Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رحيل "بول سيزان السعودية وموناليزاها" صفية بن زقر

نعاها أدباء البلاد والأمير بدر بن فرحان يعزي في وفاتها "الثقافة"

صفية بن زقر رحلت عن عمر 84 سنة (الصورة تخضع لحقوق الملكية الفكرية - مواقع التواصل الاجتماعي)

ملخص

صفية بن زقر التي طافت أرجاء العالم بريشتها توارت في سنواتها الأخيرة عن الأنظار تاركة للناس حصيلة تتجاوز ستة عقود من الفن والرسم والعطاء.

نعت السعودية وكبار مثقفيها على رأسهم وزير الثقافة الأمير بدر بن فرحان الفنانة التشكيلية صفية بن زقر التي رحلت عن عمر 84 سنة بعد مسيرة طويلة أسهمت خلالها في تأسيس الحركة التشكيلية في البلاد.  

وكتب وزير الثقافة بعدما قدم العزاء لأسرتها "تعازينا للثقافة" برحيل صفية بن زقر. وشارك مثقفون آخرون في الوسم الذي حمل اسمها وخيمت عليه عبارات الحزن والعزاء عبر منصة "إكس". 

وصفية بن زقر التي طافت أرجاء العالم بريشتها توارت في سنواتها الأخيرة عن الأنظار تاركة للناس حصيلة أكثر من ستة عقود من الفن والرسم والعطاء، وكانت حيال هذه العزلة تردد في حياتها مقولة "الفن دائماً للناس، والناس ماضٍ وحاضر ومستقبل". وهي عبارة ألهمتها لمواصلة أحلامها في بناء إمبراطورية من الفن والذكريات.  

 

ولدت التشكيلية السعودية في حارة الشام بمدينة جدة غرب البلاد في عام 1940، وعند بلوغها السابعة من عمرها انتقلت مع أسرتها إلى القاهرة التي درست فيها المرحلتين الإعدادية والثانوية حتى عام 1960. 

واستمرت بعد ذلك في تطوير وتشكيل موهبتها بالدراسة في بريطانيا التي بقيت فيها ثلاثة أعوام قبل أن تلتحق بكلية "سانت مارتن" للفنون في لندن ضمن برنامج دراسي لمدة عامين، وحصلت بعدها على شهادة في فن الرسم والغرافيك. 

وتعد أول فنانة سعودية تتلقى تعليماً أكاديمياً في فن الرسم وأول فنانة سعودية تقيم معرضاً لأعمالها الفنية. 

وفي ستينيات القرن الماضي الحقبة التي بدأت فيها تنصب أشرعة مراسمها لم تكن في البلاد صالات عرض متخصصة في الرسم واللوحات، لكنها لم تكن عقبة أمامها، إذ أقامت أول معرض شخصي لها سنة 1968 في دار التربية الحديثة بجدة. وحينها بدأت تجوب أرجاء الأرض بمعارضها التي نصبتها في باريس وجنيف ولندن، حتى إن واحدة من لوحاتها الشهيرة نالت لقب "موناليزا الحجازية" بعد معرض أقامته على مقربة من نهر السين في فرنسا.

وبعد حصيلة 18 معرضاً شخصياً وستة معارض جماعية قامت بتأسيس "دارة صفية بن زقر" التي افتتحتها في مطلع عام 2000، وتضم لوحاتها ومقتنياتها الفنية، وكذلك مرسمها ومكتبتها الخاصة، وتستقبل الدارة الزوار والباحثين، وتقام فيها ورش عمل فنية وتعليمية للكبار والصغار، ومحاضرات ثقافية فنية للمهتمين بالأدب والفنون التشكيلية. 

 

علمت الأطفال موهبتها

سخرت صفية بن زقر موهبتها في تعليم الأطفال الرسم على سواحل جدة أمام البحر الأحمر الهائج حين أقامت مرسماً في الهواء الطلق سنة 2001 يجمع الصبية بناتٍ وأولاداً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبدا واضحاً تأثر بن زقر في بعض رسوماتها بمدينة جدة وحاراتها العتيقة، إذ أظهرت جوانب فولكلورية متعددة من الحياة الاجتماعية والثقافية بالمدينة مجسدة بيئتها وأزياءها ورواشينها المعمارية الأثرية وشبابيكها المزخرفة وتراثها الذي صنفته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونيسكو" ضمن قوائم التراث المادي الذي كتب له الخلود.  

 

وتم اقتناء بعض أعمالها الفنية في أميركا وإنجلترا واليابان والسويد وإسبانيا ولبنان. كما تدعم الراحلة منظمة "اليونسكو" والجمعيات الخيرية بتنفيذ أعمالها على شكل بطاقات من أجل بيعها لصالح الأعمال الخيرية.

كتب عنها الأديب السعودي عبدالله الغذامي بعد ساعات من رحيلها "ارتحلت إلى بارئها بعد أن عمرت ثقافتنا بفنها الزاهي ومنتجها الريادي وطرزت ذاكرة الثقافة بريشة الإبداع وشعرية اللون وجمالية الخيال". وأضاف "تظل لوحاتها تروي للأجيال المتعاقبة معاني العطاء والموهبة".

وكانت الرسامة العتيقة محل تقدير من قادة البلد وحكامه، إذ كرمها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز بوسام الملك عبدالعزيز عام 2016، ليضاف الوسام لأوسمة وجوائز رفيعة أخرى ومنها جائزة "كأس ودبلوم دي إكسيلانس" من جرولادورا في 1982 في إيطاليا. 

أسهمت بن زقر في تحكيم عديد من المعارض الفنية للناشئة والأطفال، ولها مجلس فني أدبي ثقافي يعقد شهرياً.

 

تأثر بالانطباعيين

يرى النقاد أن بن زقر تأثرت بأساليب كبار الفنانين التأثيريين أو الانطباعيين التشكيليين مثل فرا أنجيليكو وسيزان. وظهر تأثير فن شرق آسيا في التلوين على لوحاتها مثل لوحة "امرأة بدوية"، لكنهم قالوا إنها بعد نضوجها نجحت في التخلص من هذا التأثر حتى أصبح لها أسلوبها المستقل.

أسلوبها الخاص

وفي سيرة مقتضبة نشرتها الراحلة في موقعها ردت على مدى تأثرها بأساليب الآخرين قائلة "إن الفن الذي تبدعه أنامل صفية بن زقر لا يذكر بفنان معين ولا بمدرسة محددة، فهي وإن تأثرت بغيرها من الفنانين، إلا أن أسلوبها استخدم المعطيات الدراسية والبحثية وتخير منها أفضلها، ثم سخرها لخدمة غرض معين، وهو إعطاء المشاهد التراثية لبلدها صدقية وحيوية والحفاظ على رونقها المتميز".

وتنوع صفية أدواتها الفنية بتنوع موضوعاتها، وتلجأ عادة إلى الرسوم الأولية السريعة من الصور الضوئية الفوتوغرافية، وتستعين بالمراجع والكتب وقصص الأجداد. 

يذكر أن المتحف البريطاني في لندن يحتضن عديداً من أعمال الفنانة التشكيلية من 38 صورة إتشينغ "حفر"، إذ وثقت من خلال هذا العمل "التراث الملبسي" في السعودية، وهي المرة الأولى التي يعرض فيها المتحف العالمي هذا النوع من التراث.

رحلت صفية بن زقر تاركة للأجيال اللاحقة دارتها التي توثق مع لوحاتها أندر القطع التراثية، والتي يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من 100 عام.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة