ملخص
يحظى وكلاء الذكاء الاصطناعي اليوم بحصة الأسد من جهود شركات التكنولوجيا الكبرى لدفع حدود التطور إلى الأمام، فأعلنت "أوبن أيه آي" عن (GPT-4o)، مساعدها الذكي فائق القوة، وتباهت "غوغل" بوكيلها "استرا" (Astra).
بينما يعرف الذكاء الاصطناعي بأنه قدرة نظام ما على تفسير البيانات الخارجية بصورة صحيحة والتعلم منها واستخدامها لتحقيق أهداف ومهمات معينة من خلال ما يسمى "التكيف المرن"، يرتبط هذا التعريف ارتباطاً وثيقاً بتعريف "الوكيل الذكي".
والحقيقة أن الذكاء الاصطناعي نفسه يوصف في أحد تعريفاته بأنه "درس وتصميم وكلاء أذكياء"، وبالتالي يعتبر تعريف "السلوك الموجه نحو الهدف" هو جوهر الذكاء برمته.
الوكيل الذكي
ويعرف الوكيل الذكي أنه برنامج حاسوبي يكتب بإحدى لغات البرمجة، إذ توكل إليه مهمة حل مشكلة صعبة أو معضلة أو حتى مشكلة تتجاوز مقدرة العقل البشري، والفرق الجوهري بين روبوتات الدردشة التي استولت على انتباه البشرية خلال الأعوام الماضية وبين الوكيل الذكي هو أن الأول يولد تعليمات برمجية ويقدم معلومات عن كيفية القيام بأمر ما أو يسهل عملية القيام بالأمر، وفي أقصى قدراته يتعامل مع المهمات المباشرة، بينما ينضم الوكيل إلى العمل بدلاً من تقديم معلومات عن كيفية أدائه، والأهم أنه يفهم السياق ويتذكر التفاعلات السابقة ويبدأ باتخاذ القرارات بصورة مستقلة، تماماً مثل نظيره البشري.
ويحظى وكلاء الذكاء الاصطناعي اليوم بحصة الأسد من الجهود المبذولة من شركات التكنولوجيا الكبرى لدفع حدود التطور إلى الأمام، فأعلنت "أوبن أيه آي" عن (GPT-4o) مساعدها الذكي فائق القوة، وتباهت "غوغل" بوكيلها "أسترا" (Astra).
وصرح الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة "غوغل - ديب مايند" ديميس هاسابيس بأن "وجود وكلاء يمكنهم رؤية وسماع ما نقوم به، وفهم السياق الذي نوجد فيه بصورة أفضل، والاستجابة بسرعة في المحادثة يجعل وتيرة وجودة التفاعل تبدو أكثر طبيعية".
مدرك للبيئة
وبحسب كتاب "الذكاء الاصطناعي: مقاربة حديثة" لمؤلفيه ستيوارت راسل وبيتر نورفيغ، يطلق مصطلح "الوكيل" على أي شيء (نظام) يمكن أن ينظر له كمدرك لبيئته ويمكنه التعامل مع البيئة المحيطة به وفهمها من خلال مستشعرات مثل الكاميرات والأشعة تحت الحمراء لتحديد المسافات (تقابل العيون والآذان والأعضاء الأخرى البشرية)، ثم يتخذ إجراءات بصورة مستقلة ضمن هذه البيئة باستخدام أدوات حركة، أي لديه القدرة على إحداث فعل أو حركة داخل البيئة من خلال المشغلات الميكانيكية مثل المحركات بصورة عامة (تقابل الفم والأيدي والأرجل وباقي الأجزاء البشرية)، إذ يقوم بنقل المعلومات المجمعة الى مركز المعالجة لفهمها وتحليلها بناء على معلومات مخزنة مسبقاً، ثم إرسالها على شكل تعليمات حركية إلى العناصر الحركية أو التنفيذية المتضمنة، وبذلك تحدث الحركة على أرض الواقع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويمكن للوكيل أن يكون "هاردوير" أي جهاز متجسد مثل "الروبوت" أو "سوفت وير" أي برمجية معينة مثل تطبيق "فيس آب" (face app).
عقلاني
والوكلاء عقلانيون، أي بإمكانهم اتخاذ القرارات بناء على تصوراتهم وبياناتهم لتحقيق الأداء والنتائج المثلى، لذا يوصف الوكلاء الموجهين نحو الهدف بـ "الوكيل العقلاني" (وهو مصطلح مستعار من علم الاقتصاد)، ومن هنا نجد أن مفهوم الإدراك هو الذي يحول أي نظام إلى نظام ذكي، وعندما يظهر النظام مهارات تفكير وتخطيط وذاكرة وقدرة على اتخاذ خطوات عدة لتنفيذ المهمات، يعمل فعلياً كـ "وكيل".
وفي مجالات كثيرة ينضم الوكيل إلى العمل نيابة عن البشر وينجزه على أكمل وجه، ولذا فهناك أمثلة لا حصر لها عن الوكلاء، وعلى سبيل المثال المكنسة الذكية الروبوتية التي تقوم بمسح المنزل كاملاً والتعرف عليه لتكوين خريطة خاصة بها تفهم وتدرك من خلالها البيئة المحيطة وتتفاعل معها، إذ تتحرك ضمن هذه البيئة باستخدام عناصر حركية مزودة بكاميرا وحساسات لحمايتها وضمان تصرفها الصحيح وقيامها بمهمتها على أفضل وجه.
أول مهندس برمجيات
في أبريل (نيسان) الماضي أعلنت شركة "كوغنيشن" الناشئة عن زميل للفريق أطلقت عليه اسم "ديفن"، ووصفته بأنه صاحب مهارة عالية ولا يعرف الكلل ومستعد للعمل مع الفريق، سواء جنباً إلى جنب أو إتمام المهمات بصورة مستقلة ليتمكن الفريق من مراجعتها، وأنه بوجود "ديفن" يمكن للمهندسين التركيز على مشكلات أكثر متعة ويمكن لفرق الهندسة أن تسعى جاهدة إلى تحقيق أهداف أكثر طموحاً.
وتعلن "كوغنيشن" عن نفسها من خلال الصفحة الرئيسة لموقعها الرسمي بأن لديها مختبراً لبناء وكلاء متكاملين، وأنه من خلال عملها في بناء زملاء تعاونيين في مجال الذكاء الاصطناعي ستتمكن فرق الهندسة من السعي إلى تحقيق أهداف أكثر طموحاً، وفي حين تقوم الشركة بتحديث وكيلها دورياً أصبح "ديفن" في آخر تحديثاته أسرع وأكثر دقة في تحرير التعليمات البرمجية وأكثر موثوقية في اتباعها، كما أنه بات أفضل قدرة على اتخاذ القرارات بصورة مستقلة.
وفي النهاية لا يُستثنى الوكلاء الأذكياء من التهم الموجهة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل الهلوسة ومخالفة التعليمات والمحدودية المتعلقة بالبيانات ووقتها، أي أن الذكاء الاصطناعي لا يزال في دائرة عدم الموثوقية، أو بعبارة أخرى لا يزال تحت التجربة، والأهم أنه لم يستطع حتى الآن الاستقلال من اعتماده بنسبة كبيرة على البشر، فحتى الوكلاء يخضع عملهم إلى مراجعة من قبل نظرائهم البشر حتى اللحظة.