ملخص
انطلقت جائزة نوبل للحماقة العلمية منذ تسعينيات القرن الـ20 تحت فكرة تكريم بحوث عميقة لكنها تغوص في أبعاد غير مألوفة إلى حد أنها تثير ابتسامات الجمهور العام للوهلة الأولى، لكن بعض التبصر يتكفل بإظهار الجدية العميقة لتلك البحوث التي تسهم في تقدم العلم عبر مسارات غير متوقعة
صواريخ موجهة بالحمام وفئران وخنازير تتنفس من فتحات شرجها وسمك تروت ميت قادر مع ذلك على السباحة وديدان ثملى، اندرجت كلها ضمن الاختراقات العلمية غير المألوفة التي قدمها الفائزون بمسابقة "إيغ نوبل" Ig Nobels للحماقة العلمية. [يشير حرفا Ig إلى طريقة شائعة في كتابة ما يشير إلى الضحك خصوصاً في المجلات المصورة، مع تذكر أن إحداها هي التي أطلقت تلك المسابقة التي ترسم مساراً موازياً لجوائز نوبل].
وذهبت الجوائز الـ10 التي منحت الأسبوع الماضي وغطت مروحة من الفئات العلمية إلى أفراد وفرق حول العالم، عملت على بحوث استغرقت عقوداً.
ويصادف هذا العام مرور 34 سنة على "الاحتفال السنوي بجائزة إيغ نوبل" والمرة الأولى التي يُجرى فيها هذا الحدث بالحضور الفعلي منذ جائحة كورونا، وقد استضافه "معهد ماساشوستس للتكنولوجيا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأطلقت "إيغ نوبل" عام 1991 بمبادرة من المجلة الساخرة "آنالز أوف إمبروبابل ريسرش" Annals of Improbable Research [ترجمتها حرفياً حوليات البحوث الخارجة عن التوقع]، بهدف تكريم دور الخيال والخروج عن المألوف في العلوم.
وبحسب كلمات مدير الاحتفالات ومحرر تلك المجلة الساخرة مارك آبرامز أثناء الاحتفال "إذا لم تكن من الفائزين بإحدى جوائز ’إيغ نوبل‘ الليلة وخصوصاً إن كنت من الفائزين، فحظ أوفر خلال العام المقبل".
صواريخ يقودها الحمام
شملت قائمة المكرمين عمل عالم النفس الأميركي والمدير السابق في جامعة هارفرد ب. أف. سكينر الذي كرم بعد وفاته. وتولت ابنته جوليا سكينر فارغاس قبول الجائزة بالنيابة عنه.
وخلال عام 1960 اقترح سكينر استعمال الحمام الحي كأداة تساعد في توجيه صواريخ جو- أرض، في زمن افتقد فيه وجود مثل تلك الأنظمة.
وآنذاك، قضت الخطة بوضع الحمام داخل صاروخ سمي "بيلي- كان"، مع توقع تدريب تلك الطيور على تتبع أهداف على الأرض وفي البحر. [لفظ بيلي- كان فيه تلاعب على كلمة بليكان Pelican أي البجع الطائر]
وكتب سكينر "وجدنا أن الحمام يستطيع توجيه الصاروخ إلى تقاطع في شارع معين مرسوم على خريطة المدينة. ووفق منهجيات ملائمة في التعزيز السلوكي أمكن الحفاظ على تحليقات تتزايد مدتها باستمرار بأكثر مما يتوقع بصورة منطقية من صاروخ".
ولاحقاً، ألغت البحرية الأميركية "مشروع الحمام".
خنازير وفئران تتنفس من مؤخرتها
خلال عام 2021 اكتشف هذا البحث الذي قدمته جامعة طوكيو للطب وطب الأسنان، أن الخنازير والقوارض تملك القدرة على التنفس من فتحات شرجها.
وآنذاك، استلهم الفريق أفكاره من حدوث عمليات تأقلم في أسماك اللويش والسلور وخيار البحر والعناكب التي تحيك شبكاتها على صورة كرات. ويحدث التأقلم في تلك الكائنات بطرق تؤدي إلى حصولها على الأوكسجين من ظهورها بهدف البقاء على الحياة في ظروف خفض وجود تلك المادة حولها.
وينتقل الأوكسجين عبر جدار الأمعاء بغية تعويض خفضه في الجسم. وعمد البحاثة إلى فرك الأغشية الداخلية للقسم الأخير من الأمعاء الغليظة المسمى بالمستقيم [ينتهي عند فتحة الشرج]، بهدف تحريك رد فعل التهابي وزيادة تدفق الدم، بالتالي تحسين فاعلية دخول الأوكسجين.
وقدم المؤلف الأول للبحث ريو أوكابي شرحه عن تلك المعطيات "يملك المستقيم شبكة متداخلة من الأوعية الدموية تقع مباشرة تحت سطح أغشيته الداخلية، مما يعني أن الأدوية التي تعطى عبر الشرج تنتقل إلى مجرى الدم بصورة مباشرة. وقد دفعنا ذلك إلى التفكير بإمكانية وصول الأوكسجين إلى مجرى الدم بتلك الطريقة نفسها. واستعملنا نماذج تجريبية عن توقف التنفس في الفئران والخنازير والجرذان بهدف تجربة طريقتين تتضمن أولاهما إيصال الأوكسجين إلى الشرج على هيئة غاز، والثانية ضخ سائل غني بالأوكسجين عبر المسار نفسه".
ويعقد علماء يابانيون الأمل على إمكانية اختبار تلك المقاربة على البشر، ذات يوم.
الديدان في سكرها واتزانها
في جامعة أمستردام خلال عام 2022 سعى بحاثة إلى العثور على جسيمات تُعرف باسم "المادة الفاعلة"، تستطيع التحرك من تلقاء ذاتها.
وللتوصل إلى هذه الغاية استخدموا ديدان من نوع "توبيفكس" Tubifex التي أسكروها بالإيثانول. وخدمة لأهداف تلك التجربة قُدم إلى الديدان ذلك النوع من الجسيمات.
وقد استطاع العلماء تصنيف الديدان بناء على مستوى نشاطها في منظومة تشبه المتاهة. ثم حدث أنه للمرة الأولى استطاعوا تصنيفها بموجب "المادة الفعالة".
كيف يسبح سمك الترويت الميت؟
خلال عام 2004 أراد د. جيمس لياو من جامعة هارفرد التعرف إلى كمية الطاقة التي تلزم لسمك الترويت كي يسبح في مياه مضطربة.
وللتوصل إلى ذلك، اشتغل على سمك ترويت من النوع المسمى قوس قزح وزرع أقطاب سلك كهرباء في عضلاته ثم كون نموذج محاكاة افتراضية على الكمبيوتر عن حركته. ووجد أن تلك الأسماك تذهب مع التيار في المياه المضطربة بأكثر مما تسبح بالفعل.
وفي لقاء مع "مجلة هارفرد" أورد لياو أن "هذا منطقي فعلاً، فإذا وقعت في عاصفة قوية وكنت خلف شجرة، فإنك لا تشعر كثيراً بتلك الرياح".
© The Independent