Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القبة الإلكترونية تعكس القدرات السيبرانية الدفاعية لإسرائيل

أدركت تل أبيب من خلال الصراع المستمر أنها بحاجة إلى بناء علاقات تحالف إلكتروني مع شركات التكنولوجيا العملاقة

منزل يضم المقر الرئيس لشركة مجرية يُزعم أنها صنعت أجهزة استدعاء (بيجر) انفجرت في لبنان وسوريا، في بودابست الأربعاء 18 سبتمبر الحالي (أ ب)

ملخص

تقول إسرائيل إن القبة الإلكترونية ستساعدها في الحفاظ على البنية التحتية الحيوية للبلاد آمنة من الهجمات الإلكترونية التي تشنها الدول المعادية والجهات غير الصالحة على الإنترنت.

في خرق أمني هو الأكبر من نوعه في لبنان منذ أعوام طويلة وحتى في عالم الحروب الأمنية والتكنولوجية، فجرت إسرائيل أجهزة اتصال لاسلكي يستخدمها عناصر "حزب الله" عبر اختراق برمجية ما يسمى بأجهزة النداء الآلي الـ "بيجر"، وهي أجهزة إلكترونية صغيرة يسهل حملها وتُستخدم لاستقبال الرسائل القصيرة، متسببة بمئات الإصابات في مناطق لبنانية مختلفة.

وتفيد المعلومات الأولية بأن أجهزة الاتصال التي انفجرت في لبنان هي أحدث طراز يجلبه "حزب الله" خلال الأشهر القليلة الماضية، وسبب ما حدث هو اختراق بواسطة تقنية لاسلكية فائقة التطور أو عبر برمجيات خبيثة، علماً أن اختراق الاتصالات يعد أحد الأساليب التي تتبعها تل أبيب للوصول إلى أهدافها العسكرية، فإسرائيل لا تمتلك قدرات هجومية سيبرانية استثنائية وحسب، إنما بنت بالفعل منظومة دفاعية تُصنف الأقوى في العالم لصد الهجمات الإلكترونية المعادية والتي طورت باستمرار بمؤازرة من كبرى شركات التكنولوجيا في العالم.

تطورات في قدرات القرصنة

تُعد إسرائيل قوة سيبرانية عالمية وتمتلك قواتها العسكرية بعضاً من أقوى قدرات الحرب السيبرانية في العالم، وخلال الأعوام الأخيرة كانت هناك تطورات هائلة في قدراتها على اختراق الهواتف المحمولة والتسبب بأضرار حقيقية.

الأحداث التي تبرهن على قدرات كبيرة في مجال القرصنة كانت بين عامي 2009 و2010، حين اخترقت الدولة العبرية بالتعاون مع الولايات المتحدة ودمرت أكثر من 1000 جهاز طرد مركزي نووي إيراني، وبعد أعوام من ذلك وتحديداً في الـ 30 من أكتوبر (تشرين الأول) 2021، اخترقت وأغلقت 4300 محطة وقود إيرانية في جميع أنحاء البلاد بهجمات إلكترونية نسبت إلى إسرائيل.

وزعمت مجموعة قرصنة مرتبطة بإسرائيل العام الماضي أنها شلت محطات الوقود في جميع أنحاء إيران بواسطة هجوم إلكتروني، وقالت المجموعة المعروفة باسم "غونجيشكي دارنده" أو "العصفور المفترس" إنها عطلت غالبية مضخات الوقود في جميع أنحاء إيران، لتفيد وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية لاحقاً أن الهجوم أخرج ما يقارب 70 في المئة من محطات الوقود في البلاد عن الخدمة.

في غزة

واستخدمت إسرائيل قدراتها السيبرانية الكبيرة في غزة متبعة إستراتيجية إيقاف تشغيل الاتصال بالإنترنت في القطاع، وذلك لأنها تسيطر على كابلات الكهرباء والإنترنت التي تخدم غزة.

وفي الـ 27 من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 سببت إسرائيل انقطاعاً للاتصالات استمر لمدة 34 ساعة تقريباً في غزة، وقد دانت المنظمات الدولية انقطاع الاتصالات، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية، التي نشر مديرها العام بياناً جاء فيه أن "الانقطاع جعل من المستحيل على سيارات الإسعاف الوصول إلى الجرحى".

وحدثت عمليات إغلاق مماثلة للإنترنت بصورة متكررة منذ ذلك الحين، وبسبب الأضرار والنزوح وانقطاع الكهرباء والإنترنت، فقد انخفض الاتصال بالإنترنت في غزة إلى 15 في المئة، وهو رقم صادم ويعني عملياً فصل القطاع عن العالم الخارجي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


القبة الإلكترونية

لكن قدرات إسرائيل السيبرانية الهائلة ليست هجومية وحسب بل دفاعية أيضاً، وجزء من استجابة إسرائيل للهجمات الإلكترونية كان عبر بناء "القبة الإلكترونية" لحماية البنية التحتية الوطنية الحيوية، وقد أعلنت تل أبيب عن هذه المنظومة للمرة الأولى عام 2022، مفيدة بأن هدفها الحد من تأثير الهجمات الإلكترونية واسعة النطاق باستخدام الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، لتمكين الكشف عن التهديدات والتخفيف منها في الوقت الفعلي.

وتشارك شركات تكنولوجيا عملاقة بصورة دائمة في تطوير "القبة الإلكترونية"، إذ تقدم شركة "غوغل" الأميركية نظامها "سايبر شيلد" لمراقبة الحوادث الإلكترونية، وهو يحمي حالياً 32 منظمة داخل ستة قطاعات من الاقتصاد الإسرائيلي.

وتتعاون إسرائيل حالياً مع شركة "مايكروسوفت" الأميركية لبناء نظام استخباراتي سيبراني ضمن "القبة الإلكترونية" يسمى "كريستال بال" للحماية من برامج الفدية، وهي برامج خبيثة تقيد الوصول إلى نظام الحاسوب التي تصيبه وتطالب بدفع فدية لصانع البرنامج من أجل الوصول إلى الملفات.

وفوق هذا وذاك تقدم شركة "بالانتير" الأميركية قدرات الذكاء الاصطناعي "للقبة الإلكترونية" بصورة منتظمة، فيما توفر شركة "أمازون" الأميركية البنية التحتية السحابية الآمنة وخدمات الحماية الذاتية للشركات الصغيرة والمتوسطة في إسرائيل.

مشروع ضخم

إلى ذلك تقول إسرائيل إن "القبة الإلكترونية" ستساعدها في الحفاظ على البنية التحتية الحيوية للبلاد آمنة من الهجمات الإلكترونية التي تشنها الدول المعادية والجهات غير الصالحة على الإنترنت، ويقع مرفق هذه المنظومة على بعد 90 دقيقة من تل أبيب، ويضم أفراداً من وحدة استخبارات الدفاع ومديرية الدفاع السيبراني داخل الجيش الإسرائيلي، ووحدات الإنترنت التابعة لهيئة الاستخبارات والمهمات الخاصة (موساد)، ووكالة الاستخبارات المحلية (شين بيت) إضافة إلى وزارة الدفاع.

وهكذا لا يعمل موظفو "القبة الإلكترونية" بصورة منفردة بل يتعاونون بطرق وثيقة مع الجيش الإسرائيلي ومؤسسات البحوث والشركات التكنولوجية الإسرائيلية مثل "رافائيل"، ويستخدم المشرفون على المنظومة منصات الذكاء الاصطناعي التوليدية مثل "تشات جي بي تي" لغربلة كميات هائلة من المعلومات المتدفقة إلى أنظمتها وتحديد التهديدات الكبيرة، ويعمل ضمن المنظومة ما يقارب 14 ألف جندي، توكل إليهم مهمة محاربة التهديدات الإلكترونية القادمة من إيران و"حماس" و"حزب الله" وغيرها من الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية، بما في ذلك الصين وروسيا.

وإضافة إلى ذلك تحوي المنظومة الإسرائيلية أجهزة مسح مختلفة تراقب باستمرار الفضاء الإلكتروني الإسرائيلي بحثاً عن نقاط الضعف، وتبلغ المعنيين بالوسائل اللازمة للتخفيف منها، وتعتمد على تعاون وثيق بين القطاعات العامة والخاصة والأكاديمية، فضلاً عن قراصنة "القبعات البيضاء" الإسرائيليين الذين يساعدون في تحديد نقاط الضعف.
وعلى رغم ما تكرر خلال الأشهر الأخيرة من أنباء عن هجمات إلكترونية تعرضت لها بعض المؤسسات المهمة في إسرائيل، حكومية وخاصة، لكن تل أبيب تزعم أنها أوقفت بفضل "القبة الإلكترونية" كل الهجمات الإلكترونية الخطرة التي شنت ضدها أثناء الصراع في قطاع غزة.

شراكات دولية لمنع انتشار المعلومات المضللة

ولا تقف الجهود الإسرائيلية عند هذه الحدود، إذ إن السلطات الرسمية تعمل بكل ما أوتيت من قوة لمنع انتشار المعلومات المضللة والتزييف العميق، ومنذ بداية الحرب على غزة قدمت إسرائيل 48 ألف طلب لإزالة المحتوى من شركات وسائل التواصل الاجتماعي، وتمكنت من إزالة 86 في المئة منها. 

وتشير بعض التقارير الأمنية إلى أن إسرائيل أدركت من خلال الصراع المستمر أنها بحاجة إلى بناء علاقات تحالف إلكتروني مع شركات التكنولوجيا العملاقة، وهي بذلك تسعى منذ العام الماضي إلى بناء علاقات إستراتيجية مع شركات "أمازون" و"مايكروسوفت" و"غوغل".

وإلى جانب ما ذكرناه تسعى إسرائيل إلى تأمين الفضاء الإلكتروني عبر مفهوم يشار إليه باسم "العمل معاً 2.0"، مستفيدة من ارتباطها بعلاقات وثيقة مع أكثر من 20 دولة في مجال تبادل المعلومات اليومي، ومع ذلك لا تنفك تعبر عن اعتقادها بأن هناك حاجة إلى أن تذهب البلدان إلى ما هو أبعد من ذلك عبر بناء دروع دفاعية دولية ضد الهجمات الإلكترونية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير