ملخص
يمكن لجهاز النداء إرسال رسالة واحدة وفي لحظة، تنبه جميع أجهزة النداء أو تطبيقات النداء في الوقت نفسه في حال تمت برمجته على ذلك، وهذا مفيد أثناء الطوارئ أو عند حدوث أمر عاجل فيكون الوقت عاملاً حاسماً في مواقف كهذه.
في عالم تقوم به تقنيات الاتصال الرقمي بالدور الحاسم في التواصل وتبادل البيانات والمعلومات بين الأفراد على المستويين الفردي والمؤسساتي، وتمتد حتى تصبح رئة الحياة التي تضمن استمرار مجموعة كبيرة من المهمات والخدمات والأعمال في نطاقات جغرافية مختلفة، تظن الغالبية أن تقنيات الاتصال الحديثة أزاحت جانباً سابقاتها، إلا أن بعض التقنيات المتواضعة مثل أجهزة النداء الـ"بيجر" لا تزال خياراً فاعلاً لا غنى عنه في أماكن الخدمات مثل المراكز التجارية والمطاعم والمقاهي الكبرى والمنظمات الصحية خصوصاً، لتلبية حاجات هذا النوع من المؤسسات، وكذلك من قبل المنظمات والجهات الخاصة للربط بين مجموعات العمل وتسهيل وتسريع التواصل في ما بينها بصورة آمنة وموثوق، وبحسب الإحصاءات هناك أكثر من مليوني جهاز قيد الاستخدام اليوم.
أجهزة النداء
يسمى جهاز النداء أو جهاز الإخطار أو التنبيه، وهو عبارة عن وسيلة اتصال لا سلكي وهو يستقبل ويعرض رسائل نصية أو صوتية، ويمكن لأجهزة النداء أحادية الاتجاه تلقي الرسائل فقط، بينما يمكن لأجهزة النداء ثنائية الاتجاه التعرف إلى الرسائل والرد عليها وإرسالها باستخدام جهاز إرسال داخلي.
تم تطوير أجهزة النداء في الخمسينيات والستينيات من القرن الـ20، إذ سجلت براءة اختراع أول نظام لجهاز النداء الهاتفي عام 1949 من قبل المهندس الكندي ألفريد غروس، وأطلقت إحدى أولى خدمات النداء العملية عام 1950 للأطباء في مدينة نيويورك باستخدام جهاز يزن 200 غرام، ثم منتصف الثمانينيات، أصبح النداء اللاسلكي شائعاً على نطاق واسع بين العاملين في الاستجابة للطوارئ والمهنيين، وشغلت أجهزة النداء من قبل محطة أساسية محلية، أو من خلال رقم هاتف مخصص لكل جهاز نداء فردي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي التسعينيات، أصبحت أجهزة النداء شائعة بين العامة كبديل أرخص وأصغر وأكثر موثوقية من الهواتف المحمولة، ثم في نهاية التسعينيات ومع انخفاض أسعار الهواتف المحمولة وظهور هواتف صغيرة الحجم وتوسع الاتصال الخليوي، تحول معظم مستخدمي أجهزة النداء إلى الهواتف المحمولة، وظلت أجهزة النداء قيد الاستخدام في المجمعات الطبية الكبيرة وكذلك من قبل العاملين في المطاعم الكبرى وبعض خدمات الطوارئ وموظفي السلامة العامة، بسبب استعمال الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية، مما يمكن أن يجعل أنظمة النداء أكثر موثوقية من الشبكات الخليوية الأرضية في بعض الحالات، بما في ذلك أثناء الكوارث الطبيعية والبشرية.
وأدت هذه المرونة العالية إلى قيام الوكالات العامة بتبني أجهزة النداء بدلاً من الخدمات الخليوية وغيرها من الخدمات التجارية للرسائل الحساسة.
آلية عمله
عندما يتم إرسال رسالة إلى جهاز نداء محدد، إما من خلال مكالمة هاتفية أو نظام نداء مخصص، تنقل الرسالة عبر موجات الراديو إلى تردد معين أو مجموعة من الترددات، ليصل هذا الإرسال إلى جهاز النداء الذي يفك شيفرة الرسالة وينبه المستخدم، عادةً بصوت صفير مميز.
وتعمل أجهزة النداء على شبكة مخصصة، مما يضمن وصول الرسائل المهمة والحساسة إلى المتلقين المقصودين من دون التعرض لخطر فقدان الإشارة أو التشويش أو التضارب، ويضمن توافر منطقة تغطية قوية للوصول إلى جميع المتلقين المقصودين بكفاءة هي إحدى الجوانب الحاسمة، وهنا ينفذ نمط رقعة الشطرنج لمواقع الإرسال يسمح بأقصى قدر من التغطية والموثوقية، ويضمن وصول الرسائل إلى وجهاتها بفاعلية.
واليوم، على عكس أنظمة النداء القديمة التي اعتمدت على خطوط الهاتف السلكية المخصصة وأنظمة إرسال الروابط الترددية، خضعت أجهزة النداء الحديثة لتحولات رقمية كبيرة، إذ تعمل الآن معظم الأجهزة على منصات رقمية باستخدام البروتوكولات الرقمية، ومن خلال تجاوز شبكات الهاتف الضعيفة وشبكات التردد اللاسلكي، تضمن هذه البنية مستوى أعلى من الفاعلية من جهة والأمان في نقل الرسائل من جهة أخرى، من خلال تشفير البيانات لحماية المعلومات الحساسة.
وتطورت هذه الشبكات تدريجاً لتشمل اتصالات الأقمار الاصطناعية المتطورة، مما أدى إلى إنشاء نظام اتصال أكثر قوة وأماناً، وعزز هذا التحول الكفاءة وعمل أيضاً على تبسيط عملية الاتصال ونقل المعلومات، وبذلك تكيفت أجهزة النداء الحديثة مع المشهد التكنولوجي المعاصر وباتت أداة اتصال قيمة ولا غنى عنها في المجالات السابق ذكرها.
أسباب تضمن استمراريتها
على رغم أن فكرة أجهزة النداء تُعدّ بسيطة للغاية في عصر القفزات التكنولوجية، إلا أن بساطتها تجعلها موثوقة في المواقف الحرجة، كأداة اتصال لا سلكية يمكن الاعتماد عليها، واستخدامها جنباً إلى جنب مع الهاتف المحمول، كوسيلة احتياطية تعمل كخط ساخن شخصي وتضمن الوصول السريع في حالات الأمور المهمة.
وأجهزة النداء نادراً ما تعاني الازدحام مثل شبكات الهاتف المحمول، فتتفوق أجهزة النداء في التنبيه إلى أمر عاجل، فهي تعمل حتى في أوقات الكوارث الطبيعية على عكس الهواتف المحمولة التي تتحول إلى وضعية عدم الاتصال أو مشغول أو خارج الشبكة، وكذلك تتمتع أجهزة النداء بميزة فريدة في المكالمات الجماعية، فيمكن استدعاء عدد كبير من الأجهزة في وقت واحد.
وتوفر أجهزة النداء وسيلة للتواصل من دون إزعاج الهاتف المحمول، لذا يمكن تركها قيد التشغيل ليلاً أو خلال اجتماعات المهمة أو من قبل الأطباء في حال وجود أمر عاجل، بسبب ميزة الحصول على رقم منفصل يزود به أشخاص محددون.
ومع تحول نظام التتبع إلى مصدر قلق كبير بخاصة بعد عام 2020، يرغب بعض الأشخاص في البقاء خارج الاتصال بعيداً من الاتصال الاجتماعي المتاح في أي وقت، تأتي أجهزة النداء كحل أمثل لأنها لا تحوي، سواء أحادية الاتجاه التقليدية منها أو ثنائية الاتجاه، أي إمكان لنظام تحديد المواقع العالمي أو "بلوتوث".
ويمكن لجهاز النداء كذلك إرسال رسالة واحدة وفي لحظة تنبه جميع أجهزة النداء أو تطبيقات النداء في الوقت نفسه في حال تمت برمجته على ذلك، وهذا مفيد أثناء الطوارئ أو عند حدوث أمر عاجل، إذ يكون الوقت عاملاً حاسماً في مواقف كهذه، بينما سيستغرق الأمر وقتاً طويلاً عند الاعتماد على أجهزة المحمول لإرسال رسالة نصية أو بريد إلكتروني إلى الأشخاص بصورة فردية، خصوصاً أنه مع سيل التنبيهات الواردة من الهواتف الذكية مثل الرسائل النصية والبريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي والأخبار، يمكن أن يوفر جهاز النداء تنبيهاً مميزاً لا يمكن تجاهله أو نسيانه، يمنح الاهتمام المطلوب للرسائل ذات الأولوية، إضافة إلى أنه حل لا بديل عنه في حالات يحظر فيها استخدام الهواتف المحمولة لأسباب مختلفة في أماكن عدة مثل المرافق الآمنة والمباني الحكومية والسجون وغيرها من المباني شديدة الحراسة التي تحتاج إلى حماية ممتلكاتها، وكذلك في حالات حفظ الحقوق والحصرية من قبل بعض الفنانين مثل الكوميديين والفرق الموسيقية الحية أثناء تسجيل عروضهم منعاً من تحميلها ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات الفيديو.
لذا فإن جهاز النداء وسيلة وصول مؤكدة في عالم يُعدّ فيه الوقت العملة الأثمن، بعيداً من مشكلات شبكات اتصال الهواتف المحمولة.