Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف أثرت الحرب على غزة في الاقتصاد الإسرائيلي؟

تراجع النمو وضعف ثقة المستثمرين وزيادة العجز نتيجة ارتفاع كلفة الإنفاق العسكري

إفلاس أكثر من 46 ألف شركة وتراجع الاستثمارات الأجنبية بنسبة 60 في المئة تقريباً بسبب الحرب (رويترز)

ملخص

أبلغت نسبة 49 في المئة من شركات التكنولوجيا الإسرائيلية عن إلغاء استثماراتها

لكل حرب كلفة، وكلفتها البشرية هي الأكبر طبعاً لكن الكلفة الاقتصادية غالباً ما تكون شديدة أيضاً حتى لو أدت إلى انتعاش الاقتصاد ما بعد الحرب. وعلى رغم تميز الاقتصاد الإسرائيلي بمرونة عالية ومعدل نمو جيد ونصيب للفرد من الناتج المحلي الاجمالي أكبر من نظيره في دول أوروبية كثيرة، فإن تأثير الحرب على غزة فيه كان هائلاً.

منذ بداية الحرب قبل نحو عام، في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2023، شهد النشاط الاقتصادي انكماشاً وبدأت عشرات الشركات تغلق أبوابها وقلصت استثمارات أجنبية في إسرائيل أعمالها، وخفضت مؤسسات التصنيف الائتماني الكبرى في العالم تصنيف إسرائيل ما أضاف إلى عبء اقتراضها لسد عجز الموازنة الناجم عن كلفة الحرب، فضلاً عن ارتفاع خدمة الدين العام. ولا تقتصر التأثيرات على كلفة الإنفاق العسكري بعشرات مليارات الدولارات، إنما تعطل بعض القطاعات جزئياً وبعض العرقلة في سلاسل الإمدادات.

أدى ذلك أيضاً إلى تأخر وزارة المالية في عرض الموازنة الجديدة لعام 2025 شهرين، وبخاصة مع التحسب لمزيد من كلفة الحرب وسط استعدادات لتوسيع رقعة الأعمال العسكرية لتشمل جبهة الشمال مع لبنان، إضافة إلى جبهة الجنوب في قطاع غزة. وثارت خلافات داخل الوزارة التي يقودها الوزير اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش الذي طالب بعض مسؤولي الوزارة المسؤولين عن إعداد الموازنة بالاستقالة لخلافهم معه حول تقديرات كلفة الحرب.

موازنة حرب

قد يكون سمويتريتش، الذي يشكل مع وزير الأمن بن غفير جناح التطرف في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، متحمساً لتوسيع الحرب بهجوم على لبنان، لذا هو لا يرى غضاضة في زيادة الكلفة وعجز الموازنة، ولو كان ذلك على حساب زيادة الضرائب وخفض الإنفاق العام على برامج مهمة داخلياً. مع ذلك، علق أحد الاقتصاديين الإسرائيليين على موضوع الموازنة بصورة سلبية بحسب ما نشرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

وتضمن مشروع الموازنة، إلى جانب خفض الإنفاق العام بنحو 35 مليار شيكل (9.5 مليار دولار)، هذا إلى جانب زيادة الموارد من خلال رفع عائدات الضرائب، ومن بين البنود التي ستسبب جدلاً زيادة ضريبة القيمة المضافة وتجميد المزايا الاجتماعية والرواتب في القطاع العام وتعليق المزايا الضريبية.

وفي ورقة له نشرت الصحيفة مقتطفات منها رأى كبير الاقتصاديين السابق في وزارة المالية الإسرائيلي يوئيل نافيه أن تل أبيب "بحاجة إلى التحرك بقوة وبإجراءات فورية لصياغة موازنة مسؤولة للعام المقبل لدرء خطر حدوث أزمة تلوح في الأفق". وحذر من إمكانية أن "تجر هذه الأزمة الاقتصاد إلى الركود وتعرض الأمن القومي للخطر". وأضاف، بأنه إذا فشلت الحكومة في معالجة موازنة العام المقبل من خلال خفض الإنفاق وزيادة الضرائب والإصلاحات فستواجه أزمة مالية خلال ثلاثة إلى خمسة أعوام مقبلة.

ومما جاء في ورقة نافيه مؤشراً إلى الأوضاع الصعبة التي تواجه اقتصاد إسرائيل، إفلاس أكثر من 46 ألف شركة، وتراجع الاستثمارات الأجنبية بنسبة 60 في المئة تقريباً بسبب الحرب، في وقت أبلغت نسبة 49 في المئة من شركات التكنولوجيا الإسرائيلية إلغاء استثماراتها. وزاد اعتماد الاقتصاد الإسرائيلي على قطاع التكنولوجيا بصورة كبيرة في الأعوام الأخيرة، إذ كان القطاع يسهم قبل الحرب بنحو 20 في المئة من ناتج البلاد ويوفر نسبة 25 في المئة من ضرائب الدخل، ويمثل أكثر من نسبة 50 في المئة من الصادرات.

وارتفع عدد الإسرائيليين الذين غادروا البلاد بزيادة بنسبة 285 في المئة بعد الحرب على قطاع غزة، وكان لذلك أثره في تراجع نمو الإنفاق الاستهلاكي الذي يشكل النسبة الأكبر من نمو الناتج المحلي الإجمالي. وسجلت بطاقات الائتمان نمواً ضعيفاً في أغسطس (آب) الماضي لم يتجاوز نسبة 3.3 في المئة على أساس سنوي متأثراً في تداعيات الحرب على إنفاق الأفراد. وانخفض إجمالي السحب النقدي أغسطس الماضي بنسبة خمسة في المئة على أساس سنوي، ووصل معدل البطالة إلى نسبة أربعة في المئة.

الكلفة المالية

شمل التأثير السلبي للحرب في الاقتصاد الإسرائيلي كافة القطاعات تقريباً، وفي عرضه للموازنة الجديدة، قال سموتيريتش قبل أيام إن إسرائيل "في أطول حرب وأكثرها كلفة في تاريخنا، راوحت ما بين 200 و250 مليار شيكل (54 إلى 68 مليار دولار). سندعم هذا الجهد حتى النصر، ومن دون ذلك لن يكون هناك أمن، ومن دون أمن لن يكون هناك اقتصاد".

ويتوقع أن تكون مناقشة الموازنة الأكثر جدلاً في تاريخ إسرائيل، كما ذكرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية الأسبوع الماضي، مشيرة إلى الحرب على غزة التي أدت حتى الآن إلى "أكثر من 136 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود". ونقلت الصحيفة الفرنسية عن رئيس غرف التجارة الثنائية دان كاتاريفاس، إشارته إلى أن هناك صراعاً داخل الإدارة وضغوطاً من جانب البنك المركزي الإسرائيلي الذي يطالب بتوضيح السياسة المالية. وقال كاتاريفاس، "نحن بحاجة إلى خفض الإنفاق وزيادة الإيرادات، لكن ليس لدينا بيانات. كيف سنحقق ذلك إذاً؟. إن الرأي العام الإسرائيلي غير راض عن إدارة هذه الأزمة".

بأخذ كلفة الحرب الواردة في الموازنة، من دون اعتماد تقديرات أخرى ترفع تلك الكلفة إلى نحو 100 مليار دولار بإضافة كلفة غير مباشرة، فإن الحكومة الإسرائيلية تجد صعوبة في تمويل العجز الهائل في الموازنة الذي يقارب نسبة ثمانية في المئة، أي ضعف ما كان عليه قبل عام عند نسبة أربعة في المئة، وحتى مع الدعم الأميركي المباشر بنحو 14.5 مليار دولار سيكون على إسرائيل الاقتراض من الأسواق بعشرات مليارات الدولارات.

ومما يجعل الاقتراض من الأسواق الأولية أكثر صعوبة خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل، إذ خفضت وكالة "فيتش" تصنيف الدين السيادي الإسرائيلي أغسطس الماضي من A+ إلى A مع توقعات سلبية من قبل وكالات تصنيف أخرى. وبعدما انكمش الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 4.1 في المئة عقب بدء الحرب على غزة العام الماضي، يقدر البنك المركزي ألا يزيد النمو هذا العام على نسبة 1.5 في المئة.

تضرر قطاعات مختلفة

على رغم أن السياحة لا تشكل نسبة كبيرة من الناتج المحلي الاجمالي الإسرائيلي فإن تضررها الشديد زاد من المشكلات الاقتصادية الناجمة عن الحرب، أما حظر دخول ما يصل إلى 140 ألفاً من العاملين الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى إسرائيل فأدى إلى ضرر شديد في قطاعات مثل الإنشاء والزراعة وغيرها، بل إن هناك قطاعات أصيبت بما يقارب الشلل في مناطق معينة، وبخاصة تلك القريبة من مجال الحرب في الجنوب والشمال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأدى استدعاء 360 ألفاً من جنود الاحتياط إلى ضغط على سوق العمل، يمكن أن يتفاقم في حال توسع الحرب إلى جبهة الشمال مع لبنان، كما أن التهجير الموقت لحوالى 120 ألفاً من المستوطنين من مناطقهم، وبخاصة من الشمال، زاد الضغط على الموازنة والاقتصاد الإسرائيلي بصورة عامة، ففضلاً عن أن هؤلاء النازحين كانوا في أعمال اضطروا إلى تركها موقتاً، هناك أعمال أخرى اعتمد نشاطها على وجود عشرات آلاف من السكان هؤلاء في مناطق إقامتهم التقليدية.

في تقرير طويل مفصل لموقع "ذا كونفيرسشن" قبل أيام استعرض من بين الأضرار التي خلفتها الحرب على غزة هرب ما يصل إلى 60 في المئة من الاستثمارات الأجنبية من البلاد، كما سرحت الشركات الكبرى العمالة مثل شركة "إنتل" التي أعلنت احتمال تسريح نسبة 15 في المئة من موظفيها في إسرائيل لتوفير 10 مليارات دولار وإلغاء مشروع جديد بقيمة 25 مليار دولار.

اقرأ المزيد

المزيد من أسهم وبورصة