Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المتأخرون دائما وكيف يفسدون حياة أصدقائهم وشركائهم

قد يكون التأخر الدائم عن المواعيد وإبقاء الآخرين منتظرين من أكثر السلوكيات إزعاجاً. تبحث المقالة في الأسباب وراء التأخر المزمن وصعوبة التعامل معه

أعتقد بأن بإمكاني إنجاز كثير خلال يوم واحد.  لكن عندما أعجز عن القيام بذلك أجد نفسي متأخراً جداً عن كل شيء (آي ستوك)

ملخص

بعض العبارات الشائعة بين الأشخاص الذين لديهم أصدقاء وشركاء يتأخرون بصورة مزمنة: "لقد تأخروا لأنهم اعتقدوا بأن وقتهم أكثر أهمية من وقتي"، أو "يتأخرون دائماً لأنهم مهووسون بأنفسهم لدرجة أنهم لا يستطيعون التفكير في كيفية تأثير التزامهم بالمواعيد في الآخرين"

جلست إيفانا برفقة طفليها في مقاعدهم داخل السيارة التي امتلأت بحقائب سفرهم، جاهزين لبدء رحلة تستغرق سبع ساعات من إدنبره إلى لندن لقضاء عطلتهم. كانوا متأخرين لمدة 45 دقيقة، ومع ذلك لم يتمكنوا من المغادرة بعد. كان هناك شيء مهم مفقود: زوج إيفانا. تتنهد قائلة: "كان بالداخل يقلي بيضة. لقد قرر أن الوقت مناسب لتناول الفطور". لاحقاً، عندما انتهى من وجبته، دخل إلى السيارة وقال لعائلته، "لمَ العجلة؟".

إن التأخر المزمن أمر مألوف لدينا جميعاً، سواء كان المتأخر شريكاً أو صديقاً أو ربما نحن أنفسنا، فقد عانينا جميعاً في مرحلة ما هذا الأمر الذي قد يؤثر في كل جانب من جوانب حياتنا اليومية: المناسبات والاجتماعات والحفلات الموسيقية والرحلات الجوية وغيرها. لا نهاية للخطط التي يمكن أن يفسدها شخص متأخر، وأحياناً بطريقة كارثية. وعلى رغم ذلك، في معظم الأحيان لا يكون بإمكاننا فعل أي شيء حيال الموضوع. التأخر، في النهاية، ليس من أكثر الجرائم فظاعة، خصوصاً عندما تقارنه بعدم الحضور أو الاعتذار في اللحظة الأخيرة على سبيل المثال، لكنه أمر مزعج، لا سيما عندما يتكرر.

يقول مايك*، 62 سنة، من فلوريدا: "كان لدي صديق مقرب دائم التأخير، يتأخر أحياناً 15 دقيقة، ولكن غالباً ما كان يتأخر أكثر من ساعة. مع مرور الوقت، أصبح التأخر أكثر من مجرد إزعاج بسيط: بدا وكأنه علامة على عدم الاحترام. كنا نخطط للخروج لتناول العشاء، وانتهى بي الأمر بالجلوس بمفردي، ومشاهدة الجميع من حولي يستمتعون بوجباتهم بينما كنت أنتظر". كانت القشة الأخيرة عندما خططا لحفل مفاجئ لصديق مشترك، يذكر مايك: "ظهر صديقي المتأخر دوماً أثناء حدوث المفاجأة، ليفوّت الهدف الرئيس من الحفل بأكمله".

من اللافت أن ظاهرة التأخر عن المواعيد لم تتم دراستها بصورة كافية، فوفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة "يوغوف" YouGov عام 2012، اعترف واحد من كل 10 بريطانيين بالتأخر على نحو متكرر. وفي الوقت نفسه، قال 28 في المئة من المشاركين إن شريكهم غالباً ما يتأخر. ولا توجد أسباب واضحة وراء التأخر المزمن، ولكن السبب الذي غالباً ما يتم تداوله هو الانغماس [الانشغال] في الذات. فبعض العبارات الشائعة بين الأشخاص الذين لديهم أصدقاء وشركاء يتأخرون بصورة مزمنة: "لقد تأخروا لأنهم اعتقدوا بأن وقتهم أكثر أهمية من وقتي"، أو "يتأخرون دائماً لأنهم مهووسون بأنفسهم لدرجة أنهم لا يستطيعون التفكير في كيفية تأثير التزامهم بالمواعيد في الآخرين". باختصار، فإن سمعة الأشخاص المتأخرين سيئة - وليس من الصعب أن نرى لماذا يؤدي الأمر إلى تفكك العلاقات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تقول المعالجة النفسية كامالين كور: "يمكن اعتبار [التأخر] عدم احترام أو تقدير من جانب أحد أفراد الأسرة أو الأصدقاء. كما يمكن أن تتآكل الثقة بالعلاقة لأنها قد تجعل الشخص يبدو أقل مصداقية وغير جدير بالثقة إن كان يتأخر بصورة متكررة. وفي بعض الحالات، قد يؤدي التأخر أيضاً إلى شعور الأشخاص بأنهم غير مقدرين أو مهملين أو غير مهمين، مما قد يسبب الخلافات أو سوء الفهم أو حتى الابتعاد [الفتور] في العلاقة".

ربما لا يكون الأمر كذلك في معظم الأحيان، إلا أن أحد الأصدقاء الذي يتأخر بصورة متكررة يخبرني: "أظن دائماً أن الأمور ستستغرق وقتاً أقل مما تستغرقه حقاً. أعتقد بأن بإمكاني إنجاز كثير خلال يوم واحد. لكن عندما أعجز عن القيام بذلك أجد نفسي متأخراً جداً عن كل شيء، مما يزعجني بقدر ما يزعج أصدقائي". وعلى رغم بساطته، فإن سوء إدارة الوقت هو سبب كبير، وإن كان محبطاً ومزعجاً، للتأخير المزمن.

وتضيف كور: "قد تكون مشكلة إدراك الوقت هي السبب بالنسبة إلى بعض من يعانون اختلافات عصبية [يشمل ذلك مجموعة من الحالات والسمات العصبية مثل التوحد واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) وصعوبات التعلم وغيرها]، ويجد هؤلاء الأشخاص صعوبة في الحكم على المدة التي ستستغرقها مهمة ما أو مدة الرحلة أو وقت الاستعداد".

التأخر الدائم عن المواعيد يمكن أن يخلق مشاعر بالخجل أو عدم الكفاءة أو الذنب أو الإحباط. يجعلك تشعر بأنك خذلت الناس حتى لو لم يكن ذلك حقيقياً

كامالين كور، معالجة نفسية

 

بالطبع، هناك حالات يعتقد فيها الناس بأن وقتهم أكثر أهمية من وقت الآخرين. تقول مدربة العلاقات سامي وندر: "أعتقد بأنه في بعض الأحيان قد نكون في مراحل من الحياة عندما تكون هناك هواية معينة، أو عملاً معيناً، أو مهمة، أو مشروعاً يأخذ الأولوية فوق كل شيء آخر في حياتنا. قد تكون هناك حالات يتأخر فيها شخص ما بصورة مزمنة لأنه يعطي الأولوية لذلك [الشيء] قبل أي شيء آخر".

أحياناً توجد أسباب وجيهة للتأخر قد يصعب على الآخرين فهمها. تقول سارة*، 51 سنة، من هارتفوردشير: "غالباً ما أتأخر بسبب مرض كرون [أحد الأمراض الالتهابية التي تؤثر في الجهاز الهضمي]، كرون يجعل الحياة صعبة للغاية لأن القلق يمكن أن يجعل معدتك تفعل أموراً غير منتظمة. الذهاب إلى اجتماعات، بخاصة لمقابلة أشخاص للمرة الأولى، يجعلني قلقة للغاية. لكنني لا أخبر كثيراً من الأشخاص عن مرضي، لذلك في الغالب يعتقدون بأنني متأخرة فقط بسبب سوء التنظيم".

ربما نحتاج إلى مزيد من التعاطف مع الأشخاص الذين يتأخرون بصورة متكررة، خصوصاً أن غالبية الناس تريد الالتزام بالمواعيد. فوفقاً لكور: "التأخر الدائم عن المواعيد يمكن أن يخلق مشاعر بالخجل، أو عدم الكفاءة، أو الذنب، أو الإحباط. ربما يشعر الشخص بالعجز عن إدارة وقته أو تلبية التوقعات، مما قد يؤثر في تقديره لذاته بصورة عامة. تشعر بأنك خذلت الناس، حتى لو لم يكُن ذلك حقيقياً".

 

 

في بعض الحالات، يمكن أن يخبرنا تأخير الآخرين وكيفية تأثيره فينا كثيراً عن أنفسنا. بعد فترة، أدرك مايك أن تأخر صديقه أثر فيه بصورة كبيرة لأنه ذكّره بطفولته. يقول: "كانت والدتي تصل متأخرة لتأخذني من كل مكان. كان هذا قبل الهواتف المحمولة، لذلك كنت فقط أجلس لأنتظرها. من هذا المنطلق، أدركت أنني أعاقب أصدقائي على أمور كنت غاضباً جداً بسببها وعالقة داخلي من والدتي وليس الوضع الحالي نفسه".

تعلمت إيفانا التعامل مع تأخر زوجها المستمر، والتعامل مع الأمر كدعوة إلى التمهل، وتوضح: "أدركت أخيراً أنه لن يتغير وإذا شعرت بالتوتر بسبب تأخره، فلن يؤدي ذلك إلا إلى تفاقم الأمور. لذا حاولت أن أرى الأمر من وجهة نظره. الأمر ليس سهلاً لكنني أحاول. دائماً ما أكون متقدمة بخطوتين وهذا أيضاً ليس أمراً جيداً. لذلك فإن بطئه يساعدني على التمهل عندما أحتاج إلى ذلك. هذه الطريقة التي أحاول أن أرى بها الموضوع كي لا أصاب بالجنون".

أما بالنسبة إلى الأشخاص المتأخرين بصورة مزمنة، فإن تصحيح هذه العادات يعتمد في الغالب على سبب تأخرهم. بحسب الدكتورة إيلينا توروني، استشارية علم النفس وإحدى مؤسسي عيادة تشيلسي لعلم النفس، فإن "معالجة التأخر المزمن يتضمن خطوات عملية وتعاطفاً مع الذات. إبدأ باستخدام أدوات مثل المفكرات والمنبهات لإدارة وقتك على نحو أفضل. يمكن أيضاً لتقسيم المهمات إلى أجزاء أصغر وأكثر سهولة أن يساعد في تجنب الشعور بالعجز".

أما إذا كانت أسباب التأخر مرتبطة بقضايا أعمق، مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أو القلق، فقد يكون من الضروري طلب الدعم من معالج أو متخصص. وتوضح الدكتورة توروني: "قد تساعد تقنيات [العلاج] المعرفي السلوكي في تعديل تصوراتك وعاداتك المتعلقة بالوقت. إجراء تغييرات تدريجية يمكن أن يؤدي إلى تحسن كبير مع مرور الوقت".

وهذه التغييرات يمكن أن تكون أي شيء، قد تعني طلب الدعم المهني من معالج نفسي، أو ببساطة تعلم كيفية تنظيم الوقت على نحو أفضل من خلال التخطيط المسبق. ولكن إذا فشلت كل المحاولات، فيمكنك دوماً أن تشتري ساعة.

*تم تغيير الأسماء

© The Independent

المزيد من منوعات