Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تغريدة لقنت إيلون ماسك درسا

هل أدرك المدافع عن "حرية التعبير المطلقة" عواقب تصريحاته التحريضية المثيرة للجدل؟

التحقيقات جارية في شأن تغريدة إيلون ماسك التي تقول بعدم وجود محاولات اغتيال لبايدن وهاريس (رويترز)

ملخص

إيلون ماسك على رغم تأثيره الكبير في مجالات متعددة يظهر سذاجة في تعامله مع المحتوى على منصته "إكس"، مما يجعله غير مسؤول عن نشر أفكار متطرفة بينما يحاول الترويج لحرية التعبير دون اعتبار للعواقب.

حسناً، لقد تعلمت درساً مفاده أن الوقع المحبب والمضحك الذي يتركه تعليق [أو صورة من المزاح] تشاركته مع مجموعة من الناس في محادثة شخصية، لا يضمن بالضرورة أن الكلام عينه سيثير الضحك أيضاً عند نشره في تغريدة على منصة "إكس".

إذا كنت تصرف وقتك في إنجاز أمور أكثر قيمة ومنفعة عوض التنقل بين صفحات وسائل التواصل الاجتماعي (ولكن هل من أحد ينطبق عليه هذا الكلام؟)، ربما تكون قد فاتتك لحظة مفاجئة ونادرة من الوعي الذاتي مر بها إيلون ماسك ووجدت طريقها إلى "إكس"، أو "تويتر". إنها تغريدة سابقة نشرها مالك المنصة، علماً أنها في الواقع إعادة نشر لتغريدة كتبها أحد مستخدميه واسمه @DogeDesigner، وتقول "لماذا يريدون قتل دونالد ترمب؟" مع إضافة تعليق خاص من ماسك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ذكر ماسك دعابة سخيفة ذات طابع سياسي حساس حول الاغتيال، وقد حذفها الآن. إذا كنت لم تطلع عليها فقد جاء في نصها "وأحد لا يحاول حتى اغتيال بايدن/ كامالا"، مرفقة بالرمز التعبيري (الإيموجي) "الوجه المفكر".

على نحو مبهم وغير مباشر لمح الرسم التعبيري كما كان متوقعاً إلى وجود مؤامرة ديمقراطية (أو "يسارية متطرفة") لاغتيال دونالد ترمب. ربما تدار من مطعم البيتزا الذي يزعم أن عائلة كلينتون استخدمته كستار تتخفى خلفه شبكة سرية دولية تتاجر بالأطفال. من يدري؟ لا ريب أن ماسك كان يحاول أن يكون مضحكاً ولكنه زاد على دعابته لمسة من السخرية كانت أكبر من أن يتقنها. وهكذا، بدت الدعابة أقل طرافة وأكثر إدانة للمغرد الأساس. لذا ارتأى أن يحذفها.

ويذكر أن المشرفين على "تويتر" لم يكن في يدهم أن يتخذوا أي إجراء في شأن هذه التغريدة البغيضة لأسباب معروفة لا تحتاج أي تفسير، إذ إن ماسك يملك المنصة وقد طرد معظم هؤلاء، وألغى معظم القواعد القديمة التي تحول دون نشر أي محتوى ينم عن كراهية وعنف، وذلك كله لأنه يطلق على نفسه لقب المدافع عن "حرية التعبير المطلقة". وفي المحصلة، نجد أن المساحة التي يملكها على وسائل التواصل الاجتماعي تعج بالمحتوى العنصري وإنكار الهولوكوست [الإبادة النازية لليهود حرقاً] والفاشية الجديدة (أو "النيوفاشية" بما تنطوي عليه من سلطوية وعنصرية وكراهية للأقليات واستخدام القوة لتحقيق أهداف سياسية...) إلى حد أنه تكاد تكون معدومة القدرة على تحمل ما يكتب فيها.

في الواقع، أدى تحول ماسك باتجاه مساندة ترمب و"الترمبية"، بمعنى انحيازه إلى سياسات وأفكار الرئيس الأميركي السابق والمرشح للرئاسة دونالد ترمب [من الوطنية المتطرفة والسلطوية ومعارضة الهجرة...] (مع أن ترمب معروف بنفوره الذي لا يستند إلى أي أساس علمي من السيارات الكهربائية على شاكلة "تيسلا" المملوكة لماسك) قد جعل منه لاعباً في الساحة السياسية، وجعل من منصته أداة مهولة القوة في ترويج أفكار اليمين المتطرف وتعزيزها. ماسك نفسه يقضي على تلك المنصة كثيراً من الوقت ويتصرف بصورة سخيفة وغير عقلانية تجعل منه أضحوكة، فتراه يسلي أو يخيف متابعيه البالغ عددهم 197.9 مليون، أضف إليهم كثيراً وكثيراً من المستخدمين عندما تبدأ الخوارزميات في أداء عملها [زيادة انتشار التغريدات والمشاركات]. ومن ناحية أخرى فقد أنفق 44 مليار دولار في الاستحواذ على هذه المنصة الأشبه بحفرة تبتلع الأموال، لذا لا بد أن يستعيد نقوده من طريق الاستثمار فيها بطريقة أو بأخرى [حتى لو عنى ذلك المضي في سلوكه المثير للجدل].

إيلون ماسك هو الرجل الأكثر ثراء على سطح كوكب الأرض وله في الساحة الدولية نفوذ دولة سيدة. مثلاً، علاوة على منصته العالمية للتواصل الاجتماعي التي تتماشى مع اهتماماته ومصالحه وأهدافه من الجوانب كافة، يمول رجل الأعمال برنامجه الفضائي الخاص [شركة "سبيس إكس"] ويمتلك شبكة للأقمار الاصطناعية [ستارلينك]. وينتقد ويتدخل في شؤون الدول والهيئات العابرة للحدود مثل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، والأحداث والسياسات الجارية في البرازيل وأستراليا، واستجابة حكومة المملكة المتحدة ضد أعمال الشغب العنصرية التي شهدتها البلاد أخيراً، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي.

ماسك أيضاً ثاني أكبر صانع للسيارات الكهربائية في العالم (في المرتبة الثانية بعد شركة "بي واي دي أوتو" الصينية، التي خلافاً لماسك تعمل بصورة محترمة أكثر)، وفي جعبته خطط لنقل البشرية إلى كوكب المريخ في حال تعرض كوكبنا لانهيار بيئي (علماً أن صديقه ترمب سيضطلع بالدور الأكبر في الضرر بالبيئة وفي انهيارها المتوقع). أسأل نفسي أحياناً كيف عساها تكون الحياة على المريخ فيما يتربع ماسك ملكاً على عرش الكوكب. حسناً، لن تختلف عن الحال على "تويتر" لذا أظن أن العيش هناك سيكون محالاً.

ماسك، على رغم براعته في كثير من المجالات يبقى أيضاً طفلاً. في جانب منها تبدو أقواله وأفعاله والأمور المسموح بها للآخرين على منصته ساذجة وغير مدروسة التأثير والعواقب. ربما مرد ذلك إلى أنه لا يرى حقيقة الأشخاص غير المتزنة [آراء متطرفة وسلوكات غير عقلانية]، والضرر المهول الذي ربما يلحقونه بالآخرين والمجموعات. ويبدو غير مبال بكل نظريات المؤامرة الدولية المتعلقة باليهود والتي تشغل مساحة كبيرة من فضاء "تويتر"، وغير مهتم برفض "إكس" حذف منشور زعم كذباً أن القس ريتشارد كولز يتحرش جنسياً بالأطفال.

كذلك لا يبدي رجل الأعمال الملياردير اعتراضاً يذكر ضد مناهضي التطعيم وأنصار "نظرية مؤامرة الكيمتريل" [التي تقول إن الحكومات ترش مواطنيها بالسموم مستخدمة الطائرات]، وأنصار الأرض المسطحة، ونظرية المواطنين أصحاب السيادة [يؤمنون بإعلان الأفراد أنفسهم مواطنين مستقلين عن الحكومات وغير ملزمين بالقوانين]، وأصحاب السلوكات والأفكار غير العقلانية والغريبة والفاشيين والسذج. والجانب الأشد سذاجة لدى ماسك أنه رجل لا يتحمل مسؤولية أقواله وأفعاله، والمحتوى المسموح نشره على المنصة التي له فيها الكلمة الأولى والأخيرة، بدءاً بالانتشار السريع للمعلومات المضللة مروراً بالأخبار الكاذبة وصولاً إلى الشر والفساد والكراهية.

ولما كان ماسك المدافع عن "حرية التعبير المطلقة" فتجده لا يعير أي اهتمام للقوانين الوطنية، من قبيل الحظر القائم منذ فترة طويلة على التحريض على الكراهية العنصرية في بريطانيا، علاوة على أنه مدلل إلى حد يجعله عاجزاً عن أن يتقبل أي انتقاد أو رأي مخالف، كما الحال عندما غرد قاصداً المغنية الأميركية تايلور سويفت "حسناً تايلور... انتصرت... سأمنحك طفلاً وأحرس قططك بكل تفان". [كانت أعلنت تأييدها نائبة الرئيس الأميركي والمرشحة الديمقراطية للرئاسة كامالا هاريس ووصفت نفسها بأنها سيدة قطط بلا أطفال].

تعمل الخوارزميات التي تقوم عليها منصة "إكس" على نشر الخرافات والبروباغندا المتعلقة بالفاشية، وبذلك تكون في الواقع واحدة من أكبر التهديدات لحرية التعبير وحقوق الإنسان على هذا الكوكب. بطبيعة الحال، من حق ماسك أن يعبر عن آرائه ومعتقداته بحرية، ولكن من دون أن يحاول فرضها على بقيتنا.

حتى إنه يستخدم استراتيجيات وضغوطاً لجذب الجهات المعلنة إلى منصته مكرهة، في حين أنها تفضل عدم وضع علاماتها التجارية بجوار بعض الصور البشعة المعادية للإسلام. ماسك شأنه في ذلك شأن ترمب مجرد متنمر ثري بغيض، يشكل بالتالي خطراً على المجتمع في رأيي. وكلما أسرع في الإقلاع نحو المريخ، كان ذلك أفضل.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل