Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ستارمر يتعثر دوليا جراء تهديدات بوتين

أثبتت رحلة رئيس الوزراء البريطاني إلى الولايات المتحدة أنه يجد سهولة أكبر في اتخاذ قرارات تمس المتقاعدين البريطانيين من التعامل مع تهديدات بوتين

توجه كير ستارمر وديفيد لامي إلى الولايات المتحدة لحضور الاجتماع الثنائي (أ ف ب/غيتي)

ملخص

رحلة كير ستارمر إلى الولايات المتحدة واجهت صعوبات دبلوماسية، حيث فشل والرئيس بايدن في اتخاذ قرار بشأن إمداد أوكرانيا بصواريخ "ستورم شادو" وسط تهديدات بوتين. بدت الحكومة البريطانية مترددة، مما أظهر ستارمر قوياً داخلياً وضعيفاً خارجياً

عندما أقلعت الطائرة الحكومية من قاعدة أندروز العسكرية المشتركة خارج واشنطن مساء يوم الجمعة الماضي، توجه كير ستارمر ليجري حديثاً مقتضباً مع مجموعة الصحافيين المسافرين وراح يوزع علباً من حلوى "أم أند أم" من البيت الأبيض تحمل توقيع جو بايدن.

لكن الابتسامة التي ارتسمت على وجهه، ومظهره العفوي البسيط ومزاحه حول كرة القدم، أخفت ما ثبت أنه 48 ساعة صعبة للغاية بالنسبة إلى رئيس الوزراء فيما تكلل بفشل دبلوماسي.

ربما كان الدرس المستفاد من هذه الرحلة هو أن اتخاذ "خيارات صعبة" في ما يتعلق بالآلاف من المتقاعدين البريطانيين الذين يحتمل أن يموتوا في شتاء بارد أسهل بكثير من التعامل مع ديكتاتور مسعور هو فلاديمير بوتين الذي يهدد باستخدام الأسلحة النووية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبذل موظفو رئاسة الحكومة البريطانية ووزارة الخارجية في السفارة قصارى جهدهم للتقليل من أهمية الرحلة. ولكن - على رغم جهودهم - كان اجتماع الرئيس الأميركي المنتهية ولايته ورئيس الوزراء المنتخب حديثاً يدور في الغالب حول قضية رئيسة واحدة: ما إذا كان ينبغي السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ "ستورم شادو" بعيدة المدى ضد أهداف في روسيا.

كان من المفترض أن يُتخذ قرار السماح بذلك ولكن لم يُتخذ. وبدلاً من ذلك، تأجل لإجراء مزيد من المناقشات في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

كيف نعرف أن هذا صحيح؟ حسناً، قبل ذلك بأيام فقط عقد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الخارجية ديفيد لامي مؤتمراً صحافياً مشتركاً في وزارة الخارجية وأعلن ذلك بشكل أساسي. فقد كشفا عن المساعدة التي تقدمها إيران لروسيا وأبلغا الصحافيين أنهما ذاهبان إلى كييف معاً للاستماع إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وآخرين بخصوص استخدام صواريخ "ستورم شادو" على الأراضي الروسية. ثم قالا إن هذه المحادثات ستصب في المناقشات مع ستارمر وبايدن يوم الجمعة (الماضي)، التي حضرها لامي أيضاً.

حدث كل هذا وكان واضحاً لمعظم المراقبين الذين لديهم الحد الأدنى من الخبرة أنها كانت سلسلة من أحداث مصممة بعناية والتي تتجه إلى "قرار صعب" لن يغير مسار الحرب فحسب، بل سيضمن أن دونالد ترمب، إذا ما انتُخب، سيجد صعوبة في إلغاء دعم الناتو لأوكرانيا.

ربما كانت المشكلة أن الأمر كان جلياً للغاية. فحتى عندما أقلعت طائرة رئيس الوزراء إلى واشنطن كان بوتين يخطط لخطوته التالية لمحاولة منع اتخاذ القرار. فقبل دقائق من الموعد الذي كان من المقرر أن يعقد فيه السير كير جلسة مسجلة مع مجموعة الصحافيين المسافرين معه، انتشرت الأخبار بأن بوتين حذر من أن استخدام الصواريخ في روسيا سيعني أن بلاده ستكون "في حالة حرب مع الناتو".

عندما طُرح هذا الأمر على رئيس الوزراء كان رده يحمل نبرة تحدٍ إلى حد ما: "بوتين هو من بدأ الأمر".

لم يبدُ أنه كان منزعجاً على الإطلاق وحافظ على ثقته بنفسه. وفي الواقع، أمضى معظم الجلسة بعد ذلك في الدفاع عن قراره بوقف صرف بدل وقود الشتاء للمتقاعدين وإنكار دراسة لحزب العمال نفسه أشارت إلى أن هذا الإجراء سيقتل 4000 شخص. قد يبدو ستارمر كئيباً، ولكن على الأقل يمكنه اتخاذ "القرارات الصعبة".

ولكن كان من الواضح دائماً أن داونينغ ستريت كان متوتراً بشأن نتائج هذه الرحلة. وقد تأكد ذلك من حقيقة أن ستارمر حاول للمرة الأولى منذ سنوات عدة تجنب اصطحاب مجموعة الصحافيين المتنقلين معه في لقاء ثنائي مع رئيس أميركي. ولم يرضخ داونينغ ستريت إلا في اللحظة الأخيرة تحت ضغط كبير ليصطحب معه طاقم الصحافيين. كان الانطباع بعدم الرغبة في الكثير من الرقابة موجوداً منذ البداية.

ومع ذلك، يبدو أن تحدي ستارمر كما تناقلته الصحافة البريطانية بين عشية وضحاها قد أجج الغضب في موسكو. فقد استيقظ الجميع صباح يوم الجمعة (الماضي) على خبر طرد ستة دبلوماسيين بريطانيين بتهمة التجسس من موسكو، وكان بوتين يذكر الجميع بأن روسيا "قوة نووية".

عند هذه النقطة تغير إيقاع الرحلة. فباستثناء بيان مقتضب من وزارة الخارجية حول عمليات الطرد، ساد الصمت التام. ورفضَ لامي، الذي كان على متن الرحلة، وستارمر، حتى إعطاء أي رد فعل على الأحداث التي تكشفت. كان هناك تردد مبدئي في البداية حتى في التعاطي مع الصحافيين المسافرين في شأن ما يجري.

وفي الوقت نفسه، كان الضغط يتزايد أيضاً من أوكرانيا. فقد ظهر بوريس جونسون وليس بالصدفة في مؤتمر مع الرئيس زيلينسكي الذي غرد على الفور منوهاً كيف أن رئيس الوزراء السابق فعل دوماً ما هو ضروري لدعم حرب بلاده مع روسيا. كانت رسالة واضحة أعقبتها رسالة أكثر وضوحاً عندما نشر سلسلة تغريدات توضح كيف أن التأخير في قرار إمداد "ستورم شادو" يكلف الأوكرانيين أرواحهم.

بحلول هذا الوقت كانت جهود الإحاطة الإعلامية من الجانب البريطاني قد وصلت إلى أقصى حدودها في محاولة للتنصل مما قاله لامي وبلينكن قبل أيام فقط. لم يكن الأمر يتعلق بـ"ستورم شادو"، ولم يكن هناك قرار أبداً، بل كان الأمر كله يتعلق برغبة رئيس الوزراء لبعض الوقت في إجراء مناقشة استراتيجية طويلة الأمد مع بايدن حول أوكرانيا والشرق الأوسط والصين.

بدا الأمر وكأنه استراتيجية كلاسيكية لإخفاء ما كان يحدث بالفعل. كانت الأمور تتكشف.

المشكلة في هذه الإحاطة هي أن العالم بأسره يعرف أن بايدن لن يكون رئيساً بعد أربعة أشهر وسيجري انتخاب رئيس جديد في نوفمبر (تشرين الثاني). إذا كان الأمر يتعلق حقاً باستراتيجية طويلة الأمد، فقد كان هناك اعتراف بأنه سيتعين عليه القيام بذلك من جديد عندما يؤدي الرئيس الجديد اليمين الدستورية. يعلم الجميع أن بايدن أصبح الآن في آخر ولايته ولا يقرر شيئاً. حتى أنه كان أوهن من أن يمضي في نزهة فردية في حديقة الورود في البيت الأبيض مع ستارمر.

يُضاف إلى ذلك أن اثنين من الشخصيات البريطانية الرئيسة على الطاولة - سفيرة المملكة المتحدة السيدة كارين بيرس ومستشار الأمن القومي تيم بارو - على وشك انتهاء خدمتهما.

وصل رئيس الوزراء مع فريقه، بما في ذلك رئيسة الموظفين سو غراي، وديفيد لامي، ومدير الاتصالات ماثيو دويل، وسفيرة المملكة المتحدة لدى الولايات المتحدة السيدة كارين بيرس، متأخرين قليلاً. وبحلول ذلك الوقت كان من الواضح أن الاجتماع المُقرر أن يستغرق ساعتين قد قُلص إلى 90 دقيقة، وكان من المقرر أن يُقلص أكثر من ذلك. لم تكن هناك مجاملات في المكتب البيضاوي أيضاً.

بعد نحو نصف ساعة سُمح للصحافيين بالدخول إلى الغرفة الزرقاء في البيت الأبيض لرؤية الجانبين محشورين حول طاولة. كان من الواضح أن بايدن كان في مزاج سيئ كما أكد توبيخه لصحافي "سكاي نيوز" لطرحه سؤالاً.

وقد اتضح أنه حتى في الوقت القصير كان هناك قدر كبير من المراوغة. كان بايدن "يحاضر" في الشؤون الخارجية ويروي كيف أنه يعرف أشخاصاً مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منذ 35 عاماً. وبدا من الواضح في ذلك الوقت أنه لن يتم اتخاذ أي قرار في شأن "ستورم شادو" حتى بشكل غير رسمي. وأصبح التوجه السائد أن المحادثات ستُستأنف في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

في حين بدا السير كير ظاهرياً راضياً على متن الطائرة التي أقلته إلى بلاده، بدا واضحاً ذلك الإحساس المعتاد الذي ينعكس في القول "كان لديك عمل واحد" ولم تُنجزه. ما ليس واضحاً هو ما إذا كانت المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة هي التي تراجعت أمام تهديدات بوتين. ولكن إحداهما أو كلاهما فعل ذلك. والآن يواجه ستارمر خطر الظهور بمظهر القوي في الداخل والضعيف أو المتخاذل في الخارج.

لا يعني ذلك أن كل شيء فقد بأي حال من الأحوال، لكن رئيس الوزراء قد يحتاج إلى إيجاد الجرأة نفسها في تعامله مع بوتين كالتي كانت لديه مع المتقاعدين البريطانيين وفي موضوع مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل.

© The Independent

المزيد من تحلیل