8-أم إتش بي" (V8-MHB) وهي طائرة متطورة للرحلات الطويلة إضافة إلى بوينغ 8-787 برقم تسجيل "في 8-أو أي أس" (V8-OAS) وهي عبارة عن طائرة حديثة وواسعة صُممت للشعور بالراحة إلى جانب مروحيات من طراز سيكورسكي أس70 وأس76 التي تستخدم للرحلات القصيرة والسفر المحلي.
وانتشرت تقارير تفيد بأن السلطان ينفق ما يقارب 15 ألف جنيه إسترليني في مقابل الحصول على قصة شعر على يد حلاقه المفضل الذي يعمل في فندق دورشيستر في لندن والذي يسافر على متن رحلة في الدرجة الأولى إلى بروناي ليقص شعر السلطان ويهتم بهندمته.
كما يملك السلطان البالغ 78 سنة حديقة حيوانات خاصة تضم 30 نمراً بنغالياً ومجموعة من الطيور الاستوائية الغريبة كالصقور والفلامينغو (طيور النحام) والببغاوات التي دُربت لقيادة دراجات هوائية صغيرة واللعب بالكرة والغناء وتقليد حيوانات أخرى بحسب ما أفاد تقرير لمجلة "جي كيو" GQ.
ويقول المراقبون أن أسلوب حياة السلطان المترف يتناقض بصورة صارخة مع حياة عامة الشعب الذيين يعيشون في بلدٍ حيث تقوض القوانين الإسلامية الصارمة وحالة الطوارئ الحريات الشخصية لفترة طويلة. كما يتعرض السلطان لانتقاداتٍ واسعة بسبب ترويجه لتفسير محافظ للدين الإسلامي يتعارض بصورة حادة مع أنماط حياة أفراد العائلة المالكة.
السلطان متزوج حالياً من رجا إستيري بينغيران أناك حاجة صالحة ولديه 12 ولداً من ثلاث زوجات. عام 2020، توفي الأمير عبدالعظيم ابن السلطان البالغ 38 سنة والرابع في خط الخلافة على العرش. وكان عظيم يُعرف بعمله منتج أفلامٍ في هوليوود واشتهر بحضوره الدائم في الحفلات الدولية وغالباً ما كان يُشاهَد برفقة المشاهير على غرار باميلا أندرسون وجانيت جاكسون وماريا كاري.
وفي تقريرٍ بثته شبكة "سي أن أن" عام 2017، نُقل عن مايكل أوسلين من معهد هوفر التابع لجامعة ستانفورد قوله "إنهم [العائلة المالكة] ربما معزولون بصورة كبيرة عن الانتقادات، حيث يعيش سكان بروناي بصورة أفضل من أي شخص آخر في آسيا. نتحدث هنا عن الثروة النفطية التي انتشرت في كل أرجاء المجتمع وتستفيد منها الغالبية. بالنسبة إلى الغالبية العظمى من البشر، لا يمكن تصور أسلوب حياتهم. إنه أسلوب حياة باذخ إلى حد لا يمكن لعقلٍ أن يصدقه. تصور كل ما يمكنك تخيله في أنماط حياة الأثرياء والمشاهير وزد عليه أضعافاً".
© The Independent