ملخص
ثمة غموض يحيط بشركة "باك كونسلتينغ" المسؤولة عن شحنة "بيجر" التي تسلمها "حزب الله" قبل أشهر قليلة والتي انفجرت أول من أمس الثلاثاء، في أنحاء لبنان مسببة آلاف الإصابات ومقتل أكثر من 12 شخصاً.
خضعت مديرة المكتب الممثل لشركة "باك كونسلتينغ كيه إف تي BAC Consulting Kft"، في تايوان للتحقيق من قبل المدعي العام التايواني مساء اليوم الخميس بتوقيت تايوان.
كانت "اندبندنت عربية" علمت أن شركة "باك كونسلتينغ كيه إف تي BAC Consulting Kft" المسؤولة عن توريد أجهزة بيجر التي انفجرت في هجوم واسع استهدف عناصر "حزب الله" في أنحاء لبنان، حصلت على تصريح من حكومة العاصمة التايوانية "تايبيه" لتأسيس مكتب منذ أبريل (نيسان) الماضي.
ويندرج المكتب الممثل للشركة في العاصمة تايبيه تحت اسم "أبولو سيستم إل تي د"، وهو مساحة تم استئجارها داخل غرفة مشتركة للأعمال في ضاحية "نيهو". والمكتب تديره سيدة بمفردها، وتدعى "وو يوتشن" أو "تريزا" وفق الترجمة الإنجليزية.
ووفق الصحافة التايوانية خضعت "وو يوتشن" المسؤولة عن المكتب للتحقيق، وقامت السلطات التايوانية بمداهمة أربعة مكاتب في تايوان بما في ذلك شركتا "غولد أبولو" و"باك"، ومصادرة وثائق ذات صلة مثل عقود الترخيص ودفاتر الحسابات.
وذكر موقع يونايتد ديلي نيوز، أن "وو يوتشن" استأجرت مساحة في مكتب مشترك بـ"تايبيه أنوفيشن سينتر" على طريق "مينكوان الشرقي" في منطقة "نيهو" بمدينة تايبيه. فيما أفاد موقع "سيتن" أن "وو" أنهت عقد الإيجار في مايو (أيار) الماضي وانتقلت إلى مكان آخر، وأنها تعمل واجهة بينما المدير الفعلي للشركة يتحكم في الأمور من الخارج.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق مصدر من تايوان خضع رئيس شركة "غولد أبولو" المنتج الرئيس للأجهزة هسو تشينغ كوانغ، للاستجواب أمام مكتب المدعي العام التايواني اليوم. وتعهد هسو بأنه سيقاضي شركة "باك كونسلتينغ" المجرية التي ترتبط بعقد مع شركته يسمح باستخدام العلامة التجارية "غولد أبولو"، نافياً بشدة أن تكون المنتجات التي يستخدمها "حزب الله" مصنوعة في تايوان.
ووجه مكتب المدعي العام لمنطقة شيلين مركز الأمن الوطني التابع لمكتب التحقيقات، للبحث واستجواب مسؤولة مكتب شركة "باك" ومؤسس شركة "غولد أبولو".
وكانت شركة "غولد أبولو" نفت في بيان أمس الأربعاء صلتها بطراز جهاز البيجر أي آر 924، الذي تعرض للانفجار في لبنان، وقالت "نوضح أن هذا الطراز يتم إنتاجه وبيعه بواسطة باك كونسلتينغ". وأكد كوانغ للصحافيين أن الأجهزة التي تعرضت للانفجار "صنعتها شركة في أوروبا لديها الحق في استخدام العلامة التجارية للشركة التايوانية". وأوضح أنه وافق منذ نحو ثلاثة أعوام على السماح لشركة "باك" ببيع منتجاتها باستخدام العلامة التجارية "غولد أبولو"، التي قال إنها تتمتع بسمعة طيبة في السوق.
وعلى رغم أن الشركة التايوانية ليست مسؤولة عن شحنة الأجهزة التي وصلت إلى "حزب الله"، لكن مؤسس "غولد أبولو" قال "نحن شركة مسؤولة، هذا محرج للغاية"، مضيفاً أن الشركة كانت أيضاً ضحية للحادثة.
بالبحث عن شركة "باك كونسلتينغ" على محرك البحث "غوغل" وجدت "اندبندنت عربية" أن الموقع الإلكتروني للشركة لا يعمل، فعند زيارة الموقع الإلكتروني ظهرت أولاً شاشة تسجيل دخول بدلاً من الصفحة الرئيسة، ثم أظهر في النهاية رسالة خطأ تفيد بأنه "ليس لديك إذن للوصول إلى هذا الموقع". وبالبحث عبر تطبيق غوغل للخرائط من خلال العنوان الموضح للشركة على الإنترنت الذي يظهر أن مقرها في العاصمة المجرية بودابست، فإن العنوان يظهر مبنى صغيراً يتكون من طابقين أشبه بالمباني السكنية ولافتة صغيرة معلقة على باب زجاجي. وحاولت "اندبندنت عربية" الاتصال على رقم الهاتف المرفق لكن من دون رد.
وقال مكتب المدعي العام لمنطقة شيلين حيث يوجد مقر "غولد أبولو" إن قسم الأمن القومي سيبدأ تحقيقاً في القضية. وقالت وزارة الشؤون الاقتصادية إن "غولد أبولو" ليس لديها سجل في تصدير منتجاتها مباشرة إلى لبنان على مدى الأعوام القليلة الماضية. مضيفة أن المنتجات التي تصنعها الشركة في تايوان يتم تصديرها بصورة رئيسة إلى أوروبا وأميركا الشمالية.
وأوضحت الوزارة أن أجهزة "البيجر" المصنوعة في تايوان قادرة فقط على استقبال الإشارات واستخدام بطارياتAA، التي من غير المرجح أن تسبب انفجارات قاتلة. وأظهرت بيانات الوزارة أن الشركة صدرت نحو 260 ألف جهاز نداء منذ عام 2022 حتى أغسطس (آب) الماضي، بينهم 40 ألفاً و929وحدة في الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي.
وفي الوقت نفسه، قالت هيئة الاتصالات الوطنية إن ترخيص شركة "غولد أبولو" لتصنيع وبيع أجهزة التردد اللاسلكي (RF) انتهى العام الماضي. وقالت الهيئة التنظيمية لأجهزة التردد اللاسلكي إن القرار يلزم الراغبين في استيراد أو بيع أو إنتاج أو عرض أجهزة التردد اللاسلكي في الدولة بالحصول على شهادة من الهيئة.
ومع ذلك، أوضحت الهيئة أن أجهزة النداء "بيجر" هي أجهزة استقبال للرسائل وليست أجهزة اتصالات خاضعة للرقابة، ولا يحتاج هؤلاء المنتجون إلى الحصول على شهادة. وأضافت أن الشركات المصنعة التي تبيع أجهزة التردد اللاسلكي إلى دول أخرى يجب أن تمتثل للوائح في الدول المستهدفة.
ويُعتقد أن إسرائيل تقف وراء الهجوم الواسع الذي استهدف عناصر "حزب الله" في أنحاء لبنان وبعض مناطق سوريا. ووفق مسؤولين أميركيين ومسؤولين آخرين مطلعين على الهجوم تحدثوا إلى الإعلام الأميركي فإن إسرائيل وضعت مواد متفجرة في شحنة من أجهزة "البيجر" من شركة "غولد أبولو".
ونقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيين "وآخرين" لم تسمهم قولهم إن إسرائيل عبثت بأجهزة النداء اللاسلكية قبل وصولها إلى لبنان من خلال زرع كمية صغيرة من المتفجرات بداخل كل منها. وقال مصدر أمني لبناني كبير ومصدر آخر لـ"رويترز" إن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) زرع متفجرات داخل أجهزة "البيجر" قبل أشهر من تفجيرات أمس.
وكان مؤسس "غولد أبولو" كشف عن حادثة "غريبة" مع شركة "باك"، عندما قام بنك تايواني محلي بتأخير تحويل مصرفي من الشركة لأن البنك المحلي كان لديه شكوك في شأنها. وقال مؤسس الشركة التايوانية "إن التحويل ربما جاء من بنك في الشرق الأوسط." ولم يذكر أي بلد.
وقال متخصص تايواني في مجال الاتصالات فضل عدم الكشف عن هويته في تعليقات لصحيفة "تايبيه تايمز" إنه من المدهش أن يتم استخدام مثل هذا الجهاز الصغير باعتباره سلاحاً فتاكاً. وأوضح أن "بطارية جهاز النداء أصغر بكثير من بطارية الهاتف الذكي ولديها سعة تخزين طاقة محدودة، لذلك من الصعب جداً قتل شخص ما بانفجار بطارية جهاز النداء".
وأضاف أن جهاز "بيجر" ليس مركباً بإحكام مثل الهاتف المحمول، مما يجعل من السهل تعديله "أعتقد أن المواد المتفجرة وآليات التحكم أضيفت إلى أجهزة النداء قبل أن تصل إلى أيدي المستخدمين.. من المحتمل جداً أن تكون وظيفة اهتزاز جهاز النداء عند الرسائل الواردة قد استخدمت باعتبارها جزءاً من آلية التحكم، وأن أمراً خاصاً للرسالة الواردة أدى إلى الانفجار".